مؤتمر في بيت لحم حول الترابط الاجتماعي والسلم الأهلي
طالب المشاركون في مؤتمر حول "آليات الترابط ما بين النوع الاجتماعي والسلم الأهلي"، بضرورة سن التشريعات أو تعديل النافذ منها، بما يساهم بإلغاء مظاهر التمييز ضد المرأة في المجالات المختلفة، ويعزز دورها في بناء المجتمع وتقدمه.
وأوصى المشاركون في المؤتمر، الذي نظمه مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، ومركز جنيف للرقابة الدولية على القوات المسلحة، اليوم الاثنين، في مدينة بيت لحم، فيما يتعلق بالمرأة والحقوق الدستورية باستبدال لجنة الدستور المعينة بجمعية تأسيسية دستورية منتخبة، وشمل المرأة في عملية صياغة الدستور من خلال تطبيق نظام الحصص بما لا يقل عن 30% من الأعضاء في الجمعية التأسيسية، ومراعاة المعايير الدولية عند صياغة الدستور.
كما أوصوا بسن قانون عقوبات جديد حساس للنوع الاجتماعي، وتعديل القوانين التمييزية الخاصة بالأحوال الشخصية بما يضمن المساواة بين الجنسين داخل العائلة.
وعلى الصعيد القانوني والقضائي، أوصوا بضمان اعتبار "جرائم الشرف" والعنف في العائلة جرائم جنائية خطيرة، وهذا يقتضي اتخاذ إجراء فوري من أجل إلغاء مواد قانون العقوبات التي تنص على توقيع عقوبات متساهلة برجل يقتل أنثى قريبة له أو يعتدي عليها بدافع "الشرف"، وصياغة وسن قانون ينص على تأسيس أماكن إيواء مدعومة من الحكومة أو منازل آمنة لضحايا العنف المنزلي.
وشددوا فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي، على سن قانون جديد للضمان الاجتماعي أو إعادة العمل بالقانون السابق، وسن قانون ينظم عمل خدم المنازل أو تعديل قانون العمل الحالي، وتوفير علاوات للأطفال لكافة الأمهات العاملات في القطاع العام.
وفيما يتعلق بالنساء والعدالة الجنائية، طالب المشاركون بتعديل قانون الإجراءات الجزائية بهدف تعزيز حماية النساء والفتيات ضد العنف خلال أعمال إنفاذ القانون، وتعديل قانون مراكز الإصلاح والتأهيل لسنة 1998.
بدوره، أكد نائب محافظ بيت لحم محمد طه أبو عليا، أن هناك تعاون كبير بين المؤسسات الحقوقية والمحافظة في موضوع السلم الأهلي، موضحا أن للمرأة في محافظة بيت لحم دور كبير وفعال في المشاركة بلجان المحافظة المختلفة، مبينا وجود دائرة تعنى بالمرأة والطفل، إضافة إلى الاهتمام الكبير بحقوق المرأة.
وقال إن تطبيق القوانين والأنظمة هو فعل حضاري يعكس ثقافة المجتمع ووعيه لتطبيق النظام من أجل بناء مجتمع متقدم تسوده العدالة وتتحقق فيه المساواة بين الجميع، مشيرا إلى أن الاختلاف القائم بين ثقافة تجاهل وعدم احترام القوانين في التطبيق ترجع إلى الثقافة والوعي.
وقال أبو عليا إن موضوع السلم الأهلي والنوع الاجتماعي موضوع يرتبط بالعديد من العوامل والمتغيرات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية، الأمر الذي يجعل منه موضوع دائم البحث والنقاش، وإن مسألة النوع الاجتماعي شائكة ومعقدة، فمن غير الإنصاف تحميل مؤسسة بعينها مسؤولية العمل على هذا الموضوع وحدها، فجميع مؤسسات المجتمع المدني مطالبة بهذا، هذا إلى جانب المؤسسة الرسمية.
من جانبه، أوضح نائب مدير مكتب مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة نيكولا ماسون، الأهمية الخاصة لتناول موضوع السلم الأهلي ومدى ارتباطه بالنوع الاجتماعي، وعلاقة ذلك بالسلم الأهلي.
