في الذكرى الأربعين: رئيس التحرير يروي تجربة تطوير وبناء "وفا" على أرض الوطن
زلفى شحرور
حطت "وفا" رحالها بعد طول عناء على أرض الوطن، وانطلقت بالعمل من جديد كواحدة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها الحافلة بالتعب والجهد والكفاح والعطاء.
عملت "وفا"وبوعي على إعادة بناء ذاتها من جديد على أسس مهنية تتيح لها الاستمرار والتطور وأداء رسالتها، والتصدي لمهام وأدوار جديدة لم تختبرها من قبل، لترسم صورة جديدة لمستقبلها، متكئة على تاريخ حافل بالعطاء والتضحية، لكن الظروف السياسية وحياة التشرد التي عاشتها ومنظمة التحرير الفلسطينية لم تمكنها من البناء والمراكمة على هذا التاريخ.
عن عملية البناء على أرض الوطن والتي لم تمض بالسلاسة التي أملها أصحابها، يروي تفاصيلها رئيس تحرير "وفا"على حسين.
على حسين المولود في مخيم عين الحلوة بلبنان في العام 1956، انتقل للعمل في "وفا"من مجلة "فلسطين الثورة"بعد العودة للوطن في العام 1994، وعين مديرا لتحريرها في العام 1995، وفي العام 1998 رئيسا للتحرير.
عن هذه التجربة وبدايات التطوير، قال "في العام 1994 وبمساعدة سفيرنا في إيطاليا حينها نمر حماد، وقع رئيس الوكالة زياد عبد الفتاح اتفاقية مع الحكومة الإيطالية بقيمة 1.5 مليون دولار بهدف تطوير الوكالة على مستوى الكادر والمعدات، على أن تقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" بتنفيذ المشروع.
وأضاف "في شهر آب/ أغسطس من العام 1994 التقيت أنا والمدير العام للوكالة سليمان أبو جاموس مع ممثل اليونسكو للبدء بالتنفيذ، ولم يرَ المشروع النور إلا في العام 1998، وكانت أولى الخطوات قيام فريق مكلف من اليونسكو بدراسة إمكانيات التطوير في "وفا".
وتمثلت المشكلة الأساسية في كيفية استيعاب "وفا"هذا المشروع من زاوية المكان، حيث كانت الوكالة تعمل في شقة صغيرة.. استأجرنا مبنى مؤلفا من أربعة طوابق، وفي العام 1999 كانت الانطلاقة وبدأ الحديث عن تجهيز المكان بالمعدات اللازمة للتدريب والعمل، وأصرت "وفا" حينها على أن يتم تجهيز المكاتب من السوق المحلية بدلا من استيرادها من الخارج، وبالفعل تم شراء المعدات من كمبيوترات وغيرها، إضافة إلى الأثاث اللازم للمكاتب، من السوق المحلي، ولكن بتصميم إيطالي.
وتابع حسين:"كانت عملية التطوير تقوم على خطين:الأول تدريب الكادر القديم والكبير بالسن نسبيا على الكمبيوتر، ليكون قلما للمحرر، والخط الثاني تطوير المهارات الصحفية عند الكادر الشاب. وبالفعل تمكن الكادر القديم من الاندماج بالعمل ضمن الآليات الحديثة، وكانت نقطة فارقة في تاريخ الوكالة بتحول العمل فيها من الورق للكمبيوتر، ومع ذلك ظلت "وفا" تعتمد بصورة رئيسية في طباعة المادة على طاقم للطباعة، وظل هذا الأمر على حاله حتى العام 2008، وكان الطابع يقوم بتنزيل المدارة على الصفحة.
وقال حسين "جاء خبير إيطالي ليرى إمكانيات تطوير عملية التحرير بإنشاء ديسك تحرير لـ"وفا"، وتوصل لنتيجة مفادها أن هناك نواة تشكل ديسك تحرير في غزة، وهذه النواة يمكن البناء عليها بالتدريب.
