من يقف خلف المستوطنات؟
تساحي مامو
مركز الاعلام- الممارسات السرية، المنازعات القضائية، الصحافة والشخصيات الرئيسية، وأبرزها هو الغامض تساحي مامو، الشخص الذي وجهه واسمه غير معروفين للجمهور، ولكن نظرة خاطفة تراه وراء كل مستوطنة جديدة.
في المرة القادمة التي تقام فيها مستوطنة جديدة في شرقي القدس أو بؤرة استيطانية على أراضي تابعة للفلسطينيين، هناك احتمال جيد بأن من يقف وراءها شخص لم تعرفوه جيدا حتى الآن، إنه من سكان عوفرة واسمه تساحي مامو، تحقيق هآرتس من خلف الكواليس حول امتلاك الأراضي والعقارات في المناطق، يكشف لأول مرة المنازعات القضائية، الممارسات المخفية وقناع العلاقات الوثيقة مع مؤسسة المستوطنين، للشخص الذي امتلك أراضي ميغرون في الشيخ جراح وبالقرب من قبر راحيل.
مامو يعمل على امتلاك الأراضي منذ أواسط سنوات الـ 90 من القرن الماضي، ولكن على الرغم من ارتباطه مع عدد من زعماء المستوطنين، وكونه شخصية بارزة في هذا المجال، فإن اسمه غير معروف لدى الجمهور، إنه يحافظ على مسافة من الصحافيين وحتى من هذا الموضوع، صورته لم تنشر إطلاقا، وأيضا عندما تم طلب لقاء معه من أجل إعداد هذا الموضوع، تم الرد بمعنى واضح: "ربما بسبب ما سياتي لاحقا"، كما أنه لم يرد على الأسئلة التي بعثت إليه في رسالة.
مامو يعتبر ربيبا لوزير السياحة السابق الحاخام بني ألون، المعروف بتأييده الكبير لما تم تعريفه من قبل "بإسرائيل الكبرى" "استرداد الأرض"، في بداية سنوات الـ 90 عندما أقام ألون مستوطنة بيت أوروت في القدس، مامو ساعده في إدارتها، وكما هو معروف، تعلم فيها.
ألون هو الشخصية المحورية في المنازعات القضائية الجارية حاليا بشان المبنى المحيط بـ قبر راحيل، واسمه "بيت همكولوت"، والمعروف بالتصاقه بمبنى كان بمثابة بقالات محلية، والذي لم يكن محاطا بالجدار عندما كانوا يتوجهون اليها من بيت لحم.
واليوم، السفر من الحاجز باتجاه أحد الأماكن المقدسة لليهود قصيرة ومختصرة، جدران أسمنت مسلح بارتفاع عدة أمتار من كل الجهات، كاميرات مراقبة لأي تحرك، رغم عدم رؤية أي شخص بالمكان، ساحة كبيرة لاستقبال القادمين لـ قبر راحيل، وإلى جانبها الكثير من الشرطة والجيش، على الجدار الخارجي يظهر رسم كبير، ملون وصبياني تقريبا.
وبنظرة أولية، المبنى المكون من طابقين يبدو خاليا وأيضا جيبان لحرس الحدود يقفان إلى جانبه في الظل، لا يعرفون بالضبط ما هو وما يجري بداخله، ومن خلف البوابة الفولاذية يجلس 15 شابا يتعلمون التوراة، منذ عدة أسابيع، وفي الوقت الذي تناولوا فيه وجبة الظهيرة، وخاصة الماتسا المتبقية من عيد الفصح الأخير، وقف اثنين منهم وهما الأكبر من البقية، على الجانب وتحدثوا بهمس على مبالغ من المال، وأوامر دائمة للتبرع، ومحاولة لتصوير المكان من الداخل عبر الطلب بأدب قوبلت بالرفض المطلق.
من ناحية أصحاب "بيت همكولوت" الأصليين، وهما أخوين مسيحيين فلسطينيين، فالاقتراب من قبر راحيل يسبب لهما الضرر، لأنهما لا يستطيعان استخدامه، ولكن قربه من الموقع المقدس جعله مرغوبا جدا لليهود المتدينيين، وهكذا في بداية
سنوات الـ 2000، في الأيام التي غادر فيها العديد من السكان المسيحيين بيت لحم، بيع المبنى لليهود، كما هو الحال في العديد من الحالات الأخرى التي امتلك فيها اليهود مباني من الفلسطينيين، ولكن بيع هذا المبنى لم يسر على نحو سلس، وكان هناك نزاع قانوني بين بعض الباعة والمشترين.
