مزارعو خط النار .. حاجة ملحة وخطر دائم
عمر زين الدين
ملامح الحسرة والأسى بدت واضحة على وجه المزارع خالد جندية (40 عاماً) وهو يشير لأرضه شبه القاحلة الواقعة قرب المنطقة الصناعية شرق حي الشجاعية في مدينة غزة .
حسرة سببتها المنطقة الأمنية العازلة التي أقرها الاحتلال منذ الأعوام الأولى لانتفاضة الأقصى لتمتد وتتقلص بحسب التطورات السياسية والعسكرية, حيث تبدأ من 300م كحد مبدأي على طول الحدود الشرقية للقطاع البالغة 41كم, وتمتد لتصل لـ 1000م في بعض المناطق, مهدرة بذلك 30% من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة.
المزارع جندية الذي يقطن شرق حي الشجاعية وله سبعة من الأبناء يقوم بزراعة ارضه البالغ مساحتها تسع دونمات رغم قربها الشديد من المنطقة العازلة يقول: إنه يتعرض لإطلاق نار من قبل الجنود وأحياناً أخرى يجبرونه على مغادرة أرضه عبر مكبرات الصوت.
وضع خطير ..
خطورة الوضع أجبرت العديد من المزارعين على هجر أراضيهم بعد تجريفها عدة مرات لتصبح جرداء قاحلة, وهو ما حدث مع المواطن وليد الغرابلي (47 عاماً) من سكان نفس المنطقة حيث أجبر على ترك عشر دونمات تقع ضمن المنطقة العازلة ليتحول إلى بائع خضرة منتقل هو وثلاثة من أبنائه عسى أن يتمكنوا من توفير قوت عائلتهم المكونة من تسعة أفراد.
المواطن الغرابلي –كما المزارع جندية- عبر عن خطورة الوضع حيث إطلاق النار على البيوت فضلاً عن القذائف ودخول القوات الخاصة في بعض الأحيان مما يفرض على السكان حظراً غير معلن للتجول في ساعات المساء, الأمر الذي يؤثر على حياة العائلة خاصة الأطفال, مشيراً إلى تعرض أبنائه الصغار لكوابيس أثناء النوم وهذيان وصراخ مما يدفعهم للخوف من الخروج من البيت أو الذهاب للمدرسة.
وبنبرة حزينة يستحضر جندية من ذاكرته مشهد الدبابةً التي وقفت أمامه ووالده واثنين من أبنائه أثناء عمله في أرضه مطلقة قذيفة قربهم نجو منها بأعجوبة, قائلاً أن اثنين من ابناءه امتنعا بعد ذلك عن الخروج معه للزراعة.
خدمات متهالكة ..
وكما الاحتلال يقتلع الشجر ويقتل البشر فهو أيضاً يدمر الحجر والبنية التحتية, لتغدو المناطق الحدودية حالكة الظلمة بدون كهرباء وجافة قاحلة بدون ماء.
جندية اشتكى من سوء الخدمات والبنية التحتية لتعود بالأثر السلبي على جودة محصوله, حيث قلة المياه الواصلة من الآبار التي لا تعمل نظراً للانقطاع المتكرر للكهرباء, مما يؤدي لفساد التربة وموت المزروعات.
وطالب بتوفير البنية التحية الجيدة والخدمات لدعم صموده مشيراً إلى حاجة المنطقة لبئر مياه يضخ الحياة من جديد في أوردة تلك المنطقة.
صمود ..
فصول المعاناة تلك اصطدمت بثبات المزارعين الذين يعشقون الخضرة ويروون أرضهم بصمودهم, فلم تمنعهم الظروف عن مواصلة الزراعة فالمزارع جندية يشعر براحة نفسية خلال عمله ويقول إنه لا يتخيل حياته بدون الزراعة, مستمدًا صموده من والده ربحي جندية (75عاماً) الذي قضى حياته في الأرض والزراعة فهي بالنسبة له المكان الأول قبل المنزل ولا يزال يداوم على زراعة الأرض حتى وقت كتابة التقرير.
جهود ..
ودعماً لصمود مزارعي تلك المنطقة أطلقت الإغاثة الزراعية مشروع "حماية سبل العيش للمزارعين في المنطقة الأمنية العازلة شرق غزة ".
وقال منسق المشروع أحمد المدني: "إن المشروع يهدف لاستصلاح 30 دونماً بواقع دونمين لكل مزارع, تقوم الإغاثة الزراعية بتسويتها وحراثتها وزراعتها بأشتال الخضار والاشجار وتمديد شبكات الري وتزويدها بسياج طبيعي من الاشجار والإشراف على مراحل الزراعة لضمان جودة المحاصيل المنتجة".
وأضاف، أن المشروع تم تمويله من قبل مؤسسة CCFD الفرنسية لمدة ثلاثة شهور وبتكلفة 17 ألف يورو يأتي ضمن سلسلة من المشاريع الهادفة لتعزيز صمود المزارعين في أراضيهم.
وتعد الإغاثة الزراعية من أوائل المؤسسات الزراعية في فلسطين التي تعنى بالتنمية الزراعية المتكاملة والمستدامة, وتقدم خدماتها الزراعية والإرشادية للمزارعين والنساء الريفيات والمهندسين الزراعيين.
جهود لا تكفي لتغطية حجم المعاناة وتعزيز صمود كافة المزارعين فالمشاريع تستهدف فئات محددة ولا تصل لكافة المزارعين, الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية والحكومية والمؤسسية والأهلية لدعم صمود المزارعين على خط النار وأصحاب المراكز الأولى في مواجهة الاحتلال.