وقال إن القوانين والتشريعات تعتبر الأم الحاضنة للحقوق على تعددها، مضيفا أنه على غرار التشريعات العربية، رسم المشرع الفلسطيني حدود الحقوق والواجبات لكل المواطنين الفلسطينيين من منظور النوع الاجتماعي.
وأشار ماسون إلى أن القانون يعتبر المظلة والمرجعية للحقوق والواجبات في الدولة، لذا تنبع السياسات الاجتماعية التي على الدولة أن تتبناها من أجل حماية المرأة الفلسطينية وصيانة حقوقها الاجتماعية، من نصوص قانونية ملزمة للدولة وللمؤسسات التي توفر الحماية والرعاية الاجتماعية للمرأة.
وقال: "لا تختلف الحقوق الاجتماعية للمرأة الفلسطينية كحقوق إنسانية مستندة إلى شرعة حقوق الإنسان عن الحقوق الممنوحة لغيرها من نساء العالم، لكن واقع النساء الاجتماعي يضفي بظلاله وفقا لتباين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية، فالمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني والمتمثلة بالتشرد والاحتلال والاستيطان ومصادرة الأراضي والممتلكات، وما تعرض له من حروب واعتداءات وقمع، تركت تأثيراتها الخاصة على واقع المرأة وظروف المرأة الفلسطينية، بما في ذلك على واقع حقوقها الاجتماعية".
وأشار ماسون إلى أن عقد المؤتمر، جاء من خلال مشروع مع مؤسسة "شمس"، لإنشاء مجالس السلم الأهلي في عدد من مدن الضفة أيضا، مشيرا إلى أهمية رجال العشائر ودورهم في السلم الأهلي.
من جهتها، قالت مديرة المشروع في مركز جنيف جلورانس ستتلر، إن المرأة الفلسطينية عانت كما عانى الشعب الفلسطيني من الاضطهاد والقهر السياسي والطبقي، كما وتعاني من الاضطهاد الاجتماعي، تبعا للمفاهيم الموروثة والسلطة الأبوية والفكر الذكوري السائد، حيث تسير فيه العلاقات بناء على أسس هرمية تفتقر للعدل والمواءمة، من حيث السلطة والمسؤولية ويتحدد فيه حقوق وواجبات الأفراد بناء على جنسهم الاجتماعي، ما يؤدي إلى ضرب مبدأ المواطنة في العمق ويسيطر فيه الموروث الثقافي الاجتماعي الذي يتماشى مع مصلحة الجنس الأكثر قوة في المجتمع وهم الرجال على جميع مناحي الحياة على حساب الجنس الأضعف وهم النساء.
وعقد المؤتمر جلستين، ناقشت الأولى موضوع التشريعات المطبقة الناظمة لأمن النساء والفتيات الفلسطينيات، في حين ناقشت الثانية مدى انسجام النوع الاجتماعي في خطط السلم الأهلي.
وقال مدير المشروع النوع الاجتماعي في مركز جنيف المحامي فادي توما، إن المرأة الفلسطينية وصلت في طموحها وجدارتها إلى أعلى المراتب المجتمعية، وهى في ذلك لا تقل عن الرجل في كفاءته ومقدرته، ورغم ذلك ما زالت لا تستطيع، بحكم القانون، أن تقوم بالعديد من الأعمال، رغم أن جميع الدساتير الفلسطينية المتعاقبة وآخرها القانون الأساسي نصت على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إضافة إلى ما نص عليه القانون الدولي، وكافة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تنص جميعها على مبدأ عدم التمييز بين الرجل والمرأة في كافة مناحي الحياة، خصوصاً في الحقوق والواجبات.
وأضاف أن الخلل المسبب لعدم المساواة بين الرجل والمرأة لا يكمن فقط في بعض التشريعات أو القوانين الموروثة، بل وفي الكثير من العادات والتقاليد المتوارثة والمفاهيم الخاطئة التي تحكم وتتحكم بأفراد المجتمع عامة والنساء بخاصة.
وأوضح توما أن السلم الاجتماعي يجب أن يسود بين جميع الفئات الاجتماعية في المجتمع، وبالتالي فإن الفصل بين الرجل والمرأة على أساس الجنس سيعمق المشكلة، فالمطلوب هنا هو صياغة الأولويات في القوانين وفي المؤسسات بما فيها الأحزاب السياسية فليست المسألة فقط مشاركة المرأة في الكوتة فقط.
