خليليي يا عنب... تراجع جودة وإنتاج العنب الخليلي، والإحتلال سيد العقبات
فؤاد جبارين - مدار للصحافة والاعلام - على مشارف محافظة الخليل تراودك رائحة العنب الذي يزرعه أهالي المحافظة، ولن تخجل عيناك من اختلاس نظرة الى الكروم الخضراء ذات المنظر الجميل، لترى اشتالاً عاشت مع الناس وخالطت همومهم، وحملت هذه الاشتال عناءً وشقاء لم تحملها جبال نابلس ولا حتى رمال النقب، فإهمالٌ في الآونة الأخيرة جعلها تعتب على من ظن أنها لن تخذله طول العمر، دخلت الى حلحول إحدى القرى الشمالية في محافظة الخليل، ورأيت من أشتال العنب من تحملت فراق راعيها وعطش تربتها، ولكن ما نفرت منه عيناي تلك الشتلة التي طرحت أرضاً ولم تستطع أن تنتج أكثر مما أنتجته قديماً، تلك الشتلة التي أمسك بجذعها فريد أبو ريان أحد المزارعين القدامى في حلحول بشدة وكأنه يحضن إبناً له لم يره منذ سنين، ويقول أبو ريان بعبارات ندم واستياء أنه كان يزرع كروماً من العنب، يعتني ويربي شتلة العنب كأنها طفلة من أطفاله وبعد القطاف كان يحمل المحصول الى السوق الداخلي والخارجي، ويحدثنا متألما:"منذ أكثر من عشرين عاماً كان عندي أنا وعائلتي كروماً من العنب ولكننا اقتلعناها لأنها لم تعد تنتج "، ويعلق أبو ريان سبب ذلك أن أشتال العنب في كرومه كما العديد من الكروم بدء المرض يراودها منذ سنوات وحتى الاًن وأن مرض "الفولوكسترا" الذي يصل الى جذور الأشتال عن طريق الحراثة الحديثة قضى على اشتاله ويقول أبو ريان :"استخدامنا للمحراث الحديث أوالتراكتور هو الذي ينقل الامراض من أرض الى أُخرى".
وكان أبو ريان قد انتقل من العمل في زراعة الأرض الى إفتتاح مشتل صغير لبيع أشتال المزروعات والأدوية الزراعية نظراً لألمه الذي أصابه من فقدان أرضه وأشتاله لجودتها وانتاجها وأنه أصبح يبيع أشتالاً من أصول أمريكيه والتي لا يصل مرض الفولوكسترا الى جذورها، وأن الأشتال ذات الاصول غير الأمريكية والتي اتنشرت في محافظة الخليل والتي يجلبها المزارع من إسرائيل هي سسب آخر لتعرض العنب في الخليل الى الفساد وقلة الانتاج وتراجع الجودة، وينصح أبو ريان المزارعين ان يزرعوا الأشتال ذات الأصول الأمريكية التي شهدتها أراضي الخليل منذ عصور ويقول أبو ريان:" لو ترجع الاشتال الأمريكية الى الخليل سوف يعود العز للعنب الخليلي"، ويدعو أبو ريان المزارعين إلى الإبتعاد عن الأشتال التي انتشرت في الاسواق ذات الاصول الغير امريكية او (العُقَل) المعرضة للمرض.
ويعبر ابو ريان بكلمات احتوت فقدان الامل:" العام الماضي جلبت الى الضفة اشتالاً وتراكيب كثيره من أصول أمريكية كانت سترفع من جودة العنب في المنطقة ولكنها بقيت على جسر الأردن ثمانِ أيام مما أدى الى فسادها "، وفقد أبو ريان الأمل في إعادة الروح لزراعة العنب في الخليل من جديد، ويضيف أبو ريان أن هناك جهل عند المزارع الفلسطيني في العناية بالمزروعات وإستخدام المبيدات حيث أن المبيدات الزراعية التي يستخدمها المزارعين في الخليل نادراً ما تكون مفيدة للمزروعات، وإن كانت مفيدة فإن المزارع يجهل طريقة تركيبها وإستخدامها وذلك عوضاً عن الجهل أو قلة المعرفة في طريقة الزراعة والحراثة والقطف الصحيحهة ويقول :"المزارعين بحاجة الى إرشاد ودعم من الجمعيات الزراعية ووزارة الزراعة التي لم تدعم المزارعين منذ فترة طويله ".
