مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

ميسر ابو ذريع .. الام الفلسطينية التي يعجز الصبر عن صبرها

علي سمودي
لم يبالغ الكاتب الذي وصف صبر الام الفلسطينية في وجه اشكال الظلم والعذاب والوجع الذي تفنن سارق الارض والحياة والاحلام في صناعته وفرضه ، بانه يفوق صبرسيدنا ايوب عليه السلام ، فكثير من الامهات واجهن صنوف المعاناة بصبر يعجز الصبر عن حمله بل صمدن حتى اصبح الصمود يستمد معانيه من محطات وصور التضحية التي يفخر التاريخ عندما يسطرها بين صفحاته .
وفي جنبات تلك المدينة التي يرتبط اسمها بسيدنا ابراهيم عليه السلام الخليل ، تعيش كثير من الامهات الصابرات اللواتي تعلمن دروس الصبر على الابتلاء من سيرة خليل الرحمن ، وفي قرية بيت عوا تسطر الام الستينية ميسر ابو ذريع حكاية صبرها والمها وقضبان السجن تطوي الايام والسنوات من عمر ابنها الذي شاء القدر ان يعيش معاناة الاعاقة التي لم تشفع له امام السجان الذي يصر على اغتصاب حريته دون ادنى مراعاة لمرضه وحياته ،فهذه هي القاعدة لا استثناء ولا حصانة في نظرية الامن الاسرائيلية وما دمت فلسطينيا فعليك ان تكون جاهزا للعقاب والثمن حتى لو كنت عاجزا ومقعدا وسقيما .
حكاية اشرف
والاوصاف الثلاثة تنطبق على حالة الاسير المقعد اشرف سليمان ابو ذريع الذي تعجز والدته الصابرة ميسر عن استحضار مفردات تصف وجعها اليومي وحزنها الذي اصبح رفيق حياتها منذ اللحظة التي انتزع فيها جنود الاحتلال ابنها المقعد من منزلها دون مراعاة لصرخات الام التي عجزت عن صدهم او اقناعهم بالتراجع عن قرارهم في ظل حالته الصحية التي كانت بادية بشكل واضح على مراى من الجنود الذين لم يترددوا في ضربه حتى فقد وعيه .
سبع سنوات انقضت على اعتقال اشرف كانها مليون عام بالنسبة للوالدة الخمسينية ام الفهد، و رغم ما الم بها من امراض جراء الحزن والبكاء لكنها تتذكر ادق التفاصيل
لان فصول حكاية الالم المريرة في مسلسل معاناتها ما زالت مستمرة خلف جدران عيادة سجن الرملة وهناك تقول " يموت ابني كل يوم مرات عديدة فقد فرضوا سياسات واجراءات حولت السجن لجحيم وظروفه لقبر اما اوجاعه فلا علاج او دواء وسلاحنا الوحيد الدعاء والصلاة والتوكل على الله ".
بداية الحكاية
منذ 24 عاما توكلت ام الفهد على الله وقنعت بقضاءه وقدره عندما اكتشف الاطباء ان نجلها اشرف السابع في عائلتها المكونة من 15 نفر يعاني من ضمور العضلات ، وتقول " رغم انني انجبته بشكل طبيعي ودون مشاكل لكنه اختلف عن اقرانه بحركته وسلوكه وعندما بلغ سن 3 سنوات كنا اجرينا فحوصات وصور له وصدمنا لدى ابلاغنا ان مرضه يعني حياة الشلل للابد دون علاج ".
الحالة المرضية لم تؤثر على عقل وتفكير اشرف الذي كرست والدته حياتها لرعايته والاهتمام به ورفضت عزلته وتهميشه ، وتقول " امنا بالقضاء ولكني اهتممت به وميزته عن باقي اخوانه فقد كان حنون واعاقته لم تؤثر على سلوكه بل تمتع بمعنويات عالية وحب للحياة وكان عقله كبير فاصبح الاقرب لقلبي ".
