بعد 45 عاما.. أهالي اللطرون يروون حكاية تهجيرهم ويصرون على العودة
يزن طه
جالسة على كرسيها في "بيتها المؤقت"، في بلدة بيتونيا غرب رام الله، وإلى جانبها عكازها، أم ناجح (82 عاما)، تروي قصة النزوح عن "يالو"، إحدى قرى "اللطرون" الثلاث، التي دمرها الاحتلال وهجّر سكان عام 1967.
أم ناجح كانت شاهدة على الحدث، ووجدت نفسها نازحة ومعها ثلاثة أطفال أصغرهم رضيعة، بين ليلة وضحاها، وتركت مجبرة أمها العاجزة عن الحركة وبيتها وحياتها.
وتقول أم ناجح: "عند العصر، تفاجئنا بأهل عمواس في البلد، حيث طردهم اليهود من بيوتهم وقريتهم، وكنا مستعدين للمصير نفسه، الأمر الذي وقع بعد خمسة أيام".
وتضيف: "عند دخول اليهود إلى القرية، طردوا السكان وهددوا من بقى بالقتل، عندها خرجت ومعي زوجي وعائلتي، وخلفي أمي، تنتظر وعد زوجي لها بالعودة لاصطحابها، وصلنا قرية "خربثا" وكان هناك آلاف من أهالي "عمواس" و"بيت نوبا" و"يالو"، وبقينا هناك ثلاثة أيام، وبعدها عاد بعض الرجال للقرى المهجرة لجلب حاجيات بسيطة تكفي لتغطية الأطفال وإطعامهم، لأننا كنا نعتقد أنها مسألة أيام وسنعود لبيوتنا، ومن بين العائدين كان زوجي".
لكن أبو ناجح، لم يعد لزوجته، فقد قتل على أيدي قوة إسرائيلية عسكرية مع مجموعة من الرجال ممن عادوا إلى القرية.
وعن العودة لبيتها، تقول أم ناجح، إنها زارت "يالو" بعد التهجير مرتين، شاهدت بيتها "كومة من الحجارة"، حيث تفرغت للعمل وتربية أطفالها، بعد استشهاد زوجها، الذي لا تعرف مكان قبره، حيث دفن مكان استشهاده.
الحاج علي (83 عاما)، يروي الآخر قصة نزوحه عن بلده "يالو": "كنت أعمل في حصاد القمح، عندما خرجت زوجتي وأطفالي من القرية، بعد اقتحامها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتحقت بعائلتي في قرية "خربثا"، وسرنا على الأقدام حتى بيتونيا".
في اليوم الرابع، عاد الحاج علي، إلى "يالو" ليحمل أغطية لأطفاله وزوجته، وصل القرية، وحمل ما استطاع حمله على راحلتيه، وقابل في طريق عودته سبعة رجال، سألوه عن حال القرية، فأجاب انه لم يشاهد أحدا، فتابعوا مسيرهم ليعلم لاحقا أن خمسة منهم استشهدوا، بعد تعذيبهم، بينهم "أبو ناجح".
ورغم العروض التي تلقاها أهالي قرى "اللطرون" لتعويضهم عن أراضيهم وقراهم، إلا أنهم رفضوا كما يقول الحاج علي، "عرضوا على الناس يدفعوا بدل الأرض والبيوت مقابل ثمن بخس، وعرضوا علينا نسكن في "العوجا"، وسألنا "الحاكم العسكري": هي أرضك العوجا، لتعرضها علينا، هذه أرض ناس، فأجاب: لما تغلبوا اليهود اسكنوا وين بدكم"؟
ويقول رئيس جمعية يالو الخيرية أحمد أبو الرب إن إسرائيل صنعت في قرى اللطرون "نكبة داخل نكسة"، حيث اقتصرت عمليات التهجير في حرب 1967 على تهجير قرى "اللطرون" الثلاثة، "يالو، عمواس، بيت نوبا"، ورغم ذلك فإن إسرائيل رفضت على نفسها تسجيل لاجئين جدد، لأنها كانت وقعت على اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع القوة القائمة بالاحتلال بالاعتداء على أرض الشعب المحتل وتحملها المسؤولية عن أي أعمال تضر بالسكان المدنيين، لذلك فإن إسرائيل ليست مالكة للأراضي، وإنما هي تسيطر عليها بالقوة العسكرية، كما باقي الأراضي المحتلة عام 67.
وأوضح أن أهالي القرى الثلاث طردوا من قراهم بموجب قرار عسكري رقم 69/1967 الذي أصدره كل من عوزي لاركيس، واسحق رابين، والقاضي بتهجير السكان، وتدمير القرى وإعلان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة، كما أتاح القرار إنشاء متنزه على أراضي "عمواس" و"يالو"، وحوّل جزءا من أراضي "يالو" لمزرعة أبقار، وحوّل "بيت نوبا" لمستوطنة زراعية، فيما منع أهل القرى الأصليين من زيارة أرضهم والدخول فيها أو العودة إلى قراهم بموجب القرار.
