كي لا ننسى..... في الذكرى الثامنة لاستشهاده- نايف أبو شرخ قصة رجل شجاع
صادف اليوم السادس والعشرون من شهر يونيو، ذكرى إستشهاد القائد المعلم، نايف أبو شرخ، قائد كتائب شهداء الأقصى بالضفة الغربية وأحد القادة المطلوبين لدولة الإحتلال التي نجحت في مثل هذا اليوم من العام 2004 من إغتياله هو وعدد من قادة كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس وكتائب القسام ليتوحد الدم الفلسطيني في وجه الإحتلال وجرائمه بحق شعبنا البطل.
واذ نعيد بهذه المناسبة نشر هذا التحقيق الذي اجراه الزميل ماجد ابو عرب في وقت سابق لنسلط الضوء على سيرة الشهيد ابو فتحي
تحقيق: ماجد أبو عرب
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن مآثر وبطولات الشهيد نايف أبو شرخ قائد كتائب شهداء الأقصى في فلسطين, بعد مرور فترة من الزمن على استشهاده, فهناك من وصفه بصقر نابلس, وآخرين قالوا عنه رجل الشهامة والكرم, عاشق المحراب والبندقية, المناضل الصلب, عملاق جبل النار, حامي الديار عاشق ألأطفال, قاهر الغزاة, الرجل الشجاع, وغيرها العشرات من الصفات الحميدة لقائد مغوار اسمه (أبا فتحي ), ذاك الشاب الأسمر الذي امتاز بصلابة الرجال, ووحد ألأجيال, وقاتل قتال ألأبطال, عاش رافضا للظلم والقهر, حمل منذ صغره هموم الوطن ودافع عن حقوق وكرامة المواطن, دفع عمره فداءا للعدالة التي ما زالت غائبة في زمن المصالح والعولمة, نسي نفسه, وتذكر ألأسرى والمعتقلين, حارب الظالمين الذين اغتصبوا ألأرض, وحد المختلفين وصان كرامة المواطن, حافظ على مستقبل الشباب حتى أصبح ألأب الروحي لهم, أعجب بصمود ألأطفال, فكان رحيما بهم, دعا للوحدة في حياته وجسدها بدمه في (حوش ) الجيطان.
من هو نايف أبو شرخ, وكيف التحق بصفوف الثوار, لماذا أحب ألأسرى وعمل على خدمتهم؟ لماذا استهدفته إسرائيل, وشددت عليه الخناق أكثر من غيره ؟لماذا تفتقده فلسطين هذه ألأيام ؟
من هو نايف أبوشرخ
هو نايف فتحي نايف أبو شرخ من مواليد شهر كانون ثاني عام 1966, خرج من رحم المعاناة (رجلا صلبا ) عمل منذ نعومة أظافره في المحاجر وتعلم من حجارة فلسطين معنى الصلابة, استهوته مهنة (التبليط), مارس مختلف أنواع الرياضة في صغره, وكانت الملاكمة أفضلها على قلبه, تحمل مسؤولية ألأسرة حتى أصبح عمودها الفقري, صقلته التجارب والمحن, عرف معنى الرجولة مبكرا, عاش بين إخوته الخمسة بكل كبرياء وشمم, عشق ألأرض منذ نعومة إظفاره, تربى بين رجال المقاومة في أزقة البلدة القديمة, شارك بفعالية في صفوف المقاومة الشعبية, وكان بطلا من أبطال الحجارة في زمن المظاهرات الحجارة.
