الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

زياد عبد الفتاح: "وفا" افتتحت مكتبا لها في القدس باسم وكالة إيطالية (4)

صورة أرشيفية لزياد عبد الفتاح رام الله

 ننشر عن "وفا"  ومعها ما أنجزه الكاتب ورئيس الوكالة الأسبق زياد عبد الفتاح من كتابه الخاص بتجربته في "وفا"، بصفته الشاهد والقائد لهذه التجربة بحلوها ومرها من البدايات حتى العام 2005.
ونص عبد الفتاح الذي وصل "وفا" أجزاء منه سيتم نشره على عشر حلقات، وهذه الحلقة الرابعة:
وفي كل الأحوال، فإنني ترددت كثيرا قبل المغامرة بالكتابة عن "وفا"، ذلك لأنني لم أستقر على رأي أو منهج فيما أكتب. هل أنا أكتب تاريخا؟ لا أظن أنني أوافق على المجازفة بذلك الاعتقاد، فكتابة التاريخ تتطلب قدرة أعلى من قدرة كاتب اختار القص والحكـي منهجـاً وأسلوباً. كاتب التاريخ باحث ينقّب هـنا وهنـاك، يستدعى أحداثاً وشخوصاً وتواريخ، لا قبل لي بمغالبتها أو معاينتها، فضلاً عن أنني أظن بكثير من الزعم بأن من يكتبون التاريخ ليسوا أبرياء دائماً، فالكتابة في التاريخ أو كتابة التاريخ، قد تميل بالهوى الشخصي، أو تتأثر بالمصلحة، وربما تقف الأيديولوجية، أو الظن المسبق والرأي المجامل أو المرائي أو المنافق، موقفاً حاسما من شخوص أي تاريخ ، حتى الأحداث يجرى توظيفها أحياناً وقد يجرى تحريفها.
لـقد قــرأت في كتـاب العزيــز محمـد سليمان (أبو إبراهيم) عن وكـالة الأنبـاء الفلسطينية "وفا" وإذا أبرؤه من الهوى غير أنه اعتمد على شهادات لمحررين وصحفيين وعاملين وموظفين، عملوا في الوكالة سنوات، شهد خلالها كل منهم التجربة وخاضها أو عايشها. لكن معظمهم لم يعش التجربة بتفاصيلها ولم يعاين أسرارها.
سوف أعترف بأنه عمل جليل دون شك، وقد استكتبني أبو إبراهيم وقبلت أن أتحدث عن مفاصل عايشتها في وكالة الأنباء الفلسطينية، ولكنني لم أنصب نفسي شاهداً وحيداً أو مؤرخاً.
ولسوف اكتشف ويكتشف معي كثيرون، أن بعض الشهادات في كتاب العزيز محمد سليمان، خلت من ذكر أشخاص ظلوا الأساس والمحرك في تجربة "وفا"، وربما أن البعض الآخر حمّل الفضل لذاته أو لآخرين يميل إليهم.
إنني أظن أن مثل هذا النظر كان ضروريا، لتستقيم قراءة التجربة. هل كان أحد يعرف مثلاً وعلى وجه التحديد أن "وفا" شكلت اختراقات عندما أنشأت رئاستها علاقة، بإحدى الوكالات العالمية في ايطاليا، وأن رئيس "وفا" كان عضواً في مجلس إدارة تلك الوكالة؟! وإن إحدى المهام الأساسية التي حققتها "وفا" في ذلك الحين أنها افتتحت مكتباً لها في القدس باسم الوكالة الإيطالية. ليست الأخبار وحسب والمقالات الصحفية، كانت تردنا من تلك القناة، وإنما أيضــاً تـلقـي رسائل وإرسال وصايا ومعلومات وأحياناً تعليمات لشخصيات تراها القيادة في منظمة التحرير ضرورية. كان ذلك الأمر يسهل للقيادة إجراء بعض الاتصالات الهامة، مع أشخاص بعينهم في الداخل.