ولكن هذا النزاع، تم حله أخيرا بالإشارة إلى أن تملكه كان شرعيا، وتضاءل كثيرا إلى جانب الصراع الداخلي الذي يجري في السنوات الأخيرة بين مختلف الأطراف الذين كانوا شركاء في شراء المنزل والسيطرة عليه، من جانب تقف امراة يهودية من نيويورك واسمها أفلين هيز، والتي استثمرت أكثر من نصف مليون دولار لامتلاك المبنى، ومن الجانب الآخر، يقف الحاخام بني ألون، بينما يوجد خلافات متعددة بين شركات إسرائيلية وأمريكية من أجل الامتلاك،
وتساحي مامو أيضا هو أحد الشخصيات الرئيسية والسرية في عمليات شراء العقارات من الفلسطينيين، وهو الشخص الذي نفذ عملية الشراء.
تحت الأجنحة
مامو، متزوج من ياعل، وأب لـ 5 أبناء، احتفل قبل عدة أشهر بعيد ميلاده الـ 40، وهو يسكن في مستوطنة عوفرة، حيث انتقل إليها من بيت إيل، وهناك يسكن والديه، الدكتور راؤبين ويوشفيد مامو، وعلى خلفيته المؤمنة تعلم من أبيه من قبل 3 سنوات، والذي عمل بالسابق كرئيس لإدارة التعليم الديني في وزارة التربية والتعليم، وفي الاحتفال الذي أقيم لرجالات التعليم المختلفين منح شهادة "صديق التعليم الديني".
مامو، رئيس لجنة الشهادات، قال حينها "إن كل النشاطات الدينية مباركة، ولكن الله يلهم الحضور الإلهي في التراث الروحي، ويستند خلود الأمة الإسرائيلية على السلطة القوية من الناحية العملية والتعليمية، هذا هو الأساس"، وبالمناسبة، في نفس العام هوجمت سيارة راؤبين مامو بإطلاق نار خلال كمين بالقرب من بيت إيل، وأطلقت أكثر من 40 رصاصة نحوه، ولكنه وزوجته لم يصابا، "الله أنقذنا"، هذا ما صرح به خلال لقاء له مع القناة السابعة بعد الحادث.
وعلى النحو المذكور أعلاه، فان ما أدى بـ مامو للانخراط بشراء الأراضي هو علاقاته الوطيدة مع وزير السياحة السابق، الحاخام بني ألون، وخلال حديث معه قال ألون إن مامو في "الحقيقة عمل الكثير من الأشياء العظيمة في هذا المجال"، وأضاف في رد مكتوب إن "مامو تلميذ وصديق منذ سنوات عدة، إنه يعمل بتفان ونجاح كبير في عمل معقد لاسترداد الأراضي في القدس وأماكن أخرى مهمة، إنه وقف أمام اختبارات قضائية وقانونية كثيرة، ونجح فيها جميعها، أنا آمل أن يستمر بالعمل والنجاح في هذا العمل الخطير والمهم".
خلال سنوات طويلة عمل مامو من مكتب تأسس في شارع معروف باسم "الأيام الستة"، في رامات أشكول بالقدس، واليوم تم تعيينه بمكتب كلية القدس الأولى والتي تقع في شارع اليهود في القدس القديمة، وعلى مر سنوات عمل في حوالي 20 شركة وعدد من الجمعيات التي أنشأها أو ساعد في إنشائها من أجل الشراء والتملك.
إلى جانبه في مكتب شارع الأيام الستة، يجلس من يرافقه في نشاطاته خلال سنوات، المحامي إيلي شموئليان، الذي يكن له الولاء للغاية، والذي يقدره مامو، والذي نجح في مشورته القانونية وإدارته للحسابات المالية في معظم الصفقات، شموئليان بعد عمله مع مامو، عمل بأمور أخرى، نائب مدير عام شركة المناطق الحضرية لتنمية شرقي القدس، وقد رفض التحدث عن نشاطاته وقال بأنه لا يعمل في هذا الموضوع منذ 9 سنوات.
وعمل مامو في وقت لاحق بشكل وثيق مع المحامي نيسان كوحي، والذي عمل معه كمستشار قانوني خارجي في شركة تنمية شرقي القدس، كوحي قال لـ هآرتس إن علاقته بمامو هي علاقة محامي مع زبون ولكنه لا يستطيع التحدث عن الموضوع.
