والدة الاسير دهيدي حرمت الفرح في حياتها حتى يتحقق حلمها بعناقه حرا والفرح بزفافه
علي سمودي
حرمت الوالدة ام احمد من بلدة عرابة قضاء جنين كل اشكال الفرح في حياتها ما دام باكورة ابناءها احمد ديب عبد الرحمن دهيدي (29 عاما) يقبع خلف قضبان السجون الاسرائيلية التي امضى فيها 9 سنوات من محكوميته بالسجن المؤبد مرتين ، ورغم ان عائلتها تتكون من 10 انفار بينهم الاولاد والبنات فانها لا تتوقف عن القول " احمد كل حياتي ولا يمكن لاحد ان يسد مكانه ويعوضني عن حبه وحنانه فرحتي وسعادتي ترتبط به ومهما تعددت صور الفرح حتى بزواج الابناء فقد حرمت الفرح على نفسي حتى اراه حرا واعانقه واحقق حلم حياتي الفرح بزفافه ".
في عيون والدته
في سجن جلبوع ، دخل القيادي في حركة الجهاد الاسلامي الاسير احمد عامه العاشر في رحلة اعتقاله المستمرة والتي اثرت على والدته والتي رغم ما تتمتع به من معنويات عالية فان البكاء والحزن من صدمة الحكم والم الفراق اثر على صحتها حتى اصبحت تعاني من عدة امراض ، وتقول " كيف لا احزن ولا اتاثر وهو بكري وعنوان فرحي ، احمد منذ صغره وطفولته تميز عن كل اخوانه وحتى اقرانه فهو كريم مخلص وحنون معطاء لابعد الحدود بار بوالديه وشقيقاته وكان يجب الخير ويتفانى لمساعدة الاخرين "، وتضيف "احمد احب الدراسة والتعليم ولكن حبه للوطن والجهاد كان اكبر لذلك لم يتردد عن تادية واجبه النضالي في كافة مراحل حياته،شارك في المسيرات والمواجهات وحمل راية الجهاد مؤمنا بحقه المشروع في مقاومة الاحتلال".
في منزلها في بلدة عرابة ، زينت ام احمد جدران منزلها بصور اسيرها ليبقى كما تقول " حاضرا معنا في كل لحظة ، فلا اقدر على الحياة دون ان اصبح عليه صباحا ولا يغمض لي جفن قبل ان اكحل عيني برؤية صورته لاستمد منها معاني الصبر والصمود والفخر والاعتزاز به ، احمد شامخ وبطل وفدائي رفع راسنا عاليا لذلك اكرس دعواتي وصلواتي لله ليكرمه بالحرية ويمن عليه بالفرج ".
مسيرة الجهاد
احمد الحافظ للقران الكريم ، تحدى كل الظروف العصيبة وحقق حلمه في النجاح بالثانوية العامة ولكنه في سن 18 عاما التحق بصفوف حركة "الجهاد الاسلامي " بشكل سري ، وتقول الوالدة ام احمد " اهتم احمد بالدراسة والقراءة وحرص على تثقيف نفسه في قضية شعبه ومثلما كان حريص على تحقيق النجاح في مسيرته التعليمية لم نكن نعلم انه التحق بحركة الجهاد التي امن بها فاصبح ناشطا في مدرسته في الجماعة الاسلامية ويؤدي واجبه في المسيرات والمواجهات وكان كتوم لا يفصح بسره لاحد "، وتضيف " بعد نجاحه في الثانوية التحق في في جامعة الخليل تخصص ادارة اعمال ولكن في السنة الاولى وبسبب نشاطه الفاعل في مواجهة الاحتلال بدات مطاردته ".
المطاردة والاعتقال
بين الخليل وعرابة تنقل احمد رافضا تسليم نفسه مع اندلاع انتفاضة الاقصى فادرج اسمه على راس قائمة المطلوبين للتصفية ، وتقول " اشتدت ملاحقة الاحتلال له بعدما اتهم بالوقوف خلف عمليات لسرايا القدس وتكررت المداهمات والتهديدات بتصفيته ولكنه صمد وتحدى ورفض الخضوع لتهديدات الاحتلال ".
استمرت الكمائن لاحمد الذي نجا من عدة محاولات اغتيال اثارت خوف والدته التي اصبح تعيش الخوف والقلق على حياته ، وتقول " تعرض لعدة محاولات اغتيال واختفى اثره واصبحنا عاجزين عن معرفة اخباره بينما تجرعت المرارة والالم من خوفي على مصيره وانا ادعوا الله ان يحميه من الكمائن ومخططات الاغتيال ".
تفاقمت معاناة الوالدة التي تحولت حياتها لجحيم وكل امنيتها ان تطمان على نجلها الذي قرر المخاطرة وحضر ليراها ولكن عيون الاحتلال كانت له بالمرصاد لتكون المرة الاولى التي تشاهدها فيها نفسها اخر مرة بعدما اعتقل ، وتقول " يوم 15-6-2003 لن انساه ابدا ، فلم نكد نفرح برؤية احمد الذي تخفي وتسللل لمنزل خاله في عرابة حتى حاصرت قوات الاحتلال المنزل واعتقلته بعد التهديد باغتياله وهدم المنزل ، بكيت وحزنت ولكني فرحت لانه نجا من الاغتيال ".