بدوره، قال مدير قسم الأحداث في شرطة محافظة بيت لحم النقيب محمد زماعرة، إن جهاز الشرطة وكافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومؤسسات المجتمع المحلي، عمل على مد جسور الثقة وتقويتها مع كافة شرائح المجتمع والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني، وفق رؤية مستقبلية وخطة واضحة وضعت من قبل القيادة الحكيمة في جهاز الشرطة، وبناء على رؤية مدير عام جهاز الشرطة اللواء حازم عطا الله.
وأضاف أن الشرطة كانت هي المؤسسة السباقة باستحداث قسمي الأحداث ووحدة النوع الاجتماعي وحماية الأسرة فكرا وممارسة على أرض الواقع، ووفرت فرص عمل واسعة لمشاركة المرأة الفلسطينية المناضلة من خلال دمجها بالعمل الأمني لتصبح عنصرا فعالا في عملية بناء الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي دون تميز عن الرجل.
وأكد أن حرص قيادة جهاز الشرطة في تأسيس دائرة حماية الأسرة ودائرة النوع الاجتماعي ساهم بتحقيق رؤية ورسالة المؤسسة الشرطية في خدمة المواطنين، إضافة إلى عملها في حماية المواطنين وتوفير الأمن والأمان لهم والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وتنفيذ القانون وتطبيقه.
من جانبه، تحدث المستشار القانوني في محافظة بيت لحم نسيم دقماق، عن المادتين 6 و9 من القانون الأساسي اللتان تتحدثان عن أن مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين، وأن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم.
وأشار إلى أن النوع الاجتماعي يهدف إلى التقليل من انعدام المساواة بين الجنسين في جميع مراحل التخطيط واتخاذ القرارات حول مختلف المشاريع والبرامج والسياسات، لافتا إلى أن هناك فجوة النوع الاجتماعي في مجتمعنا بسبب منظومة القيم الاجتماعية والثقافية التقليدية والممارسات الموروثة والسائدة، التي تظهر المرأة على أنها مخلوق أقل قدرة من الرجل، كما أن الإرث الثقافي للمجتمع تجاه علاقة النوع الاجتماعي تقوم على الخصائص البيولوجية، ووجود اختلافات في وجهات النظر بين الرجال والنساء حول مجالات العمل المناسبة للمرأة، إضافة إلى استمرار بعض العادات السيئة الاجتماعية والشعبية بتفضيل الذكر على الأنثى.
وأضاف، أن واقع المرأة اليوم تطور، كما تطورت المفاهيم المجتمعية بنسب متفاوتة حسب الموقع والثقافة، وبما أن السلم الأهلي نشاط اجتماعي يدخل في باب تنمية القدرات البشرية وفي تبادل الأدوار بين الجنسين فسيكون للمرأة دور فعال ورئيسي فيه إذا ما أتيحت لها الفرص.
من ناحيتها، قالت ممثلة جمعية المرأة العاملة رولا شويكي، إن المرأة الفلسطينية عانت كما عانى الشعب الفلسطيني من الاضطهاد والقهر السياسي والطبقي، كما تعاني أيضا من الاضطهاد الاجتماعي تبعاً للمفاهيم الموروثة والسلطة الأبوية والفكر الذكوري السائد، التي تكرسها منظومة القوانين والتشريعات الموروثة منذ العهد العثماني والانتداب البريطاني وقوانين الدول المجاورة، التي تم إلحاق الشعب الفلسطيني بها نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأضافت أن هذه القوانين والتشريعات وآليات تطبيقها التي تفرض على المرأة قيوداً اجتماعية وصورا نمطية مختلفة تحرمها من حقوقها الأساسية، والمشاركة باتخاذ القرار داخل الأسرة وفي المجتمع، الذي يؤدي بدوره إلى حرمان المجتمع من نصف طاقاته وإمكانياته.
وأشارت إلى تشكيل مؤسسات مجتمع مدني تعمل على تمكين المرأة الفلسطينية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ونفسيا،ً حيث لعبت المؤسسات النسوية دوراً مهماً في الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، لتمكنها من إحداث تغيير على مستوى الوعي والموروث الثقافي والقوانين، لمعاقبة كل من يتعرض للمرأة والطفل بالعنف بصرف النظر عن الأسباب.