كان ذلك يعني أن وكالة الأنباء الفلسطينية كانت تقوم في الوقت ذاته بعمل نضالي سياسي، وأن وظيفتها لم تكن نقل الأخبار وبثها وحسب، وإنما انجاز مهمات ذات طابع خاص، تحتاجها قيادة المنظمة، وبالتالي يحتاجها الرئيس ياسر عرفات.
كانت تلك المهمة من ضمن مهام سرية أخرى لا يعرف عنها المستوى الأدنى في وكالة "وفا"، وربما الحلقة العليا. فلم يكن يعلم بها سوى رئيس الوكالة، والذي أظن أن عليه أن يفصح بأن تلك المهام الدقيقة التي مضى عليها زمن لم تعد فيه أسراراً، لم تكن بطلبات من قيادة المنظمة، وإنما باقتراحات، أسست لها العلاقة الخاصة "لوفا"، مع عديد من الوكالات والشخوص، الذي كان علينا في المنظمة وحركة فتح تحديداً حمايتهم من أضرار قد تلحق بهم، إذا افتضح أمر علاقتهم بوكالة وفا، وبالتالي بمنظمة التحرير.
ولسوف أجدني مضطراً في هذا السياق، إلى أن أشير إلى العلاقات الخاصة، التي نشأت بين قيادة وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، وبين الصحفي القبرصي بنياتوس بسخالس، عبر الصحفي في الوكالة فايز يونس، ومراسلها في قبرص والعضو الفعال في القسم الأجنبي الذي كان يقوده رشيد الخالدي.
سافر الصحفي القبرصي بسخالس إلى الأرض المحتلة مرات عديدة بتكليف من وكالة "وفا" لتغطية الأخبار والأحداث، ووافانا بتقارير ما كنا لنحصل عليها، لولا شجاعته ودأبه وإخلاصه. لقد حرصنا أن تظل تلك العلاقة خاصة وسرية، لكنها انكشفت فيما بعد، ودفع ثمنها الصديق القبرصي ثمناً غالياً، إذ اعتقلته السلطات الإسرائيلية ونكلت به، كعادتها في التعامل مع من يتعاملون مع منظمة التحرير، ولو كانوا بلا غرض أو هوى، سوى التأييد والمناصرة، والإيمان بعدالة التغطية.
لقد شجعتنا التجربة الناجحة، بل الفارقة، في تغطية أخبار طرد العمال والطلاب الفلسطينيين من ألمانيا، من خلال مكتب الجامعة العربية فـي "بـون"، والتـي شكلت صدفة رائعة، أن نفكر في افتتاح مكاتب للوكالة في أكثر من عاصمة عربية و أوروبية.
ولقد خضنا التجربة في روما وبلغراد وقبرص، وكدنا نمضي إلى أبعد لولا أن التجربة شابتها تعقيدات، سوف أشير لها باقتضاب.
لقد كان تأثير البعثات الدبلوماسية الفلسطينية في تلك العواصم، وحتى العواصم العربية أعلى، بحيث استحوذت على مكاتب "وفا" وشغلتها كمكاتب إعلام لها، وضمن البعثات الدبلوماسية.
لقد شجع ذلك الكثير من مراسلي "وفا"، وفي مكاتبها المحدودة في تلك السنوات من منتصف السبعينات من القرن الماضي على ازدواجية الولاء الوظيفي، ففقدنا بذلك امتيازاً صحفياً خططنا له، ولكننا لم ننجح في قطف الثمار كاملة.
ولعل علي أن أذكر في هذا السياق، بأن العديد من مكاتب "وفا" لم تر النور، لسبب آخر بعيد كل البعد. وهو أن عواصم عربية عدة، لم تكن ترحب بوجود فلسطيني مؤسساتي أكبر. على أي حال لم تكن تلك الحقيقة تزعجنا، إذ أننا في الأساس، لم نكن نتمتع بميزانية ثابتة ! وفي الأساس لم يُقبل المسؤولون في مالية فتح، التي كنا نتقاضى منها ميزانياتنا على زيادات في الميزانية. فالثقافة السائدة في ذلك الوقت، حتى الصف الأول من القيادة، كانت مترددة بين اعتبار الإعلام موازياً أو رديف الكفاح المسلح أو العمل السياسي، ويقاربهما، وبين اعتقاد بأن الإعلام ليس بذلك الشأن من الأهمية، الذي يجعل الإنفاق عليه باذخاً، أو حتى كريماً.