وجاءت الظروف السياسية من جديد لتشكل عائقا أمام تقدم مشاريع التطوير هذه، فكانت هناك صعوبة في تنفيذ برنامج التدريب المقرر البدء بها في العام 2000 بسبب الانتفاضة، لكن الانتفاضة بحد ذاتها صقلت التجربة وكانت تدريبا ميدانيا ساهم في تطوير التحرير.
وأوضح حسين "كانت فكرة التدريب تقوم على الانتقال بالخبر من مرحلة الثورة للدولة وبناء مؤسساتها، وهو ما يتطلب الاهتمام بأمور المواطنين، وهي قضية كنا على وعي بها، فمثلا نشرت "وفا" في العام 1995 تحقيقا عن شبكات الصرف الصحي في خان يونس ونشر التحقيق تحت عنوان "شبكة من الآبار الامتصاصية"، وتحقيقات أخرى تناولت موضوع النفايات في غزة، وإمكانيات تطوير وادي البذان. وتزايدت مثل هذه التغطيات لتطال هموم المجتمع الفلسطيني، ونقلت معها خبر "وفا" من خبر للعلاقات العامة إلى خبر له علاقة بالبناء وهموم المواطن، ومن خبر الرئيس البرتوكولي إلى خبر ماذا قال الرئيس في المؤتمر الصحفي.
وأضاف "مع هذا التحول بدأ يظهر نوع من التباين في التعامل مع الخبر. هناك مدرسة تقليدية ترفض التغيير ومع الوقت تعززت القناعة بالتغير، ومع هذا التغير بدأت تتغير مساحة الحرية في "وفا" وتتسع، ولم تكن تواجهنا مشاكل في الخبر السياسي، فالتعامل معه سهل لكننا واجهنا محاذير فيما يتعلق بالمفهوم الديني والمجتمعي، فعلي سبيل المثال وصلنا تقرير من مؤسسة "سوا" عن دراسة تم إعدادها مع صندوق الأمم المتحدة لدعم المرأة "اليونفيم "عن البغاء في فلسطين، وطالبت الدراسة بسن تشريعات لحماية المرأة من هذه الظاهرة، ونشرنا في "وفا" غالب التقرير من هذه الرؤية، ولم تتعامل معه غالب وسائل الإعلام المحلية، في حين تعاملت معه بعض وسائل الإعلام "الصفراء" من زاوية الإثارة.
وأكد حسين حرص الوكالة أن تكون معبرة عن الكل الفلسطيني، وكل ما يهم الوطن والمواطن نتطرق له بموضوعية ومصداقية حديدية في نشر الخبر، نافيا أن تؤثر عملية التأكد من مصداقية الخبر على السرعة والكثافة في النشر، وصار عند الكادر اللياقة للجمع بين هذه العناصر.
وعن استخدام التقنيات الحديثة في عمل "وفا"، قال "الاستخدام الأول للبريد الالكتروني في عملية توزيع النشرة كان في العام 1996، وقبل ذلك كان التوزيع يتم عبر جهاز الفاكس، وكان على بريد "وفا" حينها 250 عنوانا الكترونيا، وكانت صحيفتا الأيام والحياة فقط تستقبلان النشرة الكترونيا، وظلت القدس تستقبلها عبر الفاكس حتى العام 2000 ومثلها الرئاسة، وأذكر أنني طلبت من مدير مكتب الرئيس رمزي خوري حينها التعميم على السفارات باستقبال النشرة عبر البريد الالكتروني، وظلت وفا توزع نشرتها بهذه الطريقة لمدة ثلاث سنوات.
وأضاف "في شهر تموز من العام 1999 شهدت "وفا" انطلاقة جديدة لها بالنشر الإلكتروني، وكانت "وفا" حينها تنشر صفحتها الأولى، ولكن على صيغة صورة وليس نصا، ولم نكن ننشر كل المادة بسبب ضعف الكادر ومحدوديته حينها، ولم يمض عام على هذه التجربة حتى صارت "وفا" تنشر كل إنتاجها عبر الإنترنت في حزيران من العام 2000.
