بعد 6 سنوات في العزل....ابراهيم حامد ينتظر بفارغ الصبر لقاء زوجته وطفليه
علي سمودي - ينتظر الأسير ابراهيم حامد (47 عامًا) الرد الإسرائيلي على طلبه بالسماح لزوجته المحررة المبعدة، أسماء، وطفليه علي (13 عامًا) وسلمى (11 عامًا)، المقيمين في الأردن، بزيارته لتكتمل لديه لوحة الفرح ومشاعر الانتصار بعد معركة الأمعاء الخاوية التي حررته من العزل الذي قضى فيه 6 سنوات.
وخلال زيارة رئيسة مؤسسة مانديلا، المحامية بثينة دقماق، له في سجن "هدريم" الذي نقل إليه بعد توقيع اللجنة القيادية لإضراب الأسرى الاتفاق التاريخي مع مصلحة السجون الإسرائيلية، قال "رغم الضغوط والهجمة الشرسة التي تعرضنا لها، كنا على قناعة أن الإضراب خيارنا الأخير الذي لا تراجع عنه للخلاص من مخطط موتنا البطيء في مدافن الأحياء، فالعزل كان القبر لكل أسير وتمسكنا بالإيمان والقناعة والأمل حتى كرمنا الله بالانتصار."
الحلم الأول
حامد الذي عاش مطاردًا لقوات الاحتلال مدة 8 سنوات (منذ عام1998) واعتبره جهاز الشاباك الإسرائيلي المطلوب رقم واحد، وأنه يقف وراء العديد من العمليات، حيث كان على رأس المطلوبين للتصفية أو الاعتقال، عوقب بعد اعتقاله بالعزل الذي رافقه كثير من محطات المعاناة التي انتصر عليها مع باقي الأسرى بتوقيع الاتفاق، وفي اللحظة الأولى من إعلان الانتصار، أحلام كثيرة رافقته، ويقول "ليلية فك الإضراب، أول مرة يخطر ببالي أن أتحدث مع أسرتي المنفيه في عمان، وتهيأ لي إذا سأل طفلاي علي وسلمى من يتحدث كيف سارد وما هي الكلمات المناسبة"، ويتابع "شعرت بالانفعال كأنه في تلك اللحظات غمرتني حالة عاطفية شعرت فيها في حينها أنهم كبروا ولم أعرفهم ولا يعرفوا صوتي ولكنه ما زال حلم وأتمنى أن يتحقق، فأجمل معنى لانتصاري هو سماع صوت زوجتي وأطفالي، وقد تقدمت بطلب لزيارتهم وأول رد كان سلبي، وتقدمت بطلب آخر وبانتظار الرد وخاصة أن زوجتي وأبنائي في الأردن وآمل أن يزوروني قريبًا."
لحظات لا تنسى
حامد من قرية سلواد قضاء رام الله، الذي تعتبره إسرائيل قائد كتائب القسام في الضفة، وخلال ملاحقته اعتقلت زوجته أسماء في 2-2-2003 وأبعدت مع ولديها إلى الأردن بعد قضاء عشر شهور في السجون الإسرائيلية، وعقب مطاردة طويلة اعتقل حامد في 23-5-2006، وفور انتهاء التحقيق معه جرى عزله وحرمانه من زيارة عائلته، واستمرت سلطات الاحتلال بتجديد عزله الانفرادي ومنعه حتى من التواصل مع الأسرى، حتى بدأ معهم معركة الأمعاء الخاوية التي مكنته لأول مرة من مقابلة معتقلين آخرين، ويصف تلك اللحظات فيقول "كانت فرحتي كبيرة رغم تأثير الإضراب للقاء إخواني المعتقلين خلال اجتماع مع لجنة الإضراب، لأول مرة منذ اعتقالي ألمس يد سجين وأسلم عليه في سجن عسقلان، كان شيئًا مؤثرًا، التقينا ولحظتها شعرنا أننا أمام صفحة جديدة وبداية بشائر الانتصار وبقرب انتهاء صفحة العزل تقريبًا."، ويضيف "تمنيت أن لا ينتهي الوقت، أن يطول اللقاء، فخلال نصف ساعة تحدثنا عن عناصر الاتفاق والأشياء الأساسية في مطالبنا كزيارات أسرى غزة والممنوعين أمنيًا والمعزولين (موضوع الإداري لم يكن بالجوهر) رغم أن هناك صيغة نوقشت بدارسة الملفات والتعسف في موضوع الإداريين."
المماطلة والمراوغة
بعد توقيع الاتفاق الذي شمل توزيع المعزولين على السجون، عاد حامد لزنزانته ينتظر التنفيذ وخروجه مع ضرار أبو سيسي من عزلهما، ويقول "مر الوقت دون تنفيذ الاتفاق، وعندما راجعنا الإدارة أبلغونا أنه لا يوجد لديهم قرار، فشعرنا أنها مناورة للتلاعب بأعصابنا حتى صباح الخميس 17-5-2012، أبلغتنا الإدارة إنني وضرار سنتأخر في الخروج من العزل حتى صباح الأحد 20-5"، ويضيف "عند ذلك أخبرت إدارة السجن أنني سوف أعود للإضراب ثانية في اللحظة التي ينتهي الموعد المحدد حسب الاتفاق بإخراجنا من العزل ومدته 72 ساعة من لحظة توقيع الاتفاق، والذي ينتهي مساء الخميس17-5، وعند ذلك قال لنا مدير استخبارات عسقلان أننا مشمولين بقرار الخروج من العزل."