كيف التحق بصفوف الثورة
يقول شقيقه عمار منذ صغره ,كان نايف يكره الظلم ويمقت الظالمين , اصطحبته أمي وهو ابن الثالثة عشرة من عمره لزيارة شقيقها ( كايد صبح) الذي كان أسيرا لدى المحتلين , وأثناء الزيارة قال لخاله( كيف أصبح رجلا منظما في صفوف الثورة ), ضحك خالي وقال له :( أنت صغير وهذا الكلام كبير ), لم يصب باليأس, وبدأ معركته مع النضال برشق الحجارة في منطقة الدوار وسط المدينه , وفي محيط المدارس اعتقل لمدة 18 يوما في سجون الاحتلال , بعد الخروج من السجن ازداد إصراره على الالتحاق بركب المقاومة رغم صغر سنه( 17 عاما ), ثم فتح بذكائه خطا مع القيادة الفلسطينية التي كانت تقيم خارج الوطن , منذ البداية بد أ يتلقى تعليماته من الشهيد خليل الوزير أبو جهاد مباشرة , وذات يوم اكتشف والده وجود مسدس على خصره , استغرب ألأب ألأمر, وطلب منه الابتعاد عن هذا الطريق بسبب وعورته, إلا أن نايف رفض وقال( لا تقلق يا والدي إذا لم أقاوم أنا فمن سيقاوم) , صمت ألأب وقال له( الله معك يا ولدي , لكنني لا أريد أن أخسرك) ثم انغمس نايف في تأسيس كتائب الشهيد أبو جهاد في ألانتفاضه الأولى التي لعبت دورا بارزا في مقاومة المحتلين ومحاربة العملاء , وبسبب نشاطه السياسي والعسكري قرر الاب تزويجه من ابنة عمه لعل وعسى أن يخمد نار الثورة التي كانت تزداد اشتعالا بداخله يوما بعد الآخر , رفض في البداية نايف كشروع الزواج بسبب صغر سنه 17 عاما , لكنه وافق في النهاية تحت إصرار الأبوين وبعد زواجه أنجب ولدين وفي عام 1988 اعتقلته سلطات الاحتلال وأصدرت بحقه حكما بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات بتهمة إطلاق النار على احد العملاء , وأغلقت سلطات الاحتلال منزل العائلة وفور الإفراج عنه , عاد لمزاوله عمله الوطني فالتحق بصفوف الاجهزة الامنية للسلطة الوطنية "المخابرات ثم الارتباط العسكري" ثم قدم استقالته ,وتفرغ للعمل في خدمة ألأسرى عبر نادي ألأسير الذي يعتبر نايف أبو شرخ أحد مؤسسيه.
رمى إغراءات المناصب
تقول شقيقته أمل وهي تبكي بحرقة على فراقه بعد هذه السنوات ((نايف رمى إغراءات المناصب وراء ظهره ,وانخرط في صفوف الثورة عبر تأسيسه لمجموعات كتائب شهداء ألأقصى,رافعا شعار ((لا للظلم ,لا للاحتلال ,نعم للمقاومة,وبعد خوضه غمار المقاومة ,ارتفع رصيده الجماهيري ,وبعد اعتقال إسرائيل أحد المقاومين تمكنت المخابرات الإسرائيلية من الوصول إلى هوية من أرسله لتنفيذ عملية استشهادية ,بعد وصفه لملامح من سلمه الحزام الناسف داخل البلدة القديمة,لتبدأ عملية مطاردة نايف من قبل المحتلين ,ولم تكتف إسرائيل بما أدلى به الشاب المعتقل ,بل بدت مخابراتهم على قناعة تامة أن نايف أبو شرخ يقف خلف عشرات العمليات الاستشهادية ,في تلك الفترة تقول شقيقته : لم يعتكف نايف ولم يختبئ ,بل امتد عمله ليزداد عمقا , وارتفعت درجة مسؤولياته الاجتماعية والنضالية,وحمى مئات الشبان الصغار من الوقوع في براثن الضياع والسقوط ألأمني والخلقي ,من خلال دعمهم ماليا ونفسيا ,وشحن هممهم ,وتغذيتهم بأخلاقيات الثوار ,وتمكن من إرساء الأسس الصحيحة لنموذج عصري للمناضلين يقوم على احترام الجماهير وحب العدالة ,حتى غدا نموذجا يحتذي في احترام الناس ومشاعرهم ,وكان شغوفا بالأطفال يعشقهم لدرجة الجنون ,يوزع عليهم الحب والحنان ,وحتى العملاء الذين سقطوا في بئر الخيانة كان رحيما بهم على أمل أن ينقذهم من وحل الخيانة ,ففي احد ألأيام كما أفادت شقيقته :وقف أمامه أحد العملاء بعد اعترافه الطوعي مع المحتلين,وبدأ يبكي ,فقال له نايف : لماذا تبكي ؟ فأجابه(غدا حفل زفافي امنحني فرصة حتى أعيش بكرامة) رق قلب نايف ,وسمح له بالمغادرة ,وسلمه مبلغا من المال حتى يرتب أمور زفافه ,على أمل أن يعود له رشده .