وذكر حسين "في حزيران من العام 2000 كان هناك لقاء ثلاثي بين "وفا" والحكومة الإيطالية واليونسكو لتقييم ما أنجز، وفيه طرحت "وفا" مشروع "المالتي ميديا"، وكان عندها فكرة مكتملة عن المشروع، تولدت في اجتماع مع اليونسكو وتقوم على فكرة نقل الصوت عبر الصحن اللاقط "الستلايت"، وفيما بعد تطورت الفكرة إلى صوت وصورة، وعلى هذا الأساس هيأت "وفا" استديوهين في غزة.
وقال رئيس التحرير "فيما بعد، تبلورت فكرة الإعلام المتعدد الوسائط "المالتي ميديا"، وتم عرضها في لقاء مع الطليان، ورأوا أن هناك حاجة لمشروع جديد وأبدوا استعدادهم لدعمه، لكن اندلاع الانتفاضة أوقف كل هذه المشاريع.
وتابع روايته قائلا:"أعيدت الكرة لإحياء مشروع "المالتي ميديا" في صيف العام 2005، وذلك من خلال مشروع متكامل تقدم به حينه نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام نبيل شعث إلى وزير الخارجية الإيطالي، لكن فوز حماس والانقسام جمد المشروع من جديد".
وعاد الأمل من جديد للانطلاق من خلال دعم بسيط وصل "وفا" من اليونسكو، لإنشاء ديسك قصص إنسانية وكان عبارة عن نص، وارتأت "وفا" حينها تحويل هذا المشروع من النص إلى المرئي والمسموع وبناء الصحفي الشامل، والذي يقوم بكتابة النص والتصوير والمونتاج لمواكبة التطور العالمي في الإنتاج الصحفي، والمشروع يختلف عن المفهوم التلفزيوني للتغطية التي تعتمد على التغطية الخبرية وإنما على القصة الصحفية التي يمكن أن تتطور إلى مشروع فيلم وثائقي.
واستعانت الوكالة في تأسيس هذا القسم وتطويره بعدد من الكوادر المهنية والفنية المشهود لها، وأتت أكلها بحصول الصحفي حمزة خطاب على الجائزة الثانية لمسابقة "طمسون" التي تنظمها وزارة الخارجية البريطانية، والجائزة الثانية التي تنظمها لجنة أعمار الخليل. لكن عين الوكالة ما زال على تطويرها وإنتاجها باللغات الثلاث: العربية والإنجليزية والفرنسية في مراحل لاحقة، وفي القريب العاجل سيتم تدريب قسم من العاملين بالنشرة الإنجليزية على هذا النوع من العمل.
وأشار حسين إلى عمل الوكالة وبالتوازي مع تطوير المالتي ميديا والاهتمام بتطوير التحرير فيها، بتطوير نشرتها التي تصدر باللغة الانجليزية التي انطلقت في بيروت وكانت حينها "مهنية جدا ومؤثرة جدا ومعتمدة بصورة رئيسية على طلبة الجامعة الأمريكية، وكان يقوم عليها حينها البروفيسور رشيد الخالدي".
وقال حسين "توقفت هذه النشرة بعد الخروج من بيروت إلى تونس وأعيد إحيائها في العام 1987، ولكن بعمل متواضع جدا، ومعها تم إنتاج نشرة باللغة الفرنسية لتتوقف مرة ثانية بعد العودة للوطن، وعملت "وفا" على إحياء النشرة الانجليزية في بدية العام 2000، والفرنسية في العام 2005 لكنهما ما لبثتا أن توقفتا في العام 2007 بسبب الانقسام".
وأضاف "في العام 2008 أعادت وفا إنتاج النشرة الانجليزية، ولكن بشكل خجول، معتمدة على محرر واحد فقط، وفي نهاية العام 2010 تم تجميع كادر يتقن اللغة الانجليزية وبدون خبرة صحفية، وبدأت "وفا" بتدريبهم في بداية العام 2011، وبعثت النشرة الانجليزية بصورة نوعية مرة ثانية مع إطلاق خدمات "وفا" المتعددة في ذات العام.