وحيث أنني أقلّب في الذاكرة، ولا أكتب من ملفات وثائقية، أظن أنه من غير الممكن توفرها، بخاصة حول ذلك التاريخ المبكر من النشوء. فإنني استميحُ كل قارئ العُذر في اختلافي على المحطات الأساس، لجهة ترتيبها وتبويبها، مثلما تجري عليه عادة المؤرخين والباحثين. ولعلّي بهذا النهج من الكتابة، أعفي نفسي من قيود بيروقراطية تقتضيها الكتابة الوثائقية أو المنهجية. ثمة سبب آخر يغويني في هذا الأسلوب، وهو أنه أقرب لي ككاتب قاص أو ورائي أو حكّاء، يستنهض الذاكرة كي تقوده، لا أن يضبطها أو يقودها. غير أنني منذ قررت الكتابة عن "وفا"، قدّرت أن عليَّ مسؤولية ضبط الوقائع وهي تتوافد على الذاكرة، فلا تكون إلا وقائع ثابتة و مؤكدة، فلا تكذب، أو تطاول مجداً، لم يعد من طموح أو ثقافة كاتب هذه السطور.
وأظن أن ما يميّز العمل في وكالة الأنباء الفلسطينية ليس المهنية، التي كانت محتاجة إلى مضي وقت وتدريب موهبة، وإنما كان في الدرجة الأولى وقبل كل شيء، إطلاق روح المبادرة الخلاقة، التي تجعل الغائب حاضراً والمستحيل ممكناً. تلك الروح جعلتنا في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، لا نلتفت إلى الخبر وحده ولا التعليق أو الصورة، وإنما قادتنا إلى محطات قد تبدو في مفهوم مهني خروجاً على مقتضيات العمل في وكالات الأنباء.
كانت بيروت قد غرقت في الحصار في اليوم العشرين من الحرب الاجتياح عام 1982، و كانت الكتائب الإسرائيلية ترابط على تخومها عند المطار والأوزاعي، و فوق مرتفعات "عَرَمون"، المطلة على العاصمة من جنوبها و حتى جنوبها الشرقي.
و كان حلفاؤهم من الكتائب و الأحرار و الميليشيات المارونية الأخرى، يواكبون الحصار الإسرائيلي، بحصار يغطي ما تبقى من منافذ بيروت أو أطرافها. كان ذلك يجعل بيروت مطوّقة، و أهلها لبنانيون و فلسطينيون و عـرب، فـي حصار كامل شامل و أقرب إلى السجن أو الأسر. ماذا تفعل و أنت تفتش السماء فلا تعثر سوى على الطائرات المغيرة، و البحر يضرب فيـك قذائف لا تمـلك لها رداً ؟
كان المقاتلون يفرغون شحنات غضبهم بقذائف و صواريخ، بدت في المدى القادم على وشك النضوب، كانوا يصيبون بدقة و يكبدون العسكريين الإسرائيليين خسائر واضحة، ولكنهم في الوقت ذاته يتلقون الردود سريعاً. في حالات بمثل هذا الحجم من التراجيديا، يحتاج الأمر إلى إعلام ميداني من نوع خاص، بخلاف "وفا" و بعد أن تعثرت "فلسطين الثورة"، بسبب توقف المطابع، و شحّ الكهرباء. لقد ألقـى ذلك كله أعبـاء إضافيـة علـى "وفــا" و الإذاعة التي عملت بفدائية تحت قيادة نبيل عمرو، و اندفاع حسن عصفور و رشاد أبو شاور و غيرهما للعمل بروح عالية و حماس كبير. غير أن أخاً آخر كان يعمل بنفس الروح و الدأب، ولكن بصمت، هو نائب مدير الإذاعة طاهر العدوان الأردني الفلسطيني الذي كان مناضلاً صلباً وبهدوء منقطع النظير.

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025