مصور "وفا" وثق مصادرة أرضه
زلفى شحرور
لم يشعر مصور "وفا" مفيد أبو حسنة (41 عاما) في يوم 18/3/2005 بطول المسافة التي قطعها، يوم سرى كالهشيم في قريته "صفا" غرب رام الله نبأ بدء جرافات الاحتلال باقتلاع أشجار الزيتون من أراضي القرية، تمهيدا لإقامة جدار الفصل العنصري عليها.لم ينتظر ليتبين حقيقة الأمر، سار مسرعا، راوده إحساس داخلي أنه يسير إلى الخلف لا إلى الأمام. وأن الدقائق أصبحت ساعات، وشعر أن روحه تتسرب من جسده خوفا على أرضه. عندها أطلق ساقيه للريح يسابق الوقت ليصل للموقع ليكتشف أن أرضه كانت ضمن الأراضي المصادرة.احتار أبو حسنة لدقائق.. هل يقوم بدوره كصحفي أم ينضم إلى صفوف المشتبكين مع قوات الاحتلال في الموقع.عن ذلك قال أبو حسنة "لم اشعر عندما شاهدت جنود الاحتلال يجرفون أرضي أني مصور صحفي واجبي نقل الحقيقة، شعرت أن عملية خلع تاريخية لي ولأصولي ولعائلتي تقتلع مع اقتلاع الأشجار، لدقائق شعرت إني ضائع بين الدورين.. وخطر لي أنه يمكن لعدستي توثيق عملية المصادرة من جهة وإنقاذ أهل القرية من بطش جنود الاحتلال، ودخولي معهم في معركتهم لن تضيف الكثير لمقاومتهم".صادرت قوات الاحتلال حينها قطعتي أرض من أراضي عائلة أبو حسنة بمساحة 22 دونما مزروعة بـ120 شجرة زيتون رومي لصالح الجدار، الأولى يقطعها الجدار ولم يظل منها سوى مساحة صغيرة، والثانية تجاوزها الجدار.ويمثل تاريخ علاقة عائلة مفيد بهذه الأرض، صورة أهل قرية صفا التي تقع إلى الغرب من مدينة رام الله، على خط اللطرون، ويبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة، وصودر منها أربعة آلاف دونم لصالح الجدار، أي بمعدل دونم لكل فرد من أهالي هذه القرية.مآساة هذه القرية بدأت مع المآساة الفلسطينية، فهي صورة التراجيديا الفلسطينية بكل فصولها وآلامها، بدأت مآساتها واستمرت منذ النكبة في العام 48 وحتى الآن، من ساعة وقوع أراضيها التي يطلق عليها أصحابها "الملسا" واعتادوا زراعتها بالذرة ضمن خط الهدنة وكان يطلق عليها الأرض الحرام.أهل "صفا" لم يستسلموا لوقوع أراضيهم ضمن خط الهدنة وربما شكلوا اللبنات الأولى للتحدي والمقاومة الفردية التي يبرع فيها الفلسطينيون واستمروا في زراعة أرضهم، رغم تعرضهم في الكثير من الأحيان لإطلاق النار من قبل جنود الاحتلال، كانوا يتسللون ليلا للوصول إليها يحرثونها ويزرعونها، وعند موسم الحصاد، يتجمعون من 30—40 شخصاً لجني المحصول ونقله من المكان فورا وكانوا يطلقون على هذه العملية "عونه"، ولم يستسلموا وحافظوا على أرضهم ولقمة عيشهم حتى لو كان الثمن دمهم.وظل الأمر على هذا الحال حتى العام 1967، حيث ضاعت هذه الأرض من جديد وتم توسيع وبناء مستوطنتي "لبيد وكفار روت" على حساب أراضي القرية.وجاء بناء مستوطنة "لبيد" على حساب جزء من أراضي عائلة مفيد، وهو الأمر الذي دفع بوالدته التي هاجر زوجها إلى بلاد الاغتراب في أميركا الجنوبية وانقطعت أخباره عنهم، إلى ابتياع قطعة أرض جديدة لعائلتها تحميها من غدر الأيام وجور الزمن، وباعت بقرتين كانت تملكهما، واستدانت المال لسنوات لتسديد ثمنها.