محامية أخرى، عملت مع مامو في إحدى الشركات الرئيسية التي عمل بها، واسمها شركة "فضاء العقارات"، والتي تصنف على أنها "العقيدة الصافية" التي يسترشد بها مامو وشموئليان، "هؤلاء أشخاص لهم رؤية ولهم أحلام"، وقالت أيضا: "هم يؤمنون بأن هذه الأرض أعطيت لشعب إسرائيل ومصلحتهم استرداد الأرض، مثل قبر راحيل على سبيل المثال، من ناحية قانونية يوجد لهم مبررات، ومن ناحية دينية لديهم وثائق، ومصلحتهم في كيفية استرداد الأرض".
وحسب أقوالها، من وجهة نظر الاثنين "الغاية تبرر الوسيلة"، وبعد وقفة وجيزة أضافت: "بالمعنى الإيجابي للكلمة" إنهم يعملون أي شيء ويجدو كل الحلول القانونية والاقتصادية لتحقيق ذلك، وتقول: مامو "يشغل كل شيء"، إنه ليس روتينيا، وهذه الأمور تتطلب أناسا غير روتينيين، "لأن هنا الكثير من الإبداع".
هذا الإبداع موجود على سبيل المثال بإحدى الشركات التي افتتحها، والتي تدعى "الوطن"، وهي شركة مسجلة في الإدارة المدنية، وهي شركة في (يهودا والسامرة)، أي مسموح لها عمل صفقات أراضي في المناطق، (على عكس الشركة المسجلة في إسرائيل، لأنها غير قادرة على عمل ذلك).
تأسست هذه الشركة على يد مامو بعد أن طلب منه الرئيس التنفيذي لشركة حركة الاستيطان، زئيف حفير (حمبيش)، مساعدة المجلس الإقليمي بنيامين في تحديد العقارات بشكل عام، وتحديدا منطقة ميغرون، وبالفعل فإن هذه الشركة هي التي وقفت خلف امتلاك جزء من أراضي الإقليم.
إلى جانب مامو، تم تسجيل شخص عرف باسم جيري زلتسمان كمدير للشركة، وهو مستوطن عمره 75 عاما من سكان غينوت شمرون، والذي قدم لإسرائيل عام 69، وعمل إلى جانب مامو في جمعية "مستوطنات صهيون"، وشركة "فضاء العقارات"، وهما اثنتان من الشركات التي عملت في صفقات شراء الأراضي، انضم زلتسمان أيضا لعدد من سفرات مامو الخارجية، وهناك التقوا يهودا أرادوا امتلاك أراض في المناطق ومع مانحين ماليين، رفض زلتسمان التحدث مع هآرتس حول نشاطاته إلى جانب مامو، ولكنه تحدث لأصدقائه بأنه على الرغم من تسجيله كمدير في شركة الوطن، فإنه لم يتدخل بأي نشاط من نشاطات الشركة، ولا يعلم ما يجري بها.
بالإضافة إلى الاثنين عمل شخص آخر في شركة الوطن، عرف باسم، ديفيد برونشتاين، والذي عمل بفحص الوثائق وترجمتها من العربية، وكان على اتصال مع الطابو في الإدارة المدنية من أجل تسجيل الأراضي وحل مشاكل مختلفة، رفض برونشتاين التحدث مع هآرتس وقال إن " تساحي مامو قام بأعماله في الخفاء، وأنا لا أريد التحدث عن ذلك"، وفي وقت لاحق حل محله شخص باسم، عادي كاباح، ولم تستطع هآرتس الوصول إليه.
اتضح من تحقيق هآرتس أن اتصالات مامو مع مؤسسة المستوطنات كانت قريبة إلى حد ما في بداية عام 2000، السنوات التي عمل بها في قضية ميغرون، حيث اعتاد الحديث بالتفصيل عن نشاطات رئيس مجلس إقليمي بنيامين حينها، بنحاس فلروشتاين، ومدير شركة تنمية إقليم بنيامين، يوناتان مائير.
كانت علاقة نجاحات وإخفاقات، وقال مسؤول مطلع على أنشطة مامو، إنه يتذكر شركة تنمية إقليم بنيامين، إنها دفعت لتحديد وشراء أراضي، وكان هناك أيضا من هم غير راضين عن المبالغ الممنوحة لـ مامو عن عمله: مامو طلب 500 دولار لكل دونم يسجل بنهاية الأمر في الطابو، وليس أقل من 2000 دولار في حالة الحديث عن منطقة تقل عن 4 دونم، وفي كل حال من الأحوال لا يزيد المبلغ عن 10 آلاف دولار.
