الاسير اكرم الريخاوي يدخل الشهر الثالث بالاضراب عن الطعام
انهمرت دموع الطفل انس (9 سنوات ) بغزارة وهو يستمع لصرخات المشاركين في الاعتصام التضامني الذي نظم امام مقر الصليب الاحمر في مدينة رفح تطالب بالافراج عن والده الاسير أكرم عبد الله محمد الريخاوي ( 38 عاما) الذي يواصل معركة الامعاء الخاوية خلف القضبان التي تحرمه منه للعام التاسع على التوالي ، وفي لحظة ابكت المحتشدين حوله من اهل واقارب ومتضامنين قال الصغير " لماذا يعتقلون ابي ويريدونه ان يموت في السجن ؟، لماذا لا يعود الينا ونعيش معه ويحرموننا منه انني حزين ولا اريد من العالم سوى ابي ؟".
بالروح بالدم
مسح الصغير انس دموعه ، وامسك بصورة والده وبدا يصرخ " بالروح بالدم نفديك يا اسير "، واتبعها بعدما داهمته الدموع " بالروح بالدم نفديك يا ابي العظيم "، ثم عاد لمنزله ليتابع مع والدته ام مروان واشقاءه السبعة تطورات الاضراب الذي اعلنه والده منذ تاريخ 12/4/2012 احتجاجا على عدم قبول محكمة ثلثي المدة الإسرائيلية (محكمة الشليش) طلبه بتخفيض مدة الحكم له لأسباب صحية ونظرا لخطورة استمراره في السجن وسط حرمانه من ابسط حقوقه وفي مقدمتها العلاج .
ويقول انس " انا مستعد للقيام باي شيء لافدي ابي بعمري نحن مشتاقون اليه ولم نعد قادرين على النوم او الحياة بسبب خوفنا وقلقنا على مصيره وحياته التي اصبحت معرضه للخطر "، واضاف " كل يوم نسمع خبر مؤلم جديد ونصلي ليل نهار انا ووالدتي واخواني لله ان يمن عليه بالصحة والعافية ويعيده لنا سالما ".
حرموني ابي
يقضي انس كباقي اسرته يومه بين الصلاة والدعاء ومتابعة الاخبار القادمة من مستشفى سجن الرملة الذي يقبع فيه والده المريض منذ اعتقاله قبل 8 سنوات فلا يغيب ذكر والده عن لسانه و رغم انه لا يعرف صورته الا من خلال الصور فانه يحاول رسمه باشكال متعددة ، ويقول " الاحتلال حرمني والدتي الذي لم اعرفه حتى في السجن لان زيارته ممنوعه فعندما اعتقل كنت في عمر عام وطوال السنوات الماضية وانا ارسم صوره من حكايات والدتي وانتظر لحظة تحرره وعودته الينا "، واكمل " حتى عندما افتح كتبي لا تغيب صورة ابي الذي اتمنى أن أعيش معه كباقي أطفال العالم".
رحلة الاعتقال والمرض
ورغم حزنها والمها ، تسعى الزوجة الصابرة ام مروان للتخفيف من حزن والم ابنائها الذين كرست حياتها لرعايتهم منذ اعتقال الاحتلال لزوجها عن حاجز عسكري خلال عودته الى مدينته رفح في 7/6/2004، وتقول " عندما اعتقل ترك 8 ابناء وعشنا لحظات من الالم والحزن بسبب ما تعرض له من تعذيب وتنكيل وتحقيق انتهى بالحكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات بتهمة الانتماء لحركة " حماس".
في غياب الزوج
ايام عصيبة عايشتها ام مروان بعد تغييب الاحتلال لزوجها ، فقد ترك لها كما تقول " كومة من اللحم ابنائي الثمانية وابناء شقيقه الراحل مروان الخمسة الذي توفي قبل 22 عاما وتولى رعايتهم وتربيتهم ويقيمون معنا في نفس البيت كان يعاملهم كابناءه واكثر ولكننا صبرنا وتوكلنا على الله "، وتضيف " من شدة حب اكرم لشقيقه مروان اطلق على باكوره ابناءنا اسمه فقد كان مخلصا وفيا وبار بوالديه لذلك حمل راية والده الشهيد البطل عبد الله الريخاوي الذي روى بدمه الطاهر ثرى غزة عندما استشهد خلال قيادته مجموعات عسكرية لفتح في مقاومة الاحتلال عام 1991 ".
قائمة الامراض
تدهورت الحالة الصحية للاسير الريخاوي الذي اضيف لامراضه بسبب التحقيق وظروف الاعتقال قائمة اخرى من الامراض التي دفعت ادارة السجون لتحويله لمستشفى سجن الرملة ليقضي سنوات اعتقاله ، وتضيف زوجة الريخاوي " قبل اعتقاله كان يعاني من أمراض مزمنة في الصدر تسبب له ضق تنفس وعاش على ادوية معينة وفق برنامج منظم ولكن ادارة السجون لم تراعي وضعه ورفضت ادخال الدواء المناسب له او توفيره وبسبب الاهمال تتالت الانتكاسات الصحية ".
