بالصور- قلعة شقيف.. اسم حفره الفدائيون في ذاكرة الشعب الفلسطيني
زلفى شحرور
قلعة شقيف اسم سيظل محفورا في ذاكرة الفلسطينيين، حفره الفدائيون بدمهم وكفاحهم ونضالهم ليرسموا به أسطورة الثورة الفلسطينية الحديثة بنضالها وصمودها، والذي به حولت قضية شعبنا من قضية لاجئين إلى قضية شعب يطالب بحقوقه السياسية والوطنية.
وغذت القلعة المطلة على الأرض الفلسطينية ذاكرتهم بتفاصيل جغرافيا فلسطين التي حفظوها ظهرا عن قلب من روايات الآباء والأجداد، كما حفزتهم على النضال فمنها كانوا يشعرون بقربهم من الأرض وقربهم من تحقيق الحلم بالعودة
شكلت القلعة بالنسبة للعمل الفدائي في لبنان نقطة استطلاع مهمة كونها كاشفة للمنطقة المحيطة بها، رغم أنها من الزاوية العسكرية ساقطة، لكنها شكلت خط المواجهة الأول مع الاحتلال الإسرائيلي وقوات سعد حداد العملية للاحتلال في الجنوب اللبناني.
وقال أبو جواد المعروف باسم حركي يوسف إن كتيبته 'الجرمق' كانت آخر كتيبة تمركزت في قلعة شقيف، وكان قائد الكتيبة حينها معين الطاهر، ويتواجد في القلعة بالعادة حوالي 30 مقاتلا، ولا يتجاوز العدد 100 مقاتل في بعض الأحيان.
وأضاف، 'كنا نتواجد نحن المقاتلون في الأنفاق التي كنا نحفرها تحت القلعة، فالقلعة عالية وكانت تنزل عليها القذائف مثل المطر عدا عن قصف الطيران.
وتابع، 'في القلعة حفر الفدائيون عددا من الأنفاق، أنفاق للرشاشات، والمدفعية والدروع، وكان عددنا يتراوح بين 18-20 مقاتلا في كل خندق، وكل خندق كان أفضل تمثيل للوحدة الوطنية فإلى جانب مقاتلي فتح كان معنا 2-3 مقاتلين من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرها من الفصائل، وكان يأتي للقلعة طلبة من الجامعة العربية والجامعة الأمريكية في بيروت للتعايش معنا ومساعدتنا في الحفر وتعبئة أكياس الرمل ويقضون معنا عدة أيام.
وتابع يوسف، 'كانت قلعة شقيف جزءا من محور قتالي يمتد إلى قلعة ارنون وكفر تبنيت وحرش النبي طاهر، ويطل على نهر الليطاني وكانت أقرب القرى لها مرجعيون ودير ميماس.
وكان هذا المحور يرد على الاعتداءات الإسرائيلية، ويقصف المستوطنات الإسرائيلية بالمدفعية والراجمات والمدافع المحمولة، والرد على القصف من مناطق سعد حداد، وكنا في القلعة مستعدين لأي طارئ والرد على أي عدوان على قواتنا.
ومن المعارك التي يروى عنها يوسف إنزال إسرائيلي على القلعة في العام 1981 وقال: 'حصل اشتباك قوي جدا مع قوات الاحتلال وفيه تداخلت قواتنا وقوات الاحتلال، وكان طيران العدو يحوم في الجو لتخويفنا ونحن كنا على ثقة بأنهم لن يغيروا علينا بسبب الالتحام، وبعد أن هدأت المعركة تبين لنا أن قوات الاحتلال تركت حوالي الألف ضمادة في المستشفى الميداني الذي أقاموه في أرنون'.
وشكل صمود قلعة شقيف أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 أسطورة صمود أذهلت الإسرائيليين أنفسهم وعنه قال الجنرال شاؤول نكديمون: هذه الحرب كالمصيدة وقد وقعنا فيها كفئران صغيرة في قلعة شقيف فقد الفلسطينيون 30 مقاتلا لكننا فقدنا خمسة أضعاف هذا العدد، فقدنا في معارك شقيف خيرة ضباطنا وجنودنا، معركة شقيف أذهلت بيغن وشارون.
وأضاف نكديمون، 'حينما كنا في طريقنا لغزو لبنان كنا على ثقة أو ربما قناعة تامة بأن دباباتنا ستتابع سيرها حتى بيروت دون أن تضطر للتوقف لأننا اعتقدنا بالواقع أنها سوف تسير فوق أنقاض قلعة شقيف مثلا قامت 13 طائرة إسرائيلية بقصف مكثف لهذه القلعة وكنا نعتقد بأن أطنان القنابل التي ألقيت عليها لم تدمرها فقط وإنما مسحتها عن وجه الأرض.
ولكن حينما اقتربنا من هذه القلعة وكانت أول موقع فلسطيني حصين نواجهه في الجنوب اللبناني اتضح لنا أنها لا تزال على حالها وأن أحدا من المقاتلين الفلسطينيين فيها لم يصب بأذى نتيجة لكل ذلك القصف الجوي الطويل. ولقد كنت أول من قال: ربما كانت طائراتنا تلقي بحمولاتها بعيدا عن القلعة'.
وتبعد قلعة شقيف حوالي كيلومتر واحد عن أرنون، وتقع على صخر شاهق يشرف على نهر الليطاني وسهل مرجعيون ومنطقة النبطية، وهي قلعة قديمة بناها الرومان وزاد الصليبيون أبنيتها ورممها فخر الدين المعني الثاني. وتعرضت القلعة لتخريب من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. إذ تم قصفها عدة مرات قبل اجتياح عام 1982. ثم استخدمت كمركز عسكري من جانبهم. فقد عملت قوات الاحتلال بجهد على تدمير معالم هذه القلعة حيث تداعت وتشققت جدران القلعة بسبب تحرّك الآليات العسكرية داخل حرم القلعة.