وقالت شويكي إن العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي والممارس تجاه النساء يمثل ظاهرة عالمية، وإن جميع المؤشرات تصب في اتجاه تزايد عدد حالات العنف في ضوء العديد من المؤثرات المحيطة بالمجتمع الفلسطيني، ابتداء من العادات والتقاليد والقيم المجتمعية الخاطئة وانتهاء بالأوضاع الأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية المتدهورة، الأمر الذي ألقى على كاهل مؤسسات المجتمع المدني مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة ومناهضتها.
وأشارت إلى ضرورة التشبيك والتكامل للعمل ما بين المؤسسات من أجل الوصول إلى مجتمع واع بحقوقه وواع لواجباته، من خلال تنمية وتقدير لدور المرأة وعدم الإقرار بوجود أي من التشريعات التي تساهم بالحط من كرامتها، كما يجب التعامل مع قضايا القتل على خلفية ما يسمى بالشرف على أنها جريمة كأي جريمة أخرى، ووفق القانون تقتضي المحاسبة الجدية دون تخفيف العقوبة.
ودعت شويكي للضغط من أجل تنفيذ القوانين القائمة، والتي غالبا ما يؤدي التساهل في تطبيقها إلى إيقاع المزيد من الانتهاكات بحقوق النساء، مطالبة بتطوير وتعديل القوانين خاصة قانون العقوبات الفلسطيني وقانون الأحوال الشخصية وقانون الإجراءات الفلسطينية.
وأشارت إلى أهمية دور المدارس والمساجد والكنائس ومؤسسات السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية في إحداث تغيير مجتمعي يكفل الحد من ظاهرة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
يشار إلى أنه أدار أعمال المؤتمر الإعلامي سعيد عياد الذي أكد أن هذا اللقاء نوعي ومميز لمناقشته قضية مهمة وموضوع حساس في وقت سياسي واجتماعي واقتصادي فلسطيني حرج، خاصة في ظل واقع الانقسام وتداعياته وتأثيره السلبي على السلم الأهلي.
وأعرب عن أمله بأن تؤدي أعمال المؤتمر وتوصياته لتغيير الواقع وتقوية السلم الأهلي في مجتمعنا، مشيرا إلى الدور الفاعل للعشائر والوجهاء في محافظة بيت لحم في تطويق أي حادث يمس السلم الأهلي.
وأوصى المشاركون في المؤتمر، الذي نظمه مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، ومركز جنيف للرقابة الدولية على القوات المسلحة، اليوم الاثنين، في مدينة بيت لحم، فيما يتعلق بالمرأة والحقوق الدستورية باستبدال لجنة الدستور المعينة بجمعية تأسيسية دستورية منتخبة، وشمل المرأة في عملية صياغة الدستور من خلال تطبيق نظام الحصص بما لا يقل عن 30% من الأعضاء في الجمعية التأسيسية، ومراعاة المعايير الدولية عند صياغة الدستور.
كما أوصوا بسن قانون عقوبات جديد حساس للنوع الاجتماعي، وتعديل القوانين التمييزية الخاصة بالأحوال الشخصية بما يضمن المساواة بين الجنسين داخل العائلة.
وعلى الصعيد القانوني والقضائي، أوصوا بضمان اعتبار "جرائم الشرف" والعنف في العائلة جرائم جنائية خطيرة، وهذا يقتضي اتخاذ إجراء فوري من أجل إلغاء مواد قانون العقوبات التي تنص على توقيع عقوبات متساهلة برجل يقتل أنثى قريبة له أو يعتدي عليها بدافع "الشرف"، وصياغة وسن قانون ينص على تأسيس أماكن إيواء مدعومة من الحكومة أو منازل آمنة لضحايا العنف المنزلي.
وشددوا فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي، على سن قانون جديد للضمان الاجتماعي أو إعادة العمل بالقانون السابق، وسن قانون ينظم عمل خدم المنازل أو تعديل قانون العمل الحالي، وتوفير علاوات للأطفال لكافة الأمهات العاملات في القطاع العام.
وفيما يتعلق بالنساء والعدالة الجنائية، طالب المشاركون بتعديل قانون الإجراءات الجزائية بهدف تعزيز حماية النساء والفتيات ضد العنف خلال أعمال إنفاذ القانون، وتعديل قانون مراكز الإصلاح والتأهيل لسنة 1998.