وتطور الكادر مهنيا ويعود الفضل بذلك للصحفي المخضرم ماهر أبو خاطر، الذي بدأ معهم من نقطة الصفر والمتابعة الدقيقة واليومية لهم، وبعد ذلك بدأ بمنحهم مساحة من الحرية تتسع يوميا، لكن مع مراقبة عملهم ومناقشتهم به بصورة دائمة.
وشهدت الوكالة تطورا جديدا في مجال عملها في صدور نشرة جديدة عنها باللغة العبرية، وهي تتمتع بمساحة واسعة من الحرية، وهدفها مخاطبة الجمهور الإسرائيلي وكسر الصورة النمطية للفلسطيني "الإرهابي" في الذهنية الإسرائيلية، بلغة هادئة ومهنية بعيدا عن الشعارات الطنانة، والتأكيد على حق هذا الشعب في رسم مستقبله وإقامة دولته وبناء مؤسساته، فمثلا هناك خبر صغير نشرته صفحة العبري تحت عنوان "شوبان في رام الله" أثار استهجان الرأي العام الإسرائيلي.
وتبحث "وفا"اليوم وفي سياق تطوير عملها عن ممول لمشروع "وفا أطفال" وهو مشروع يقوم على كتابة أخبار للأطفال، مرفقة بفيلم مرئي ومسموع وصور متحركة، وسيكون الكتاب بالأساس من الأطفال بالتعاون مع اليونسكو ومؤسسات المجتمع المدني، والهدف منها تثقيفي لتعريف الأطفال بفلسطين تاريخا وجغرافيا وثقافة وآثار.
ويعتقد حسين أن فكرة التطوير في الوكالة والقائمة على زيادة حجم الاستثمار في الكادر البشري، ومجاراة التطور التقني الحاصل في العالم في مجال التقنيات، والتي أدت إلى تطور ديسك التحرير باللغات العربية والانجليزية والعبرية، ومع "المالتي ميديا" وتوسع التغطية الخبرية اليومية لتطال كافة مناحي الحياة اليومية للفلسطينيين وتغطي أخبار كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في الوطن والمهاجر، تكون "وفا" خطت خطوات حقيقة على طريق تحولها لوكالة حديثة.
حطت "وفا" رحالها بعد طول عناء على أرض الوطن، وانطلقت بالعمل من جديد كواحدة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها الحافلة بالتعب والجهد والكفاح والعطاء.
عملت "وفا"وبوعي على إعادة بناء ذاتها من جديد على أسس مهنية تتيح لها الاستمرار والتطور وأداء رسالتها، والتصدي لمهام وأدوار جديدة لم تختبرها من قبل، لترسم صورة جديدة لمستقبلها، متكئة على تاريخ حافل بالعطاء والتضحية، لكن الظروف السياسية وحياة التشرد التي عاشتها ومنظمة التحرير الفلسطينية لم تمكنها من البناء والمراكمة على هذا التاريخ.
عن عملية البناء على أرض الوطن والتي لم تمض بالسلاسة التي أملها أصحابها، يروي تفاصيلها رئيس تحرير "وفا"على حسين.
على حسين المولود في مخيم عين الحلوة بلبنان في العام 1956، انتقل للعمل في "وفا"من مجلة "فلسطين الثورة"بعد العودة للوطن في العام 1994، وعين مديرا لتحريرها في العام 1995، وفي العام 1998 رئيسا للتحرير.
عن هذه التجربة وبدايات التطوير، قال "في العام 1994 وبمساعدة سفيرنا في إيطاليا حينها نمر حماد، وقع رئيس الوكالة زياد عبد الفتاح اتفاقية مع الحكومة الإيطالية بقيمة 1.5 مليون دولار بهدف تطوير الوكالة على مستوى الكادر والمعدات، على أن تقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" بتنفيذ المشروع.
وأضاف "في شهر آب/ أغسطس من العام 1994 التقيت أنا والمدير العام للوكالة سليمان أبو جاموس مع ممثل اليونسكو للبدء بالتنفيذ، ولم يرَ المشروع النور إلا في العام 1998، وكانت أولى الخطوات قيام فريق مكلف من اليونسكو بدراسة إمكانيات التطوير في "وفا".