فهل تبقى المعاناة سيدة الموقف في تلك المنطقة .؟
ملامح الحسرة والأسى بدت واضحة على وجه المزارع خالد جندية (40 عاماً) وهو يشير لأرضه شبه القاحلة الواقعة قرب المنطقة الصناعية شرق حي الشجاعية في مدينة غزة .
حسرة سببتها المنطقة الأمنية العازلة التي أقرها الاحتلال منذ الأعوام الأولى لانتفاضة الأقصى لتمتد وتتقلص بحسب التطورات السياسية والعسكرية, حيث تبدأ من 300م كحد مبدأي على طول الحدود الشرقية للقطاع البالغة 41كم, وتمتد لتصل لـ 1000م في بعض المناطق, مهدرة بذلك 30% من مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة.
المزارع جندية الذي يقطن شرق حي الشجاعية وله سبعة من الأبناء يقوم بزراعة ارضه البالغ مساحتها تسع دونمات رغم قربها الشديد من المنطقة العازلة يقول: إنه يتعرض لإطلاق نار من قبل الجنود وأحياناً أخرى يجبرونه على مغادرة أرضه عبر مكبرات الصوت.
وضع خطير ..
خطورة الوضع أجبرت العديد من المزارعين على هجر أراضيهم بعد تجريفها عدة مرات لتصبح جرداء قاحلة, وهو ما حدث مع المواطن وليد الغرابلي (47 عاماً) من سكان نفس المنطقة حيث أجبر على ترك عشر دونمات تقع ضمن المنطقة العازلة ليتحول إلى بائع خضرة منتقل هو وثلاثة من أبنائه عسى أن يتمكنوا من توفير قوت عائلتهم المكونة من تسعة أفراد.
المواطن الغرابلي –كما المزارع جندية- عبر عن خطورة الوضع حيث إطلاق النار على البيوت فضلاً عن القذائف ودخول القوات الخاصة في بعض الأحيان مما يفرض على السكان حظراً غير معلن للتجول في ساعات المساء, الأمر الذي يؤثر على حياة العائلة خاصة الأطفال, مشيراً إلى تعرض أبنائه الصغار لكوابيس أثناء النوم وهذيان وصراخ مما يدفعهم للخوف من الخروج من البيت أو الذهاب للمدرسة.
وبنبرة حزينة يستحضر جندية من ذاكرته مشهد الدبابةً التي وقفت أمامه ووالده واثنين من أبنائه أثناء عمله في أرضه مطلقة قذيفة قربهم نجو منها بأعجوبة, قائلاً أن اثنين من ابناءه امتنعا بعد ذلك عن الخروج معه للزراعة.
خدمات متهالكة ..
وكما الاحتلال يقتلع الشجر ويقتل البشر فهو أيضاً يدمر الحجر والبنية التحتية, لتغدو المناطق الحدودية حالكة الظلمة بدون كهرباء وجافة قاحلة بدون ماء.
جندية اشتكى من سوء الخدمات والبنية التحتية لتعود بالأثر السلبي على جودة محصوله, حيث قلة المياه الواصلة من الآبار التي لا تعمل نظراً للانقطاع المتكرر للكهرباء, مما يؤدي لفساد التربة وموت المزروعات.
وطالب بتوفير البنية التحية الجيدة والخدمات لدعم صموده مشيراً إلى حاجة المنطقة لبئر مياه يضخ الحياة من جديد في أوردة تلك المنطقة.
صمود ..
فصول المعاناة تلك اصطدمت بثبات المزارعين الذين يعشقون الخضرة ويروون أرضهم بصمودهم, فلم تمنعهم الظروف عن مواصلة الزراعة فالمزارع جندية يشعر براحة نفسية خلال عمله ويقول إنه لا يتخيل حياته بدون الزراعة, مستمدًا صموده من والده ربحي جندية (75عاماً) الذي قضى حياته في الأرض والزراعة فهي بالنسبة له المكان الأول قبل المنزل ولا يزال يداوم على زراعة الأرض حتى وقت كتابة التقرير.
جهود ..
ودعماً لصمود مزارعي تلك المنطقة أطلقت الإغاثة الزراعية مشروع "حماية سبل العيش للمزارعين في المنطقة الأمنية العازلة شرق غزة ".
وقال منسق المشروع أحمد المدني: "إن المشروع يهدف لاستصلاح 30 دونماً بواقع دونمين لكل مزارع, تقوم الإغاثة الزراعية بتسويتها وحراثتها وزراعتها بأشتال الخضار والاشجار وتمديد شبكات الري وتزويدها بسياج طبيعي من الاشجار والإشراف على مراحل الزراعة لضمان جودة المحاصيل المنتجة".
وأضاف، أن المشروع تم تمويله من قبل مؤسسة CCFD الفرنسية لمدة ثلاثة شهور وبتكلفة 17 ألف يورو يأتي ضمن سلسلة من المشاريع الهادفة لتعزيز صمود المزارعين في أراضيهم.
وتعد الإغاثة الزراعية من أوائل المؤسسات الزراعية في فلسطين التي تعنى بالتنمية الزراعية المتكاملة والمستدامة, وتقدم خدماتها الزراعية والإرشادية للمزارعين والنساء الريفيات والمهندسين الزراعيين.
جهود لا تكفي لتغطية حجم المعاناة وتعزيز صمود كافة المزارعين فالمشاريع تستهدف فئات محددة ولا تصل لكافة المزارعين, الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية والحكومية والمؤسسية والأهلية لدعم صمود المزارعين على خط النار وأصحاب المراكز الأولى في مواجهة الاحتلال.
فهل تبقى المعاناة سيدة الموقف في تلك المنطقة .؟