وروى الاسير الريخاوي لمحامي نادي الاسير "ان ادارة السجون رفضت الالتزام بتعليمات الاطباء بشان مرضه والخطر الاكبر الذي سبب له الانتكاسات الصحية تبديل الادوية ورفض علاجي بشكل منتظم فاصبحت اعاني من هشاشة العظام وضعف المناعة " واكمل الريخاوي "مؤخرا بدات اعاني من مرض السكري وارتفاع نسبة الكلسترول، وكان من المقرر اجراء عملية جراحية في العينيين نتيجة وجود مياه بيضاء فيهما، ولتغير العدسات الداخلية وما زالت تؤجل".
معركة الامعاء الخاوية
انهكت الامراض جسد الريخاوي بينما تجرعت اسرته كل صنوف المعاناة في غيابه ولخوفها الشديد على حياته ، ويقول نجله انس " رغم حب ورعاية والدتنا لنا لكننا المنا كان يتزايد كل يوم يمضي ونحن محرومين من والدنا كنت اتمنى ان احصل على مصروفي منه او عيديته "، ويضيف " كل عام اتمنى ان اسلم ابي شهادتي المدرسية ليفرح بي ويعطينا هدية ولكن عمري اليوم 9 سنوات ولم ارى ابي حتى في السجن اناشد كل العالم مساعدتنا احنا محتاجين له اتمنى أن أخرج مع والدي كباقي أبناء عمي وأطفال العالم الذين يخرجون مع أبائهم دون ان يحرمهم الاحتلال من التمتع بحنان الاب وعطفه".
نفس الصورة كان ينسجها الريخاوي في سجنه ، ويقول شقيقه محمد " معنوياته كانت اقوى من الصخر في حريته واعتقاله فهو ابن الشهيد المقاوم عبد الله الريخاوي وشقيقه الفدائي معتصم الذي استشهد عام 2002 في عملية فدائية في غزة وكذلك شقيقنا شادي معتقل منذ 7 سنوات في سجن النقب ويقضي حكما بالسجن لمدة 12 عاما "، واضاف " استمد اخي العزيمة لمواجهة المرض بالاخبار الشحيحة التي كانت تحملها الرسائل القليلة من زوجته تزف له بشرى كبر الاولاد ونجاحهم في دراستهم ، فصمد وصبر بانتظار الحرية في محكمة الشليش ، ويقول الاسير الريخاوي " الاشد من المي خلال اعتقالي تاثري للحالة التي تعيشها زوجتي في رعاية ابنائي وابناء اخي الذي توفي قبل سنوات وكنت المعيل الوحيد لهم فاصبحوا وحدهم "، ويضيف " حماهم الله مستجيبا لدعواتي وكانت اخبار نجاح ابنائي وصمود وثبات زوجتي سر صمودي وعندما اعلنت المحكمة رفض الافراج عني رغم تدهور حالتي لم يكن امامي خيار سوى الاضراب ".
الالم والحلم
يدخل الاسير الريخاوي الشهر الثالث من معركته مصمما على مواصلتها خاصة بعد صدمة قرار الاستئناف الذي قدمه للمحكمة التي تمسكت بموقفها رغم تحذير اطباء مصلحة السجون لخطوة بقاءه في السجن ، ويقول محامي نادي الاسير بعد زيارته " ان الوضع الصحي للريخاوي خطير جدا بسبب مضاعفات الاضراب ويعاني من غثيان وضيق نفس ولم يعد قادرا على الحركة كما انه اصيب بصدمة شديدة بسبب قرار المحكمة لانه تلقى وعودا بالافراج عنه انتهت بالحكم ببقاءه رهن الاسر حتى انتهاء محكوميته "، واضاف " الاسير اكد انه لن يفك اضرابه حتى الحرية ".
وبعد عجزت صرخات كافة المؤسسات في التاثير على قرار المحكمة التي غضت الطرف عن تقارير موقعه من اطباء مصلحة السجون يستمر الريخاوي في اضرابه الذي يثير المزيد من مشاعر الخوف والقلق لدى اسرته والتي يعبر عنها طفله انس بالقول " الاحتلال يعتقلنا مع ابي حياتنا سجن اخر لا فرح ولا سعادة فيه فكلها سلبت منا لذلك استصرخ كل ضمير حي في العالم ان يساعدونا لنستعيد ابي الذي يضرب عن الطعام من اجل رؤيتنا "، واضاف " اين الانسانية والعدالة والجميع يتفرج على ابي واخوانه المضربين وهم في حالة خطيرة جدا لن نسامح احد ولن نغفر لكم ، اين ضمائركم ولماذا تتركون اسرائيل تتحكم بحياته وتحكم عليه بالاعدم ؟".