يتابع حامد "المدير أكد لنا ذلك وأحضر ملفاتنا وقرأ لنا النص والذي يؤكد أن ضرار سيخرج أيضًا من أقسام العزل الى أقسام السجن العامة، بناءًا على الاتفاق الموقع بين ممثلي الإضراب وإدارة السجون في اليوم المحدد سابقًا، وعندما سألناه لماذا ستحفظون بنا حتى صباح الأحد، إدعى إن هناك مشاكل فنية."
ويقول حامد "سألناه ما هي هذه المشاكل الفنية، خاصة وأن الفنيات المتعلقة بنا ليست أكثر من سيارة تنقلنا وغرفة شاغرة تستوعبنا، وبما أن الاتفاق مع إدارة السجون فإن هذه السجون مليئة بشواغر في غرفها ولديها شبكة سيارات ومواصلات سريعة، فقال لنا إنه كان من المفروض أن ينقلونا مؤقتًا الى أقسام سجن عسقلان على أن ينقلونا بشكل نهائي الى سجن آخر فيما بعد، وادعى أنه لا يوجد في أقسام سجن عسقلان غرف لحماس ولذلك سيضطر الى إبقائنا في العزل"، ويستدرك حامد "عندها قلت له أخرجنا من العزل الى أي غرفه في السجن عند أي تنظيم من التنظيمات ولا مشكلة لدينا في ذلك، عندها تحجج أن الغرف مليئه بالمساجين حسب تعبيره، فقلت له أن يضعنا في غرفة الانتظار والمهم أن نتأكد من الخروج من العزل، وعند هذا الحد تأكدنا أن هناك خدعة يريدون تمريرها علينا من أجل استبقائنا أنا و ضرار أبو سيسي في العزل."
الخروج من القبر
هدد ابراهيم وضرار بالعودة إلى الإضراب ثانية في حال عدم نقلهم، ويقول حامد "أجاب مدير الاستخبارات أنه لا يتحمل شخصيًا مسؤولية عودة أحد المضربين السابقين الى الإضراب ثانية بسبب خلل في تطبيق الاتفاق، وأكد حينها أنه سيضع الملف بين يدي المسؤول عن التنسيق حتى لا يتحمل هذه المسؤولية."
في ساعات الظهر وبعد زيارة المحامي لحامد، أبلغه مدير السجن بالاستعداد للنقل الى هداريم، ويقول حامد "مساء اليوم خرجت من القبر ونقلت الساعة الثالثة والنصف تقريبًا، ولكن تركت خلفي الأخ ضرار أبو سيسي، الذي يعاني من عوارض صحية خطيرة لحقت به منذ إعتقاله في بداية العام الماضي، وهو يأخذ ثماني حبات أدوية في اليوم الواحد لأمراض يجهلها"، وأضاف "من الملفت للنظر أن لجنة قيادة الإضراب أبلغتنا أنها قبل أن توقع على الاتفاق، ضمنت وثيقة الاتفاق أسماء جميع المعزولين، وكان من بينهم ضرار أبو سيسي بالإضافة لبند أضيف لملف كل معزول حول خروجه من أقسام العزل ونقله الى الأقسام العامة."
لحظة الفرح
وبفرح وسعادة يقول حامد "أجمل لحظة بعد خروجي من مدافن الموت البطيئة في عزلي، أن أول من شاهدته هو الأسير عباس السيد الذي التقيته في بداية وصولي لسجن هداريم، لأول مرة ألتقي به وكأننا نعرف بعض من زمن. تم تفتيش الحقائب، دخلنا القسم الساعة السابعة وتجولنا على الغرف من خلال طاقة البوابتت ولمسنا حالة انفعال وفرحة لدى المعتقلين، سواء من نعرفهم أو الذين نراهم أول مرة، والمشهد كان مؤثرًا جدًا."
رائحة الناس
وبدأت محطات الحياة الجديدة في الأقسام المفتوحة لتبدأ الاحتفالات بخلاص المعزولين،
ويضيف حامد "في اليوم الثاني، كان أول لقاء مع المعتقلين، تعارف.. وصلاة جمعة.. والإحساس برائحة الناس وانفعالاتهم أثار فرحي، فهذا كان مفقودًا لدينا لأننا كنا نعاني إنسانيًا"، ويضيف "في آخر عيد فطر في عزلي لم أعثر على أحد أقول له تحية العيد، الآن دفى إنساني، وفي العزل لا تحس بالزمن.. الآن تشعر بكل دقيقة وثانية في الزمن.. الفورة مختلفة.. الأسرى والنظام مختلف ويجعل مرور الزمن أبطىء على العكس من الزنزانة، وهذا الشعور يختلف من عزل الى آخر، خاصة حسب الفناء إذا كانت الزنازين قريبة من أقسام السجن العامة يسمع أصوات، والزمن يكون أطول في حال لما تكون بعيدة عن حيز البشر وعن أقسام السجن يجعل الوقت سريع."