المرأة والتحالفات الغير مقدسة لاستثنائها من مراكز صنع القرار- الباحثة القانونية /زينب الغنيمي
جاءت انتخابات الهيئة الإدارية لشبكة المنظمات الأهلية في 7/6/ 2012 لتؤكّد مجددا أن استبعاد تمثيل المرأة في الهيئات القيادية ومراكز صنع القرار وبكل أسف هي القاسم المشترك في الساحة الفلسطينية رغم الانقسام السياسي والجغرافي والأيديولوجي، حيث أنه عشية المؤتمر السنوي للشبكة بيّنت نتائج التحالفات بين مؤسسات المجتمع المدني والتي قادتها الأحزاب ( اليسارية) التي تنتمي لها غالبية هذه المؤسسات أن المؤسسات النسوية لم تكن في خيالهم أو حسابات تحالفاتهم، وقد أجاب البعض عن تساؤلنا عن أهمية وجود من يمثل المؤسسات النسوية في مجلس الإدارة - من المسؤولين في هذه الأحزاب والذين كانوا يراقبون الانتخابات - : أنه كان يجب أن تُذكرونا بهذا الأمر مسبقا قبل أن نتحالف، وآخر أجاب : مالذي تريدونه أكثر من ذلك ها أنتن النساء حاضرات هل يجب أن تأخذوا كل شيء.
ذكّرني هذا القول بما جرى بالأمس القريب في أحد الاجتماعات مع قيادات تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية مع ممثلات المؤسسات والأطر النسوية في رام الله، لمناقشة لماذا تم استبعاد المرأة من لجان المصالحة ولماذا تتم التحالفات بين القوى دون أخذ دور المرأة بعين الاعتبار في مراكز صنع القرار، حيث كان أحدهم معترضا وبقوة على فكرة (الكوتا) النسوية بالانتخابات لأنه – وبصفته مؤيدا لحق المرأة ولوجودها الكامل على قدم المساواة مع الرجل - يرى أن: "على المرأة أن تجتهد لتأخذ حقها في المواقع القيادية، وإذا لم يحدث ذلك فإن المشكلة تكمن في أدائها وقدرتها هي" !!!.
وحتى لا يفهم البعض أننا نُغفل النوايا الحسنة إزاء المرأة للقوى السياسية وخصوصا اليسارية فإنه من المهم القول أن كافة أجندات هذه القوى وأنظمتها تتضمن قولا مطوّلا عن المرأة بصفتها شريك النضال والكفاح، بل وأن هناك من يعدّ كم من النساء سمحت الأحزاب لهن بالارتقاء التنظيمي للمستويات العليا.
لقد تسنى لي خلال الفترة القليلة الماضية أن أتواجد في العديد من الاجتماعات واللقاءات مع النخب القيادية، سواء مع مسؤولي القوى السياسية أو من الأطر الشبابية أوالنسوية وأيضا مع شخصيات وطنية وسياسية كانت تنتمي سابقا لأحزاب يسارية، في محاولة من الجميع البحث عن خيارات جديدة في الساحة الفلسطينية من أجل تحقيق الوفاق الوطني ومن أجل تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني وفق الأجندة الوطنية، والجميع دائما يتحدث عن أهمية دور المرأة وضرورة مشاركتها في صنع القرار وأن هذا يعتبر تتويجا طبيعيا لدورها النضالي التاريخي، ولكن عند توزيع المقاعد وتقسيم الحصص فإن المساحة تضيق، وفي هذه الحالة فإن كل الأجندات المكتوبة والهرطقات الكلامية تختفي ويصبح من الأسهل استبعاد النساء لأنه في الجزء الخفي من الوعي يتساوق أصحاب القرار مع ما يتفق عليه أصحاب الفكر التقليدي الذين لا يرون في المرأة سوى الزوجة المطيعة والخادمة الماهرة، وهكذا يتحقق التوافق والاتفاق بين أصحاب الأيديولوجيات المختلفة وتكون المرأة ومصالحها هي القربان .
أعتقد أن على النساء في الأطر الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وكل الناشطات في الحركة النسوية الوقوف مليّا أمام هذه المؤشرات التي تُنبؤنا وبكل أسف بأن هناك جاهزية لدى أصحاب القرار في مختلف المستويات سواء المؤسسة الرسمية أو الأحزاب والقوى السياسية على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية بأنهم يتممون صفقاتهم عبر التحالفات بينهم وفق مصالح فئوية ضيقة ، وأن الاستعداد لإبرام الصفقات والتحالفات في سبيل هذه المصالح كما هي تتجاوز مصالح النساء وشراكتهن في مراكز صنع القرار فهم أيضا مستعدون لتجاوزها في الأجندة القانونية والاجتماعية والاقتصادية وبالتالي على حساب المصلحة الوطنية الشاملة، لذا فإنه ما من خيار سوى إعلاء صوتنا وفق أجندة موحّدة والعمل الجاد من أجل الانتصار لقضايا ومصالح النساء على كل المستويات.