بدوره، أكد نائب محافظ بيت لحم محمد طه أبو عليا، أن هناك تعاون كبير بين المؤسسات الحقوقية والمحافظة في موضوع السلم الأهلي، موضحا أن للمرأة في محافظة بيت لحم دور كبير وفعال في المشاركة بلجان المحافظة المختلفة، مبينا وجود دائرة تعنى بالمرأة والطفل، إضافة إلى الاهتمام الكبير بحقوق المرأة.
وقال إن تطبيق القوانين والأنظمة هو فعل حضاري يعكس ثقافة المجتمع ووعيه لتطبيق النظام من أجل بناء مجتمع متقدم تسوده العدالة وتتحقق فيه المساواة بين الجميع، مشيرا إلى أن الاختلاف القائم بين ثقافة تجاهل وعدم احترام القوانين في التطبيق ترجع إلى الثقافة والوعي.
وقال أبو عليا إن موضوع السلم الأهلي والنوع الاجتماعي موضوع يرتبط بالعديد من العوامل والمتغيرات الفردية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والبيئية، الأمر الذي يجعل منه موضوع دائم البحث والنقاش، وإن مسألة النوع الاجتماعي شائكة ومعقدة، فمن غير الإنصاف تحميل مؤسسة بعينها مسؤولية العمل على هذا الموضوع وحدها، فجميع مؤسسات المجتمع المدني مطالبة بهذا، هذا إلى جانب المؤسسة الرسمية.
من جانبه، أوضح نائب مدير مكتب مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة نيكولا ماسون، الأهمية الخاصة لتناول موضوع السلم الأهلي ومدى ارتباطه بالنوع الاجتماعي، وعلاقة ذلك بالسلم الأهلي.
وقال إن القوانين والتشريعات تعتبر الأم الحاضنة للحقوق على تعددها، مضيفا أنه على غرار التشريعات العربية، رسم المشرع الفلسطيني حدود الحقوق والواجبات لكل المواطنين الفلسطينيين من منظور النوع الاجتماعي.
وأشار ماسون إلى أن القانون يعتبر المظلة والمرجعية للحقوق والواجبات في الدولة، لذا تنبع السياسات الاجتماعية التي على الدولة أن تتبناها من أجل حماية المرأة الفلسطينية وصيانة حقوقها الاجتماعية، من نصوص قانونية ملزمة للدولة وللمؤسسات التي توفر الحماية والرعاية الاجتماعية للمرأة.
وقال: "لا تختلف الحقوق الاجتماعية للمرأة الفلسطينية كحقوق إنسانية مستندة إلى شرعة حقوق الإنسان عن الحقوق الممنوحة لغيرها من نساء العالم، لكن واقع النساء الاجتماعي يضفي بظلاله وفقا لتباين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية، فالمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني والمتمثلة بالتشرد والاحتلال والاستيطان ومصادرة الأراضي والممتلكات، وما تعرض له من حروب واعتداءات وقمع، تركت تأثيراتها الخاصة على واقع المرأة وظروف المرأة الفلسطينية، بما في ذلك على واقع حقوقها الاجتماعية".
وأشار ماسون إلى أن عقد المؤتمر، جاء من خلال مشروع مع مؤسسة "شمس"، لإنشاء مجالس السلم الأهلي في عدد من مدن الضفة أيضا، مشيرا إلى أهمية رجال العشائر ودورهم في السلم الأهلي.
من جهتها، قالت مديرة المشروع في مركز جنيف جلورانس ستتلر، إن المرأة الفلسطينية عانت كما عانى الشعب الفلسطيني من الاضطهاد والقهر السياسي والطبقي، كما وتعاني من الاضطهاد الاجتماعي، تبعا للمفاهيم الموروثة والسلطة الأبوية والفكر الذكوري السائد، حيث تسير فيه العلاقات بناء على أسس هرمية تفتقر للعدل والمواءمة، من حيث السلطة والمسؤولية ويتحدد فيه حقوق وواجبات الأفراد بناء على جنسهم الاجتماعي، ما يؤدي إلى ضرب مبدأ المواطنة في العمق ويسيطر فيه الموروث الثقافي الاجتماعي الذي يتماشى مع مصلحة الجنس الأكثر قوة في المجتمع وهم الرجال على جميع مناحي الحياة على حساب الجنس الأضعف وهم النساء.