لم يشعر مصور "وفا" مفيد أبو حسنة (41 عاما) في يوم 18/3/2005 بطول المسافة التي قطعها، يوم سرى كالهشيم في قريته "صفا" غرب رام الله نبأ بدء جرافات الاحتلال باقتلاع أشجار الزيتون من أراضي القرية، تمهيدا لإقامة جدار الفصل العنصري عليها.لم ينتظر ليتبين حقيقة الأمر، سار مسرعا، راوده إحساس داخلي أنه يسير إلى الخلف لا إلى الأمام. وأن الدقائق أصبحت ساعات، وشعر أن روحه تتسرب من جسده خوفا على أرضه. عندها أطلق ساقيه للريح يسابق الوقت ليصل للموقع ليكتشف أن أرضه كانت ضمن الأراضي المصادرة.احتار أبو حسنة لدقائق.. هل يقوم بدوره كصحفي أم ينضم إلى صفوف المشتبكين مع قوات الاحتلال في الموقع.عن ذلك قال أبو حسنة "لم اشعر عندما شاهدت جنود الاحتلال يجرفون أرضي أني مصور صحفي واجبي نقل الحقيقة، شعرت أن عملية خلع تاريخية لي ولأصولي ولعائلتي تقتلع مع اقتلاع الأشجار، لدقائق شعرت إني ضائع بين الدورين.. وخطر لي أنه يمكن لعدستي توثيق عملية المصادرة من جهة وإنقاذ أهل القرية من بطش جنود الاحتلال، ودخولي معهم في معركتهم لن تضيف الكثير لمقاومتهم".صادرت قوات الاحتلال حينها قطعتي أرض من أراضي عائلة أبو حسنة بمساحة 22 دونما مزروعة بـ120 شجرة زيتون رومي لصالح الجدار، الأولى يقطعها الجدار ولم يظل منها سوى مساحة صغيرة، والثانية تجاوزها الجدار.ويمثل تاريخ علاقة عائلة مفيد بهذه الأرض، صورة أهل قرية صفا التي تقع إلى الغرب من مدينة رام الله، على خط اللطرون، ويبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة، وصودر منها أربعة آلاف دونم لصالح الجدار، أي بمعدل دونم لكل فرد من أهالي هذه القرية.مآساة هذه القرية بدأت مع المآساة الفلسطينية، فهي صورة التراجيديا الفلسطينية بكل فصولها وآلامها، بدأت مآساتها واستمرت منذ النكبة في العام 48 وحتى الآن، من ساعة وقوع أراضيها التي يطلق عليها أصحابها "الملسا" واعتادوا زراعتها بالذرة ضمن خط الهدنة وكان يطلق عليها الأرض الحرام.أهل "صفا" لم يستسلموا لوقوع أراضيهم ضمن خط الهدنة وربما شكلوا اللبنات الأولى للتحدي والمقاومة الفردية التي يبرع فيها الفلسطينيون واستمروا في زراعة أرضهم، رغم تعرضهم في الكثير من الأحيان لإطلاق النار من قبل جنود الاحتلال، كانوا يتسللون ليلا للوصول إليها يحرثونها ويزرعونها، وعند موسم الحصاد، يتجمعون من 30—40 شخصاً لجني المحصول ونقله من المكان فورا وكانوا يطلقون على هذه العملية "عونه"، ولم يستسلموا وحافظوا على أرضهم ولقمة عيشهم حتى لو كان الثمن دمهم.وظل الأمر على هذا الحال حتى العام 1967، حيث ضاعت هذه الأرض من جديد وتم توسيع وبناء مستوطنتي "لبيد وكفار روت" على حساب أراضي القرية.وجاء بناء مستوطنة "لبيد" على حساب جزء من أراضي عائلة مفيد، وهو الأمر الذي دفع بوالدته التي هاجر زوجها إلى بلاد الاغتراب في أميركا الجنوبية وانقطعت أخباره عنهم، إلى ابتياع قطعة أرض جديدة لعائلتها تحميها من غدر الأيام وجور الزمن، وباعت بقرتين كانت تملكهما، واستدانت المال لسنوات لتسديد ثمنها.