صراعه مع المخابرات
كان صراع نايف مع المخابرات الإسرائيلية مريرا ,حيث دمروا منزله ثلاث مرات تدميرا كاملا ,وداهموه أكثر من (75 مرة ) رافق ذلك مسلسلات قمع وتنكيل لكافة أفراد أسرته (الشبان والأطفال والنساء) ,بالإضافة إلى سيل من التهديدات المتواصلة لأكثر من (4 سنوات) ,أضف إلى ذلك المراقبة اللصيقة لتحركانه من قبل عشرات العملاء الذين عملوا على متابعته ,لكنه كان شديد الحرص في حله وترحاله ,لذلك أفلت من الاغتيال أكثر من (10 مرات ) ,تحرسه عيون محبيه ,ودعوات أمه التي كانت تدعو له بطول البقاء ,خاصة ،أنه من أحب ألأبناء على قلبها,وما يذكر أن نايف كان يدعو بعد صلاته بالقول ((خذ روحي شهيدا ,لكن لا تمزق جسدي ,حتى لا تصاب أمي بحسرة ))
وحول علاقة نايف بأمه ,قالت ألأم : الله يرحم أبا فتحي كان إنسان بما تحمله الكلمة من معنى ,لم يد خل منزله قط المجاور لمنزلي الابعد أن يقبل يدي,المادة لم تعرف طريقها في جيبه ,فكانت من نصيب الفقراء والمحرومين والمناضلين والفقراء ,لذلك أحبوه وعشقوه وحرسوه برموش عيونهم .
غسان شقيقه قال :لقد تسببت نضالات نايف بمرض الصداع لرجال المخابرات فقال لي أحدهم :نريده حيا أو ميتا ,لقد كلفنا الملايين ,وقتل منا الكثير ) لذلك كثفت إسرائيل من حملاتها العسكرية ,وفرضت عليه حصارا مشددا داخل البلدة القديمة أكثر من (5 مرات ) بهدف اعتقاله ,الاانها فشلت فيها ,ويضيف غسان قائلا:اتصل مع نايف ضابط مخابرات إسرائيلي عبر الجوال وقال له (سلم نفسك ) ضحك نايف بسخرية ,فحاول ضابط استفزازه قائلا:((أخرج يا نايف من تحت ألأرض فأجابه نايف (أنا لست فأرا مثلكم لكي أختبئ تحت ألأرض ,فأنا فوق أرضي منزرعا ,ولن أرحل عنها .
صواريخ موجهة
وقالت والدة نايف :إسرائيل وضعت خطة محكمة من أجل اغتيال أبا فتحي ,ففي أعقاب تدمير منزله للمرة الثالثة ,كانت المخابرات الإسرائيلية تعتقد أنه سيزور أسرته بعد تد مير منزله ,لذلك قامت بنصب راجمة صواريخ فوق قمة جبل عيبا ل المطل على منطقة الدوار ,ووجهت هذه الصواريخ نحو مدخل المسمكة المجاور لمنزل نايف, لكنه لم يتوجه إلى منزله المدمر كما توقعت المخابرات ,التي كانت تنوي ارتكاب مجزرة في المنطقة المذكورة من أجل اصطياد بطل الكتائب,بالإضافة إلى رصدها لمبالغ مالية كبيرة لإغراء العملاء حتى يزودوها بمعلومات حول تحركانه ,أو تحديد موقعه ,كما أشارت والدته أن ضابطا إسرائيليا أستغرب عندما شاهد منزل نايف المتواضع ,فقال :قائد كبير مثل نايف يعيش في هكذا منزل ؟؟,ضحكت ألأم وقالت له (المناضلين لا تغرهم المظاهر ,ويعيشون حياة زهد وتقشف ,ولا يطمحون إلا بالجنة ) ,وكشفت والدة نايف أن اسرائيل طرحت على نايف الابعاد خارج حدود الوطن ,لكنه رفض مغادرة البلدة القديمة ,وكان رفيق دربه ( سلاحه وقرآنه وحزامه الناسف ) .
