عجز عن معرفة ابنه..الأسير المغربي يلتقي عائلته بعد 8 سنوات من العزل الانفرادي
قبل جميع اخوانه الاسرى في سجن "نفحة" نهض الاسير أحمد يوسف أحمد المغربي مبكرا ليستعد لاول زيارة بعد خروجه من العزل الذي استمر 8 سنوات حرم خلاله من زيارة زوجته وطفله الوحيد محمود الذي رزق به بعد 7 شهور من اعتقاله ، فمن شدة الفرح يقول المغربي لمحامي نادي الاسير " والشوق لرؤية ابني الذي لم اعرفه الا من خلال الصور لانهم منعوني من رؤيته انتظرت لحظة اشراقة الشمس وموعد الزيارة على احر من الجمر وكلي امل برؤيته ".
في منزله في مخيم الدهيشة لم يختلف المشهد كثيرا ، الزوجة الصابرة ام محمود التي لم يرفع عنها المنع الامني بعد لم يغمض لها جفن وهي تنتظر خيوط الفجر لتقتاد صغيرها لباصات الصليب الاحمر يحمل اشواقا وحنينا واخبار كثيرة عن رحلة غياب طويله لوالده الذي حرم من حقه ككل الازواج بفرحة اول مولود ، فعندما انجبته والدته في تاريخ 12-10-2002 ، كان احمد يقبع رهن التحقيق .
انطلقت الحافلة تحمل جسد وافراح محمود الذي تفتحت عينيه على بوابات السجون في زيارتين وليس اكثر لوالده الذي لم يتمكن من رؤيته الا بعد عامين ، وعاش طفولته مع والدته في الاعتصامات والمسيرات التضامنية يحمل صور والده ومناضلا للوصول الى اللحظة وسط خوف وقلق وامنيات ان تتحقق .
اما في سجن "نفحة " فبعد فرحه بخروجه مع افواج الاسرى الزائرين وقف الاسير المغربي على بوابة غرفة الزيارة يبحث عن طفله محمود الذي لم يراه سوى مرتين وكله امل ان يراه وتتكحل عينيه برؤيته ويتعرف عليه بسرعة ، ويقول "فرحت عندما شاهدت النساء والرجال والاطفال وفرحتهم برؤية احبتهم وبدات ابحث عن طفلي محمود بينهم وللاسف لم اعرفه مباشرة فقد كان يقف بين عدد كبير من الاطفال."
لحظات مؤثرة
وفي لحظة كان قلب الاسير يخفق بشدة بانتظار سماع الكلمة التي حرمها الاحتلال وسجونه منها ، تحقق حلمه عندما تقدم طفله نحو الموقع الذي يقف به خلف الزجاج الذي كان يتمنى انهياره ليقول له وهو يصرخ " انا محمود ابنك "، ويضيف المغربي " لن تتمكن كل لغات وقصائد ومصطلحات العالم من وصف تلك اللحطة وصوت ابني يتردد انا ابنك بعدما تمكن من معرفتي لان صوري كما قال لي لا تفارقه فهو لا تزين جدران المنزل بل مرسومة في قلبه ومطبوعه في ذاكرته ".
اسعد يوم في حياتي
الاسير المغربي المعتقل منذ27 -5-2002 ، والمحكوم بالسجن المؤبد 18 مرة ، قال لمحامي نادي الاسير " منذ صدور قرار بعزلي في نهاية شهر كانون الثاني عام 2004 ، عشنا اوضاع سيئة بسبب سياسة العقاب والانتقام والموت ببطء عبر قائمة طويلة من الممنوعات منها العزل التام عن كل المحيط الاعتقالي ، ثم النفي عن العالم الخارجي ، ومنع زيارات الاهل بما فيهم ابني" ، ويضيف " فرضوا علي الحياة في زنزانةٍ كل شيء فيها ممنوع ويشكل خطر على الامن الاسرائيلي "
ويكمل " لذلك وبعد كل محطات العذاب ، عندما شاهدت ابني محمود شعرت بفرحة كبيرة فقد اصبح في عمر 9 سنوات وحرمت منه منذ سنوات وحاولت التعبير له عن مشاعري وعواطفي ففوجئت ان ابني الطفل الصغير يعطيني ويزودني بالمشاعر و العواطف ويقول لي "يا بابا ان زيارتي لك اسعد يوم بحياتي " ، فقلت له "اليوم بدأت حياتي ".
ويكمل الاسير في وصف مشاعره لمحامي نادي الاسير " انه اكبر هدية كرمني الله بها انا ووالدته الصابرة العظيمة فقد وجدت صبيا لا بل رجلا يقف ويشير لي ويصرخ انا محمود ولدك ليحررني من القضبان ويمسح بروحه ومعنوياته كل عذابات الايام القاسية ".
