كلام لأم أحمد القرى وعن طمرة والقاهرة- المحامي حسن صالح*
(1)
اغضبي
اغضبي.. تمرغي في شلال الشمس، واصرخي في ثنايا الريح.. ولمي وجَع القمر الثقيل،
فأنت القمر الثقيل.. وأنت الشمسُ.. ولكن اغضبي.. فأنا لن أضل طريق قُبلتي الأولى، وكلام الشمس الذي تقوله للنهارْ.. أعرف أن للقمر لغة يسرها لليل.. ولكنك غاضبة والكلام ثقيل.. اغضبي، لعلّ الشمْس تكف عن نومها في ثوب أريحا الطويل..
اغضبي.. فالحب يصحو ببعض غضب، مثلما القبلةُ تصيغ جملة الهوى الأصيل..
(2)
كنت في طمرة
مؤسسة الناصرة لشخصية العام، تواصل لسنوات جديدة، تكريم الإبداع والمبدعين، ويوم الاثنين 18 حزيران كرمت هذه المؤسسة المحترمة، رياضيي البلاد، المتفوقين في كل الفرق، فكان رجال وصبايا من النقب والخليل والقدس وأريحا، ويكرمون في حيفا والجليل، وامتد الحضور على المواطنين، ورجال دين مسيحي وإسلامي، الجميع هناك يكرمون الإبداع، والتفوق، والرسالة تقول، ان علينا أن نكون الأفضل كي نقول نحن هنا !!؟ فإلى الجمعية والقائمين عليها وإلى كل من حضر، نقول ودائماً كانت هذه البلاد كل البلاد أرضا للرسالات والإبداع وللثقافة والزمان.. فهنيئا للمبدعين وهنيئا لمن يقدر ويكرم الإبداع والمبدعين.. بسم الله الرحمن الرحيم « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
صدق الله العظيم.
(3)
التنوع
الحياة ليست اشتباكاً فقط، الاشتباك جزء منها وليس كلها، الحياة ليل وجمال، نهار وشمس، غيرة ويقين، شك وحقيقة، فقر وغنى، جوع وشبع، تقدم وتراجع، نصر وهزيمة، مساء وصباح، زراعة وصناعة، الحياةُ جدل، ولكن ستظل للحياة حكمتها في أنها تنوع.. أي لست وحدك، وهنا آخر ورأي آخر، ومجال آخر، وعمر آخر، ودنيا أخرى..
من يدرك سر الحياة، يقتربُ من ادراك المنى، وفرح الاستمتاع بالتنوع والاختلاف.
(4)
إلى القاهرة
كلنا ننام على صوت القاهرة، وننهض على صوتها، فالقاهرة هنا. وفي كل الأمكنة، ضحكها ضحكنا، وأنينها أنيننا، نحبها ونهتف لها دائماً كي تظل بدء الكلام، وبدء الموقف، وحكاية للنهوض.. إذا نهضت القاهرة نهضنا!! فيا مصر ستظلي مصر التي في البال. القاهرة للأمة... والقاهرة للمصريين كلهم، وللفرح الآتي فالقاهرة ستظل صانعة للفرح وصانعة.