أما زياد القشقيش أحد المزارعين السابقين في مدينة الخليل والذي استبدل عمله في زراعة العنب بالعمل على سيارة أجرة يقول أنه كان يجني الأموال الطائلة من زراعة العنب، وأن سنوات طوال من عمره قضاها داخل كروم العنب والتي فقدت روحها بعد أن توقف عن الإهتمام بها نظراً للخسائر التي لحقت به من الزراعة والإتجار بالعنب ويقول القشقيش :"العنب بطل يجيب همه ومصاريفه أكثر من الأموال الي بيجنيها المزارع آخرالموسم "وزراعة العنب كما يقول القشقيش لم تعد مهنة يعتمد عليها السكان لكسب المال، وأصبح المزارعين يبحثون عن أعمال بديلة للزراعه، ويحدثنا القشقيش متألما:"جيل هذه الأيام ما بيعرف يتعامل مع العنب، راح العنب،وراحت أيام زمان "، وعلل القشقيش سبب إبتعاده والمزارعين عن زراعة العنب في صعوبة تصدير العنب وتسويقه خارج محافظة الخليل وزراعة الناس لأنواع متعددة من الأشتال وعدم وجود دعم جاد للمزارع ويقول القشقيش:"هناك أراضٍ مزروعة بأشتال عنب لا يعتنوا أهلها بها وإنما يزرعونها خوفاً من مصادرة الاحتلال لأرضهم اذا تركوها فارغة غير مزروعة".
ويشكو القشقيش من قلة المياه المخصصة للزراعة ويعتبر ذلك سبباً من الأسباب التي دفعت أهالي الخليل للإبتعاد عن زراعة العنب ويتذمر أيضاً من إدخال إسرائيل لأنواع متعددة من الأشتال إلى محافظة الخليل والتي يبحث المزارع الفلسطيني عنها لأنها تطرح منتوجاً مبكراً، ويستطيع المزارع أن يصل بعنبه إلى الأسواق قبل العنب الذي كان يُزرع قديماً في الخليل ولكنه لا يعرف أن جودة هذا العنب الذي تُستورد أشتاله من اسرائيل لا تساوي نصف جودة العنب الخليلي القديم، وأيضاً هذه الأشتال منعت إسرائيل المزارع الفلسطيني من استيرادها ويقول القشقيش:"بعض المزارعين يرمون قطاف موسم كامل في مكبات النفايات عندما يفسد المنتوج والسبب هو إقبال المزارع على أشتال العنب الاسرائيلية التي تنتج عنباً بلا طعم عنب"، وسبب آخر لفشل الزراعة في الخليل في الآونة الاخيرة هو المبيدات المغشوشة التي دخلت إلى الخليل مع الأشتال الاسرائيلة دون رقابة فلسطينية على الاشتال والمبيدات، ويعبر القشقيش عن أسفه قائلاً:"الاحتلال ما خلى اشي"،ومشكلة أخرى من الهموم التي وضعها الاحتلال على زراعة العنب الخليلي هي اقامة الطرق الالتفافية التي مسحت كثيرا من الاراضي الزراعية حول محافظة الخليل .
التجارة في العنب خسارة !