حملات عسكريه تلو الاخرى
ويذكر أن إسرائيل أصيبت بمرض الهوس , وكان جنود الاحتلال يعتقدون انه يختبئ تحت البلاط أو داخل أعمدة المنزل المبنية منذ مئات السنين . وشنت اعنف الحملات في البلدة القديمة , ونفذت أعمال هدم في قصر عبد الهادي وفي كل ركن من أركان المدينة دون أن تتمكن من اعتقاله فلجأت إلى أسلوبها الرخيص باعتقال زوجته وأشقائه للضغط عليه من اجل تسليم نفسه فعاش نايف شهوره الأخيرة متنقلا من منزل إلى آخر تحرسه عيون الجماهير , وكان ينتقل من مخبأ إلى آخر ووزعت إسرائيل صوره في كل مكان , وطبعت عشرات البيانات على الأهالي تحذرهم فيها من مساعدته أو إيوائه , فكان مخبأ ه الأخير داخل غرفه صغيره في حوش الجيطان داخل البلدة القديمة برفقة عدد كبير من قادة ونشطاء المقاومة الفلسطينية حيث نجح نايف في توحيد المقاومة في حياته ووحدها قبل رحيله , وقد ارتقى إلى العلى برفقه قائد كتائب عز الدين القسام جعفر المصري وقائد سرايا القدس الشهيد فادي البهتي الشيخ إبراهيم
كان يقول لنا الوحدة هي سر بقائنا وعنوان حضارتنا وهي لغة المقاومين الشرفاء
وبعد رحيل نايف حزن عليه الوطن بأكمله فهو عنوان وحده وصاحب رسالة سامية في التضحية والفداء وعنوان آصاله ورمز مقاومه , فرحل عن هذه الدنيا حاملا إرثا نضاليا كبيرا عنوانه التواضع ,و حب الجماهير ,و الابتعاد عن الاستعراض واليد النظيفة , فكما قال شقيقه عمار : لم نجد في رصيده البنكي بعد رحيله سوى (86شيكلا) حيث كان يصرف راتبه على المقاومين والفقراء فمن أين نأتي بأبطال أمثال الشهيد نايف أبو شرخ . باعوا رغد الحياة ,ليعيشوا في الكهوف مطاردين أحرار .
واذ نعيد بهذه المناسبة نشر هذا التحقيق الذي اجراه الزميل ماجد ابو عرب في وقت سابق لنسلط الضوء على سيرة الشهيد ابو فتحي
تحقيق: ماجد أبو عرب
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن مآثر وبطولات الشهيد نايف أبو شرخ قائد كتائب شهداء الأقصى في فلسطين, بعد مرور فترة من الزمن على استشهاده, فهناك من وصفه بصقر نابلس, وآخرين قالوا عنه رجل الشهامة والكرم, عاشق المحراب والبندقية, المناضل الصلب, عملاق جبل النار, حامي الديار عاشق ألأطفال, قاهر الغزاة, الرجل الشجاع, وغيرها العشرات من الصفات الحميدة لقائد مغوار اسمه (أبا فتحي ), ذاك الشاب الأسمر الذي امتاز بصلابة الرجال, ووحد ألأجيال, وقاتل قتال ألأبطال, عاش رافضا للظلم والقهر, حمل منذ صغره هموم الوطن ودافع عن حقوق وكرامة المواطن, دفع عمره فداءا للعدالة التي ما زالت غائبة في زمن المصالح والعولمة, نسي نفسه, وتذكر ألأسرى والمعتقلين, حارب الظالمين الذين اغتصبوا ألأرض, وحد المختلفين وصان كرامة المواطن, حافظ على مستقبل الشباب حتى أصبح ألأب الروحي لهم, أعجب بصمود ألأطفال, فكان رحيما بهم, دعا للوحدة في حياته وجسدها بدمه في (حوش ) الجيطان.
