غزة : "التوكتوك" يطيح باحلام الحمير
إلى أن تمكن تجار الأنفاق من تهريب دراجات "التوكتوك" النارية ، الرخيصة والعملية لنقل البضائع عبر الشوارع وفي الأزقة الضيقة وسط الأحياء المكتظة ، شهدت أسعار بيع الحمير في غزة المحاصرة إرتفاعا جنونيا ، إلى درجة أن إنتعاش البورصة المهتمة بتداولها بيعا و شراء، أوحت لعدد من الشبان بتنظيم سباق للحمير في مخيم النصيرات قبل عامين .
"الكرنفال" الذي شهده مخيم النصيرات وأشاع وهما بأن الحصار سيحول الحمير إلى واسطة نقل رائجة، لا سيما مع ندرة وقود السيارات، أطفأته الأنفاق التي ضخت في أسواق القطاع سلعا متنوعة ، بما في ذلك الوقود و الدراجات النارية المصممة للتنقل و لنقل البضائع من الاسواق إلى المنازل ، حيث يشير المواطن سمير أبو مهادي، وهو من سكان النصيرات، إلى أن الكثيرين من الشبان ممن لم تسنح لهم فرص العمل في الحصول على وظيفة، أقبلوا بطرق مختلفة على شراء "التوكتوك" ، فيما يستخدم عدد من التجار العربات ذاتها، لتشغيل شبان يدفعهم العوز إلى العمل بأجور بخسة؛ لأجل الحصول على لقمة العيش لا أكثر .
قال المواطن "أبو ظريف" الذي يملك حمارا وعربة يجرها الأخير، أن الحصار دفع التجار المسيطرين على سوق الحمير إلى إستغلال الظروف وبيعها بأسعار عالية إلى حد وصل معه سعر الحمار بدون عربة (كارة) إلى 700دينار أردني، وهو سعر عال جداً مقارنةً مع أسعار ما قبل الحصار، حيث وصل سعر الحمار مصحوبا بالعربة التي يجرها 400 دينارا فقط ، بينما يبدي "أبو عصام" (46 عاماً )الذي تذمر من الإنتشار السريع لـ "التوكتوك"، معتبرا أنه "أغلق" أبواب الرزق في وجهه نظره وكثيرين ممن يعتمدون في إلتقاط أرزاق عائلاتهم على إستخدام الحمير في نقل بضائع المواطنين.
المواطن "أبو ظريف" الذي يعتاش وعائلته من العمل في نقل بضائع و "حاجيات" الناس من سوق حي الشجاعية شرق غزة بواسطة حمار و عربة يملكهما، قال لـ أن فترة شدد فيها الحصار الخناق على المواطنين ، أجبرهم على التنقل ما بين الأحياء و المناطق بواسطة العربات المجرورة بواسطة الحمير ؛ رغم أن بعض السائقين لجأوا إلى إستخدام زيت الطهي بدلا من البنزين لتسيير سيارتهم، لكنها ( السيارات ) لم تف بحاجة المواطنين فكانت الحمير البديل الممكن !
من جهته ، أشار "أبو عصام" إلى أن هبوط أسهم سوق الحمير بفعل تهريب "التوكتوك" عبر الأنفاق ( وصل سعر الحمار مرفقا بعربته 150دينارا فقط ، ما شكل إغراء لبعض المواطنين ممن يعملون في بيع الخضار لشراء حمار إضافي.
أضاف أبو عصام في حديثه مع أن أرزاق العاملين على نقل بضائع المواطنين بواسطة الحمير كانت أفضل قبل إدخال "التوكتوك"، حيث كان يتحصل العامل على نحو 80 أو 100 شيكل، وربما أكثر، لكن العامين الأخيرين شهدا تراجعا في مداخيلهم بنسبة تزيد على 50 في المئة، فيما يلفت
التاجر"أبو لؤي" (63 عاماً) من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، اشار إلى أن حالة التعطل التي يفرضها الحصار قد تخلق مع إستمرارها المزيد من الظواهر .