2002 نكبة بطريقة أخرى
مبعدو كنيسة المهد ببيت لحم
رشا حرزالله
عشر سنوات مضت على مبعدي كنيسة المهد، وحلمهم بالعودة إلى ديارهم وعائلاتهم يتلألأ رغم أنه لا يلوح بالأفق بارقة أمل برجوع قريب.
كان ذووهم يحدثونهم قسوة النكبة والتشريد والتهجير عام 48، إلا أنهم تجرعوها عام 2002 بمرارة وبشكل آخر.
في عام 2002، كانت كنيسة المهد على موعد مع حصار إسرائيلي استمر لأكثر من 39 يوما، خلال عملية عسكرية أطلقت عليها إسرائيل بـ"السور الواقي"، والتي قامت من خلالها قوات الاحتلال باجتياح كامل للضفة الغربية، استشهد خلالها المئات وجرح الآلاف.
ولجأ نحو 200 مواطن بينهم مقاومون إلى الكنيسة، ما دفع جنود الاحتلال إلى محاصرتها، استشهد خلال الحصار تسعة من المسلحين ورجل دين من داخل الكنيسة، وانتهى الحصار باتفاق يقضي بإبعاد 13 من المسلحين ممن تدعي إسرائيل أنهم مطلوبون لديها، وترحيلهم إلى دول أخرى خارج أرض الوطن، بينما أبعد جزء آخر منهم إلى قطاع غزة ولغاية اللحظة ما زالوا ينتظرون العودة.
"لم أكن أدرك شعور والدي عندما كان يحدثني عن أحداث النكبة وقسوة التهجير من قريته دير آبان جنوب غرب مدينة القدس، حين قامت المنظمات والعصابات الصهيونية المسلّحة بهدم القرية وتشريد أهلها، ولكن عندما أبعدت عن وطني شعرت أنني جسد بلا روح، وحلمي يوميا يتجدد بالعودة"، يقول جهاد جعارة المبعد من كنيسة المهد إلى جمهورية إيرلندا.
وتنتعش ذاكرة جهاد بالأحداث المؤلمة التي عاشها في مخيم العروب للاجئين شمال الخليل، والممتدة منذ أيام النكبة عام 48 لغاية اللحظة ويقول، "إن حياة المخيم قاسية بظروفها وطبيعتها، إلا أنها تبقى أجمل من الجنة خارج الوطن".
ويقول:" نحن في وضعنا هذا نعتبر لاجئين، تماما كمن شردوا من أراضيهم ومن عايشوا النكبة، ومع الاختلاف والفارق بين القضيتين إلا أن النتيجة واحدة، وهي تهجير المواطن الفلسطيني من أرضه وهو ما تطمح إليه إسرائيل، وأصبحت أقارن ما قالته لي والدتي حين هجرت من قريتها عراق المنشية وكيف عملت العصابات على حصارها وإخراجهم منها بالقوة، ذات الحكاية تعيد نفسها".
جعارة ومنذ أبعد إلى إيرلندا قبل 10 سنوات لم يتمكن من رؤية زوجته وأبنائه القاطنين في مخيم العروب، وكان قد رزق بطفله صامد بعد إبعاده عام 2002، وكبر الصغير دون أن يتمكن من التعرف على والده أو رؤيته.
في إسبانيا يعيش المبعد إبراهيم عبيات من مدينة بيت لحم، في ظروف قال إنها الأقسى في حياته، حيث لا تختلف نكبة 48 كثيرا عما حدث معه عام 2002، معتبرا أن هدف إسرائيل هو التهجير والتشريد، مرت 10 سنوات ونحن خارج فلسطين، نواجه مصاعب كثيرة.
ويشرح عبيات قسوة الإبعاد قائلا، "هذا شكل بالنسبة لي دمار للذات، خاصة لإنسان تعلق بأرضه ووطنه، هنا تواجهنا مشاكل نعامل بعنصرية على أننا أجانب، وهناك تقييد لحرية حركتي وتنقلاتي، عشر سنوات مرت لم أعمل خلالها في أي مجال كون العمل هنا لشخص بوضعي ممنوع، مغادرتي لإسبانيا مستحيلة".
وقال، "هناك وعودات كثيرة بحل هذه القضية إلا أن مرور هذه الفترة الزمنية الطويلة دون تحريك للقضية يجعلنا في قلق دائم، لم نستطع الالتقاء بعائلاتنا طيلة هذه المدة، هذه الممارسات الإسرائيلية تهدف إلى الاستيلاء على الأرض لتكمل ما بدأته من نكبات وجرائم بحق شعبنا منذ عام 48".
