أن تعيش على مسافة 5 أمتار من "عش الدبابير"!
أن تنهض من نومك صباحا وأنت محمول على أعصاب أدمنت الإحتراس و تحسس إحتمالات النهار بخوف - وأنت كذلك ، تصير كل الأشياء برائحة القلق !
على هذا النحو حاولت هناء أبو هيكل ، بصعوبة ، تلخيص 27 عاما من العيش في منزل العائلة الذي جاورته بؤرة إستيطانية إسرائيلية في قلب الخليل هي أقرب إلى"عش الدبابير" ، مشيرة إلى أن البقاء في المنزل الذي تحول إلى قفص بات مهمة منذ ذلك الحين "مهمة مقدسة" ؛ ذلك أن البيت ليس مجرد سقف محمول على الجدران .. " إنه وطن" .
الطريق إلى منزل المرحوم جميل أبوهيكل حيث تزاول روحه مهمته بعد موته ، بعد أن أغلقت قوات الإحتلال مدخله الرئيس بزعم حماية تنقل المستوطنين، مسارب ترابيه محفوفة بالشوك و المخاوف و الأرواح العدائية التي تسكن مجموعة من المستوطنين يواظبون على التذكير بحضورهم بالمزيد من الهجمات على المنزل و المنازل الأخرى المجاورة .
قالت هناء التي تعيش خمسينيات عمرها دون كلل من حمل الأمانة التي تسلمتها من ألـ"جميل" الفلسطيني حتى النخاع، أن جنود الإحتلال المكلفين بحراسة تواجد المستوطنين يحرمون العائلة حتى من التفاصيل الصغيرة للحياة الطبيعية ، بما في ذلك حرمانها من الجلوس في حديقة المنزل أو حتى تنظيف الأخيرة من الاشواك ؛ فالمنزل "هنا" محاط بالاسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة و الكلاب المدربة التي يقتنيها المستوطنون لمهمة وحيدة : ترويع العرب !
الزيارة إلى هناء و بيت عائلة أبو هيكل وبعض البيوت المجاورة، تتطلب قدرا من المجازفة بسبب حواجز التفتيش والمستوطنين الذين يعتلون شرفات مساكنهم ويعتدون على المارة و..بسبب الجنود الممتشقين البنادق كما لو كانوا على أهبة الحرب ، فيما المنزل العتيق الذي يبعد 5 أمتار فقط عن مساكن المستوطنين و صار قفصا منذ أنشئت البؤرة الإستيطانية المسماة "رمات يشاي" في تل الرميدة، حصنت عائلة أبو هيكل نوافذة بحمايات تحول دون دخول حجارة المستوطنين إلى داخله، فيما تمنع العائلة من الجلوس في الحديقة وشرفته المطلة على موقع عسكري وبيوت المستوطنين، وأيضا ممنوعة من الصعود إلى سطح المنزل بذريعة "حماية المستوطنين" .
أوضحت هناء أبو هيكل التي تتعرض و عائلتها لتهديدات متكررة تطالبها بالرحيل أنها تعرضت لثلاث محاولات لقتلها ، بينما أحرق المستوطنون خمس سيارات للعائلة، ما أجبرها على ركن سيارتها بعيدا عن المنزل.
هناء التي نقلت معركتها لحماية العائلة و المنزل إلى المحاكم الإسرائيلية، أشارت إلى إصدار المحكمة العليا الاسرائيلية قرارين لمنع المستوطنين من البناء في قطعة أرض أثرية مجاورة، "لكن القرارين لم ينفذا ( الأول اصدر عام 1995 والثاني عام 2001 ) ، فيما شملت عروض المستوطنين لشراء المنزل " دفع 20 مليون دولار" !
هذه الأيام ، تواصل هناء أبو هيكل مع أهالي تل الرميدة وسط الخليل الإعتصام في خيمة أقامتها للإحتجاج على إعتداءات المستوطنين و تدابير الحصار التي ينفذها جيش الإحتلال و للمطالبة بإعادة فتح مداخل الحي وشارع الشهداء المغلق منذ 18 عاما، وأيضا.." لأجل توفير الأمان لحياتنا وحياة أطفالنا " – قالت هناء التي تواصل رفض إخلاء خيمتها مقابل السماح بوصول سيارتها إلى جوار المنزل !