وعقد المؤتمر جلستين، ناقشت الأولى موضوع التشريعات المطبقة الناظمة لأمن النساء والفتيات الفلسطينيات، في حين ناقشت الثانية مدى انسجام النوع الاجتماعي في خطط السلم الأهلي.
وقال مدير المشروع النوع الاجتماعي في مركز جنيف المحامي فادي توما، إن المرأة الفلسطينية وصلت في طموحها وجدارتها إلى أعلى المراتب المجتمعية، وهى في ذلك لا تقل عن الرجل في كفاءته ومقدرته، ورغم ذلك ما زالت لا تستطيع، بحكم القانون، أن تقوم بالعديد من الأعمال، رغم أن جميع الدساتير الفلسطينية المتعاقبة وآخرها القانون الأساسي نصت على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إضافة إلى ما نص عليه القانون الدولي، وكافة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تنص جميعها على مبدأ عدم التمييز بين الرجل والمرأة في كافة مناحي الحياة، خصوصاً في الحقوق والواجبات.
وأضاف أن الخلل المسبب لعدم المساواة بين الرجل والمرأة لا يكمن فقط في بعض التشريعات أو القوانين الموروثة، بل وفي الكثير من العادات والتقاليد المتوارثة والمفاهيم الخاطئة التي تحكم وتتحكم بأفراد المجتمع عامة والنساء بخاصة.
وأوضح توما أن السلم الاجتماعي يجب أن يسود بين جميع الفئات الاجتماعية في المجتمع، وبالتالي فإن الفصل بين الرجل والمرأة على أساس الجنس سيعمق المشكلة، فالمطلوب هنا هو صياغة الأولويات في القوانين وفي المؤسسات بما فيها الأحزاب السياسية فليست المسألة فقط مشاركة المرأة في الكوتة فقط.
بدوره، قال مدير قسم الأحداث في شرطة محافظة بيت لحم النقيب محمد زماعرة، إن جهاز الشرطة وكافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومؤسسات المجتمع المحلي، عمل على مد جسور الثقة وتقويتها مع كافة شرائح المجتمع والتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني، وفق رؤية مستقبلية وخطة واضحة وضعت من قبل القيادة الحكيمة في جهاز الشرطة، وبناء على رؤية مدير عام جهاز الشرطة اللواء حازم عطا الله.
وأضاف أن الشرطة كانت هي المؤسسة السباقة باستحداث قسمي الأحداث ووحدة النوع الاجتماعي وحماية الأسرة فكرا وممارسة على أرض الواقع، ووفرت فرص عمل واسعة لمشاركة المرأة الفلسطينية المناضلة من خلال دمجها بالعمل الأمني لتصبح عنصرا فعالا في عملية بناء الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي دون تميز عن الرجل.
وأكد أن حرص قيادة جهاز الشرطة في تأسيس دائرة حماية الأسرة ودائرة النوع الاجتماعي ساهم بتحقيق رؤية ورسالة المؤسسة الشرطية في خدمة المواطنين، إضافة إلى عملها في حماية المواطنين وتوفير الأمن والأمان لهم والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وتنفيذ القانون وتطبيقه.
من جانبه، تحدث المستشار القانوني في محافظة بيت لحم نسيم دقماق، عن المادتين 6 و9 من القانون الأساسي اللتان تتحدثان عن أن مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين، وأن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم.
وأشار إلى أن النوع الاجتماعي يهدف إلى التقليل من انعدام المساواة بين الجنسين في جميع مراحل التخطيط واتخاذ القرارات حول مختلف المشاريع والبرامج والسياسات، لافتا إلى أن هناك فجوة النوع الاجتماعي في مجتمعنا بسبب منظومة القيم الاجتماعية والثقافية التقليدية والممارسات الموروثة والسائدة، التي تظهر المرأة على أنها مخلوق أقل قدرة من الرجل، كما أن الإرث الثقافي للمجتمع تجاه علاقة النوع الاجتماعي تقوم على الخصائص البيولوجية، ووجود اختلافات في وجهات النظر بين الرجال والنساء حول مجالات العمل المناسبة للمرأة، إضافة إلى استمرار بعض العادات السيئة الاجتماعية والشعبية بتفضيل الذكر على الأنثى.