ويعاني تجار العنب في محافظة الخليل أزمة خانقة بعد أن تدنى إنتاج العنب، حيث يقع على عاتق التاجر عملية نقل المحصول بالإضافة إلى الحصول على تراخيص وهذا أمرٌ مكلف على التاجر في ظل وسائل مواصلات مكلفلة وتراخيص وفحوصات صعب الحصول عليها، ويقول ياسر البو أحد أكبر تجار العنب في محافظة الخليل أنه لم يرضى عن أي صفقة بيع للعنب منذ أكثر من عشر سنوات فهي كما يعبر البو :"إما ربح قليل وإما خسارة فادحة في كل موسم"،ويشير البو أن دفاتر حسابته لم تخلو من الخسائر خلال العشر سنوات السابقه،حيث أن البو في العام ما قبل الماضي في أول اسبوع من الموسم خسر حوالي 19 ألف شيقل وخسر في الاسبوع الثاني من الموسم 4 آلاف شيقل أما الأسبوع الثالث فقد أحرز ربحا بسيطا هو 500 شيقل، ويعاني التجار أيضا من مشكلة صعوبة نقل وشحن المحصول إلى الاسواق فتكاليف النقل هي العقبة الأكبر لدى التجار ويتحدث البو :"انا كنت أدفع 8 آلاف شيقل حتى أتمكن من نقل 2000 كرتونة عنب إلى قطاع غزة وأكثر وأكثر اذا تمكنت من نقل المحصول الى إسرائيل والاردن التي توقفت عن إستيراد عنب الخليل في الآونة الأخيرة"، علماً بأن نقل العنب من الخليل إلى قطاع غزة يحتاج الى تصاريح وفحوصات مكلفة وليس من السهل الحصول عليها، حيث يدخل العنب أولا إلى إاسرائيل ثم إلى قطاع غزة بعد فحصه ونقله من قبل إسرائيل الى غزة التي تعاني من الحصار ويقول البو:"إن استخدام سيارة فلسطينية من الخليل إلى قطاع غزة تكلف ربع القيمة التي ندفعها عند استخدام السيارات الاسرائيلية التي يجبرنا الإحتلال على إستخدامها"وذلك عوضاً عن فحص السمية الذي يدفع التاجر أموالاً طائلة لأخذ ورقة تثبت صلاحية العنب للتمكن من تصديره خارج محافظة الخليل.
ويذكر لنا البو قصة الصبوة التي أصابت كروم العنب في الخليل قبل اكثر من 10 سنوات وذلك بسبب مرض أصاب الأشتال حينها، وقدرت خسارة محافظة الخليل بمليوني دولار أحبطت هذه الخسارة كل المزارعين والتجار والمشترين في المحافظة ويقول البو:"حصلت من الرئيس ياسر عرفات_ رحمه الله_على كتاب تعويض لمزارعي وتجار العنب في محافظة الخليل بقيمة 10 ملايين دولار كانت ستنعش الزراعة والإقتصاد في المحافظة ولكنني لم أطالب بها في تلك الفتره بسبب الأوضاع الصعبة التي كان يمر بها الرئيس أبو عمار ولكن بعد إستشهاده بفترة طالبت بها ولكن لم أحصل على دولار واحد"ويطالب ياسر البو المؤسسات والجمعيات للتدخل لطلب هذه الأموال وجلبها الى مزارع وتاجر العنب الخليلي، ويقول البو أنه مرات عديدة خسر في صفقات العنب بسسب تعطيل إدخال العنب إلى إسرائيل وأنه في أكثرالمواسم خسارة هي عندما ترك العنب على المعبر المؤدي إلى إسرائيل مدة طويلة بسسب رفض إسرائيل للبضاعة الفلسطينية كرد على مقاطعة البضائع الاسرائيلية في فلسطين وقدرت الخسارة في ذاك الموسم ب70 ألف شيقل للمزارعين والتجار الذين شاركوا في تلك الصفقة ومن الجدير ذكره أن خسارة تجار محافظة الخليل في قطاع العنب عام 2004 قدرت ب15 مليون دينار أردني .
ويناشد تاجر العنب الخليلي ياسر البو رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لحل مشكلة الكتاب الذي حصل عليه من الرئيس ياسر عرفات قبل حوالي عقد مضى ويطالب في البحث في أسباب تراجع جودة وإنتاج وضعف تسويق العنب في محافظة الخليل ويقول البو:"أريد مقابلة عطوفة الدكتور سلام فياض شخصياً لأن مسالة الفشل الذي حظيت بها الزراعة في محافظة الخليل وصلت ذروتها".
ويشكو البو من التهميش الذي تعاني منه محافظة الخليل على كل الأصعدة وخاصة قطاع الزراعة، ويطالب بمعاملة المزارع والتاجر في محافظة الخليل أسوة بباقي محافظات الوطن ويقول:" نطالب بمعاملة العنب الخليلي أسوة بموز أريحا والذي تعتني به وزارة الزراعة على عكس عنب الخليل الذي لا يحصل على عناية من وزارة الزراعة ولا المؤسسات والجمعيات الزراعية " ويناشد البو وزارة الزراعة بتقديم الدعم المادي والمعنوي للمزارع والتاجر في محافظة الخليل ويردد البو: "اذا استمرت وزارة الزراعة في إهمال محافظة الخليل لن تسمع بعد عام 2011 بائعا يقول (خليلي يا عنب)".