من هو نايف أبو شرخ, وكيف التحق بصفوف الثوار, لماذا أحب ألأسرى وعمل على خدمتهم؟ لماذا استهدفته إسرائيل, وشددت عليه الخناق أكثر من غيره ؟لماذا تفتقده فلسطين هذه ألأيام ؟
من هو نايف أبوشرخ
هو نايف فتحي نايف أبو شرخ من مواليد شهر كانون ثاني عام 1966, خرج من رحم المعاناة (رجلا صلبا ) عمل منذ نعومة أظافره في المحاجر وتعلم من حجارة فلسطين معنى الصلابة, استهوته مهنة (التبليط), مارس مختلف أنواع الرياضة في صغره, وكانت الملاكمة أفضلها على قلبه, تحمل مسؤولية ألأسرة حتى أصبح عمودها الفقري, صقلته التجارب والمحن, عرف معنى الرجولة مبكرا, عاش بين إخوته الخمسة بكل كبرياء وشمم, عشق ألأرض منذ نعومة إظفاره, تربى بين رجال المقاومة في أزقة البلدة القديمة, شارك بفعالية في صفوف المقاومة الشعبية, وكان بطلا من أبطال الحجارة في زمن المظاهرات الحجارة.
كيف التحق بصفوف الثورة
يقول شقيقه عمار منذ صغره ,كان نايف يكره الظلم ويمقت الظالمين , اصطحبته أمي وهو ابن الثالثة عشرة من عمره لزيارة شقيقها ( كايد صبح) الذي كان أسيرا لدى المحتلين , وأثناء الزيارة قال لخاله( كيف أصبح رجلا منظما في صفوف الثورة ), ضحك خالي وقال له :( أنت صغير وهذا الكلام كبير ), لم يصب باليأس, وبدأ معركته مع النضال برشق الحجارة في منطقة الدوار وسط المدينه , وفي محيط المدارس اعتقل لمدة 18 يوما في سجون الاحتلال , بعد الخروج من السجن ازداد إصراره على الالتحاق بركب المقاومة رغم صغر سنه( 17 عاما ), ثم فتح بذكائه خطا مع القيادة الفلسطينية التي كانت تقيم خارج الوطن , منذ البداية بد أ يتلقى تعليماته من الشهيد خليل الوزير أبو جهاد مباشرة , وذات يوم اكتشف والده وجود مسدس على خصره , استغرب ألأب ألأمر, وطلب منه الابتعاد عن هذا الطريق بسبب وعورته, إلا أن نايف رفض وقال( لا تقلق يا والدي إذا لم أقاوم أنا فمن سيقاوم) , صمت ألأب وقال له( الله معك يا ولدي , لكنني لا أريد أن أخسرك) ثم انغمس نايف في تأسيس كتائب الشهيد أبو جهاد في ألانتفاضه الأولى التي لعبت دورا بارزا في مقاومة المحتلين ومحاربة العملاء , وبسبب نشاطه السياسي والعسكري قرر الاب تزويجه من ابنة عمه لعل وعسى أن يخمد نار الثورة التي كانت تزداد اشتعالا بداخله يوما بعد الآخر , رفض في البداية نايف كشروع الزواج بسبب صغر سنه 17 عاما , لكنه وافق في النهاية تحت إصرار الأبوين وبعد زواجه أنجب ولدين وفي عام 1988 اعتقلته سلطات الاحتلال وأصدرت بحقه حكما بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات بتهمة إطلاق النار على احد العملاء , وأغلقت سلطات الاحتلال منزل العائلة وفور الإفراج عنه , عاد لمزاوله عمله الوطني فالتحق بصفوف الاجهزة الامنية للسلطة الوطنية "المخابرات ثم الارتباط العسكري" ثم قدم استقالته ,وتفرغ للعمل في خدمة ألأسرى عبر نادي ألأسير الذي يعتبر نايف أبو شرخ أحد مؤسسيه.