ومن أجل عودتهم أحياء، عملت كفاح حرب زوجة الشهيد المبعد عبد الله داوود الذي استشهد عام 2010 في الجزائر بعد عملية القلب المفتوح، على إطلاق الحملة الوطنية لعودة مبعدي كنيسة المهد أحياء، تحاول من خلالها تحريك قضية عودة المبعدين، من خلال البعد الإنساني والقانوني.
تقول حرب التي تعيش في مخيم بلاطة المحاذي لمدينة نابلس، "الحملة تعمل على التركيز على الجانب الإنساني من خلال تسليط الضوء على القضايا الإنسانية لهؤلاء المبعدين، وحث وسائل الإعلام على تفعيل هذه القضية لتصل إلى المحافل الدولية، كذلك نركز على البعد القانوني من حيث طرق أبواب المنظمات الدولية والأمم المتحدة من أجل عودتهم".
وتفيض ذاكرة كفاح حرب بألم عميق، مستذكرة استشهاد زوجها، الذي كما قالت عانى في حياته فقد هجرت عائلته من قرية طيرة دندن قضاء اللد، وعاش حياة الفقر وسوء الحال في المخيم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم نفيه خارج أرض الوطن بعد حصار كنيسة المهد وعاد شهيدا، لذلك لا أريد لأي أحد من عائلة المبعدين أن يتجرع ما تجرعناه من لوعة وحسرة.
وتصف حرب حياة زوجها فقد تعرض لضغط نفسي وعصبي كبير، نتيجة بعده عن أرضه ووطنه، ولم يحتمل ذلك، انفجر شريان في قلبه واستشهد، اللاجئ الذي يعيش داخل المخيم يتعرض دائما لضغوطات نفسية وجسدية نتيجة ما يمر به من أوضاع معيشية صعبة، الحياة مرهقة جدا بالنسبة له".
وتقول: "إسرائيل بأساليبها هذه تحاول تفريغ الأرض من سكانها، وتركز على الجهات الأضعف في ذلك كالمعتقلين والمحاصرين، ولا يختلف ما تقوم به حاليا عما كان عليه في نكبة 48، حيث كان التهجير بشكل جماعي، وقتل وتشريد وتهويد للأرض، وما حصل في حصار كنيسة المهند وصفقة الأسرى الأخيرة، كان نفيا وإبعادا يحمل الهدف ذاته ولكن بشكل آخر".
عشر سنوات مضت على مبعدي كنيسة المهد، وحلمهم بالعودة إلى ديارهم وعائلاتهم يتلألأ رغم أنه لا يلوح بالأفق بارقة أمل برجوع قريب.
كان ذووهم يحدثونهم قسوة النكبة والتشريد والتهجير عام 48، إلا أنهم تجرعوها عام 2002 بمرارة وبشكل آخر.
في عام 2002، كانت كنيسة المهد على موعد مع حصار إسرائيلي استمر لأكثر من 39 يوما، خلال عملية عسكرية أطلقت عليها إسرائيل بـ"السور الواقي"، والتي قامت من خلالها قوات الاحتلال باجتياح كامل للضفة الغربية، استشهد خلالها المئات وجرح الآلاف.
ولجأ نحو 200 مواطن بينهم مقاومون إلى الكنيسة، ما دفع جنود الاحتلال إلى محاصرتها، استشهد خلال الحصار تسعة من المسلحين ورجل دين من داخل الكنيسة، وانتهى الحصار باتفاق يقضي بإبعاد 13 من المسلحين ممن تدعي إسرائيل أنهم مطلوبون لديها، وترحيلهم إلى دول أخرى خارج أرض الوطن، بينما أبعد جزء آخر منهم إلى قطاع غزة ولغاية اللحظة ما زالوا ينتظرون العودة.
"لم أكن أدرك شعور والدي عندما كان يحدثني عن أحداث النكبة وقسوة التهجير من قريته دير آبان جنوب غرب مدينة القدس، حين قامت المنظمات والعصابات الصهيونية المسلّحة بهدم القرية وتشريد أهلها، ولكن عندما أبعدت عن وطني شعرت أنني جسد بلا روح، وحلمي يوميا يتجدد بالعودة"، يقول جهاد جعارة المبعد من كنيسة المهد إلى جمهورية إيرلندا.
وتنتعش ذاكرة جهاد بالأحداث المؤلمة التي عاشها في مخيم العروب للاجئين شمال الخليل، والممتدة منذ أيام النكبة عام 48 لغاية اللحظة ويقول، "إن حياة المخيم قاسية بظروفها وطبيعتها، إلا أنها تبقى أجمل من الجنة خارج الوطن".
