هشام التميمي.. ولا ندري بأي أرض أحلامنا تموت
جمرات أرواحنا التي تلتهب كلما إختطف الموت عزيزا، قد تتخفى لاحقا تحت الرماد، لكن لا سبيل إلى إطفائها سوى بالموت وحده !
على هذا النحو تتلمس عائلة الشاب هشام التميمي من "دير نظام" شمال غربي رام الله عزاءها، ذلك أن هشام الذي كان يهم في العودة من "كراتشي" الباكستانية و بين يديه شهادته و حلمه بـ "فلسطينية جميلة" ؛ كي ينجبا معا أولادا و بناتا وأحلاما بغير حدود ..عاد في كفن !
هشام عبد الناصر التميمي ( 23 عاما ) ، اختطفته يد المنون "الجمعة" الماضي وهو يتلهف العودة الى فلسطين وعائلته حاملا شهادته، حيث قضى جراء حادثة سير مروعة في المدينة الباكستانية بينما كان على الطريق إلى السفارة الفلسطينية لتصديق شهادته، حيث الأخيرة كانت ستعلنه مهندسا بحريا برتبة ملازم ...
قالت عائلته التي تعشمت طويلا عودته إليها "سالما و غانما"، أن الحادثة التي تروع حياتها منذ ثلاثة أيام، نجمت عن صدم السيارة التي كان يستقلها مع زميله محمود أبو لبّادة ( من مخيم الفارعة ) من قبل سيارة شحن كبيرة بينما كانا على الطريق .
قال عمه أحمد التميمي أن الخبر الفاجعة هبط على شقيقه و زوجته و أولادهما الأربعة، كعتمة حارقة، فيما لم تنفع كل الوسائل في التخفيف من لوعة أمّه، بما في ذلك الزعم في البداية أن "حادثة بسيطة ستتسببت في تأخيروصول هشام لعدة أيام – عدة أيام فقط" !
والدته التي كما كل الأمهات، تنزوي في الدموع و تستعين لإستقبال المعزيات بالمهدئات، فيما يواصل والده و أشقاؤه إياس و إياد و أحمد و أسامة، المكابرة و إبتلاع دموعهم ، بالرغم من إيمانهم بـ "..ولا تدري نفس بأي أرض تموت" .
كان هشام التميمي حصل على "الثانوية العامة" في الفرع العلمي قبل 5 سنوات ( بمعدل 75 في المئه ) ، حيث سافر إلى الأردن لدراسة الصيدلية في جامعة العلوم التطبيقية، وحينما لم يوفق في إكمال دراستة هناك، عاد إلى فلسطين.. ثم بعدها إلى الباكستان لدراسة الهندسة البحرية في كلية كراتشي العسكرية .
لم يزر هشام قريته دير نظام أثناء دراسته سوى مرة واحدة في "أيلول" الماضي، وكانت قصيرة لمدة أسبوع فقط ؛ لم يكن يعلم أنها الزيارة الأخيرة ، كما لم يكن يعلم – كما أشار عمه – أن الموت كان يؤجل وصوله إليه كي يختطفه على طريق في "كراتشي" الباكستانية ، ذلك أنه كان أصيب بـ "فيروس" في المعدة بين "شباط" و "آذار" الماضيين و مكث في المستشفى 40 يوما، حيث أفقده المرض من وزنه الكثير .
هشام الذي كان يواظب على الإتصال بوالديه و العائلة ، هاتفهم قبل 20 يوما و طلب من "أجمل الأمهات" أن ترشح لقلبه صبية جميلة و حميمة ، فيما الأخيرة التي كانت تمني نفسها بعودته ناجحا و ضابطا في الهندسة البحرية، إجتاحها خبر موته بينما كانت غارقة في البحث عن " أجمل البنات" ..
يوم أول أمس السبت كان زملاء هشام ومدربوه نظموا لجثمانه موكبا عسكريا في باكستان، ومن هناك نقل الجثمان إلى عمّان ..ثم إلى دير نظام حيث القرية الصغيرة تعيش يوما آخر من الحزن ؛ لأن ثمة فلسطيني انقصف عمره قبل الأوان و.. عائلة فلسطينية ما كانت تدري بأي أرض أحلامها ستموت!!
وما ضاعف لهفه الأهل لرؤية نجلهم البكر، إصابة هشام بفيروس في المعدة جعله طريح الفراش 40 يوما قبل عدة أشهر، نجاهشام من المرض لكنه لم ينج من قدره الذي لم يمهله طويلا