مركز حقوقي: قوة التقرير البريطاني حول الأطفال المعتقلين تنبع من حياديته
قال مدير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، رفعت قسيس، إن قوة التقرير الذي أعدته مجموعة من المحامين البريطانيين المستقلين حول "الأطفال في الاحتجاز العسكري" تنبع من حيادية الجهة التي أعدته.
وأضاف قسيس، في بيان صحفي صادر عن الحركة، اليوم الخميس، إن المنهجية التي اعتمدتها البعثة في إعداد تقريرها استندت إلى مناقشة وجهات نظر الأطراف المختلفة، وتمثلت بتنظيم اجتماعات مع جهات مختلفة سواء كانت وزارة العدل الإسرائيلية أو القضاة العسكريون الإسرائيليون، أو النيابة العامة للحديث عن النظام القضائي العسكري، وفي ذات الوقت الاجتماع مع مؤسسات حقوق إنسان فلسطينية وإسرائيلية ومنظمات أمم متحدة وأطفال معتقلين سابقين للحديث عن النظام القضائي العسكري، وتحليل وجهات نظرهم بالاستناد إلى المعايير القانونية الدولية.
وكان قد صدر في لندن في 26 من الشهر الجاري تقريرا جديدا حول الأطفال في الاحتجاز العسكري الإسرائيلي، أعدّه تسعة محامين بريطانيين عقب زيارة نظموها إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة في أيلول 2011، لتقييم معاملة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين بموجب القانون العسكري الإسرائيلي.
ووفقا للموقع الإلكتروني لوفد المحامين، فقد هدفت تلك الزيارة إلى إعداد تقرير مستقل يقوم على مبادئ سيادة القانون وحقوق الطفل، حيث جمعت خلالها مجموعة كبيرة من المعلومات ذات الصلة.
والتقى الوفد خلال زيارته بعدد من الأطراف الرئيسية، بمن في ذلك جهات حكومية إسرائيلية والجيش والمنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية، ووكالات الأمم المتحدة وجنود إسرائيليون سابقون وأطفال فلسطينيون. كما زار المحاكم العسكرية في سجن "عوفر"، وراقب الإجراءات التي تطبق على الأطفال في هذه المحاكم.
وكان الهدف من البعثة، حسب موقع الوفد، "إجراء تحليل تقييمي للقانون العسكري الإسرائيلي والممارسة كونها تؤثر على الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية بالاستناد إلى معايير القانون الدولي وحقوق الطفل الدولية، ولم يهدف أعضاء الوفد لمناقشة وتحليل قانونية أو عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض المحتلة، بل تم التعامل مع هذه الحقيقة كواقع، ولم يكن أيضا من اختصاص البعثة تحليل تأثير الاحتلال على رفاه وحقوق الأطفال خارج العملية القانونية".
وقد كان السؤال الرئيسي للبعثة/ إذا ما كان هناك أي مبرر لمعاملة الأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل مختلف في القانون أو في الممارسة العملية؟.
وخلص التقرير إلى عدد من النتائج الرئيسية التي استندت فقط على الفوارق القانونية بين النظام القضائي العسكري الإسرائيلي المطبق على الأطفال الفلسطينيين، والنظام المدني المطبق على الأطفال الإسرائيليين، ومن أبرز هذه النتائج أن إسرائيل تنتهك المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السجناء الفلسطينيين خارج الأرض المحتلة، وتنتهك المادة 65 من اتفاقية جنيف الرابعة بإخفاقها في ترجمة الأوامر العسكرية ذات الصلة إلى اللغة العربية، وتنتهك المادة 2 المتعلقة بالتمييز، والمادة 3 المتعلقة بمصالح الطفل، والمادة 37 (ب) المتعلقة بالتسرع في اللجوء إلى الاحتجاز، والمادة 37 (ج) المتعلقة بعدم الفصل عن البالغين، والمادة 37 (د) المتعلقة برؤية محام على وجه السرعة، والمادة 40 المتعلقة باستخدام القيود، من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
وجاء في التقرير: "إذا كانت طريقة الاعتقال والاحتجاز مماثلة إلى حد كبير لتلك التي وصفت لنا من قبل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية والأطفال الفلسطينيين، عندئذ تكون إسرائيل قد انتهكت الحظر المفروض على المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بحسب المادة 37 ( أ) من اتفاقية حقوق الطفل".
وأضاف التقرير: "إننا هنا نسجل وجهة نظرنا أن احتجاز الأطفال بشكل روتيني ولفترات طويلة في الحبس الانفرادي قد يصل، إذا وقع فعلا، إلى حد التعذيب وهو بحد ذاته انتهاك ليس فقط للمادة 37 (أ)، وإنما أيضا انتهاك للقوانين الدولية الأخرى المعروفة".
واشتمل التقرير على عدد من التوصيات، أهمها أنه لا ينبغي اعتقال الأطفال في الليل في ظروف غير عادية، كما ينبغي إبلاغ جميع الأطفال في وقت اعتقالهم وبلغة يفهمونها بأسباب اعتقالهم وحقهم في التزام الصمت، كذلك لا ينبغي نهائيا تعصيب أعين الأطفال أو تغطية وجوههم، ولا يجوز استخدام أساليب التقييد إلا عند الضرورة القصوى وينبغي حظر استخدام قيد بلاستيكي واحد.
كما أوصى بحظر نقل الأطفال على أرضية المركبات العسكرية بل يجب إجلاسهم بشكل مناسب والتعامل معهم بشكل يحفظ كرامتهم طوال الوقت، ووجوب الالتزام والامتثال بشكل صارم، وفي جميع المراحل، بعدم استخدام العنف والتهديد والإكراه تجاه الأطفال، وضرورة مرافقة الطفل من قبل أحد الوالدين أو الوصي عليه قبل وأثناء التحقيق، وتسجيل مجريات التحقيق بالصوت والصورة وتوفير نسخة عن الأشرطة لمحامي الطفل، وعدم إجبار الأطفال على التوقيع على اعترافات أو إفادات مكتوبة بلغة غير لغتهم الأم.
وأكد التقرير أنه يجب احتجاز كافة الأطفال الفلسطينيين بموجب القانون العسكري الإسرائيلي في منشآت في الأرض الفلسطينية المحتلة وليس في إسرائيل لأن ذلك يعد انتهاكا للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة.
وشدد أن على حكومة المملكة المتحدة واجبات والتزامات قانونية محددة بموجب المادة 1 من اتفاقية جنيف الرابعة "لاحترام وضمان احترام الاتفاقية في جميع الظروف".