بالإضافة لذلك، طلب مامو من الشركة دفعات منفصلة عن ما أسماه، "رسوم تحديد"، ولكن الشركة رفضت ذلك، مامو، كما ذكر المصدر، لم يحب هذا التوجه، وأوضح أن العمل الذي يقوم به يتطلب من بين الأمور الأخرى الارتجال والحلول المختلفة بسبب الصعوبات التي يواجهها من الإدارة المدنية ومن جانب المنظمات اليسارية، "يوجد عدد غير قليل ممن يتقبلون عملي هذا"، وأوضح مامو حينها، وحسب ادعاءات نفس المصدر، بالنسبة لعمليات امتلاك الأراضي التي نفذها، فقد ذكر عملية امتلاك أجراها في إفرات بالقرب من بيت لحم، وفي الشيخ جراح، وأعلن أنه إذا كان هنالك أية شكوى اتجاهه من قبل مجلس إقليم بنيامين، فإنه سيوقف العمل معهم.
وبالحديث معه، التقى فالرشتاين مع مامو مرتين أو ثلاث مرات، وأوضح أن "المبدأ الذي نسترشد به هو أن أي شخص يستطيع تنفيذ عملية شراء عليه القيام بذلك"، ومع ذلك، وحسب أقواله: مامو عمل في القدس بشكل خاص، في حين أنه هو نفسه "لم يعمل في هذه الأمور يوميا"، يوناتان مائير قال في البداية إنه لا يعرف مامو جيدا، ولكن بعد أن سئل عن تبادل الرسائل بينهما قال: "أنا لست بصدد الحديث عن أي من هذه الأمور"، وزئيف حفير قال إنه غير معني بالرد على الموضوع.
أخاف من الله
الأشخاص الأكثر أهمية شركة وطن، ومجموعة شراء الأراضي بشكل عام، هم أسماء لا تظهر إلا نادرا على أي ورقة رسمية، هؤلاء هم الوسطاء، عرب على الأوراق تسجل المواقع والأملاك باسمهم، ولكن في الواقع هم يعملون ذلك لصالح طرف ثالث، في حالة كهذه، أوضحت المحامية التي عملت مع مامو في شركة فضاء العقارات: "بالطبع يوجد متعاونين لا يرغبون بكشف أسمائهم،... لأنها تنطوي على سرية وتكتم، وهناك كل أنواع الطرق، ولكن هذه الأمور لا يتم الحديث عنها".
أوضح المصدر الذي يعلم جيدا نشاطات مامو أن الهدف من هذا السلوك هو الإخفاء قدر الإمكان أن المشتري الحقيقي هو يهودي، لأن احتمالات أن يبيع العرب الأرض لليهود مباشرة بعيدة، "باع شخص عربي لشركة وطن، وبعد ذلك اشترى رجل الأرض من أصحابها متظاهرا بأنه عربي، بزعم أنه عمل ذلك دون أن يعلم أن شركة وطن تعود لليهود"، وأوضح المصدر أن: "هذا هو أيضا سبب تسمية الشركة باسم وطن، وذلك من أجل عدم قتل من يبيعهم".
وأوضح المصدر: أن من كان خلف اختيار اسم الوطن كان واحدا من أهم الأسماء التي تعاونت مع مامو، شخص باسم، باسل درويش، من سكان القدس، وعمل معه من عام 2001 – 2006، وكان مشاركا في عدة صفقات، ومن بينها
امتلاك مبنى في شارع الأنبياء 18 بالقدس، بالقرب من باب العامود، وفي منطقة بيت لحم وإفرات، "مامو سأله: كيف يقولون موليدت بالعربية" فقال له "وطن"، وهكذا تقرر تسمية الشركة بهذا الاسم".