اصعب لحظة
وبمقدار الفرح والغبطة والسعادة في لحظات اللقاء والزيارة التي لم يتوقف فيها حديث الاب المتشتاق لابنه الاكثر اشتياق كانت اصعب لحظة كما يقول الاسير المغربي " عندما رفض السجان السماح لي بعناق ابني ، فقد حاول الدخول عندي وطلب 4 مرات من السجانين منحه تلك الفرصة وهو يردد بالعربيه انا مشتاق ومحتاج لعناق ابي ، لكنهم رفضوا وحتى اخر ثانية في الزيارة لم يفقد محمود الامل فكرر الامر ولكن دون جدوى ".
الطفل الذي انجبته والدته بعد اعتقال والده في تاريخ 12-10-2002 ، وتفتحت عينيه على بوابات السجون في زيارتين وليس اكثر لوالده الذي لم يتمكن من رؤيته الا بعد عامين ، وعاش طفولته مع والدته في الاعتصامات والمسيرات التضامنية يحمل
ولدنا من جديد
وحول مشاعره بعد نقله من العزل للاقسام العامة في سجن "نفحة " ، قال الاسير المغربي لمحامي نادي الاسير " أمضى في العزل 9 سنوات تساوي 9 الاف مؤبد وعندما انتصرت معركة الاضراب وخرجت أخيرا شعرت اننا انتقلنا إلى عالم أخر و حياة جديدة "، واضاف "كل شيء جديد واحيانا لا نصدق فرحنا بمشاركة اخواننا بكل شيء الصلاه الجماعيه والطعام الجماعي بالأكل و الشرب و اللعب وحقا ولدنا من جديد".
ويكمل الاسير " لم اصدق أنني تمكنت من اكل ليمون لانني حرمت منه وكنت مشتاقا له جدا ، و لم اصدق انني اكلت اخير ترمس ومعمول من صنع محلي( واعداده يتم في الغرف من سميد و تمر) فمنذ عشر سنوات لم اشاهد ماكولات او اتذوق طعام حقيقي ".
وعبر الاسير المغربي عن اعتزازه بالاسرى واستقبالهم ومعاملتهم الرائعة منذ دخوله للسجن ، ويقول " الاسرى غمرونا بمشاعر الحب والامل من روعة معاملتهم الطيبه حتى شعرنا اننا عائدون من كوكب أخر "، ويضيف " كل يوم احتفال و عزائم مستمرة تتزين بالطعام اللذيذ الذي يصنعه الاسرى والذي لم نراه من سنوات فالاكل مع الاخوه له طعم آخر ،فالأسرى يتسابقون لرعايتنا وتكريمنا وراحتنا واغرقونا بكرمهم حتى اصبحت اشعر بخجل منهم ".
واضاف المغربي " نشكر الله الذي كرمنا بالخروج من مقابر الاحياء بعد عزلتي واجتمعت مع اخواني الاسرى وخاصة الاسير حسن سلامة فرغم احتجازنا في قسم واحد لم نلتقي مرة ولم يسمحوا لنا بالعناق طوال 9 سنوات سوى عندما حضرنا الى هنا فكانت بحق ولاده جديده"، ويقول محامي نادي الاسير " ان المغربي ابلغه انه يجلس ساعه يوميا ينظر للشمس والسماء في الفوره ".
المنع الامني
من جانبه ، قال رئيس نادي الاسير قدورة فارس ، ان هناك متابعة حثيثة لكافة بنود الاتفاق الذي وقعه الاسرى مع مصلحة السجون وبدات الوحدة القانونية بالتركيز على قوائم الممنوعين امنيا لانهاءه مع الجهات المعنية ووضع حد لهذا الاسلوب الذي يعتبر عقاب قاسي دفع ثمنه الاسرى وذويهم غاليا ، واضاف " بعد الصمود والتضحية والصبروالثبات للمغربي وغيره من الاسرى يستحقون اجتماع شملهم مع اهلهم في هذه المرحلة من خلال الزيارات حتى انجاز الحلم الاكبر بتحريرهم جميعا .
الاسير في سطور
تنحدر عائلة المغربي من قرية البريج قضاء الرملة ،وبعد نكبة عام 1948 استقرت في مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني وهناك ولد في 24/10/1974 ،وعاش حياة اللجؤ في سوريا وعمان ثم السودن وليبيا ،حصل على شهادة الثانوية العامة ودرس إدارة الأعمال وقبل انتهاء المرحلة الدراسية انقطع حتى عاد للوطن مع السلطة الوطنية عام 1996 ،وانضم لاقاربه في مخيم الدهيشة ،في عام 2000 التحق في كلية الهندسة لكن الظروف حالت من إكمال دراسته خاصة بعدما ادرج اسمه ضمن قوائم الاحتلال عقب اندلاع انتفاضة الاقصى التي استشهد فيها شقيقه محمود في كانون الاول عام 2000 ،تزوج في 24/12/2001 ، اشتدت حملة ملاحقته واصيب برصاص الاحتلال الذي هدم منزله ثم اعتقله في 27/5/2002 وحوكم بالسجن المؤبد 18 مرة بتهمة تنفيذ العديد من العمليات الفدائية .