ويضيف أبو الرب أن "كل القرارات الدولية تدعم حق أهالي القرى الثلاث بالعودة إلى ديارهم، إلى جانب أن اتفاقية أوسلو تنص على إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي العام 1967". ويشير إلى أن هذا يعطي قرى "اللطرون" ميزة ليست لغيرها، حيث بالإمكان كسب أي قضية ترفع في المحافل الدولية، فإسرائيل تسيطر على الأرض فقط ولا تملكها، ودليل ذلك، أنها عندما كانت تعلن عن أي مشروع سيقام على أراضي القرى كانت تدعو الأهالي للاعتراض، ونجحنا في بعض المشاريع ونفذ بعضها بحكم القوة والسيطرة".
ويضيف: "سنتوجه للقيادة لطلب رفع دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، بخصوص العودة إلى ديارنا، وبسهولة سنحصل على القرار، وربما لن ينفذ من قبل إسرائيل، لكن ما يهمنا هو الحصول على القرار".
تقع قرى "اللطرون" في نهاية السهل الساحلي وبداية سلسلة جبال القدس وتعتبر البوابة الغربية للقدس، والتي حافظت على عروبة القدس منذ 1948، رغم المحاولات العديدة للسيطرة عليها، حيث شهدت أرضها أكثر من 5 معارك للسيطرة عليها، وتقع على طريقين دوليين، طريق رام الله غزة، وطريق القدس يافا، أما من الناحية الاقتصادية فتعتبر غنية جدا بالمياه، وذات أراضي خصبة.
يوجد الآن 45 ألف من سكان القرى الثلاث، موزعين على عدة أماكن في الضفة الغربية، إلى جانب تواجد عدد كبير منهم في الأردن، وكان عدد سكانها وقت النزوح 9 آلاف، وقدرت مساحة القرى الثلاثة بأكثر من 40 ألف دونما.
وشارك، اليوم السبت، مئات من أبناء قرى "اللطرون" المهجرة في مسيرة العودة إلى قراهم، في الذكرى الـ45 لتهجيرهم وطردهم من قراهم.
وانطلقت المسيرة من أمام مدرسة بيتونيا الثانوية للذكور باتجاه القرى المهجرة جنوب غرب رام الله، حاملين العلم الفلسطيني، في تأكيد منهم على أحقيتهم بالوجود على أرضهم، وتذكيرا بأنهم ملاك الأرض الأصليين.
جالسة على كرسيها في "بيتها المؤقت"، في بلدة بيتونيا غرب رام الله، وإلى جانبها عكازها، أم ناجح (82 عاما)، تروي قصة النزوح عن "يالو"، إحدى قرى "اللطرون" الثلاث، التي دمرها الاحتلال وهجّر سكان عام 1967.
أم ناجح كانت شاهدة على الحدث، ووجدت نفسها نازحة ومعها ثلاثة أطفال أصغرهم رضيعة، بين ليلة وضحاها، وتركت مجبرة أمها العاجزة عن الحركة وبيتها وحياتها.
وتقول أم ناجح: "عند العصر، تفاجئنا بأهل عمواس في البلد، حيث طردهم اليهود من بيوتهم وقريتهم، وكنا مستعدين للمصير نفسه، الأمر الذي وقع بعد خمسة أيام".
وتضيف: "عند دخول اليهود إلى القرية، طردوا السكان وهددوا من بقى بالقتل، عندها خرجت ومعي زوجي وعائلتي، وخلفي أمي، تنتظر وعد زوجي لها بالعودة لاصطحابها، وصلنا قرية "خربثا" وكان هناك آلاف من أهالي "عمواس" و"بيت نوبا" و"يالو"، وبقينا هناك ثلاثة أيام، وبعدها عاد بعض الرجال للقرى المهجرة لجلب حاجيات بسيطة تكفي لتغطية الأطفال وإطعامهم، لأننا كنا نعتقد أنها مسألة أيام وسنعود لبيوتنا، ومن بين العائدين كان زوجي".
لكن أبو ناجح، لم يعد لزوجته، فقد قتل على أيدي قوة إسرائيلية عسكرية مع مجموعة من الرجال ممن عادوا إلى القرية.
وعن العودة لبيتها، تقول أم ناجح، إنها زارت "يالو" بعد التهجير مرتين، شاهدت بيتها "كومة من الحجارة"، حيث تفرغت للعمل وتربية أطفالها، بعد استشهاد زوجها، الذي لا تعرف مكان قبره، حيث دفن مكان استشهاده.
الحاج علي (83 عاما)، يروي الآخر قصة نزوحه عن بلده "يالو": "كنت أعمل في حصاد القمح، عندما خرجت زوجتي وأطفالي من القرية، بعد اقتحامها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتحقت بعائلتي في قرية "خربثا"، وسرنا على الأقدام حتى بيتونيا".