مامو الذي التقى درويش في عام 2001 في مكتب المحامي إيتان جيبع الذي كان على اتصال مع الاثنين، اعتبر أن درويش "صديق"، ولكن هل يمكن الافتراض أن درويش أسف على اليوم الذي التقاه به، يقول درويش: "أنا مطلوب لدى السلطة الفلسطينية، أنا مطلوب لحماس، عائلتي لا تريدني بسبب علاقتي بـ مامو"، وقال لـ هآرتس: عملت 40 عاما مع دولة إسرائيل في مجال الأراضي، عملت أفضل من شارون، واليوم، لا أحد ينظر إلي، ألقوا بي جميعهم إلى الجحيم، بعد أن عملت لهم جيدا"، هو يتذمر، وقال خلال حديثه بأنه أرسل أبناءه إلى الولايات المتحدة بسبب تهديدهم".
ألم تخاف؟
أجاب: "أنا أخاف من الله"،
كان دور درويش كلاسيكيا كوسيط في مجموعة واسعة لحيازة الأرض، إنه الشخص الذي يحدد الأراضي أو المباني المعروضة للبيع، معرفة من يملك ذلك، يغلق التفاصيل المالية للصفقة، يتلقى إذن البائع من أجل تسجيل التحذير (الاعتراض) بالطابو، يتملك الممتلكات وبعد ذلك يبيع الأملاك أو الأرض لواحدة من الشركات التي يقف خلفها المشترون الحقيقيون.
بالمقابل، هو، أو أي شخص آخر مثله، يتلقى آلاف الدولارات، وذلك حسب حجم الأرض، وفي حالة درويش، فقد حصل على راتب شهري منتظم من مامو، وخلال فترة عمله المشترك تعرف درويش على بني ألون، "استلطفته"، وقال أيضا: " كان يقول لي كل الوقت حافظ على مامو".
يتطلب عمل مامو وعلاقاته مع الوسطاء أو البائعين المتخوفين على حياتهم مستوى عال من الثقة، والتي تبنى من خلال اللقاء وجها لوجه، أحيانا كانوا يلتقون في المناطق، في أماكن لا يوجد تخوف من كشفهم من قبل الفلسطينيين: في سيارة مامو، في محطة وقود وبوفيهات على الطريق بالقرب من المستوطنات وأحيانا داخل المستوطنات نفسها.
يتذكر أحد سكان ميغرون أن مامو استضيف ببيت إيتي هارئيل، من زعماء الإقليم، والتقى أحد الوسطاء الفلسطينيين التابعين له، وكان الهدف حسب أقواله مزدوجا: من أجل أن يكسب ثقته وحتى يريه المناطق التي يهتم بها أيضا، ولدى الحديث معه قال هارئيل: "المكتوب واضح من عنوانه"، ورفض التدخل.
لقاءات أخرى تمت بالقرب من البحر، وفي السنوات الأخيرة سافر مامو للنمسا وفرنسا والولايات المتحدة وكوستاريكا من أجل عقد لقاءات مع فلسطينيين، وكذلك مع المانحين اليهود الذين يدعمون نشاطه، وفي إحدى السفريات قال المصدر المطلع على التفاصيل، التقى مامو مع راعي المستوطنين المليونير إيرفين موسكوفيتش.
في جزء من سفرياته وجد مامو الوقت لنشاطات أخرى، ومن بينها زار لاس فيغاس وسافر إلى ديزني لاند، المحامي كوحي، الذي رافقه في عدة سفريات، وجد الوقت للتجول في الأسواق والتسوق. وللتخفيف على من يحادثه اعتاد مامو التحدث مع الفلسطينيين حول أسرهم، وتبادل المعرفة وأحيانا في السياسة، وبعد ذلك يتطرق لصلب الموضوع حول الأراضي.
في بعض الأحيان كان يطلب الفلسطينيون المساعدة من مامو، بأن يبقى الاسم الكامل طي الكتمان، أحد الفلسطينيين الذي كان مامو على اتصال به بشأن ميغرون، على سبيل المثال، يعيش في الولايات المتحدة، ودخل إسرائيل كسائح، وطلب من مامو مساعدته للبقاء في إسرائيل لمدة أطول، مامو وكجزء من محاولات بناء الثقة، وعد بالمساعدة ولكنه قال لأصدقائه بأنه لم يكن لديه نية حقيقية لعمل ذلك.
القطعة الروسية:
أشار أحد الأشخاص، الذين زاروا مكتب مامو في كلية القدس الأولى قبل عدة سنوات، هذا الأسبوع إلى ورقة عمل تحت عنوان "مشاريع" عرضت عليه، وقد عرض فيها مامو تفاصيل الصفقات المختلفة التي تدخل بها في تلك الايام، والتي يمكن أن تشير أكثر إلى الأنشطة الواسعة جغرافيا، وعن الصعوبات التي واجهته.
