قرارات العليا الإسرائيلية لم تنصف عائلة ياسين باستعادة أرضها في دورا القرع
بسام أبو الرب
قررت الحكومة الإسرائيلية تأجيل التصويت على قانون "شرعنة الاستيطان" على أرض فلسطينية خاصة لمنع هدم الحي الاستيطاني "أولبنا" في مستوطنة بيت إيل لمدة أسبوعين.
كان من المقرر أن يتم التصويت على اقتراح القانون الذي قدمه عضو الكنيست زوبولون اورليب، اليوم الأربعاء، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هدد بإسقاط القانون إذا ما قدم اليوم، لأن اللجنة الوزارية لإقرار القوانين كانت قد عارضت القانون الذي يمس بقرار المحكمة العليا، لكن بعض الوزراء قرروا التمرد على قرار اللجنة الوزارية والتصويت إلى جانب القانون. وقالت مصادر سياسية لصحيفة "هآرتس" إن مبادرة نتنياهو جاءت بعد إعلان الوزراء عن دعمهم للقانون.
وزير الأمن الإسرائيلي ايهود براك، عارض القانون وقال في بيان صادر عن مكتبه إن مستوطنة "بيت إيل" ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية، وإنه يجب تطويرها مع تنفيذ قرار المحكمة العليا بهدم الحي.
يذكر أن عضو الكنيست المستوطن يعقوب كاتس من حزب هأيحود هلؤومي، يصر على تقديم اقتراح قانون "شرعنة الاستيطان"، علما أنه في حال عدم حصول القانون على أغلبية يمنع طرحه من جديد إلا بعد مرور ستة أشهر.
الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو تحاول الالتفاف على قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية، بخصوص قرارات تقضي بإعادة بعض الأراضي التي استولى عليها المستوطنون من أراضي الضفة الغربية لصالح بناء أحياء إضافية، خاصة البؤرة الاستيطانية المسماة "جفعات هأولبانا" الواقعة في إحدى أكبر مستوطنات الضفة (بيت إيل)، المقامة على أراضي قرية دورا القرع شمال رام الله.
ويذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا يقضي بهدم المباني الخمسة في مستوطنة بيت إيل في موعد أقصاه الأول من تموز المقبل، بعد أن أثبت تحقيق أجرته الشرطة الإسرائيلية أن الأرض المقامة عليها المباني هي أرض يملكها مواطنون فلسطينيون من قرية دورا القرع وبحوزتهم وثائق ملكية.
كذلك تبين من تحقيق الشرطة أن الوثائق التي قدمها المستوطنون إلى المحكمة حول شراء الأرض هي وثائق "غير سليمة" وأن المستوطنين، عمليا، اشتروا الأرض من شخص لا يملكها. وكانت المحكمة العليا قد أصدرت قرارا بهدم المباني الخمسة قبل عام وتعهد نتنياهو شخصيا بتنفيذ أمر المحكمة بحلول الأول من أيار الحالي، لكنه تراجع عن تعهده هذا.
ووجه قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية انتقادات شديدة إلى الحكومة الإسرائيلية بسبب عدم انصياعها لقرارات المحكمة والامتناع عن تنفيذها، وذلك خلال نظر المحكمة، أمس الأول الأحد، في التماس ضد شق طريق إلى مستوطنة في أراض بملكية فلسطينية خاصة.
وأعلنت القيادة الفلسطينية، في الخامس والعشرين من نيسان الماضي عن رفضها قرار حكومة إسرائيل بإضفاء صبغة شرعية على ثلاث بؤر استيطانية في الضفة الغربية، واعتبرت هذا القرار مسمارا آخر يدق في نعش عملية السلام المترنحة أصلا، لتكون هذه الخطورة بمثابة رد نتنياهو على رسالة الرئيس محمود عباس.
خالد عبد الغني ياسين (47 عاما) أحد سكان قرية دورا القرع، ووكيل الأرض التي أصدرت "العليا الإسرائيلية" قرارا يقضي بهدم المباني الخمسة في المستوطنة المقامة عليها في موعد أقصاه الأول من تموز المقبل، بعد أن أثبت تحقيق أجرته الشرطة الإسرائيلية أن الأرض المقامة عليها المباني هي أرض يملكها مواطنون فلسطينيون من قرية دورا القرع وبحوزتهم وثائق ملكية.
وقال ياسين لــ"وفا"، إنه بناء على طلب من الوالدة محبوبة محمد سعيد بضرورة رفع قضية للمحكمة العليا الإسرائيلية من أجل استعادة أرضها التي سلبها المستوطنون منذ العام 1996، تم رفع قضية عام 2006 عن طريق محام مختص، إلا أن الشرطة الإسرائيلية أصرت على حضور المدعي، الأمر الذي جعل الوالدة توكلني لمتابعة القضية.
وروى ياسين تفاصيل سلب الأرض القريبة من مستوطنة بيت إيل شمال رام الله، قائلا: "إن المستوطنين بدأوا خلال العام 1996 بوضع "معرشات" ضمن حدود الأرض التي تصل مساحتها إلى 30 دونما. وقتها تم الاحتجاج من قبل الأهالي والمتضامين على هذه الأفعال، الأمر الذي قوبل بإطلاق النار على الشاب خير عبد الحفيظ (24 عاما) واستشهاده".