رمى إغراءات المناصب
تقول شقيقته أمل وهي تبكي بحرقة على فراقه بعد هذه السنوات ((نايف رمى إغراءات المناصب وراء ظهره ,وانخرط في صفوف الثورة عبر تأسيسه لمجموعات كتائب شهداء ألأقصى,رافعا شعار ((لا للظلم ,لا للاحتلال ,نعم للمقاومة,وبعد خوضه غمار المقاومة ,ارتفع رصيده الجماهيري ,وبعد اعتقال إسرائيل أحد المقاومين تمكنت المخابرات الإسرائيلية من الوصول إلى هوية من أرسله لتنفيذ عملية استشهادية ,بعد وصفه لملامح من سلمه الحزام الناسف داخل البلدة القديمة,لتبدأ عملية مطاردة نايف من قبل المحتلين ,ولم تكتف إسرائيل بما أدلى به الشاب المعتقل ,بل بدت مخابراتهم على قناعة تامة أن نايف أبو شرخ يقف خلف عشرات العمليات الاستشهادية ,في تلك الفترة تقول شقيقته : لم يعتكف نايف ولم يختبئ ,بل امتد عمله ليزداد عمقا , وارتفعت درجة مسؤولياته الاجتماعية والنضالية,وحمى مئات الشبان الصغار من الوقوع في براثن الضياع والسقوط ألأمني والخلقي ,من خلال دعمهم ماليا ونفسيا ,وشحن هممهم ,وتغذيتهم بأخلاقيات الثوار ,وتمكن من إرساء الأسس الصحيحة لنموذج عصري للمناضلين يقوم على احترام الجماهير وحب العدالة ,حتى غدا نموذجا يحتذي في احترام الناس ومشاعرهم ,وكان شغوفا بالأطفال يعشقهم لدرجة الجنون ,يوزع عليهم الحب والحنان ,وحتى العملاء الذين سقطوا في بئر الخيانة كان رحيما بهم على أمل أن ينقذهم من وحل الخيانة ,ففي احد ألأيام كما أفادت شقيقته :وقف أمامه أحد العملاء بعد اعترافه الطوعي مع المحتلين,وبدأ يبكي ,فقال له نايف : لماذا تبكي ؟ فأجابه(غدا حفل زفافي امنحني فرصة حتى أعيش بكرامة) رق قلب نايف ,وسمح له بالمغادرة ,وسلمه مبلغا من المال حتى يرتب أمور زفافه ,على أمل أن يعود له رشده .
صراعه مع المخابرات
كان صراع نايف مع المخابرات الإسرائيلية مريرا ,حيث دمروا منزله ثلاث مرات تدميرا كاملا ,وداهموه أكثر من (75 مرة ) رافق ذلك مسلسلات قمع وتنكيل لكافة أفراد أسرته (الشبان والأطفال والنساء) ,بالإضافة إلى سيل من التهديدات المتواصلة لأكثر من (4 سنوات) ,أضف إلى ذلك المراقبة اللصيقة لتحركانه من قبل عشرات العملاء الذين عملوا على متابعته ,لكنه كان شديد الحرص في حله وترحاله ,لذلك أفلت من الاغتيال أكثر من (10 مرات ) ,تحرسه عيون محبيه ,ودعوات أمه التي كانت تدعو له بطول البقاء ,خاصة ،أنه من أحب ألأبناء على قلبها,وما يذكر أن نايف كان يدعو بعد صلاته بالقول ((خذ روحي شهيدا ,لكن لا تمزق جسدي ,حتى لا تصاب أمي بحسرة ))
وحول علاقة نايف بأمه ,قالت ألأم : الله يرحم أبا فتحي كان إنسان بما تحمله الكلمة من معنى ,لم يد خل منزله قط المجاور لمنزلي الابعد أن يقبل يدي,المادة لم تعرف طريقها في جيبه ,فكانت من نصيب الفقراء والمحرومين والمناضلين والفقراء ,لذلك أحبوه وعشقوه وحرسوه برموش عيونهم .
غسان شقيقه قال :لقد تسببت نضالات نايف بمرض الصداع لرجال المخابرات فقال لي أحدهم :نريده حيا أو ميتا ,لقد كلفنا الملايين ,وقتل منا الكثير ) لذلك كثفت إسرائيل من حملاتها العسكرية ,وفرضت عليه حصارا مشددا داخل البلدة القديمة أكثر من (5 مرات ) بهدف اعتقاله ,الاانها فشلت فيها ,ويضيف غسان قائلا:اتصل مع نايف ضابط مخابرات إسرائيلي عبر الجوال وقال له (سلم نفسك ) ضحك نايف بسخرية ,فحاول ضابط استفزازه قائلا:((أخرج يا نايف من تحت ألأرض فأجابه نايف (أنا لست فأرا مثلكم لكي أختبئ تحت ألأرض ,فأنا فوق أرضي منزرعا ,ولن أرحل عنها .
