حافظ عمر صاحب فكرة "البروفايل الموحد" للتضامن مع الاسرى على "فيسبوك": نحو 27 مليون شخص حول العالم تداولوا رسماته
في أقل من 48 ساعة، وحدّ نحو 27 مليون شخص، من فلسطينيين وعرب وأجانب، صورهم الشخصية (البروفايل) على صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بحيث يظهر وجه بلا ملامح لشاب أو فتاة (محجّبة وغير محجّبة) في الزيّ البنّي الموحّد للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والعيون معصوبة برباط أسود، فيما كُتب في الزاوية اليسرى بالعبرية "مصلحة السجون الإسرائيلية". بل إن بعض مستخدمي الإنترنت طوّر الرسوم بمعرفته، فأضاف إليها مثلاً كوفية فلسطينية أو أدخل "حنظلة" ناجي العلي "على الخط"، لكن المبادرة في الأصل للفنان والمصمم الغرافيكي الفلسطيني حافظ عمر الذي ساعده محمد المبيض في التصميم والتعميم عبر "فيسبوك".
وكما ذكر كثيرون، أثار هذا التصميم فضول الكثيرين من العرب والأجانب الذين لم يكونوا متابعين حثيثين لقضية الأسرى الفلسطينيين، إلى أن استحوذت أخيراً على الاهتمام الإعلامي بأثر من حركة الإضراب عن الطعام. وهذا ما أتاح للمستخدمين العاديين، من مختلف الخلفيات والمشارب، إضافة إلى إعلاميين وحقوقيين وباحثين، فتح النقاش وتبادل الأحاديث والقراءات والتجارب حول معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، وتحولت مضامين الصفحات الإلكترونية مواد منوعة حول الأسرى، بالعربية والإنكليزية.
ومما جرى تداوله أخيراً فيديو لما وصف بأنه تسجيل حاولت سلطات الاحتلال منع تسريبه وهو حول اقتحام سجن النقب وإطلاق النار على الأسرى ما أدى إلى استشهاد الأسير محمد الأشقر العام 2007.
ويقول الفنان حافظ عمر (29 سنة)، وهو شقيق الأسير الذي شارك في الإضراب سعد عمر (27 سنة): "منذ بدأ الشيخ خضر عدنان إضرابه عن الطعام وأنا مهتم بهذا النوع من المقاومة، وشاركت في المسيرات التضامنية معه، لا سيما تلك التي نظمها الحراك الشبابي الفلسطيني، وصممت حينها رسماً لوجه الشيخ عدنان وفمه مغلق بقفل، وانتشر الرسم، ليس على جدران رام الله والمدن في الضفة الغربية فحسب، بل في بلدان حول العالم أيضاً، ثم قدّمت عدداً من الملصقات (بوسترات) أبطالها هناء شلبي وبلال ذياب وثائر حلاحلة وأحمد سعدات والمناضل الأممي كارلوس، وهي عبارة عن مساهمة تضامنية تمهّد لإيصال رسائل بصرية، عبر الجدران الحقيقية في الشوارع، كما الجدران الافتراضية على الإنترنت".
وعلى رغم حماسته، لم يتوقع عمر هذا التفاعل الكبير الذي أبداه رواد "فيسبوك" من مختلف الجنسيات، ويقول: "لم أتوقع أن ينتشر التصميم في هذا الشكل الخرافي، وفي خلال 48 ساعة من تعميم الرسم! وعلمت من إحصاءات موقع التواصل الاجتماعي أن قرابة 27 مليوناً في العالم اعتمدوا التصميم الذي يظهر فيه شاب فلسطيني بالزيّ البني ومعصوب العينين... الصورة قطعاً بشعة، وتعكس بدورها بشاعة الاحتلال، وهذه هي الفكرة، وهي امتحان صعب فنياً ومفاهيمياً، لكن نجاحها أثبته العدد الهائل للمتفاعلين معها ما يؤكد التزام شعبنا بقضاياه وأن قضية الأسرى لا تهمّ ذويهم فحسب، بل عموم الشعب الفلسطيني والأحرار حول العالم".
"حنظلة" والكوفية
وأشار عمر إلى أن تنويعات أجريت على التصميم الأصلي، وأن هذا يندرج في خانة تفاعل المتلقي مع العمل، وقام بتلك التنويعات فنانون ومصممون غرافيكيون ورسامو كاريكاتور فلسطينيون وعرب وأجانب. فابتكر البعض من وحي التصميم شاباً ملتحياً، فتاة محجبة وأخرى بشعر مسترسل، والبعض أضاف من وحي شخصيات رسوم كاريكاتورية، خصوصاً حنظلة ناجي العلي، في حين اتجه البعض الآخر في فلسطين وبلدان عربية إلى مقاربة التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي من زاوية تضامن مشابه مع المعتقلين على خلفية حرية الرأي والتعبير في ما سموه سجون الاستبداد العربية، كما فعل رسام الكاريكاتور الأردني عمر عبدللات الذي استعاض عن صورة الوجه بخريطة فلسطين، في حين استبدله رسام الكاريكاتور البرازيلي كارلوس لاتوف بوجه باسمٍ ومن دون العصبة على العينين، وذلك فور إعلان انتصار الأسرى الفلسطينيين في معركتهم والذي توّج باتفاق وقّعته السلطتان الفلسطينية والإسرائيلية ويقضي بإطلاق الموقوفين إدارياً إلا إذا توافرت معطيات وأدلة جديدة، إضافة إلى إعفاء الأسرى من الحبس الإنفرادي والسماح لعائلاتهم بزيارتهم.
وأكد عمر أن "منبع المبادرة كان في البداية حميماً وشخصياً". فهو، إذ يمضي أياماً في عمّان للمشاركة في معرض لملصقاته في "مسرح البلد"، عاش كما يقول "حالة من الرعب على مصير الأسرى، ومصير شقيقه سعد"، خصوصاً أنه خارج فلسطين. ويعبّر بصدق عن سعادته بانتصار الأسرى في معركتهم ضد الاحتلال وبطشه، وهو سعيد أيضاً بنجاح مبادرته واكتساح اللون البنيّ "فيسبوك"، ولو لأيام، تضامناً مع الأسرى.