"الروسية" هكذا أطلق على المشروع الأول، وهي قطعة أرض في جبل الزيتون تم شراؤها من الكنيسة الروسية، "وحاليا هناك تسجيل في ضريبة الأملاك باسم الاتحاد الأرثوذكسي الفلسطيني وكذلك تسجيل تركي قديم"، وأوضح مامو في الوثيقة أن هدفه من تسجيل الأملاك في الطابو هو أن لا يضطر للحصول على نسخة الطابو التركي، وهي مهمة اعتبرها غير سهلة إطلاقا، "القطعة 53"، استمر مامو بالوصف، هي قطعة في حي المصرارة في القدس تم شراؤها مباشرة من مدير البرنامج، وكان ينبغي نقل التسجيل في الطابو على اسمنا.
اتضح من تحقيقات هآرتس أن الحديث على ما يبدو، عن مشروع قدمه مامو بالتعاون مع الوزير السابق ألون أمام باب العامود في القدس، في المكان الذي يطلق عليه حي نيسان بيك، والذي تقطنه ثماني عائلات، أشار مامو أيضا إلى عقار آخر في حي المصرارة وقال أن أصحابه "على ما يبدو غير راضين عن بيع البيت بالسعر الذي أعرضه"، ولكنه أضاف بأن التهديد برفع قضية قد أدهشه.
"بيت بوعاز"، استمر مامو بالحديث، هو مبنى مهجور بالقرب من بيت لحم، ونحن نعمل على تجديده من أجل عودة الأسر إليه، وأوضح قائلا: "ينبغي تقديم وثائق بامتلاك العقار"، وأشار مامو أيضا لـ 7 دونمات: وهي قطعة أرض قريبة من شارع الأنفاق الذي يؤدي إلى غوش عتصيون، "قطعة الأرض هي للغائبين"، وقال: "ولكن من الممكن إذا سجلناها في ضريبة الأملاك وليس في السجل العقاري (الطابو) فلن يكون هناك أية مشاكل".
ونشير في جريدة وموقع نقطة واول السطر (نقطة نت) الى أهمية هذا التقرير المترجم من مركز الاعلام حيث يتابع الكاتب العبري قائلا
مشروع آخر في نفس الفترة باسم "أخذ الزبيب"، وحسب المصدر، حسب ما قاله مامو إن هذا الموقع هو في القدس القديمة، وكان مسجلا في الطابو التركي، والآن طلبوا منه تسجيله مجددا باسم الوقف، "المشكلة هي"، حسب ما قاله مامو، بحديث لا يخلو من الدعابة، "العامل الوحيد في الطابو متقاعد"، وكذلك حسب نفس المصدر، أراض أخرى جرى امتلاكها كان مامو مرتبطا بصفقاتها، وهي موجودة في مناطق مستوطنة عوفرة وبيت إيل وفي إقليم تل بنيامين.
الطريقة التي يحصل فيها مامو على معلومات عن العقارات الممكن امتلاكها يمكن تعلمها من الاتفاقية التي وقعتها جمعية مستوطني صهيون مع رئيس قسم الجغرافيا في جامعة بار إيلان، والذي أجرى بحثا حول جهود اليهود لشراء وتملك الأماكن المقدسة في القدس ومحيطها في فترة الحكم العثماني في سنوات 1857 – 1917.
رأت الجمعية في البحث كمقدمة لأهدافها"، كتب مامو في الاتفاق الذي وقع مع الباحث، ووافق مامو على منحه منحة دراسية بمبلغ 30 ألف شيكل مقابل نشر بحثه في كتاب، ولكن الخلاف نشأ بين الطرفين بعد أن طلب من الباحث عدم الكشف عن هويته، وقال إن مامو والجمعية لم يلتزموا بالتزاماتهم المادية، وكانت اتصالات كثيرة للباحث مع مامو، حسب ادعاء الباحث، ولكنها كانت بدون رد، حتى عام 2006 توجه الباحث بشكوى لدى مسجل الجمعيات وأرفقها برسالة من مامو.
وأوضح الباحث: "الخطوة القادمة سأعمل على تقويض مصداقيتك ونزاهتك في إدارات وأقسام أخرى وأيضا في وزارة العدل"، وذلك في رسالة أشار فيها أيضا لمشاريع محددة روج لها مامو، ومن بينها مشاريع في باب العامود وشمعون الصديق، وعلى ما يبدو أن الرسالة عملت عملها، وبعد بعض المناقشات توصل الطرفان إلى حل وسط.