وزارة الزراعة ترد
يستكر مدير دائرة الزراعة في محافظة الخليل بدر حوامدة إلقاء العاملين في قطاع العنب المسؤولية واللوم في تراجع جودة ومستوى العنب على عاتق وزارة الزراعة وحدها، ويزيدنا بأن وزارة الزراعة تقوم بدور فاعل لتطوير قطاع الزراعة الفلسطينية ومنها الزراعة في محافظة الخليل التي شهدت تراجعاً بالغاً في الآونة الأخيرة وصرح حوامدة أن وزارة الزراعة بصدد تطبيق إستراتيجية زراعية عالية المستوى خلال السنوات الثلاث القادمة وتسمى "استراتيجية تخضير فلسطين" التي يعد بها حوامدة المزارعين والعاملين في قطاع الزراعة من تجار وبائعين ومصنعين وغيرهم، ويشير أن هذه الاستراتيجية سوف تجلب الرقي والنمو للزراعة في محافظة الخليل، ويقول حوامدة : "من الأمور التي تراعيها الاستراتيجية هي بناء مصانع لعصير العنب والزبيب والمنتوجات الأخرى، كما تراعي( تخضير فلسطين) في خطتها وجود محطات تبريد لحفظ العنب لفترة أطول وتزيد من صلاحية المحصول مما يحفظ سعره من التدني، بالإضافة الى مختبرات متميزه لفحص السمية"، وتقوم وزارة الزراعة كما يقول حوامدة بدعم المزارع في محافظة الخليل بأشتال عنب ذات أصول أمريكية بأسعار قليلة كما وتقدم الوزارة محاضرات إرشاد وتوعية للعاملين في قطاع الزراعة في محافظة الخليل حتى تحافظ على جودة وإنتاجية العنب ويؤكد حوامدة أن الوزارة تقدم ورشات عمل وإجتماعات مع المزارعين وبالتعاون مع جمعيات زراعية عديدة .
ويلقي حوامدة اللوم في تراجع إنتاج وجودة العنب في المحافظة على المزارع الذي يهمل أرضه ويقول حوامدة :"الأرض تحتاج الى إهتمام ورعاية بالإضافة إلى الوعي الزراعي الذي يفتقدة أغلبيه المزارعين الفلسطينيين"وينوه حوامدة بنبرة شديدة أن على مزارع العنب الخليلي أن يشارك في الورشات والأعمال التي تقوم بها وزارة الزراعة من توعية وإرشاد وتعليم زراعي وغيرها، وعلى المزارع أن يلتزم بالخطوات اللازمة للزراعة من رش للمبيدات وحراثة وقطف إلى الوصول إلى التخزين بالطرق المناسبة والصحيحة، وأن يراجع المراكز الزراعية ووزارة الزراعة والجمعيات الزراعية عند مواجهة اي عائق، كما تتناول وزارة الزراعة في منشوراتها وبياناتها إرشادات للمزارعين في طرق إستخدام المبيدات الزراعية بالشكل الصحيح وتحذر الوزارة دائما من المبيدات التي يستقطبها المزارع من اسرائيل حيث أن المبيد الزراعي يجب أن يتم الموافقة عليه من وزارة الزراعة وأخذه من المراكز والجمعيات الزراعية التي تعتمدها الوزارة في بيع المبيدات الصالحة للاستعمال .
أما بخصوص التجار فيقول حوامدة أن وزارة الزراعة تحاول تعويض التجار الخاسرين في تجارة العنب وتهدف في الإستراتيحية الجديدة إلى تسهيل العملية التسويقية من تسهيل للتسويق والنقل والحصول على التراخيص لتصدير العنب إلى الأسواق الخارجية والداخلية على حد سواء، ويقول حوامدة:"ليس بإستطاعة وزارة الزراعة أن تعطي التاجر مبلغاً مقابل الخسارة التي تلقاها من صفقات العنب الخاسرة أو أن ندفع له أجرة نقل المحصول أوغير ذلك ولكن بإمكاننا مساعدته في التسويق الخارجي للمنتوج والتسهيل من عملية نقله بالإضافة إلى المساعدة في الحصول على تراخيص التصدير بسعر نسبي، وكذلك التقليل من المبلغ الطائل الذي يدفعه التاجر لفحص السمية وكل هذا موجود في استراتيجية تخضير فلسطين التي طرحتها وزارة الزراعة بالتكاتف مع الجمعيات الزراعية".