هوايته المفضلة
لم يتمكن اشرف بسبب اعاقته الحركية من الالتحاق بالمدرسة ، لكن عائلته حرصت على اشراكه في كل اوجه الحياة وفي سن 14 عاما بدا يمارس هواية تصليح الساعات وجمعها ، وتقول ام الفهد"لم تكن الابتسامة تفارق وجهه وتمرد على الواقع وكان يحب المشاركة في الحياة والنشاطات وفجاة بدا يهتم بجمع الساعات التالفة وتفكيكها واصلاحها ".
وتكمل " لمسناه حبه ورغبته الشديدة في ممارسة هذه الهواية حتى حصل على فرصة للتدريب على فن اصلاح الساعات في الجمعية العربية في بيت لحم ، واستمر في العمل في نفس السياق في بيت ساحور والجمعية لمدة عام .
تفوق اشرف على اصحاب المهنة وبعد عودته لمنزله اتيحت له فرصه هامة ، وتقول والدته " عندما زارنا وفد امريكي مع ريما الكنواتي ممثلة الجمعية العربية اعجب بقدراته وقرروا مساعدته لتحقيق حلمه لممارسة مهنة اصلاح الساعات ".
تغيرت حياة اشرف بعدما شيدت غرفة خاصة ليمارس فيها هوايته ومهنته زودت بعدة كاملة للتصليح استمر في العمل فيها لمدة عام ، حصل خلاله ايضا على كرسي متحرك سعره 20 الف شيكل ساعده كثيرا على تسهيل حركته وتحقيق مزيد من النجاح .
الاعتقال الاول
وبينما كان يرسم اشرف خطوات حياته الجديدة التي افرحته ومنحته المزيد من الارادة والامل فوجيء بالجيش الاسرائيلي يحاصر منزل عائلته في تاريخ 12/5/2005 ، وتقول ام الفهد " اقتحم الجنود منزلنا واحتجزونا وطلبوا من اشرف ترك الكرسي والوقوف والسير وعندما ابلغتهم انه لا يستطيع السير وهم بالتاكيد يعلمون ذلك لم يهتموا وهاجموه وضربوه بكل قسوة حتى فقد الوعي تماما ".
لم يشفع ذلك لاشرف ، فالجنود اعتقلوه ونقلوه الى معسكر "عتصيون " حيث احتجز 24 ساعة وسط ظروف صعبه ثم اطلقوا سراحه ونقل فورا لمستشفى عاليا في الخليل في حالة وصفتها ام الفهد " بالماساوية فقد بدى في حالة يرثى لها من تاثير الضرب والاحتجاز وبعد تماثله للشفاء عاد لمنزله ".
الاعتقال الاخير
حاولت الوالدة والعائلة اخراج اشرف من تاثير تلك الواقعه ولكن سرعان ما داهمت قوات الاحتلال منزلها بعد 13 يوما ، وتقول الوالدة " اكثر لحظة ابكتني والمتني عندما اعتقلوه ورفضوا الاجابة عن السبب ونقلوه الى مركز عتصيون واحتجز في العزل الانفرادي لمدة 4 شهور دون معرفة مصيره او اخباره ".
خلف القضبان
بعد التحقيق ، رفضت سلطات الاحتلال كافة الطلبات التي قدمت للافراج عنه رغم تقارير اطباء مصلحة السجون التي اكدت ان اعاقته حقيقية وبحاجة لعلاج ورعاية مستمرة ، ويقول رئيس نادي الاسير قدورة فارس " لم تبقى مؤسسة في العالم الا وطالبت باطلاق سراحه لكن الاحتلال رفض والاشد غرابة ان المحكمة مددت توقيفه بناء على طلب المخابرات بذريعة ان المعاق اشرف يشكل خطر على الامن الاسرائيلي "، واضاف فارس " قرروا استمرار اعتقاله واهملوا علاجه وتدهورت حالته الصحية بعدها نقل لعيادة سجن الرملة الذي يحتجز فيه المرضى لخداع العالم وتضليل الراي العام فهو سجن اخر ولا تتوفر فيه ادنى احتياجات الاسير الطبية ".
وتؤكد المتحدثة باسم نادي الاسير اماني سراحنة ، ان الاسير اشرف يعتبر من الاسرى المقيمين بشكل دائم في الرملة ومنذ اعتقاله منعت ادارة السجون لجان طبية من فحصه ورفضت ادخال الدواء والعلاج له و رفضت تنفيذ توصية الاطباء بتوفير علاج طبيعي له ".
