وداعا أديبنا واستأذنا الناقد د. حبيب بولس- نبيل عودة
مرة وراء أخرى يخطف الموت من بيننا شخصية ثقافية وفكرية ووطنية هو المحاضر الجامعي الناقد الدكتور حبيب بولس بعد مرض عضال لم يمهله طويلا. بذلك ينضم الناقد حبيب بولس إلى قافلة من أدباء شعبنا الطلائعيين الذين وافاهم الأجل في الفترة القصيرة الماضية، كلهم من الجيل الذي برز ونشط في فترة شهدت انتفاضة أدبية شاملة وضعت ثقافتنا في مسار طليعي في الثقافة العربية، منهم شاعرنا الكبير محمود درويش، الكاتب الشاعر والمفكر سالم جبران والدكتور الشاعر والفنان سليم مخولي. ها هو حبيب بولس ينضم لقافلة أدباء فلسطينيين طلائعيين ارسوا قاعدة صلبة لثقافتنا العربية الفلسطينية, في مواجهة سياسة عنصرية مبرمجه لإضعاف اللسان العربي وتشويه لغتنا، فجعلوها مصدرا لإلهام الأدباء الشباب في الداخل ولمجمل الحركة الأدبية العربية.فارسوا حركة ثقافية نشطة، وقد رحلوا للأسف قبل أوانهم، وكان فقيدنا في الخامسة والستين من عمره .
تلقينا الخبر المفجع بعد ظهر يوم الأربعاء (04-07-2012) وكان من الصعب التصديق رغم معرفتنا بمرضه. كنا نحلم أن نراه يعود إلى كامل نشاطه الثقافي والنقدي في رصد حركتنا الثقافية ومتابعة الإبداعات الأدبية المحلية بقلمه الناصع والمسؤول والجاد.
للمحاضر الجامعي والناقد حبيب بولس العديد من الإصدارات الثقافية والفكرية والنقدية والتعليمية والمقالات السياسية حول قضايا حارقة ، من أبرز مؤلفاته ," انطولوجيا القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة " وعشرات الكتب النقدية حول الشعر والقصة والكتب السياسية والفكرية والتعليمية والسياسية المختلفة التي أصدرها خلال مسيرة حياته ، ومن بينها كتابه الرائع "قرويات" الذي يمكن تصنيفه بين الأعمال البارزة والهامة في ثقافتنا بمضمونه المميز .
نص "قرويات" يكشف لنا نوسطالجيا (حنين)غير عادية عايشها حبيب بولس ، مسجلاً تفاصيل بدأت تختفي من أجواء قرانا ومدننا العربية ، من علاقاتنا وممارساتنا اليومية ، من شوارعنا وبيوتنا ، من ألعابنا وتسالينا ، ومن وسائل تنقلنا ، من مدارسنا ، من معلمينا، من أفراحنا و أتراحنا ، من مفاهيمنا السياسية ووطنيتنا ، من مواسمنا وسهراتنا ، من أعيادنا وعقائدنا الدينية ، من ثقافتنا وفنوننا ونضالاتنا.
التغيير الذي يرصده حبيب كان أعمق من الشكل ، لدرجة انه شكل لنا مضامين جديدة ، أفكارا جديدة ، رؤية سياسية جديدة ، ثقافة جديدة ، أطعمة جديدة ، بل ولغة جديدة أيضا في مفهوم معين . كأني به يرصد التاريخ والعوامل "التاريخية" والثقافية التي غيرت مسقط رأسه ، قريته الجليلية "كفرياسيف" بشكل خاص وغيرت واقع بلداتنا كلها بشكل عام وغيرتنا نحن ( الناس ) في الحساب الأخير .
.أصدر حبيب بولس كتبا نقدية تناولت مجمل النشاط الإبداعي للأدباء العرب في إسرائيل،إلى جانب مراجعات ونقد للنشاط المسرحي، عدا كتب تعليمية مختلفة، ونشر كتابان عن قضايا اجتماعية وسياسية ملحة.
تابعت باهتمام نشاط حبيب بولس منذ كتاباته الأولى التي لفتت انتباه حركتنا الثقافية ، ثم في إصداراته اللاحقة، وارى بنشاط الدكتور الناقد حبيب بولس الإبداعي قيمة ثقافية هامة، خاصة بما يتعلق بالثقافة المحلية ( الأدب العربي الفلسطيني في إسرائيل) الذي كرس له معظم جهده النقدي، أكثر من أي ناقد آخر، والأهم ما ميز نقده من وضوح واستقامة في الطرح ، ويمكن القول ان حبيب بولس بأسلوبه ومضامين نقده، بنى تيارا نقديا خاصا. واليوم لا يمكن كتابة تقييم أدبي عن الأدب العربي الفلسطيني في إسرائيل، دون الاعتماد على مراجعات الدكتور حبيب بولس.
إلى جانب نشاطه النقدي المميز، قدم الدكتور بولس برنامجا أدبيا تلفزيونيا (بين الكلمات)، من الممكن اعتباره مسحا ثقافيا لأدبنا المحلي، استضاف فيه كل الأسماء الأدبية الناشطة، وليت القناة التلفزيونية تحول حلقات برنامج حبيب بولس إلى اشاريط تنشرها على اليوتيوب، لما فيها من أهمية ثقافية للأدباء والباحثين ومؤرخي الثقافة بما تضمنته من مواقف الأدباء ونشاطهم ومواقف الدكتور حبيب بولس من مختلف المواضيع التي طرحها على ضيوفه في برنامجه.
تابعت مقالات وإصدارات حبيب بولس، واستعنت بآرائه ومشورته، وتبادلت معه الكثير من الآراء النقدية والثقافية التي أثرت على بالكثير من مواقفي.