حاييم سيلبرستين، والذي يقف اليوم على رأس منظمة باسم "إذا نسيتك"، تعرف على مامو قبل 17 عاما، وتأسست منظمته حسب موقع الانترنت الخاص بها، بهدف "رفع مستوى الوعي العام لأهمية القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية"، وفي جولة معه في طرقات القدس شرح أهمية التوصل إلى تسوية لليهود في مستوطنة شرقي القدس، هذا ما قاله سيلبرستاين الذي يعمل حاليا في مجال العلاقات العامة.
جلب سيلبرستاين على مدار سنوات مستثمرين وجمع تبرعات لصالح صفقات امتلاك العقارات، وخاصة شرقي القدس، وتعاون مع مامو أيضا في عدد من صفقات الأراضي ومن بينها تلك التي ذكرت بالقرب من قبر راحيل.
ولدى الحديث معه اعتبر أن مامو "شخص ماكر"، وأضاف "أنه لا يتحدث عن نفسه، وحول ماذا يعمل، حتى مع أقرب الناس إليه"، من الممكن أن نفترض أن هذه الصفقات تمثل هدفهما المشترك لتسوية الأراضي، ولكن على ما يبدو أن مساراتهم انفصلت قبل سنوات قليلة، وبدا سيلبرستاين مترددا في التوسع بهذا الحديث، وقال: "أقدر هذا جيدا" وقال أيضا: "لكنني رفضت طرق إدارته".
تفاصيل جديدة حول ميغرون:
خمسة آلاف شيكلا، هذا هو المبلغ الذي دفعه لي هارئيل، أحد زعماء إقليم ميغرون لعقد إيجار لمدة 49 سنة مقابل الأرض التي أقام عليها بيته، وقد دفع جاره في المستوطنة والبؤر الاستيطانية المتعددة، إيني هليفي، حوالي 6200 شيكلا مقابل الاستئجار، والاستيلاء على الأرض التي أقام الاثنان عليها بيوتهما، تماما مثل كل قطعة أرض أخرى في الإقليم، عمل عليها تساحي مامو.
رفض هرئيل الإجابة على الاسئلة بشأن هذا الموضوع، وهليفي لم يستجب كذلك.
من خلال تحقيق هآرتس بالنسبة لكل ما يتعلق بـ ميغرون، والتي أقيمت على أراضي القرى الفلسطينية دير دبوان وبرقة، عمل مامو باسم مجلس بنيامين الإقليمي، والذي أرشده لتأسيس شركة وطن، والتي امتلكت قطع أراضي مختلفة
خلال سنوات 2002 – 2003، وذكر مامو للشركة الفرعية التابعة للمجلس، شركة تنمية إقليم بنيامين، حول الإدارة المشتركة وقدم لها حسابات بمبلغ إجمالي لمئات الآلاف من الشواقل، والتي نقلت إلى حساب خاص كان يديره المحامي إيلي شموئليان في الفرع الرئيسي لبنك ديسكونت في القدس في شارع بن يهودا.
قال المصدر المطلع على نشاطات مامو في هذه الصفقات: أوضح مامو لـ بنحاس فلرشتاين، والذي كان رئيسا لمجلس بنيامين الإقليمي، أنه يستطيع بالمفاوضات أن يخفض سعر الأراضي، ولكن بما اعتبره "قرار استراتيجي"، وأوضح أنه على الأقل سيدفع ثمنا مرتفعا في الصفقات الأولى مقابل الأراضي.
أوضح مامو أيضا لشركة تنمية إقليم بنيامين أن البنية التحتية هامة لتنفيذ عمليات الشراء، ولإنشاء قاعدة بيانات ورسم خرائط للأراضي. ولأجل ذلك طلب توزيع عشرات الآلاف من الشواقل. وتشير المعلومات التي كشفت هنا للمرة الأولى إلى أن أسعار الأراضي قد تغيرت حقا بين قطع الأراضي المختلفة، فهكذا على سبيل المثال، في إحدى الحالات التي ذكرها مامو للشركة، أن كل دونم أرض في ميغرون قد تم شراؤه بمبلغ 4500 دولار، بالإضافة إلى أنه دفع عدة آلاف من الدولارات للوسيط الفلسطيني الذي عمل لديه لإتمام الصفقة، في حين أنه لقطع أراضي أخرى دفع 6 آلاف دولارا مقابل الدونم الواحد.