وتكمل والدته " اشرف بحاجة لادوية وفيتامينات ومقويات بشكل مستمر وادارة السجون تقدم له في حالة السوء الدواء المسكن ورفضت ادخال كل الادوية رغم تدهور وضعه الصحي فالى متى يستمر هذا العقاب والقمع؟ ".
العقوبات القاسية
لكن العقاب تعدد الاشكال لتصبح كل العائلة مدرجة ضمن التصنيف الامني الذي يحرمها زيارة اشرف ، فشقيقته عطاف تبكي لفراقه وتتالم لحرمانها من رؤيته ، وتروي " ان الجنود حاولوا ارغامها على الخضوع للتفتيش العاري على حاجز ترقوميا وعندما رفضت منعوها من مواصلة الطريق لزيارة شقيقها ومنذ عام لم تحصل على تصريح ".
اما اشقاؤه عصام ونزار وصابرين ولبنى وافنان فهم يواصلون قرع الابواب لمساعدتهم في الحصول على تصريح ، وتقول لبني " اكبر عقاب لنا بعد اعتقاله منعنا من زيارته أي شريعة او قانون تجيز هذه السياسة واي خطورة تشكلها زيارتي لاخي المقعد على الامن الاسرائيلي رغم انها تجري وفق تعليمات الجنود وبحراستهم "، وتضيف " تحول يوم فرحي لحزن وبكاء لان الاحتلال غيب اخي اشرف الحنون عني ولم اتمكن من الذهاب للسجن للحصول على مباركته نامل ان ينتهي هذا الظلم " ، اما شقيقته صابرين فقد تملكها الغضب الشديد بسبب عجز الجميع عن مساعدة اسرتها في حل مشكلة التصاريح ، وقالت " كلها مؤسسات غير مجدية قبل عام لم افرح بحصولي على تصريح زيارة حتى سحبوه مني عن الحاجز".
خطر على الامن
تمضي الايام وحياة ام الفهد ترتبط باسيرها ، اعياد تذهب وتاتي وهي ما زالت تتنقل على بوابات السجون، افراحها مؤجلة فكل ايامها وهبتها لاشرف فلا تتخلف عن اعتصام وتحرص على المشاركة في مسيرة تحمله صورته لعلها تؤثر على ضمائر العالم .
وفي غياب الضمير يبقى اشرف يواجه نفس المصير الماساوي الخطير خلف القضبان والتي اثرت بشكل بالغ على حياة والديه ، فوالده يعاني من التهاب في المفاصل ، ووالدته مريضة بالسكري والضغط والزلال وضعف في عضلات القلب ، ورغم ذلك
تقول ام الفهد " الحمد لله على كل الظروف نحن صابرون وما يهمنا تحرر اشراف وانقاذه من السجن ، الى متى سيبقى ابني الذي لاحول له ولاقوة اسير ؟".
تحدق ام الفهد بصورة ابنها الذي لا يمكنه النهوض او الحركة ويعتمد على كرسي متحرك للتنقل وتقول وهي تبكي " من يصدق ان هذا الشاب المعاق يشكل خطرا على امن دولة اسرائيل ،والاشد غرابة انهم وجهوا لي نفس التهمة فالاحتلال منعني من تادية فريضة الحج والصلاة في القدس والعلاج في الاردن وخلال اعتراضي في احد المرات على ذلك قال لي احد الجنود انت ممنوعة من السفر لانك خطيرة على الامن الاسرائيلي ".
لا تجيد ام الفهد فنون السحر لحل هذه الطلاسم الكثيرة التي يحاصرها الاحتلال بها ، ولم يبقى امامها سوى خيار واحد وعمرها وابنها يضيع بين السجون وحافلات الصليب هو الدعاء والصلاة ، وتقول " اغلقوا امامنا كل الدروب ولكن ابواب الرحمه الالهية لم ولن تغلق ليل نهار اصلي لله ليكرمني بحرية ابني المعاق اشرف وعودته سالما منتصرا على سجنه وسجانه ".

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024