في اليوم الرابع، عاد الحاج علي، إلى "يالو" ليحمل أغطية لأطفاله وزوجته، وصل القرية، وحمل ما استطاع حمله على راحلتيه، وقابل في طريق عودته سبعة رجال، سألوه عن حال القرية، فأجاب انه لم يشاهد أحدا، فتابعوا مسيرهم ليعلم لاحقا أن خمسة منهم استشهدوا، بعد تعذيبهم، بينهم "أبو ناجح".
ورغم العروض التي تلقاها أهالي قرى "اللطرون" لتعويضهم عن أراضيهم وقراهم، إلا أنهم رفضوا كما يقول الحاج علي، "عرضوا على الناس يدفعوا بدل الأرض والبيوت مقابل ثمن بخس، وعرضوا علينا نسكن في "العوجا"، وسألنا "الحاكم العسكري": هي أرضك العوجا، لتعرضها علينا، هذه أرض ناس، فأجاب: لما تغلبوا اليهود اسكنوا وين بدكم"؟
ويقول رئيس جمعية يالو الخيرية أحمد أبو الرب إن إسرائيل صنعت في قرى اللطرون "نكبة داخل نكسة"، حيث اقتصرت عمليات التهجير في حرب 1967 على تهجير قرى "اللطرون" الثلاثة، "يالو، عمواس، بيت نوبا"، ورغم ذلك فإن إسرائيل رفضت على نفسها تسجيل لاجئين جدد، لأنها كانت وقعت على اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع القوة القائمة بالاحتلال بالاعتداء على أرض الشعب المحتل وتحملها المسؤولية عن أي أعمال تضر بالسكان المدنيين، لذلك فإن إسرائيل ليست مالكة للأراضي، وإنما هي تسيطر عليها بالقوة العسكرية، كما باقي الأراضي المحتلة عام 67.
وأوضح أن أهالي القرى الثلاث طردوا من قراهم بموجب قرار عسكري رقم 69/1967 الذي أصدره كل من عوزي لاركيس، واسحق رابين، والقاضي بتهجير السكان، وتدمير القرى وإعلان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة، كما أتاح القرار إنشاء متنزه على أراضي "عمواس" و"يالو"، وحوّل جزءا من أراضي "يالو" لمزرعة أبقار، وحوّل "بيت نوبا" لمستوطنة زراعية، فيما منع أهل القرى الأصليين من زيارة أرضهم والدخول فيها أو العودة إلى قراهم بموجب القرار.
ويضيف أبو الرب أن "كل القرارات الدولية تدعم حق أهالي القرى الثلاث بالعودة إلى ديارهم، إلى جانب أن اتفاقية أوسلو تنص على إقامة الدولة الفلسطينية على أراضي العام 1967". ويشير إلى أن هذا يعطي قرى "اللطرون" ميزة ليست لغيرها، حيث بالإمكان كسب أي قضية ترفع في المحافل الدولية، فإسرائيل تسيطر على الأرض فقط ولا تملكها، ودليل ذلك، أنها عندما كانت تعلن عن أي مشروع سيقام على أراضي القرى كانت تدعو الأهالي للاعتراض، ونجحنا في بعض المشاريع ونفذ بعضها بحكم القوة والسيطرة".
ويضيف: "سنتوجه للقيادة لطلب رفع دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي، بخصوص العودة إلى ديارنا، وبسهولة سنحصل على القرار، وربما لن ينفذ من قبل إسرائيل، لكن ما يهمنا هو الحصول على القرار".
تقع قرى "اللطرون" في نهاية السهل الساحلي وبداية سلسلة جبال القدس وتعتبر البوابة الغربية للقدس، والتي حافظت على عروبة القدس منذ 1948، رغم المحاولات العديدة للسيطرة عليها، حيث شهدت أرضها أكثر من 5 معارك للسيطرة عليها، وتقع على طريقين دوليين، طريق رام الله غزة، وطريق القدس يافا، أما من الناحية الاقتصادية فتعتبر غنية جدا بالمياه، وذات أراضي خصبة.
يوجد الآن 45 ألف من سكان القرى الثلاث، موزعين على عدة أماكن في الضفة الغربية، إلى جانب تواجد عدد كبير منهم في الأردن، وكان عدد سكانها وقت النزوح 9 آلاف، وقدرت مساحة القرى الثلاثة بأكثر من 40 ألف دونما.
وشارك، اليوم السبت، مئات من أبناء قرى "اللطرون" المهجرة في مسيرة العودة إلى قراهم، في الذكرى الـ45 لتهجيرهم وطردهم من قراهم.
وانطلقت المسيرة من أمام مدرسة بيتونيا الثانوية للذكور باتجاه القرى المهجرة جنوب غرب رام الله، حاملين العلم الفلسطيني، في تأكيد منهم على أحقيتهم بالوجود على أرضهم، وتذكيرا بأنهم ملاك الأرض الأصليين.