إحدى صفقات التملك التي نفذها مامو في ميغرون أدت به والوسطاء الفلسطينيين الذين عمل معهم إلى التحقيق في وحدة التحقيقات التابعة للشرطة بتهمة التزوير، للاشتباه بأن إحدى التوكيلات التي استخدمها لامتلاك قطعة الأرض كانت مزورة، جرى التحقيق في عام 2008، بعد عدة سنوات من تنفيذ الصفقة، وهذا حدث منذ سنوات عديدة، وبعد أن تبين ان البائع
المزعوم للأرض، والذي وقع على التوكيل في مقاطعة أورانج في جنوب كاليفورنيا، قد توفي في قرية برقة القريبة من رام الله، في عام 2010، فقرر الادعاء العام إغلاق الملف ضد مامو بسبب عدم توفر الأدلة الكافية.
صراع الشركات والجمعيات:
أظهرت محاولة لرسم خريطة للمؤسسات والشركات والمنظمات المختلفة التي تعمل في مجال تملك المباني والأراضي في المناطق، وجمع التبرعات، والتمويل وغيرها، صراعا بين مجموعات من الهيئات المختلفة، والتي يرتبط جزء منها بعضه ببعض، حاييم سيلبرستاين، على سبيل المثال، عمل عن طريق جمعية إسرائيلية كان يترأسها واسمها "بناء علاقة (اتصال) بالقدس" وبمؤسسة غير ربحية تعمل من الولايات المتحدة تحت اسم "صندوق رأسمال القدس"، والتي أطلق عليها سابقا "إعادة بناء القدس"، كما ساعدت إحدى الجمعيات الرئيسية التي عمل معها مامو في وقت مبكر من بداية عام 2000 في تقدبم حوالي 400 ألف شيكل لـ " مستوطنات صهيون".
ولكن "مستوطنات صهيون" هي كيان واحد من العديد من الكيانات التي ارتبط اسمها باسم مامو، وفي السنوات الأخيرة، وفي سياق جمع الأموال وتوظيفها لشراء عقارات في المناطق، عمل مامو من خلال جمعية أخرى، وهي "جمعية التعلم الكامل"، والتي تعمل في موقع بالقرب من شمعون الصديق، وبالمناسبة حصلت هذه الجمعية أيضا على تبرعات بمبلغ عشرات الآلاف من الشواقل من منظمة سيلبرستاين.
جمعية أخرى تأسست عام 2002 وعلى ما يبدو على يد مامو، وسميت "الأرض الكاملة"، وأحد أهدافها (الظاهرة في وثيقة تسجيل الجمعيات) هو " استرداد وتنمية وتطوير الأراضي في كافة أنحاء بنيامين وشمرون – شراء الأراضي وتحديد الأملاك اليهودية والأراضي ذات الأهمية القومية للصهيونية".
لكن هذه الجمعيات ليست سوى جزءا واحدا وصغيرا من ضمن مجموعة معقدة أدارها مامو، خلال سنوات عمل عن طريق حوالي 20 شركة أسسها أو ساعد في تأسيسها بغرض امتلاك العقارات المختلفة، ومن ضمنها وطن وأبناء
راحيل، والتي سجلت لدى الإدارة المدنية، و"ليفنس" التي سجلت في الولايات المتحدة الأمريكية، وفضاء العقارات التي سجلت في إسرائيل وغيرها.
مهمة مامو تتغير من شركة لأخرى، وتكون أساسا بصفقات شراء ونقل العقارات، جزء كبير من الشركات التي أنشأها سجلت في خارج البلاد، لماذا تم هذا الأمر على هذا النحو؟ أوضح سيلبرستاين أن "جزءا من هذه التعقيدات هو لحماية العرب، لأنهم في نهاية الانتفاضة كانوا خائفين جدا من القتل، وينبغي عليك إنشاء مثل هذا النظام، في محاولة لمنع الأضرار قدر الإمكان".
أوري بلاو: من مواليد عام 1977، محقق صحفي إسرائيلي، قدم المستشار القانوني الإسرائيلي لائحة اتهام ضده قبل فترة وجيزة كمتهم ثان بسبب تورطه بتسريب وثاثق هامة والتي يقف بمركزها الشابة عنات كام.
هآرتس – تحقيق أوري بلاو
ترجمة مركز الاعلام