ويقول:" نحن في وضعنا هذا نعتبر لاجئين، تماما كمن شردوا من أراضيهم ومن عايشوا النكبة، ومع الاختلاف والفارق بين القضيتين إلا أن النتيجة واحدة، وهي تهجير المواطن الفلسطيني من أرضه وهو ما تطمح إليه إسرائيل، وأصبحت أقارن ما قالته لي والدتي حين هجرت من قريتها عراق المنشية وكيف عملت العصابات على حصارها وإخراجهم منها بالقوة، ذات الحكاية تعيد نفسها".
جعارة ومنذ أبعد إلى إيرلندا قبل 10 سنوات لم يتمكن من رؤية زوجته وأبنائه القاطنين في مخيم العروب، وكان قد رزق بطفله صامد بعد إبعاده عام 2002، وكبر الصغير دون أن يتمكن من التعرف على والده أو رؤيته.
في إسبانيا يعيش المبعد إبراهيم عبيات من مدينة بيت لحم، في ظروف قال إنها الأقسى في حياته، حيث لا تختلف نكبة 48 كثيرا عما حدث معه عام 2002، معتبرا أن هدف إسرائيل هو التهجير والتشريد، مرت 10 سنوات ونحن خارج فلسطين، نواجه مصاعب كثيرة.
ويشرح عبيات قسوة الإبعاد قائلا، "هذا شكل بالنسبة لي دمار للذات، خاصة لإنسان تعلق بأرضه ووطنه، هنا تواجهنا مشاكل نعامل بعنصرية على أننا أجانب، وهناك تقييد لحرية حركتي وتنقلاتي، عشر سنوات مرت لم أعمل خلالها في أي مجال كون العمل هنا لشخص بوضعي ممنوع، مغادرتي لإسبانيا مستحيلة".
وقال، "هناك وعودات كثيرة بحل هذه القضية إلا أن مرور هذه الفترة الزمنية الطويلة دون تحريك للقضية يجعلنا في قلق دائم، لم نستطع الالتقاء بعائلاتنا طيلة هذه المدة، هذه الممارسات الإسرائيلية تهدف إلى الاستيلاء على الأرض لتكمل ما بدأته من نكبات وجرائم بحق شعبنا منذ عام 48".
ومن أجل عودتهم أحياء، عملت كفاح حرب زوجة الشهيد المبعد عبد الله داوود الذي استشهد عام 2010 في الجزائر بعد عملية القلب المفتوح، على إطلاق الحملة الوطنية لعودة مبعدي كنيسة المهد أحياء، تحاول من خلالها تحريك قضية عودة المبعدين، من خلال البعد الإنساني والقانوني.
تقول حرب التي تعيش في مخيم بلاطة المحاذي لمدينة نابلس، "الحملة تعمل على التركيز على الجانب الإنساني من خلال تسليط الضوء على القضايا الإنسانية لهؤلاء المبعدين، وحث وسائل الإعلام على تفعيل هذه القضية لتصل إلى المحافل الدولية، كذلك نركز على البعد القانوني من حيث طرق أبواب المنظمات الدولية والأمم المتحدة من أجل عودتهم".
وتفيض ذاكرة كفاح حرب بألم عميق، مستذكرة استشهاد زوجها، الذي كما قالت عانى في حياته فقد هجرت عائلته من قرية طيرة دندن قضاء اللد، وعاش حياة الفقر وسوء الحال في المخيم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم نفيه خارج أرض الوطن بعد حصار كنيسة المهد وعاد شهيدا، لذلك لا أريد لأي أحد من عائلة المبعدين أن يتجرع ما تجرعناه من لوعة وحسرة.
وتصف حرب حياة زوجها فقد تعرض لضغط نفسي وعصبي كبير، نتيجة بعده عن أرضه ووطنه، ولم يحتمل ذلك، انفجر شريان في قلبه واستشهد، اللاجئ الذي يعيش داخل المخيم يتعرض دائما لضغوطات نفسية وجسدية نتيجة ما يمر به من أوضاع معيشية صعبة، الحياة مرهقة جدا بالنسبة له".
وتقول: "إسرائيل بأساليبها هذه تحاول تفريغ الأرض من سكانها، وتركز على الجهات الأضعف في ذلك كالمعتقلين والمحاصرين، ولا يختلف ما تقوم به حاليا عما كان عليه في نكبة 48، حيث كان التهجير بشكل جماعي، وقتل وتشريد وتهويد للأرض، وما حصل في حصار كنيسة المهند وصفقة الأسرى الأخيرة، كان نفيا وإبعادا يحمل الهدف ذاته ولكن بشكل آخر".