الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

"التعطيش".. أسلوب جديد للتطهير العنصري في الاغور

من علي سمودي - تسلل الطفل ابراهيم محمود الى صهريج المياه المنصوب امام خيمة عائلته في منطقة عين الحلوة في الاغوار محاولا سباق الزمن لتعبئة قارورة مياه قبل ان يصل الجنود اليه ويعاقبونه وعائلته بتفريغ الصهريج من المياه، التي اصبح توزيعها على المزارعين والبدو في الاغوار الشمالية مخالفة وانتهاك للقانون تستوجب اجراءات امنية مختلفة.
ويقول الطفل ابراهيم (14 عاما) " قبل ايام اقتحم الجنود المنطقة وحرمونا من المياه وسكبوها على الارض رغم انه لا يوجد بئر او مياه اخرى وعانينا كثيرا بسبب ذلك "، ويضيف " اليوم اعاد بي شراء المياه وفجأة شاهدنا دوريات الاحتلال تقترب من خيمنا فشعرت انهم يريدون منع المياه عنا مرة اخرى فسارعت واشقائي لجمع الزجاجات والاواني وبدأنا بتعبئتها".

المياه جريمة
لكن قوات الاحتلال ضبطت ابراهيم "بالجرم المشهود" بالنسبة لها كما يقول والده محمود دراغمة " فاستخدام المياه اصبح جريمة خطيرة من جانب الاحتلال، عمري 60 عاما وتنقلت في دول عدة وعشت الكثير وسمعت الاكثر ولكن هذه المرة الاولى في حياتي التي اسمع فيها عن منع المياه عن البشر".
 ويتابع "عندما رأى طفلي الدوريات تحرك ببراءة لتوفير المياه له ولاشقاءه؛ لانهم عانوا كثيرا خلال الايام الماضية ولكن الجنود لم يكتفوا بتفريغ الصهريج بل سكبوا كل ما لدينا من مياه على الارض وتعمدوا ارهاب ابني عندما شاهدوه يحمل زجاجة مياه استولوا عليها وحرموه منها".
بحزن والم وقف الصغير ابراهيم يحدق في الجندي المدجج بالسلاح والذي لم يراعي طفولته وصورته وحركاته البرئية ليوفر قليلا من الماء له ولعائلته في ظل ظروف الحر الشديد في الاغوار، و يقول " لا يوجد لديهم ادنى احترام لمشاعر البشر فقد بدى الجندي كمن يتلذذ بحرماني من المياه التي دفع والدي ثمنها وهو يسكبها على الارض "، ويضيف " حتى شربة المياه يحاربوننا عليها كيف يمكن ان نعيش ".

أيام عصيبة
ومع تعزيز الاحتلال لدورياته وتحركاتها في ملاحقة الصهاريج الفلسطينية ومنعها من توزيع المياه على المزارعين والبدو، يبدو ان الاهالي هناك على موعد مع ايام عصيبة جديدة من العطش، يعتقد منسق لجنة الدفاع عن الاغوار احمد الاسعد انها تنفذ بقرار من الاحتلال لتصبح سياسة دائمة كأحد اشكال حربه ضد الثبات الفلسطيني في المنطقة التي تعتبر اولوية في مطامع الاحتلال منذ نكسة حزيران عام 1967.
ومنذ بداية الصراع، فإن والد الطفل ابراهيم، صمد في ارضه ودافع عنها ورفض التخلي عنها وحتى اليوم يتمسك بها فالمواطن دراغمة الذي يعيل اسرة مكونة من 10 انفار وتعتمد على تربية الماشية في حياتها، يقول "جربوا كل السبل لانتزاعنا من ارضنا ولم نتخلى عنها لذلك يستخدمون اليوم منع المياه عنا، وهي ضربه في الصميم وخطيرة ويجب حلها لانه لا يمكن الحياة دون ماء".
وتابع " لسنا وحدنا من نعاني من هذه السياسة فحتى الحيوانات التي نتولى رعايتها وتربيتها اصبحت تتعرض للعطش انهم يحاصروننا في حياتنا ومصدر رزقنا حتى نضطر للرحيل والتخلي عن ارضنا".

مسح الوجود
وتعتمد مئات العائلات في منطقة طوباس والاغوار الشمالية على الزراعة وتربية المواشي في حياتها، حيث تعتبر طوباس سلة فلسطين الغذائية وتضم اخصب الاراضي والمراعي والاحراش الطبيعية في فلسطين، وأشار محافظ طوباس والاغوار الشمالية مروان الطوباسي إلى " ان المحافظة تضم كنوز من الطبيعة سخرها الله لابناء شعبنا ولكن مخططات الاحتلال مستمرة للاستيلاء على سلة فلسطين الغذائية بشكل كامل "، واضاف " اسرائيل تستخدم كل شيء لتحقق هدفها الاستراتيجي في مسح الوجود الفلسطيني من الاغوار واضافة للسيطرة على منابع المياه والابار وعمليات الهدم والتشريد والاغلاق والسيطرة على مساحات واسعة من الاراضي ابتدعت اسلوبها الجديد منع المياه عن التجمعات والمضارب والخرب".

