الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

للحقيقة وجه واحد" في فلسطين وجنوب أفريقيا: تلويحة إلى أليس ووكر

في التاسع من حزيران 2012 دوَّت صرخة أخرى للروائية الأفريقية، أمريكية الجنسية، أليس ووكر بأن "للحقيقة وجه واحد" إن في فلسطين وإن في جنوب أفريقيا، وذلك حين رفضت دعوةَ دار "يدعوت" الإسرائيلية لترجمة رائعتها الروائية "اللون البنفسجي" التي أحيلت إلى فيلم سينمائي وعمل أوبرالي، وفازت، وتنويعاتها الفنية، بأرفع الجوائز. وما أن نُشرت رسالتها على موقع الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، حتى هاجمها الإعلام الإسرائيلي والصهيوني العالمي، وبتلغيزات عنصرية وقحة، خالطاً الأوراق، كالعادة، ومحرَّفاً الكلام عن مواضعه، ومتهماً ووكر بـ "معاداة السامية" بادعاء أنها "رفضت ترجمة الرواية إلى العبرية" لا أنها رفضت ترجمتها من قبل دار نشر إسرائيلية هي جزء من الآلة الإعلامية الصهيونية لدولة الاستعمار الاستيطاني (إسرائيل) المدانة بممارسة الفصل العنصري واضطهاد الشعب الفلسطيني.
إن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وهو يرفع تلويحات الاعتزاز ويبرق تحيات الوفاء لهذه المثقفة الحرة ونضالاتها ضد أنظمة القمع والفصل العنصري، من أحلك فصول التاريخ الأمريكي الحديث إلى جنوب أفريقيا الأمس وفلسطين اليوم... ليؤكد أن الكرامة الإنسانية واحدة في أربعة رياح الأرض، وأنها عصية على التجزئة، ونقيضة للتراتب اللوني. كما يؤكد أن ما أملته الكرامة الإنسانية، ولا تزال، على الضمير العالمي من توحيد التشريعات السادنة لحقوق الإنسان، وأهمها الحق في الحياة وتقرير المصير والمقاومة للدفاع عنهما، ينبغي أن يكون بوصلة النضال العالمي من أجل تحقيق العدالة الناجزة في فلسطين اليوم كما تحققت، وإن جزئياً، في جنوب أفريقيا، في الأمس: بالدولة، والعودة، وتقرير المصير.
إن الرسالة الشجاعة التي أبرقتها الروائية المناضلة ووكر إلى أحد أذرع البروبوغاندا الصهيونية، دار "يدعوت" للنشر، تقطع الشك باليقين أن القربى بين مظالم الفلسطينيين، والجنوب أفريقيين، والأفارقة الأمريكيين لم تعد مجازاً خطابياً؛ وأن التشابه، حدَّ التطابق، بين أنظمة الفصل العنصري في هذه الجغرافيات المنكوبة لم يعد إغواءً فكرياً أو تمريناً أكاديمياً؛ وأن توحيد جبهة النضال المحلي والعالمي ضد هذه الأنظمة، الممركزة أورو-أمريكياً، لم يعد هاجس الحالمين... بل إن الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها، وبوصلتها الأخلاقية المتمثلة في الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، باتت أمراً واقعاً ومَوْقِعاً للمقاومةِ مُوقِعَاً أقسى الخسارات في جسد النظام العنصري لدولة الاستعمار الاستيطاني (إسرائيل). كما إن مواقف المثقفين العالميين الأحرار من هذه الحركة، ومساهماتهم الناجزة فيها، ودفاعهم النبيل عن مكتسباتها... شكَّلت الفضيلة التي تنماز بها حِنطة المثقفين عن زوانهم.
لا حدَّ لمديح الالتزام الأخلاقي للمناضلة ووكر التي قرنت القول بالعمل عبر وقوفها في الصفوف الأولى للدفاع عن قضايا العدالة والحرية في العالم؛ ولا حدَّ لمديح "القول الذي تحته عمل" في الأدب العالي الذي أنجزته الروائية ووكر من رفض "الاغتصاب والقهر" في أدبها ضد "سود" أمريكا؛ إلى مناهضة "الأقدام السوداء" في اشتباكها السياسي في جنوب أفريقيا؛ إلى مقارعة سواد النظام الاستعماري الصهيوني بحراً وبراً وجوَّاً: من "أسطول الحرية"، إلى تراب غزة، وحتى سماء القدس... ذلك أنه لا حدَّ لفضاءات المقاومة التي يُعلي بها المثقفون أصواتهم لتحقيق الخير العام أنَّى لزم ذلك، وكيفما لزم، على ضفاف الهادئ والهندي والأطلسي.
إن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وهو يثمِّن الصرخة المدوية التي أطلقتها الروائية المناضلة أليس ووكر مطلع هذا الشهر، ليشيد بواحد من أعظم الأمثلة على "المقاومة الصحيحة بوعي صحيح،" وبخاصة في ميدان "سياسات الترجمة" سواء داخل المركز الاستعماري أو على هوامشه المنكوبة. ذلك أن هذه الصرخة-الموقف، المستندة إلى محكمة راسل حول فلسطين من قلب جنوب أفريقيا بكل ما فيها من حمولات رمزية وقانونية ودروس أخرى في الأخلاقيات العابرة للحدود، تدشِّن درساً عالياً ليس في مناصرة فلسطين والفلسطينيين وحسب، بل وفي تلقين درسٍ قاس للمؤسسة الثقافية والإعلامية الإسرائيلية التي تحاول أن تكون الغرب إذا انتصر، والشرق إذا انتصر، وأن تكون "جلاداً مقدساً" يتاجر بقيم ثقافية ليست منه وليس منها.
لم تكن اللغة العبرية، شأنها في ذلك شأن كافة لغات الأرض، لغةً عنصريةً في ذاتها، بل هي لغةُ العنصريةِ الإسرائيلية بامتياز، ولغة الاحتلال بامتياز، ولغة نفي الآخر بامتياز. وعليه، فإن صرخة ووكر إنما تضع حداً لنفاق المؤسسة الثقافية والإعلامية الإسرائيلية، بوصفها سنداً تجميلياً للاحتلال، وتقول لسدنتها: حرروا أنفسكم من مناصرة الاستعمار وسياسات الفصل العنصري، وحرروا لغتكم من اللعنة التي دمغتها بها تلك السياسات، لتنال لغتكم الجدارة بأن تحمل قيم العدالة والحرية والكرامة التي تختزنها الأعمال الأدبية التي أدرك كاتبوها، بعد أن ذاقوا من جلاديهم ما تذيقونه لضحاياكم الفلسطينيين، أن ليس ثمة من مجال للحلول الوسط، ولا للمواقف الوسط: إما أن تكونوا مع العدالة والحرية، وإما أن تدفعوا ثمناً باهظاً لانحيازكم إلى الظلم والاحتلال.

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024