وتمثلت المشكلة الأساسية في كيفية استيعاب "وفا"هذا المشروع من زاوية المكان، حيث كانت الوكالة تعمل في شقة صغيرة.. استأجرنا مبنى مؤلفا من أربعة طوابق، وفي العام 1999 كانت الانطلاقة وبدأ الحديث عن تجهيز المكان بالمعدات اللازمة للتدريب والعمل، وأصرت "وفا" حينها على أن يتم تجهيز المكاتب من السوق المحلية بدلا من استيرادها من الخارج، وبالفعل تم شراء المعدات من كمبيوترات وغيرها، إضافة إلى الأثاث اللازم للمكاتب، من السوق المحلي، ولكن بتصميم إيطالي.
وتابع حسين:"كانت عملية التطوير تقوم على خطين:الأول تدريب الكادر القديم والكبير بالسن نسبيا على الكمبيوتر، ليكون قلما للمحرر، والخط الثاني تطوير المهارات الصحفية عند الكادر الشاب. وبالفعل تمكن الكادر القديم من الاندماج بالعمل ضمن الآليات الحديثة، وكانت نقطة فارقة في تاريخ الوكالة بتحول العمل فيها من الورق للكمبيوتر، ومع ذلك ظلت "وفا" تعتمد بصورة رئيسية في طباعة المادة على طاقم للطباعة، وظل هذا الأمر على حاله حتى العام 2008، وكان الطابع يقوم بتنزيل المدارة على الصفحة.
وقال حسين "جاء خبير إيطالي ليرى إمكانيات تطوير عملية التحرير بإنشاء ديسك تحرير لـ"وفا"، وتوصل لنتيجة مفادها أن هناك نواة تشكل ديسك تحرير في غزة، وهذه النواة يمكن البناء عليها بالتدريب.
وجاءت الظروف السياسية من جديد لتشكل عائقا أمام تقدم مشاريع التطوير هذه، فكانت هناك صعوبة في تنفيذ برنامج التدريب المقرر البدء بها في العام 2000 بسبب الانتفاضة، لكن الانتفاضة بحد ذاتها صقلت التجربة وكانت تدريبا ميدانيا ساهم في تطوير التحرير.
وأوضح حسين "كانت فكرة التدريب تقوم على الانتقال بالخبر من مرحلة الثورة للدولة وبناء مؤسساتها، وهو ما يتطلب الاهتمام بأمور المواطنين، وهي قضية كنا على وعي بها، فمثلا نشرت "وفا" في العام 1995 تحقيقا عن شبكات الصرف الصحي في خان يونس ونشر التحقيق تحت عنوان "شبكة من الآبار الامتصاصية"، وتحقيقات أخرى تناولت موضوع النفايات في غزة، وإمكانيات تطوير وادي البذان. وتزايدت مثل هذه التغطيات لتطال هموم المجتمع الفلسطيني، ونقلت معها خبر "وفا" من خبر للعلاقات العامة إلى خبر له علاقة بالبناء وهموم المواطن، ومن خبر الرئيس البرتوكولي إلى خبر ماذا قال الرئيس في المؤتمر الصحفي.
وأضاف "مع هذا التحول بدأ يظهر نوع من التباين في التعامل مع الخبر. هناك مدرسة تقليدية ترفض التغيير ومع الوقت تعززت القناعة بالتغير، ومع هذا التغير بدأت تتغير مساحة الحرية في "وفا" وتتسع، ولم تكن تواجهنا مشاكل في الخبر السياسي، فالتعامل معه سهل لكننا واجهنا محاذير فيما يتعلق بالمفهوم الديني والمجتمعي، فعلي سبيل المثال وصلنا تقرير من مؤسسة "سوا" عن دراسة تم إعدادها مع صندوق الأمم المتحدة لدعم المرأة "اليونفيم "عن البغاء في فلسطين، وطالبت الدراسة بسن تشريعات لحماية المرأة من هذه الظاهرة، ونشرنا في "وفا" غالب التقرير من هذه الرؤية، ولم تتعامل معه غالب وسائل الإعلام المحلية، في حين تعاملت معه بعض وسائل الإعلام "الصفراء" من زاوية الإثارة.
