بائع الكعك خليل فرعون.. عندما تشعل العتمة الحنين إلى "أيام الورد"
لا شيء يجعل بائع الكعك في شوارع "العيزرية" خليل فرعون قادرا على إستعادة الورد إلى مخيلته أو .. يهديه إلى عينيه المعتمتين أكثر من كلمة حانية و حصول عائلته على كفاف يومها !
قال خليل وهو يتحسس بصعوبة حافة الطريق إلى المخبز في بلدة أبوديس المجاورة ( قبل أن يبدأ يومه في دفع و جرجرة العربة متجولا في الشوارع وبائعا للكعك ) أن العتمة التي أطبقت على عينيه ، بعد أن أعجزه الفقر عن تأمين العلاج قبل 7 سنوات، حولته من بائع للزهور إلى بائع كعك ضرير، فيما لا يزال ، حتى هذه الأيام ، مسكونا بالحنين إلى "أيام الورد" .
قال خليل الذي يعيل أما و زوجة وطفلين ( آدم و آية - بعمر عامين للأول و 6 أشهر للثانية ) أنه كان بدأ حياته العملية وهو في الثامنة عشرة في متجر لبيع الورود .. ثم، بعد ذلك، زارعا لها في البساتين والحدائق ، غير أنه الآن يمضي النهارات في دفع عربة الكعك و المناداة على مشترين ؛ بأمل أن يجمع ما يمكنه من إعالة أسرته و تامين ما تيسر من أثمان الادوية التي يحتاجها للتخفيف من الوجع المقيم في عينيه .
"الشيكلات" القليلة التي يتمكن من جمعها خلال أيام العمل الطويلة و المضنية ( 50 شيكلا في اليوم على الأكثر ) لا تكفي العائلة مصروفاتها و قوت يومها ، حيث يؤكد أن النقود المغمسة بالعرق التي يتمكن من جمعها في اليوم الواحد أقل من ثمن علبة الحليب الذي ترضعه طفلته ، بينما يدفعه العوز إلى إستدانة ما يحتاجه من الدواء من إحدى الصيدليات بالبلدة.
أشار خليل فرعون ( 37 عاما ) إلى أنه كان توجه إلى أكثر من مؤسسة اجتماعية لأجل مساعدته، "غير أن أحدا لم يستجب" ، حتى أن وزارة الصحة لم توفر له "إلا نوعا واحداً و رخيصا من الأدوية" ؛ لأنه "لا دواء متوفرا في العيادة الأقرب إليه "!
من جهته، أشارت والدته وهي تحتضن طفلته "آية" إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية أوقفت المساعدة المالية والعينية التي كانت تقدمها للعائلة كل ثلاثة شهور، وعليه لم يعد خليل يتلقى أية مساعدات اجتماعية، وهو الآن ، كما كل العائلة "تعود الوجبات الخفيفة" و يزاول انتظار صدقات "رمضان المبارك"..
قال خليل أن مديرة الشؤون الاجتماعية في العيزرية أمل معالي، طمأنته مؤخرا أن القرار الذي صدر بإيقاف المساعدات العينية والمالية عنه، مؤقت و سيحصل عليها مع بداية مرحلة توزيعها القادمة، لافتة إلى أن القرار كان أتخذ بسبب الأزمة المالية.
"فرعون" الثلاثيني الذي يعلق آمالا على "رمضان" ، درب نفسه طويلا، و بات الآن يمتلك مواهب كثيرة، بينها التمييز بين العملات المعدنية والورقية؛ حتى أنه صار بمقدوره التعرف على "الدولار" في حال تعامل مع السائحين !