أزمة مياه خانقة تعيشها عدة مناطق ببيت لحم
إسماعيل سرحان
أجواء حارّة جدا، وأزمة مياه خانقة تعيشها عدة مناطق بمحافظة بيت لحم، تفوق في حجمها على ما يبدو كل الأعوام السابقة، وقد بدأت منذ وقت مبكّر، فالعديد من أحياء المدن والمخيمات والقرى تعاني من عدم وصول المياه للمنازل، خصوصا في المناطق المرتفعة منها، رغم ضخ سلطة مياه بيت لحم المياه لهذه المناطق كما تقول.
وعبّر مواطنون في العديد من مناطق المحافظة عن سخطهم لشح المياه وانقطاعها عن منازلهم، ما حوّل حياتهم إلى عذاب وقلق.
ويؤكد مسؤولو سلطة مياه بيت لحم، أن كمية المياه التي تضخ إلى بيت لحم غير كافية، إلى جانب ضياع أكثر من 40% من المياه كفاقد، في الشبكة المهترئة والتي بحاجة إلى تأهيل وتغيير.
وحسب رأي الكثيرين، فإن السبب الأول في نقص المياه، هو في الأساس سياسي، حيث تسرق إسرائيل أكثر من 85% من مصادر المياه الفلسطينية وتحولها إلى المستوطنات، لكن هناك إشكاليات داخلية أخرى، تتمثل في سوء إدارة التوزيع، ونسب الفاقد العالية التي تضيع بين السرقات والشبكة المهترئة، وهي القضايا التي يجري الحديث عن ضرورة إيجاد حل لها منذ سنوات.
وتقول سلطة المياه، إن ما حصل خلال الأسبوع الحالي من انخفاض في بعض كميات المياه، مرتبط ببعض المشاكل الفنية لأحد المصادر الرئيسية المزودة لسلطة مياه بيت لحم، وهو مصدر "واد شاهين"، وكانت هناك بعض المشاكل الفنية من مصدر المياه الإسرائيلي، إضافة إلى عدم التزام بعض المجالس المستفيدة من نفس المصدر ببرنامج التوزيع المتفق عليه، واستخدام بعض الوصلات لتعبئة الصهاريج، ما أثر بشكل كبير على الكمية المزودة لبعض التجمعات، لافتة إلى أنه تم التنسيق مع محافظة بيت لحم لضبط هذه التجاوزات وإغلاق وصلات الصهاريج غير القانونية.
هذا هو حال بيت لحم كل عام، أزمة مياه دون حلول جدية وعملية، ويبقى المواطن رهينة لضخ المياه إليه كل أسبوعين أو ثلاثة أو أكثر، وفي بعض الحالات تنقطع المياه عن بعض المواطنين مدة شهر كامل.
ويرى البعض، أن هناك إشكالية "ثقافية وأخلاقية"، حيث يتمتع كثير من المواطنين بالمياه وشفطها بالـ"موتورات"، و"اللعب" بها في كثير من الأحيان، في غسل سياراتهم، وري المزروعات وتنظيف الشوارع أمام منازلهم، ولا يأبه بعضهم من فيضان خزانات مياههم لليال، بسبب خلل في "العوامة"، في حين أن جيرانهم الأقربين لا تصلهم المياه وأعصابهم مشدودة، الأمر الذي يحتاج إلى حملات توعية وتثقيف في المساجد والكنائس وعبر وسائل الإعلام، بضرورة شعور المواطن بجاره، لتخطي أزمة الصيف الخانقة.
وتعيش أحياء ومخيمات بكاملها الأزمة في وقت واحد، حيث قال المواطن "محمد ملش" من مخيم عايدة: "منذ سنوات ونحن نعاني من هذه الأزمة، لكن يبدو أن هذا الصيف سنعاني بشكل فظيع، فما زالت المياه منقطعة عن منزلي منذ شهر كامل".