وأكد حسين حرص الوكالة أن تكون معبرة عن الكل الفلسطيني، وكل ما يهم الوطن والمواطن نتطرق له بموضوعية ومصداقية حديدية في نشر الخبر، نافيا أن تؤثر عملية التأكد من مصداقية الخبر على السرعة والكثافة في النشر، وصار عند الكادر اللياقة للجمع بين هذه العناصر.
وعن استخدام التقنيات الحديثة في عمل "وفا"، قال "الاستخدام الأول للبريد الالكتروني في عملية توزيع النشرة كان في العام 1996، وقبل ذلك كان التوزيع يتم عبر جهاز الفاكس، وكان على بريد "وفا" حينها 250 عنوانا الكترونيا، وكانت صحيفتا الأيام والحياة فقط تستقبلان النشرة الكترونيا، وظلت القدس تستقبلها عبر الفاكس حتى العام 2000 ومثلها الرئاسة، وأذكر أنني طلبت من مدير مكتب الرئيس رمزي خوري حينها التعميم على السفارات باستقبال النشرة عبر البريد الالكتروني، وظلت وفا توزع نشرتها بهذه الطريقة لمدة ثلاث سنوات.
وأضاف "في شهر تموز من العام 1999 شهدت "وفا" انطلاقة جديدة لها بالنشر الإلكتروني، وكانت "وفا" حينها تنشر صفحتها الأولى، ولكن على صيغة صورة وليس نصا، ولم نكن ننشر كل المادة بسبب ضعف الكادر ومحدوديته حينها، ولم يمض عام على هذه التجربة حتى صارت "وفا" تنشر كل إنتاجها عبر الإنترنت في حزيران من العام 2000.
وذكر حسين "في حزيران من العام 2000 كان هناك لقاء ثلاثي بين "وفا" والحكومة الإيطالية واليونسكو لتقييم ما أنجز، وفيه طرحت "وفا" مشروع "المالتي ميديا"، وكان عندها فكرة مكتملة عن المشروع، تولدت في اجتماع مع اليونسكو وتقوم على فكرة نقل الصوت عبر الصحن اللاقط "الستلايت"، وفيما بعد تطورت الفكرة إلى صوت وصورة، وعلى هذا الأساس هيأت "وفا" استديوهين في غزة.
وقال رئيس التحرير "فيما بعد، تبلورت فكرة الإعلام المتعدد الوسائط "المالتي ميديا"، وتم عرضها في لقاء مع الطليان، ورأوا أن هناك حاجة لمشروع جديد وأبدوا استعدادهم لدعمه، لكن اندلاع الانتفاضة أوقف كل هذه المشاريع.
وتابع روايته قائلا:"أعيدت الكرة لإحياء مشروع "المالتي ميديا" في صيف العام 2005، وذلك من خلال مشروع متكامل تقدم به حينه نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام نبيل شعث إلى وزير الخارجية الإيطالي، لكن فوز حماس والانقسام جمد المشروع من جديد".
وعاد الأمل من جديد للانطلاق من خلال دعم بسيط وصل "وفا" من اليونسكو، لإنشاء ديسك قصص إنسانية وكان عبارة عن نص، وارتأت "وفا" حينها تحويل هذا المشروع من النص إلى المرئي والمسموع وبناء الصحفي الشامل، والذي يقوم بكتابة النص والتصوير والمونتاج لمواكبة التطور العالمي في الإنتاج الصحفي، والمشروع يختلف عن المفهوم التلفزيوني للتغطية التي تعتمد على التغطية الخبرية وإنما على القصة الصحفية التي يمكن أن تتطور إلى مشروع فيلم وثائقي.