(5)
أم أحمد القرى
هي امرأة الحكايات والصبر، وهي أم الفدائيين، سلوى للمتعبين والتواقين لجدل الحريّة، أم احمد القرى سبعينية لبنانية من قرى جزين، عشقت فلسطين معنى للحرية فكان بيتها في حي البسطة التحتا البيروتي القديم، ورشةَ حرية وانتماء وجموح الأرواح التي تدرك معنى الحرية والخلاص.... حين فقدت أم احمد القرى، أصغر أولادها «جمال» شهيداً بدون جثة، التاعت لوعة الأمهات المؤمنات الصابرات، كانت تقول حرقتي ليست على الشهادة، بل لجثة جمال التي خطفها الحقد الذي لا يتركُ في الحلقِ سوى الوجع وصورة شهيد بلا جثة. وأم احمد القرى كانت القوية ذات البأس والوجع الدفين عندما أبلغناها بشهادة نجلها الأكبر «أحمد» القرى، قالت كالكبيرات والمحتسبات، حسبي أنه يمضى شهيداً من أجل لبنان وفلسطين. يا سيدتي ويا سيدة الحكايات، ويا أم الشهداء، ورفيقة المكافحين من أجل حريةٍ ووطن، بك يُصبح الوطن بحجم الحقيقة وبيقين الأساطير.....لك منا نحن شاهدو ذلك الزمن الثوري الجميل رجالاً ونساء، ومن الأطفال الذين يشبون فرحاً وتوقاً لإكمال الرسالة. كل المحبة والانتماء واتصال الحكاية ودائما سلام لك من الشهداء سعد جردات وأبو الراتب وحماد حيدر، وطوني النمس، ومن أبو حسن قاسم ومروان وأيمن وأبو خالد جورج، والقافلة الطويلة والعظيمة من الرجال الذين أحبوا الوطن حتى دفقة الروح الأخيرة... سلام لك من الذين كانوا جرحى ذلك الزمن النضالي الجميل من رياض الدادا وسعود المولى وعدنان أبو الهيجا، ومن حمدي التميمي جريحا وشهيداً.. من زمن كان بيتك الطيب طريق وطن وعالماً من المحبة والصدق والارتباط الحقيقي للأمة بدءا من الجليل وجبل عامل... لك أيتها الفاضلة دعاء كبير بالصحة والخير وإدامة الابتسامة الواثقة والهادئة والتي تبعث بالدفء والمحبة للمكان كل مكان وللإنسان كل إنسان... سلام لك ولآمنة ابنتك كل الخير والعطاء والفرح الجميل والى لقاء في القدس الحرة والعاصمة.
(6)
عن المبدعين فناً وثقافة
المبدعون، تشكيليون، رسامون، ممثلون وممثلات، ومسرحيون، عازفون وعازفات، مغنون ومطربون ومطربات، راقصو فرقٍ تراثية وراقصات، كل في أدائه ومجاله مبدع وكأنه يريد إرضاء ذاته أولاً...ولذلك يصل للناسُ واضحاً جميل الأداء وجميلَ الطلةِ وقوي التأثير، فرق كثيرة، عشتار، القصبة، ادوارد سعيد، حتى الفرق التي تنتمي لنوادٍ هنا أو هناك، جميعها تشير إلى نهضة فن ونهضة أداء ونهضة ثقافة حياة تعطى الوطن فلسطين نكهته المميزةِ والخاصة. فلهم جميعاً بكل أسمائهم وكل فرقهم وخاصة تلك الفرقة التي أدت مسرحية مجدليون في باريس وكم فرحت وحتى لمست دمعتي، وأنا أرى الباريسيين والباريسيات يصفقون وقوفا يعيدون بتصفيقهم المثلين ست مرات لتحيتهم، شعرت حينها كم أن فلسطين قوية وجميلة وآتية فشكرا لكم يا فناني فلسطين ومبدعيها فناً وثقافة أفراداً وفرقاً.. وظلوا جميلين بل كونوا أكثر جمالاً، فالأرض تستحق والوطن ينهض..
(7)
حرية الوطن وحرية الإنسان
للحياة منطقها، ومنطق الحياة والإنسان أن التجربة ضرورة، وكأن الناس لا يتعظون ولا بدّ أن يجربوا!!؟ والسؤال هو: المجتمع العربي إلى أين يسير، ما العلاقة مع الاحتلال وما هي العلاقة مع التنمية، مع التعليم مع الصحة ومع سؤال أي مجتمع نريد!؟ ما هي مكان أو مكانة المرأة. ويبقى السؤال أي مجتمع نريد ؟ أي وطن نريد، وأي حدود للحرّية، حرية الوطن وحرية الإنسان.
hassan@jericho-city.org
*رئيس بلدية أريحا