"دير سمعان" في دائرة الاستهداف
بسام أبو الرب
شكلت عملية استهداف الآثار التاريخية خلال سنوات الاحتلال المتعاقبة جزءا أساسيا من الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، في محاولة لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية وإخفاء حضارتها ومعالمها.
"دير سمعان" أحد المعالم الأثرية الرومانية، التي تقع على أطراف بلدة كفر الديك بمحافظة سلفيت، كان من ضمن المواقع الأثرية التي يستهدفها الاحتلال بشتى الوسائل العنصرية من سرقة الآثار الفلسطينية وتغيير معالمها لدرجة أنه وصفها بأنها أحد المعالم اليهودية، كما فعلت حكومة الاحتلال قبل سنوات حينما حاولت ضم "الحرم الإبراهيمي" في الخليل ومسجد "بلال بن رباح" في بيت لحم إلى قائمة التراث اليهودي، وهو ما رفضته منظمة الأمم المتحدّة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" وطالبت باعتبار هذين المسجدين موقعين إسلاميين.
فارس الديك منسق "اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان" في كفر الديك، يقول في حديث لـ"وفا"، إن منطقة "دير سمعان" الواقعة على أراضي بلدة كفر الديك من المعالم الأثرية الرومانية التي تستهدفها قوات الاحتلال بالاستيلاء على أراضيها "في إطار طمس كل ما هو يدل على عروبة وأصالة الثقافة الفلسطينية".
وأوضح الديك أن "دير سمعان" تقع على أنقاض مدينة رومانية قديمة تدل على أن المنطقة كانت يوما ما تعج بالحياة، "إلا أن وقوعها ضمن المناطق المصنفة "C" وفق اتفاق "أوسلو"، وصعوبة وصول الفلسطينيين إليها نتيجة وقوعها بمحاذاة مستوطنة "علي زهاف"، دفع سلطات الاحتلال من خلال مستوطنيه إلى التنقيب عن الآثار في تلك المنطقة وسرقتها، إضافة إلى الااستيلاء على ما يقارب 850 دونما من المنطقة لصالح الأراضي المقامة عليها المستوطنات، وبهدف الالتفاف على الموقع الأثري وضمه ليصبح ضمن حدود وهيكلية المستوطنات".
وبين أن الإسرائيليين يتذرعون أن "دير سمعان" هو مقام ديني يهودي، ويعمدون إلى تنظيم الزيارات بشكل دائم لهذه المنطقة من أجل تعزيز دورهم وروايتهم الكاذبة، موضحا أن الأمر تعدى إلى سرقة الآثار والحجارة القديمة من تلك المنطقة، ونقلها إلى داخل المستوطنة والمستوطنات المجاورة بهدف استعمالها في بناء البيوت والمرافق العامة داخل المستوطنة، في محاولة لخداع الرأي العالمي بقانونية تلك المستوطنة ووجود جذور تاريخية لها من خلال عملية تحريف الآثار ووصفها بأنها أحد المعالم اليهودية بشكل يخالف القوانين والأعراف الدولية.
وأشار إلى أن جرافات الاحتلال الإسرائيلي تواصل أعمال التجريف وتسوية الأراضي الزراعية في بلدة كفر الديك، وذلك بهدف توسعة مستوطنتي "علي زهاف" و"بدوئيل".
وحمل الديك المسؤولية للمؤسسات المعنية بالسياحة والآثار "لتقصيرها في حماية هذه الآثار والدفاع عنها، وتوفير اللازم من أجل دعم صمودها"، منوها إلى أن هناك حراكا شعبيا بشكل دائم من تنظيم زيارات والاعتصامات من أجل رفض الاستيلاء على الأراضي وعلى هذا المعلم التاريخي.
وكان وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان ماهر غنيم، أكد خلال زيارة نظمتها وزارة الإعلام يوم أمس الأربعاء لمنطقة "دير سمعان"، أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال "يمارس غطرسته وعنجهيته على الأرض الفلسطينية باستمرار أعمال الاستيلاء والتهويد وسرقة الآثار".
وأوضح أهمية هذه الزيارة، وقال: "نسعى من خلالها إلى زيادة الوعي المحلي والدولي بما يجري على الأرض الفلسطينية من ممارسات احتلالية وعمليات تزوير للتاريخ الفلسطيني"، مبينا دور وزارة الدولة لشؤون الجدار والاستيطان في توفير الدعم القانوني للمزارعين لتعزيز صمودهم على الأرض، وتوثيق ومتابعة كافة الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال وقطعان مستوطنيه.
وشدد غنيم على أهمية التوعية والتثقيف الداخلي في كيفية الحفاظ على الأرض والآثار وحمايتها من خلال الفعل الميداني الرسمي والشعبي بالزراعة والعناية وتوفير المشاريع التي تعزز من الصمود الفلسطيني في مواجهة عمليات القرصنة والتهويد الإسرائيلية.
وحسب وزارة السياحة والآثار، فإن "دير سمعان" تعتبر كغيرها من المواقع الأثرية التي يزيد عددها عن 22 ألف موقع أثري منتشر في فلسطين التاريخية، وتعتبر عرضة للاندثار والتدمير بفعل سياسة الاحتلال الإسرائيلي الذي أحكم قبضته على تلك المواقع وحدّ من نشاط السلطة الفلسطينية فيها من خلال الإعلان عنها مناطق عسكرية مغلقة أو مناطق مصنفة "C"، أو من خلال تدميرها بالصواريخ والدبابات كما حدث في البلدة القديمة من مدينتي الخليل ونابلس.