موت بطيء
ووصف المزارع عبد الرحمن ياسين تلك الاجراءات بأنها حكم بطيء بالموت على كل شيء في الاغوار، وقال " ان الحياة في الاغوار دون مياه مستحيلة لذلك المطلوب تحرك فوري وسريع قبل فوات الاوان لأن النتائج ستكون مدمرة لحياتنا ولوجودنا ولمصدر معيشتنا سواء كنا مزارعين او مربي ثروة حيوانية".
من جانبه، ذكر مجلس قروي المالح والمضارب البدوية في الاغوار عارف دراغمة " أن هذه السياسات الاسرائيلية تهدف للضغط على سكان المضارب وتهجيرهم فلا يوجد اخطر من سياسة التعطيش"، واضاف" منذ فترة شرعت سلطات الاحتلال بملاحقة الصهاريج ومنعها من توزيع المياه رغم ان ذلك غير قانوني".
واوضح ان سلطات الاحتلال استخدمت اسلوب مصادرة صهاريج المياه من امام مضارب السكان وسكب المياه منها امام انظار الاطفال العطشى، وحرمانهم من تعبئة حتى القوارير اثناء عملية تفريغ المياه.

 هجمة جديدة
وبينما تتوفر المياه وكل مقومات الحياة للمستوطنات ومعسكرات الجيش التي تنتشر في الاغوار، تستمر معاناة سكان التجمعات والمضارب البدوية.
وقال دراغمة " انها قمة المأساة ان نحرم حتى المياه فما الذي يريده الاحتلال منا بعدما صادر كل منافذ المياه في المنطقة وجفف الينابيع وحرم السكان من مياههم وارضهم لتنعم بها المستوطنات ومعسكرات الجيش"، واضاف " ان دوريات مشتركة للاحتلال والادارة المدنية داهمت مضارب السكان في منطقة عين الحلوة في المالح للاستيلاء على الصهاريج ولدى اعتراض الاهالي ورفضهم ومحاولة منع تلك العملية اعتدى الجنود عليهم بالضرب".
وذكر ان الجنود لم يميزوا بين صغير وكبير فاصيبت امراة بجروح ورغم ذلك صادر الجنود صهريجي مياه، مضيفا أن سلطات الاحتلال صادرت مؤخرا 13 صهريجا دون مبرر، نافيا وبشدة "مزاعم الاحتلال ان هذه الاراضي مناطق عسكرية، مؤكدا ان السكان موجودون فيها منذ عشرات السنين، ولكن تلك الاجراءات تعبير عن اطماع كبيرة للاحتلال لتوسعة المستوطنات وتهجير السكان والقضاء على وجودهم فوق ارضهم".

أين الديمقراطية ؟
بعيدا عن وسائل الاعلام تمارس اسرائيل اسلوبا جديدا لتهويد الاغوار وترحيل سكانها الذين صمدوا في مواجهة كل الاجراءات القسرية على مدار 45 عاما لكنهم يعبرون اليوم عن سخطهم وغضبهم لصمت العالم ومؤسسات حقوق الانسان التي تتغنى بالديمقراطية وهم يحاربون حتى في قطرات المياه التي كفلها الله لكل البشر، ويقول رئيس المجلس دراغمه " اين هي حقوق الانسان والمؤسسات التي تتحدث عن الانسانية وديمقراطية وحضارة اسرائيل التي يسكب جنودها المياه امام انظار الاطفال والشيوخ والنساء بعدما تكبدوا العناء من اجل احضارها من مناطق بعيدة لري ظمأهم"، مضيفا " الآن باتوا في العطش بسبب السياسة الجديدة من دولة تحتضنها المحافل الدولية في مجلس الامن كدولة انسانية".
تلك الدولة، يقول محافظ طوباس" اعتقلت المزارعين وحاكمتهم بغرامات باهظة لزراعة اراضيهم، ولاحقت صهاريج المياه واحتجزتها وفرضت غرامات باهظة على اصحابها وهددت باعتقالهم لمنعهم من توزيع المياه مرة اخرى"، مشيرا إلى أن " العطش يطارد الصغير والكبير وحتى الماشية والدواجن، ولكن حتى الطفل لن ترهبه تلك الممارسات، ومثلما يواجه اهلنا الظمأ بالصمود والصبر فإن السلطة الفلسطينية ستقدم لهم كل اشكال الدعم لتعزيز ثباتهم".
وأكمل "شعبنا الذي افشل سياسة التهجير رغم المجازر والحصار والاغلاق وتحدى اساليب التجويع قادر على ابتداع الحلول وتجاوز المحن فلن يرحل حتى رغم الم العطش".

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025