واستعانت الوكالة في تأسيس هذا القسم وتطويره بعدد من الكوادر المهنية والفنية المشهود لها، وأتت أكلها بحصول الصحفي حمزة خطاب على الجائزة الثانية لمسابقة "طمسون" التي تنظمها وزارة الخارجية البريطانية، والجائزة الثانية التي تنظمها لجنة أعمار الخليل. لكن عين الوكالة ما زال على تطويرها وإنتاجها باللغات الثلاث: العربية والإنجليزية والفرنسية في مراحل لاحقة، وفي القريب العاجل سيتم تدريب قسم من العاملين بالنشرة الإنجليزية على هذا النوع من العمل.
وأشار حسين إلى عمل الوكالة وبالتوازي مع تطوير المالتي ميديا والاهتمام بتطوير التحرير فيها، بتطوير نشرتها التي تصدر باللغة الانجليزية التي انطلقت في بيروت وكانت حينها "مهنية جدا ومؤثرة جدا ومعتمدة بصورة رئيسية على طلبة الجامعة الأمريكية، وكان يقوم عليها حينها البروفيسور رشيد الخالدي".
وقال حسين "توقفت هذه النشرة بعد الخروج من بيروت إلى تونس وأعيد إحيائها في العام 1987، ولكن بعمل متواضع جدا، ومعها تم إنتاج نشرة باللغة الفرنسية لتتوقف مرة ثانية بعد العودة للوطن، وعملت "وفا" على إحياء النشرة الانجليزية في بدية العام 2000، والفرنسية في العام 2005 لكنهما ما لبثتا أن توقفتا في العام 2007 بسبب الانقسام".
وأضاف "في العام 2008 أعادت وفا إنتاج النشرة الانجليزية، ولكن بشكل خجول، معتمدة على محرر واحد فقط، وفي نهاية العام 2010 تم تجميع كادر يتقن اللغة الانجليزية وبدون خبرة صحفية، وبدأت "وفا" بتدريبهم في بداية العام 2011، وبعثت النشرة الانجليزية بصورة نوعية مرة ثانية مع إطلاق خدمات "وفا" المتعددة في ذات العام.
وتطور الكادر مهنيا ويعود الفضل بذلك للصحفي المخضرم ماهر أبو خاطر، الذي بدأ معهم من نقطة الصفر والمتابعة الدقيقة واليومية لهم، وبعد ذلك بدأ بمنحهم مساحة من الحرية تتسع يوميا، لكن مع مراقبة عملهم ومناقشتهم به بصورة دائمة.
وشهدت الوكالة تطورا جديدا في مجال عملها في صدور نشرة جديدة عنها باللغة العبرية، وهي تتمتع بمساحة واسعة من الحرية، وهدفها مخاطبة الجمهور الإسرائيلي وكسر الصورة النمطية للفلسطيني "الإرهابي" في الذهنية الإسرائيلية، بلغة هادئة ومهنية بعيدا عن الشعارات الطنانة، والتأكيد على حق هذا الشعب في رسم مستقبله وإقامة دولته وبناء مؤسساته، فمثلا هناك خبر صغير نشرته صفحة العبري تحت عنوان "شوبان في رام الله" أثار استهجان الرأي العام الإسرائيلي.
وتبحث "وفا"اليوم وفي سياق تطوير عملها عن ممول لمشروع "وفا أطفال" وهو مشروع يقوم على كتابة أخبار للأطفال، مرفقة بفيلم مرئي ومسموع وصور متحركة، وسيكون الكتاب بالأساس من الأطفال بالتعاون مع اليونسكو ومؤسسات المجتمع المدني، والهدف منها تثقيفي لتعريف الأطفال بفلسطين تاريخا وجغرافيا وثقافة وآثار.
ويعتقد حسين أن فكرة التطوير في الوكالة والقائمة على زيادة حجم الاستثمار في الكادر البشري، ومجاراة التطور التقني الحاصل في العالم في مجال التقنيات، والتي أدت إلى تطور ديسك التحرير باللغات العربية والانجليزية والعبرية، ومع "المالتي ميديا" وتوسع التغطية الخبرية اليومية لتطال كافة مناحي الحياة اليومية للفلسطينيين وتغطي أخبار كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في الوطن والمهاجر، تكون "وفا" خطت خطوات حقيقة على طريق تحولها لوكالة حديثة.