دور الجمعيات الزراعية في محافظة الخليل
تشير الجمعية التعاونية للتسويق والتصنيع الزراعي في محافظة الخليل عبر احصائاتها السنوية إلى تراجع حاد على مستوى الإنتاج والجودة في قطاع زراعة العنب في محافظة الخليل ومن الأسباب التي وضعتها الجمعية في تراجع مستوى العنب الخليلي تقصير المزارع في رعاية العنب وإستخدام المبيدات بالشكل الخاطئ وكذلك الزراعة العشوائية والتمدد العمراني وقلة المياه المستخدمة في الزراعة بالإضافة إلى مصادرة بعض الأراضي التي كان أهالي الخليل يزرعونها بالعنب وسسب آخر هو التكلفة العالية التي تقع على عاتق المزارع والتاجر والمُصنع لمحصول العنب، وأشارت الجمعية في احصائها الأخير إلى تراجع المساحة المزروعة بالعنب حيث كانت عام 1985 حوالي 69 ألف دونم أما في عام 2010 فقد وصلت مساحة الاراضي المزروعة بالعنب في محافظة الخليل الى 34 ألف دونم وذلك من مساحة تجاوزت ال134 ألف دونم توصف بأراضي البستنة الزراعية في محافظة الخليل أو الأراضي الصالحة للزراعه.
وتشير الجمعية الزراعية أيضاً أن عام 1993 وصل إنتاج العنب وتسويقه إلى أفضل مستواياته وذلك بسبب الحصار والإغلاق الاسرائيلي في تلك الفترة حيث لجأ الناس إلى العنب الذي كان من الفاكهة القليلة المتوفرة في الأراضي الفلسطينية، وأوردت الجمعية في آخر دراساتها أن الأعوام ما بين 2004 إلى عام 2011 وصل مستوى العنب الى أسوء حالاته.
ويقول محمد الرجبي رئيس الجمعية التعاونية للتسويق والتصنيع في محافظة الخليل أن أسعار العنب في تراجع وذلك بسسب وجود 13 ألف طن فائض من العنب سنوياً والذي تحصل عليه الشركات الإسرائيلية بأسعار قليلة، لصالح معاصر العنب أو ما تسمى الخمارات، وتسعى الجمعية الزراعية بالتعاون مع مؤسسات الإصلاح الزراعي والإغاثة الزراعية ومؤسسات الزراعة الألمانية بالإضافة إلى وزارة الزراعة بطرق شتى إلى النهوض بمستوى العنب الخليلي حيث تعمل على دعم المزارع والمسوق في مجال الإرشاد والتوعية وحفر آبار للري الزراعي وكذلك عملية إصلاح الأراضي التي تساهم فيها الجمعيه بقيمة 20% من التكلفة، ولكن الجمعية لا تقدر على النهوض بوضع زراعة العنب في محافظة الخليل إلا في ظل دعم أكبر من وزارة الزراعة حيث يقول الرجبي:"كلنا أمل في استراتيجية تخضير فلسطين التي وضعتها وزارة الزراعة على طاولة أعمالها خلال الثلاث سنوات القادمة من أجل الرقي بقطاع الزراعة والرقي به في كافة المحافظات وبالأخص محافظة الخليل"، وينوه الرجبي إلى أن الجمعية بصدد إفتتاح مصنع لعصير العنب لتفادي إحتقار الخمارات الإسرائيليه للعنب الفائض والتي تشتريه حالياً بأبخس ثمن ويقول الرجبي:"على المواطن والتاجر الفلسطيني مقاطعة العنب الذي يزرع في إسرائيل ويسوق في الاسواق الفلسطينية وإنتظار العنب الخليلي حتى ولو تأخر قطافه".
نسي المواطن الفلسطيني أن العنب خليلي
عند زيارة الأسواق الفلسطينية فترة قصيرة تلك التي تشاهد فيها العنب الفلسطيني الذي زرع في أرض الخليل فالعنب المزروع في إسرائيل ينضج قبل العنب الخليلي بسبب إستخدام إسرائيل لمواد مسرعة للنضج وبالتالي وصوله الى الأسواق الفلسطينية قبل المحصول الخليلي ولكن بطعم سيئ وشكل جميل وأسعار مرتفعة ولكنه الوحيد الموجود أمام المشتري الذي يتذمر من سوء نوع العنب الإسرائيلي الذي وصل الأسواق الفلسطينية.