صواريخ موجهة
وقالت والدة نايف :إسرائيل وضعت خطة محكمة من أجل اغتيال أبا فتحي ,ففي أعقاب تدمير منزله للمرة الثالثة ,كانت المخابرات الإسرائيلية تعتقد أنه سيزور أسرته بعد تد مير منزله ,لذلك قامت بنصب راجمة صواريخ فوق قمة جبل عيبا ل المطل على منطقة الدوار ,ووجهت هذه الصواريخ نحو مدخل المسمكة المجاور لمنزل نايف, لكنه لم يتوجه إلى منزله المدمر كما توقعت المخابرات ,التي كانت تنوي ارتكاب مجزرة في المنطقة المذكورة من أجل اصطياد بطل الكتائب,بالإضافة إلى رصدها لمبالغ مالية كبيرة لإغراء العملاء حتى يزودوها بمعلومات حول تحركانه ,أو تحديد موقعه ,كما أشارت والدته أن ضابطا إسرائيليا أستغرب عندما شاهد منزل نايف المتواضع ,فقال :قائد كبير مثل نايف يعيش في هكذا منزل ؟؟,ضحكت ألأم وقالت له (المناضلين لا تغرهم المظاهر ,ويعيشون حياة زهد وتقشف ,ولا يطمحون إلا بالجنة ) ,وكشفت والدة نايف أن اسرائيل طرحت على نايف الابعاد خارج حدود الوطن ,لكنه رفض مغادرة البلدة القديمة ,وكان رفيق دربه ( سلاحه وقرآنه وحزامه الناسف ) .
حملات عسكريه تلو الاخرى
ويذكر أن إسرائيل أصيبت بمرض الهوس , وكان جنود الاحتلال يعتقدون انه يختبئ تحت البلاط أو داخل أعمدة المنزل المبنية منذ مئات السنين . وشنت اعنف الحملات في البلدة القديمة , ونفذت أعمال هدم في قصر عبد الهادي وفي كل ركن من أركان المدينة دون أن تتمكن من اعتقاله فلجأت إلى أسلوبها الرخيص باعتقال زوجته وأشقائه للضغط عليه من اجل تسليم نفسه فعاش نايف شهوره الأخيرة متنقلا من منزل إلى آخر تحرسه عيون الجماهير , وكان ينتقل من مخبأ إلى آخر ووزعت إسرائيل صوره في كل مكان , وطبعت عشرات البيانات على الأهالي تحذرهم فيها من مساعدته أو إيوائه , فكان مخبأ ه الأخير داخل غرفه صغيره في حوش الجيطان داخل البلدة القديمة برفقة عدد كبير من قادة ونشطاء المقاومة الفلسطينية حيث نجح نايف في توحيد المقاومة في حياته ووحدها قبل رحيله , وقد ارتقى إلى العلى برفقه قائد كتائب عز الدين القسام جعفر المصري وقائد سرايا القدس الشهيد فادي البهتي الشيخ إبراهيم
كان يقول لنا الوحدة هي سر بقائنا وعنوان حضارتنا وهي لغة المقاومين الشرفاء
وبعد رحيل نايف حزن عليه الوطن بأكمله فهو عنوان وحده وصاحب رسالة سامية في التضحية والفداء وعنوان آصاله ورمز مقاومه , فرحل عن هذه الدنيا حاملا إرثا نضاليا كبيرا عنوانه التواضع ,و حب الجماهير ,و الابتعاد عن الاستعراض واليد النظيفة , فكما قال شقيقه عمار : لم نجد في رصيده البنكي بعد رحيله سوى (86شيكلا) حيث كان يصرف راتبه على المقاومين والفقراء فمن أين نأتي بأبطال أمثال الشهيد نايف أبو شرخ . باعوا رغد الحياة ,ليعيشوا في الكهوف مطاردين أحرار .