وأضاف: "نستعين بالجيران ونعبئ براميل مياه من بيوتهم وننقلها إلى بيتنا، ومع أن هذا أمر شاق جدا فهذا حالنا يوميا، لا نفكر إلا بالمياه، وننام ونفيق ونحن نحلم بأزمة المياه، وأضحت المياه شغلنا الشاغل، وهناك ليال لا ننام فيها، لأننا نخاف أن تأتي المياه ولا نعبئ الخزانات".
أما الحاجة "أم محمد"، فهي مستاءة جدا من هذا الوضع قائلة: "هاذي مش عيشة"، "لا نستطيع أن نطبخ أو نجلي أو نستحم أو ننظف البيت، لقد "قصم ظهرنا" من كثرة استخدام المياه المعدنية، وشراء الصهاريج".
وأضافت: "جيراننا يحصلون على المياه ونحن نبقى من دونها، فبحسب موقع البيت يجب أن تصلنا المياه، ولقد توجهنا لدائرة المياه دون فائدة، لهذا نحن نطالب بحل جذري لهذه الأزمة".
وحدد سعر صهريج المياه سعة 10 متر مكعب بمبلغ 100 شيقل للاستخدام المنزلي، وبسعر 150 شيقلا للمرافق السياحية والصناعية في بيت لحم.
وقال المواطن "عبد الله زهران" من الدوحة، "إنهم يعانون أزمة المياه كل عام، فكل شهر يحصلون على المياه مرة واحدة، وهذا أمر غير معقول، وقال: "نريد أن نعيش، لكننا من دون المياه لا نستطيع ذلك".
المواطن "خليل الحلو" من الدوحة أيضا، أكد ما تحدث به جاره، قائلا: "نحصل على المياه كل شهر تقريبا، ولكننا لا نحصل عليها إلا لمدة يوم واحد، وهذه هي المأساة، فلا نعبئ إلا القليل من خزانات المياه، إن هناك سوءا في التوزيع".
ويعد هذا العام الأسوأ، بحسب دائرة مياه بيت لحم، بسبب نقص كميات المياه التي تصل الدائرة، ويؤكد المدير الفني في الدائرة طلال عبد الله، أن محافظة بيت لحم سوف تعاني هذا العام من أزمة مياه كبيرة، لأن الدائرة ستحصل على حوالي ثلث احتياجات المحافظة من المياه، إضافة إلى مشكلة الشبكات التي تزداد سوءا من عام إلى آخر، ويرى أن الحل الأمثل والأسرع هو زيادة كمية المياه الواصلة للمحافظة، ثم تصليح شبكات المياه التالفة.
ويقول: "لقد تعهدت سلطة المياه بـ14 ألف كوب من المياه يوميا لمنطقة بيت لحم، لكن الكمية التي تصلنا لا تتعدى الـ10 آلاف كوب وهي كمية متذبذبة وغير ثابتة".
ويؤكد عبد الله، وجود مشروع ضخم لإعادة تأهيل الشبكات، بالتعاون مع الوكالة الفرنسية، سيبدأ تنفيذه بداية العام المقبل.
وكان رئيس سلطة المياه شداد العتيلي قد أعلن، أن اجتماعا عقد مع الجانب الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، لزيادة كميات المياه الخاصة ببيت لحم، والخليل، ومنطقة القدس، بـ1000- 2000 متر مكعب.
وقال محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل، إنه يشدد دائما خلال لقاءاته مع المعنيين، على ضرورة العمل على حل الأزمة والخروج منها، والعمل بكل الإمكانيات والسبل المتاحة لإدارة الأزمة، للخروج من نقص المياه الحاد الذي تعاني منه مناطق في بيت لحم، وتوفير نوع من العدالة في التوزيع بما هو متوفر من مياه.
ورغم أن هذه الأزمة تعانيها كثير من المحافظات الفلسطينية، إلا أن أهالي بيت لحم يقولون إن محافظتهم تظلم دائما، بسبب عدم الأخذ بالاعتبار أعداد السياح الزائرين والمقيمين في المحافظة خاصة في الصيف.