وذكرت ، انه خلال ملاحقة احمد اعتقل الاحتلال والده للضغط عليه لتسليم ، كما اعتقل شقيقه عبد الرحمن ا بنفس اليوم الذي اعتقل فيه احمد وتم تهديدنا عدة مرات بهدم منزلنا اذا لم يتم تسليمه .
التحقيق والحكم
وتكررت لحظات الالم المريرة في الفترة الاولى من اعتقال احمد الذي انقطعت اخباره على مدار 5 شهور ، وتقول ام احمد " في السجن مهما حصل احمد على حكم فانه سيتحرر ولكن عايشنا ايام عصيبة بينما احتجز رهن التعذيب والتحقيق القاسي في زنازين الجلمة وسط العزل والموت البطيء والحرمان من ابسط حقوقه "، بعد انتهاء التحقيق نقل الى شطة وبدات محكمة احمد التي انتهت بالسجن المؤبد مرتين بتهمة الانتماء لقيادة الحركة الجهاد الاسلامي ومسؤوليته عن عملية" قاديش " التي تبنتها سرايا القدس ".
ورغم صمود احمد ومعنوياته العالية واصراره على مواصلة دوره في السجن مع الاسرى في تحدي ادارة السجون ، تاثرت الوالده فاصبحت تعاني من مرض "الشقيقه " ، وتقول" افخر واعتز بابني وبطولاته وحبه لوطنه وايمانه بقضيته ولكن قلب الام لا يحتمل لذلك سجنه شكل صدمه كبيرة لي ولن استعيد صحتي حتى اراه حرا ، وحاليا اقاوم المرض لاستمر في زيارته ورؤيته فمجرد مشاهدته اشعر بمنعى الحياة رغم الم السجن ومرارته ".
شهادة التميز
وتفخر ام احمد بما يجسده نجلها من صمود وتحدي وثبات في سجنه مكنه من تحدي القيود والدراسة حتى حصل على شهادة التميز ، وتقول " رغم معاناة السجن واصل احمد دراسته العليا وانتسب للجامعة العبرية تخصص علوم سياسية وحصل على شهادة تميز ولولا انقطاع التعليم بسبب حرمان الاسرى من مواصلة التعلم في الجامعات لكان انهى الجامعة في تلك الفترة"، وتضيف " نامل ان تعالج هذه القضية لان التعليم مهم للاسير وخاصة ذوي الاحكام العالية ".
معاناة اخرى
خلف القضبان ، تعرض احمد لعدة عقوبات من النقل والعزل الى المنع الامني الذي طال جميع اشقاءه ، وتقول والدته " منذ اعتقال احمد لم يتمكن شقيقه عبد الرحمن 28 عاما من زيارته اطلاقا اما باقي اشقاؤه يوسف وعبد الله وعبد الفتاح فيسمح لهم بزيارته مرة كل عام ونامل ان تنتهي هذه الماساة ".
واضافت " ان اهالي الاسرى يتجرعون كل صنوف المعاناة خلال رحلة الزيارات المريرة والتي تعتبر عقاب اخر هدفه عزل اسرانا وحرماننا من زيارتهم ".
واكملت " عند زيارة ابني احمد نتعرض لابشع الممارسات والاجراءات ضد اهالي الاسرى والتي تتمثل في التفتيشات المهينة والتاخير لساعات طويله رغم مشاق الطريق الطويل لكن اقول لاتهمني اجراءات الاحتلال فكل ما يهمني ان ارى ابني احمد فانسى كل انواع الالم ".
والوالدة وعائلتها وخاصة اسيرها احمد تجرعوا مرارة استشهاد ابني صالح (23 عاما ) في حادث سير ، وتقول " صالح كان ناشطا في حركة الجهاد الاسلامي وطاردته قوات الاحتلال خلال انتفاضة الاقصى لمدة 4 شهور وفي تاريخ 19/4/2008 استشهد عندما كان في مهمة جراء حادث سير على شارع جنين نابلس"، وتضيف " كانت لحظات اليمة عندما علم احمد باستشهاد شقيقه الذي كانت تربطه به علاقة وطيدة وحزن وتالم وبكى ولكنه صبر واحتسبه شهيدا ".
افراح مؤجلة
تستعد ام احمد في هذه الايام لزفاف نجلها الاصغر ورغم اجواء الفرح في اسرتها فانها تشعر بحزن والم ، وتقول " اعرف ان احمد يشعر بسعادة كلما حصلت مناسبة سعيدة في بيتنا ولاحد اشقاءه وهو متفائل دوما ويرفع معنوياتي ويغذينا بالامل ولكن اشعر بالم اكبر في كل مناسبة سعيدة ولا ادري كيف سيكون شعوري عندما يتزوج شقيقه الاصغر منه وهو داخل السجون الاسرائيلية "، وتضيف " انه شعور مفعم بالالم والحزن لكنه ممزوج بالفرح في نفس الوقت ، ولكن لن يكون هناك فرح في منزلنا مادام ابني احمد داخل تلك القضبان اللعينة لكنه رغم السجن سيكون حاضرا بيننا في الفرح من خلال صوره وروحه لنؤكد له اننا لن ننساه ابدا فهو في ذاكرتنا ليلا نهارا وفي كل الاوقات وفرحنا بحريته وزفافه " .