وأضاف، أن واقع المرأة اليوم تطور، كما تطورت المفاهيم المجتمعية بنسب متفاوتة حسب الموقع والثقافة، وبما أن السلم الأهلي نشاط اجتماعي يدخل في باب تنمية القدرات البشرية وفي تبادل الأدوار بين الجنسين فسيكون للمرأة دور فعال ورئيسي فيه إذا ما أتيحت لها الفرص.
من ناحيتها، قالت ممثلة جمعية المرأة العاملة رولا شويكي، إن المرأة الفلسطينية عانت كما عانى الشعب الفلسطيني من الاضطهاد والقهر السياسي والطبقي، كما تعاني أيضا من الاضطهاد الاجتماعي تبعاً للمفاهيم الموروثة والسلطة الأبوية والفكر الذكوري السائد، التي تكرسها منظومة القوانين والتشريعات الموروثة منذ العهد العثماني والانتداب البريطاني وقوانين الدول المجاورة، التي تم إلحاق الشعب الفلسطيني بها نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأضافت أن هذه القوانين والتشريعات وآليات تطبيقها التي تفرض على المرأة قيوداً اجتماعية وصورا نمطية مختلفة تحرمها من حقوقها الأساسية، والمشاركة باتخاذ القرار داخل الأسرة وفي المجتمع، الذي يؤدي بدوره إلى حرمان المجتمع من نصف طاقاته وإمكانياته.
وأشارت إلى تشكيل مؤسسات مجتمع مدني تعمل على تمكين المرأة الفلسطينية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ونفسيا،ً حيث لعبت المؤسسات النسوية دوراً مهماً في الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، لتمكنها من إحداث تغيير على مستوى الوعي والموروث الثقافي والقوانين، لمعاقبة كل من يتعرض للمرأة والطفل بالعنف بصرف النظر عن الأسباب.
وقالت شويكي إن العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي والممارس تجاه النساء يمثل ظاهرة عالمية، وإن جميع المؤشرات تصب في اتجاه تزايد عدد حالات العنف في ضوء العديد من المؤثرات المحيطة بالمجتمع الفلسطيني، ابتداء من العادات والتقاليد والقيم المجتمعية الخاطئة وانتهاء بالأوضاع الأمنية والسياسية وحتى الاقتصادية المتدهورة، الأمر الذي ألقى على كاهل مؤسسات المجتمع المدني مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة ومناهضتها.
وأشارت إلى ضرورة التشبيك والتكامل للعمل ما بين المؤسسات من أجل الوصول إلى مجتمع واع بحقوقه وواع لواجباته، من خلال تنمية وتقدير لدور المرأة وعدم الإقرار بوجود أي من التشريعات التي تساهم بالحط من كرامتها، كما يجب التعامل مع قضايا القتل على خلفية ما يسمى بالشرف على أنها جريمة كأي جريمة أخرى، ووفق القانون تقتضي المحاسبة الجدية دون تخفيف العقوبة.
ودعت شويكي للضغط من أجل تنفيذ القوانين القائمة، والتي غالبا ما يؤدي التساهل في تطبيقها إلى إيقاع المزيد من الانتهاكات بحقوق النساء، مطالبة بتطوير وتعديل القوانين خاصة قانون العقوبات الفلسطيني وقانون الأحوال الشخصية وقانون الإجراءات الفلسطينية.
وأشارت إلى أهمية دور المدارس والمساجد والكنائس ومؤسسات السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية في إحداث تغيير مجتمعي يكفل الحد من ظاهرة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.
يشار إلى أنه أدار أعمال المؤتمر الإعلامي سعيد عياد الذي أكد أن هذا اللقاء نوعي ومميز لمناقشته قضية مهمة وموضوع حساس في وقت سياسي واجتماعي واقتصادي فلسطيني حرج، خاصة في ظل واقع الانقسام وتداعياته وتأثيره السلبي على السلم الأهلي.
وأعرب عن أمله بأن تؤدي أعمال المؤتمر وتوصياته لتغيير الواقع وتقوية السلم الأهلي في مجتمعنا، مشيرا إلى الدور الفاعل للعشائر والوجهاء في محافظة بيت لحم في تطويق أي حادث يمس السلم الأهلي.