وأوضح أن استشهاد عبد الحفيظ عام 1996 شكل عنصر خوف لدى المواطنين من الوصول إلى الأراضي المستولى عليها، وهو ما جعل المستوطنين يتمادون في أفعالهم التي وصلت إلى وضع بيوت متنقلة وتوسيع عمليات التجريف، مشيرا إلى أنه في العام 2001 تم خطف وقتل الشاب علي إدريس حمدان (18 عاما)، وتسييج الجبل المسمى غراطيس، الذي تصل مساحته إلى ما يقارب 1200 دونم، والواقع في الجانب الجنوبي من القرية امتدادا لمستوطنة بيت إيل.
وتابع: بتاريخ 17-11-2008 أصدرت المحكمة حكما يقضي بإيقاف العمل في الأرض وإزالة ما هو قائم عليها، إلا أن المستوطنين لم يكترثوا بالحكم واستمر البناء، وبتاريخ 1-5-2011 قدم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التماسا لوقف قرار المحكمة القاضي بوقف العمل بالأرض، كونها لهم وليس لها أصحاب.
وأضاف ياسين أنه بتاريخ 21-9-2011، عادت المحكمة وأكدت قرارها بضرورة هدم البناء وإزالته، وإعطاء الحكومة الإسرائيلية مهلة لغاية 1-5-2012 من أجل التنفيذ، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تبالِ بقرار المحكمة"، موضحا أن مكتب نتنياهو طالب وقبل موعد التنفيذ تحديدا في 27-4-2012، بفتح الملف لأغراض سياسية وإنسانية، إلا أن المحكمة رفضت طلبه، ورجعت وأكدت قرارها في 6-5-2012 مع منح الحكومة موعدا أقصاه الأول من تموز المقبل لتنفيذ قرارها.
وأكد ياسين رفضه لعديد العروض المقدمة من حكومة الاحتلال والتي كان آخرها، "شيك مفتوح" مقابل بيع الأرض في إطار التسوية مع الحكومة الإسرائيلية، أو تأجير الأرض بأي سعر، أو إجراء مبادلة الأرض بأي قطعة أخرى، إضافة إلى عرض بمبادلة الأرض بمناطق تصبح تابعة للسلطة الوطنية وتأجيرها لمدة ثلاث سنوات.
ويذكر أن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين، حذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من أن استمرار الاستيلاء على أراض وبيوت يملكها مواطنون فلسطينيون في الضفة الغربية وتسليمها إلى المستوطنين، سيؤدي إلى وصول قضية الاستيطان إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وجاء في صحيفة "هآرتس"، في الرابع عشر من أيار الماضي، "إن فاينشتاين حذر نتنياهو من أنه في حال عدم تطبيق إسرائيل للقانون، وخصوصا فيما يتعلق بالسيطرة على عقارات بملكية فلسطينية خاصة، فإن إسرائيل ستتورط مع المحكمة الدولية، وفي محاكمة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب".
وجاء تحذير فاينشتاين على خلفية اجتماعات عقدها نتنياهو، للبحث في الالتفاف على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن هدم خمسة مبان في مستوطنة "غفعات هأولبانا" قرب رام الله بسبب إقامتها على أراض بملكية فلسطينية خاصة. ويسعى اليمين الإسرائيلي إلى الالتفاف على قرار المحكمة العليا من خلال سن قانون يشرع البناء الاستيطاني على أراض بملكية فلسطينية خاصة.
وقالت الصحيفة إن تحذير فاينشتاين كان السبب الذي جعل نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، يقرران إخلاء المستوطنين من بيت استولوا عليه في مدينة الخليل، الشهر الماضي.
من جانبه، اعتبر وزير جيش الاحتلال ايهود باراك في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الحل في مستوطنة "غفعات هأولبانا" يجب أن يكون "إما بأن تشتري الحكومة الأرض (لصالح المستوطنين) أو إخلاء السكان (أي المستوطنين)".
وأضاف أنه يحظر طرح مشروع القانون الذي يهدف إلى الالتفاف على قرار المحكمة العليا من أجل تشريع المباني المقامة على أراض فلسطينية بملكية خاصة.
وبهذا الشأن كتب الصحفي يوفال البشن بصحيفة هآرتس بتاريخ 21-5-2012 مقالا تحت عنوان "قانون يدمر محكمة العدل العليا"، قال فيه، "يخطئ أولئك الذين يسمون القانون الذي تقترحه الكتل اليمينية لمنع تنفيذ قضاء المحكمة العليا بإخلاء بيوت في حي هأولبانه التفافا على قرار المحكمة العليا. وهم يخطئون لأنه لا يوجد شيء كهذا في عالم القانون".
وأوضح في مقاله "يجوز للمشرع أن يسن قانونا يغير توجيها أقرته المحكمة، في إطار التوازنات والكوابح فإن سن القوانين هذا ليس حلالا فقط بل مرغوب فيه من جهة ديمقراطية. المشكلة هي أن قانون التسوية المقترح لا يرمي إلى تغيير توجيه قضائي بل يريد أن يغير قرارا جازما. وهذا غير شرعي بل خطير لأن هذا يُخرب طريق القضاء ويضعضع أساطينه".