"حنين هندية" .. حكاية أمل لم يتعب !
أن تهبط بك الحياة على حقل من الشوك ، تتحول الحياة في ذاتها إلى إختبار قاس واستثنائي للعقل و الإرادة معا ؛ فيما "الحقل" الذي ينغل بالأسئلة، لن يمنحك دروبا تفضي إلى ما ورائه دون المواظبة، أولا بأول..على إقتلاع الأشواك التي تعلق في خطاك !
الفرق الجوهري بين من يكتفون في صب اللعنات على أقدارهم ومن ينجحون في شق دروبهم عبر حقول الشوك الإجبارية، كما تظهر تجربة الفلسطينية حنين هندية، يتمثل بالأساس في أن الأخيرين ثابروا في جعل العقل خادما أمينا لتفاؤل الإرادة ، دون الركون إلى "المصادفات السعيدة" ..
قالت حنين التي أصيبت لحظة ولادتها بـ" نقص في الأكسجين" أدرجها لاحقا في قائمة "ذوي الاحتياجات الخاصة"، أنها بدأت كتابة الشعر في الرابعة عشرة من عمرها و نشرت أولى كتاباتها في مجلة الفجر الأدبي التي كان يرأس تحريرها في حينه الشاعر علي الخليلي، فيما نشرت ديوانها الأول (صلوات في معبد الطفولة ) وهي في السادسة عشرة ، ثم لاحقا ديواني "لعينيك يا وطني" و"أسمع همسي"..وعلى الطريق يتوقد الأمل في الحصول على درجة الدكتوراه .
ما بين وليدة أدرجها "خطأ طبي" ضمن فئة المعوقين و شاعرة واعدة بعمر 14 عاما، ثم كاتبة بعمر38 عاما... ثمة قصة استثنائية جديرة بالقراءة و التأمل..؛
قالت والدة حنين أن ابنتها التي تأمل في الحصول على فرصة لإستكمال العلاج، سيما وأن الطب الحديث أوجد علاجاً لحالتها يتمثل في زراعة شريحة بالدماغ لتنظيم كهرباء الأعصاب – قالت لـ أن أخطاء الأطباء التي أقعدتها عن الحركة لم تحل بين العائلة و قدرتها في شق طريق للأمل تخفف عن البنت وطأة الحرمان من القدرة على الحركة أسوة بالآخرين ، مشيرة إلى ان الاسرة تمكنت من إدخالها مدرسة تابعة للجمعية العربية في بيت لحم لمدة خمس سنوات، حيث تعلمت خلالها القراءة والكتابة ومباديء الحساب واللغة الانجليزية، إضافة الى المهارات والآداب الحياتية اليومية والعلاج الطبيعي، موضحة أن حنين اكتشفت شغفها بالقراءة خلال تلك الفترة، لتعود بعدها إلى العائلة وتبدأ ( بمساعدة والدها النجار ) في بناء مكتبة منزلية مزدحمة بعناوين الكتب في مختلف المجالات .
حنين هندية الموظفة في وزارة الثقافة، و تطمح في الانتقال الى الكتابة في مجال السياسة والحصول على درجة الدكتوراة، كانت بدأت كتابة الخواطر الأدبية بعد شوط من قراءة الكتب و الشغف بها، فيما مكنها حصاد الكتب من الحصول على قبول من جامعة النجاح كطالبة مستمعة بالتزامن دخول السلطة الوطنية، ما مكن محاضري الجامعة من التعرف على طالبة متميزة و تحفيزها للحصول على الثانوية العامة ( التوجيهي ) ومن ثم الإلتحاق بالجامعة و الحصول على درجتي البكالوريوس والماجستير في الأدب العربي..
قالت عائلة هندية وهي تشرح قصة حنين التي لا تكل في إقتلاع الأشواك كلما علقت في أحلامها ، ان الرئيس الراحل ياسر عرفات كان إهتم بحالتها ( بعد أن عرفه عليها محافظ نابلس في حينه محمود العالول ومكنها من تلقي العلاج في مدينة الحسين الطبية بالأردن، فيما يسكنها الأمل، هذه الأيام ، في تدخل خليفته الرئيس محمود عباس بحيث يمكنها من مواصلة العلاج و زراعة شريحة في الدماغ تنظم كهرباء الاعصاب؛ ذلك أن العائلة لا تستطيع توفير الأموال اللازمة لتحقيق أمل جديد ، لإمرأة لم يتعب فيها الأمل، بالرغم من مرور 38 عاما على خطأ طبي فشل في النيل من أحلامها .