نحني رأسنا إجلالا لعلم من أعلامنا الثقافية، علم رحل قبل أوانه وهو في قمة عطائه، تاركا وراءه فراغا كبيرا وألما أكبر لفقدان إنسان كبير وأستاذ عاشق للغة العربية كرس حياته لرفع مكانتها وغرسها في روح طلابه.
وداعا للناقد حبيب بولس، وسيبقى خالدا بنشاطه الثقافي والتعليمي ونضاله ومواقفه وبما غرسه في ثقافتنا من اتجاه نقدي، وفي طلابه من مفاهيم إبداعية ورؤية ثقافية وطنية وعشق للغة العربية .
nabiloudeh@gmail.com
تلقينا الخبر المفجع بعد ظهر يوم الأربعاء (04-07-2012) وكان من الصعب التصديق رغم معرفتنا بمرضه. كنا نحلم أن نراه يعود إلى كامل نشاطه الثقافي والنقدي في رصد حركتنا الثقافية ومتابعة الإبداعات الأدبية المحلية بقلمه الناصع والمسؤول والجاد.
للمحاضر الجامعي والناقد حبيب بولس العديد من الإصدارات الثقافية والفكرية والنقدية والتعليمية والمقالات السياسية حول قضايا حارقة ، من أبرز مؤلفاته ," انطولوجيا القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة " وعشرات الكتب النقدية حول الشعر والقصة والكتب السياسية والفكرية والتعليمية والسياسية المختلفة التي أصدرها خلال مسيرة حياته ، ومن بينها كتابه الرائع "قرويات" الذي يمكن تصنيفه بين الأعمال البارزة والهامة في ثقافتنا بمضمونه المميز .
نص "قرويات" يكشف لنا نوسطالجيا (حنين)غير عادية عايشها حبيب بولس ، مسجلاً تفاصيل بدأت تختفي من أجواء قرانا ومدننا العربية ، من علاقاتنا وممارساتنا اليومية ، من شوارعنا وبيوتنا ، من ألعابنا وتسالينا ، ومن وسائل تنقلنا ، من مدارسنا ، من معلمينا، من أفراحنا و أتراحنا ، من مفاهيمنا السياسية ووطنيتنا ، من مواسمنا وسهراتنا ، من أعيادنا وعقائدنا الدينية ، من ثقافتنا وفنوننا ونضالاتنا.
التغيير الذي يرصده حبيب كان أعمق من الشكل ، لدرجة انه شكل لنا مضامين جديدة ، أفكارا جديدة ، رؤية سياسية جديدة ، ثقافة جديدة ، أطعمة جديدة ، بل ولغة جديدة أيضا في مفهوم معين . كأني به يرصد التاريخ والعوامل "التاريخية" والثقافية التي غيرت مسقط رأسه ، قريته الجليلية "كفرياسيف" بشكل خاص وغيرت واقع بلداتنا كلها بشكل عام وغيرتنا نحن ( الناس ) في الحساب الأخير .
.أصدر حبيب بولس كتبا نقدية تناولت مجمل النشاط الإبداعي للأدباء العرب في إسرائيل،إلى جانب مراجعات ونقد للنشاط المسرحي، عدا كتب تعليمية مختلفة، ونشر كتابان عن قضايا اجتماعية وسياسية ملحة.
تابعت باهتمام نشاط حبيب بولس منذ كتاباته الأولى التي لفتت انتباه حركتنا الثقافية ، ثم في إصداراته اللاحقة، وارى بنشاط الدكتور الناقد حبيب بولس الإبداعي قيمة ثقافية هامة، خاصة بما يتعلق بالثقافة المحلية ( الأدب العربي الفلسطيني في إسرائيل) الذي كرس له معظم جهده النقدي، أكثر من أي ناقد آخر، والأهم ما ميز نقده من وضوح واستقامة في الطرح ، ويمكن القول ان حبيب بولس بأسلوبه ومضامين نقده، بنى تيارا نقديا خاصا. واليوم لا يمكن كتابة تقييم أدبي عن الأدب العربي الفلسطيني في إسرائيل، دون الاعتماد على مراجعات الدكتور حبيب بولس.
إلى جانب نشاطه النقدي المميز، قدم الدكتور بولس برنامجا أدبيا تلفزيونيا (بين الكلمات)، من الممكن اعتباره مسحا ثقافيا لأدبنا المحلي، استضاف فيه كل الأسماء الأدبية الناشطة، وليت القناة التلفزيونية تحول حلقات برنامج حبيب بولس إلى اشاريط تنشرها على اليوتيوب، لما فيها من أهمية ثقافية للأدباء والباحثين ومؤرخي الثقافة بما تضمنته من مواقف الأدباء ونشاطهم ومواقف الدكتور حبيب بولس من مختلف المواضيع التي طرحها على ضيوفه في برنامجه.
تابعت مقالات وإصدارات حبيب بولس، واستعنت بآرائه ومشورته، وتبادلت معه الكثير من الآراء النقدية والثقافية التي أثرت على بالكثير من مواقفي.
نحني رأسنا إجلالا لعلم من أعلامنا الثقافية، علم رحل قبل أوانه وهو في قمة عطائه، تاركا وراءه فراغا كبيرا وألما أكبر لفقدان إنسان كبير وأستاذ عاشق للغة العربية كرس حياته لرفع مكانتها وغرسها في روح طلابه.
وداعا للناقد حبيب بولس، وسيبقى خالدا بنشاطه الثقافي والتعليمي ونضاله ومواقفه وبما غرسه في ثقافتنا من اتجاه نقدي، وفي طلابه من مفاهيم إبداعية ورؤية ثقافية وطنية وعشق للغة العربية .
nabiloudeh@gmail.com