ويقول نصار اسماعيل من نابلس (56)عاما:"زمان كنا نستمتع بأكل العنب ونتذكر أنه منتوج فلسطيني لكن الآن أصبح العنب الإسرائيلي يأتي إلى الأسواق قبل العنب الخليلي ونجبر على شرائه".ويضيف نصار ان العنب الإسرائيلي ليس له طعم العنب حيث يشعر أنه يأكل حبات من البلاستيك تُشترى لتوضع على طاولة الزينه فقط.
أما عامر البنا من رام الله (35)عاما فيقول:"عندما أشتري عنباً من السوق أسأل البقال عن مصدر العنب فدائما بخبرني أنه مستورد ولا مره حكالي أنه من الخليل لكن أتذكر أنه قال لي في أحد الايام أن هذا العنب من أرض الخليل ولكنه ليس للأكل وإنما للعصير وصناعة مشتقات العنب من زبيب ودبس وغيره".
ويقول رامي السمامرة من الخليل (29) عاماً:" أشعر بالاستياء بأني من بلد العنب وأشتري عنباً زرعته أيادي الإحتلال ولكني أطالب وزارة الزراعة بالتدخل لدعم المزارعين في الخليل من أجل أن يستعيد العنب الخليلي عراقته".
ومن الواضح أن البائع الفلسطيي يقع على عاتقه جزء كبير من المسؤولية، فهو الذي يقبل التعامل مع البضاعة الإسرائيلية وترك المنتوج الفلسطيني الذي يعتبر العنب أكثرها عراقة واصالة، والمتحمل الآخر لمسؤولية طغي العنب الإسرائيلي على الفلسطيني في أسواق فلسطين هو المشتري او المواطن الفلسطيني الذي يقبل شراء محصول صنعته أيادي معادية وترك ذاك المحصول الذي زرعته يد فلسطينيه عريقة.
ومن الجدير ذكره أن الأسواق الأردنية كانت تستوعب حوالي 50% من عنب الخليل حتى عام 1985 وتقلصت بعد ذلك الى 10% أما ما بعد عام 2005 فكمية العنب الذي تصدر إلى الأردن هي 0% والسببب في ذلك هو تفوق العنب الشامي أو اللبناني على العنب الخليلي في السعر والجودة والتعبئة وسرعة الوصول إلى الأسواق، بالإضافة الى إقبال المزارع الأردني على زراعة العنب في أرضه، أما قطاع غزة فمنذ الحصار لم تدخله حبة عنب واحدة حيث كان يستقطب قبل الحصار ما نسبته 30%من العنب، أما إسرائيل فتنتظر عنوسة العنب وهرمه لتسلبه إلى معاصر العنب الاسرائيلة أو الخمارات والتي تحصل على 13 ألف طن من العنب سنويا والذي يكون من النوع (ب)أو الفائض.
ومن المناطق العريقة في زراعة العنب في محافظة الخليل قرى حلحول وبيت أمر ومدينة الخليل، ومن أنواع العنب التي تنتجها أرض الخليل هي الحلواني والحمداني والدابوقي والزيتي والجندلي والبلوطي والبيروتي والشامي، ورغم تعدد اسمائها إلا إنها تندرج تحت إسم واحد وهو "العنب الخليلي".
وتبقى وعود وزارة الزراعة والجمعيات الزراعية هي بصيص الأمل، ولكن هل ستماطل وزارة الزراعة في حل مشكلة تراجع إنتاج وجودة العنب في محافظة الخليل؟ وهل سيصبر المزارع على رؤية حبات اللؤلؤ تضيع من بين يديه؟ وهل سيبقى التاجر في قطاع العنب في خسارة كل موسم؟ والأهم هل ستفقد سلة الفاكهة الفلسطينية قطف العنب؟ وهل سيأتي يوما لا نجد فيه عنباً من زراعة الخليل؟ هذه أمور متوقعة الحدوث إذا لم يتم إيجاد الحل الجذري الصحيح لهذه القضيه، ولا ننسى أن فلسطين فقدت كثيراً فقدت أرضها وأبنائها وتاريخها ورموزها، والمُنى كل المُنى أن لا يكون العنب بداية لفقدانها معالمها وأصولها التاريخية.