طفلة الداون سجى أمنيات ليست كباقي الأمنيات
قد جاءها المخاض , فهزت بيديها جذع الحنين إلى طفلتها التي ستصبح مسكَ الختام , تحملت ألم الانتظار الذي فاق بدوره حدود ألمها أثناء الولادة , لكنه القدر الذي وافق رؤيا الأم في طفلتها , فقد ولدت الطفلة الشقراء لتكون الرقم الأخير في إخوتها, لكنه الرقمُ الأولُ والأصعبُ لعهدٍ جديدٍ تحياه الأسرة منذ لحظة قدومِ الطفلة سجى , الطفلة المصابة بمتلازمة داون.
الحلم المدفون
أصيبت الأم بصدمة جففت منابع الحليب في جسدها , لكنَّ الله أبدل الطفلة خيرا ,فقد أرضعتها إحدى قريباتها لتنموَ وتكبر , ويكبرَ معها الحلم المدفون في خيالها فلطالما تمنت سجى بأن تتعلمَ وتذهبَ إلى المدرسةِ كأقرانها , لكنّ الرفضَ الذي أبداه نفرٌ من الأهل حال دون تحقيق الحلُمِ في البداية, ليس إلاّ خوفاَ عليها وحرصاَ على سير حياتها , لكنّ إصرار سجى "الطفلة المدللة" كان أقوى من كل العوائق.
الإصرار أساس التميز
توصل الأهل إلى قناعة متأخرة - أحدثتها توسلات سجى وإصرارها- بضرورة أن تتعلم الطفلة, لاسيما وهي التي تتمتع بقدراتها العالية واستيعابها المتنامي , لتبدأ سجى المشوار بعد أن انقضى من عمرها خمس من الأعوام حازت فيها على دلال وحب شديدين , التحقت سجى ببرنامج رياض أطفال الداون في جمعية الحق في الحياة التي تهتم بدورها بمصابي متلازمة داون, ثم دمجت في رياض الأطفال الطبيعيين في الجمعية , ومن ثم تم دمجها في مدرسة ابتدائية حكومية في قطاع غزة, ليتحقق الحلم ..وزيادة... فسجى التي يعشق الإخوة ضحكاتها وعفويتها اللا محدودة, تحصل اليوم على المراتب الأولى, وتتميز على قريناتها في الدراسة.
الجميع ... متفهم
كانت مخاوف الجميع تتجه نحو المستقبل المجهول, فكيف بالطفلة سجى أن تكبر وتصبح فتاة ناضجة متعلمة رزينة كما تريدها عائلتها التي تتمتع بمركز اجتماعي مرموق , اتبعت الأم المحافِظة أساليبها التربوية المتنوعة , لم تألُ جهدا في تعليم ابنتها الأصغر سنا بين أطفالها , ويا لها من سعادة تغمر الأسرة بالطفلة سجى , وهي الطفلة المهذبة , التي تتمتع بخلقها وحيائها , وخفة روحها التي تجذب قلوب الجميع إليها .
مهتمة بالعلم
سجى المعروفة بكرمها وملاطفتها للغير .. والتي يحبها أفراد أسرتها ويتفهمها جميع الأهل والأقارب , لديها نهم شديد على العلم والتعلم , تحمل الكتاب معها أينما كانت و تقرأ على طريقتها الخاصة, ترتب المسابقات الثقافية لأسرتها وإخوانها , لتضفي على قلوبهم سعادة وحلاوة , تشاركهم أفراحهم وأتراحهم ,وتُجلي عن قلوبهم هماً قديماً خلفه العدوان الأخير على قطاع غزة .
إرادة أقــوى
عائلةُ سجى أصابها من الهم ما لم يكن في خاطر أحد من البشر , دمر الاحتلال بيتهم الثمين , ومخازن البضاعة التي يمتلكها الوالد , لم تقف المصائب عند هذا الحد , فلقد وقع الأخ محمد في قبضة الاحتلال ليبقى إلى هذه اللحظة حبيس سجون تآكلت جدرانها بصبر الأسير , لم تتوقف آمال العائلة عند تلك المصائب , فلقد نمت تلك الآمال بإصرار الوالد على أن يبني البيت المدمر ويعود إلى ذات المكان بأنفاس أقوى وأشد , ولقد بات أمر البناء والعودة على وشك النهاية .
أمنيــــــات
من حق سجى أن تمتلك الأمنيات ... وأمنيات سجى ليست ككل الأمنيـــات , سجى كثيرا ما تشتاق لأخيها , فمحمد لا يغيب عن خاطرها أبدا تتمنى على والدتها بإصرار- وعلى غير ما اعتادت عليه العائلة – ألا تنسى أن تحقق أمنيتها بأن تنقش يديها الصغيرتين بالحناء يوم فرح أخيها الأسير عندما يعود, هذا ما يشغل بال طفلة الداون الصغيرة لتشعل في قلب أمها شوقا على شوق, وكم هو مؤلم أن تعُدّ سجى على أناملها لتحصيَ الأيام القادمة المتبقية ليوم اللقاء , فأصابعها لا تحتمل العدد , لكن سجى تعي تماما أنه لابد من أن يأتي يوم اللقاء .