وفعلها السرسك ...
بسام أبو الرب
الأسير محمود السرسك (25 عاما) من قطاع غزة، أصبح رقما صعبا في تاريخ الحركة الأسيرة، وصخرة تكسرت عليها كل مؤامرات إدارة الاحتلال الإسرائيلي وجيشه.
السرسك خاض أطول إضراب مفتوح عن الطعام وبشكل متواصل لمدة 96 يوما في إطار تحدي عنجهية إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، التي تمارس سياسة الاعتقال الإداري بحق الكثير من الأسرى.
أفرج الاحتلال ظهر أمس الثلاثاء، عن لاعب منتخب كرة القدم السرسك عند حاجز بيت حانون (إيريز) شمال القطاع، حيث جرى له استقبال شعبي، وردد عشرات المواطنين الذين أحاطوا بسيارة الإسعاف التي كانت تقله، هتافات منها "الانتصار الانتصار والحرية للأسرى".
وكانت إدارة السجون الإسرائيلية رضخت لإرادة الأسير السرسك، وأبرمت معه اتفاقا يقضي بالإفراج عنه، بعد رفضه عرضا إسرائيليا يقضي بنفيه إلى النرويج تحت مسمى رحلة علاج لمدة ثلاثة أشهر يسمح له بعدها بالعودة، الأمر الذي اعتبره السرسك عرضا يكرس سياسة النفي، وطالب بأن يتم الإفراج عنه فورا إلى مسقط رأسه في قطاع غزة.
السرسك وصف، في أول حديث له، الإفراج عنه بأنه "انتصار للأسرى القابعين في سجون الاحتلال وما زالوا يناضلون لنيل حريتهم، خاصة ممن يضربون عن الطعام".
ووجه التحية لرفاقه الأسرى الذين ما زالوا قابعين في سجون الاحتلال، واصفا أوضاعهم بأنها «صعبة»، وهم "بحاجة للمناصرة والتأييد، وتكثيف الجهود من أجل نصرتهم".
بدا السرسك خلال حديث إذاعي صباح اليوم الأربعاء، صلبا وقويا أكثر من ذي قبل، وحاملا همّ إخوته الأسرى في سجون الاحتلال، وهو يروي تفاصيل احتجاز أكثر من 16 أسيرا داخل ما وصفه " مذبحة الرملة" وليس مشفى الرملة.
وتحدث عن واقع الأسرى المرضى وما يعانونه جراء سياسة الاعتقال غير المبرر، وعدم الاكتراث للأوضاع الصحية، التي أدت لعيش بعضهم بظروف صحية مأساوية، مشددا على ضرورة متابعة ملفات هؤلاء الأسرى وضرورة الإفراج العاجل عنهم.
السرسك اعتقلته قوات الاحتلال بتاريخ 22/7/ 2009، بعد أن أوقفته على حاجز "إيريز العسكري" بينما كان في طريقه للالتحاق بنادي شباب بلاطة الرياضي في الضفة الغربية للاحتراف في صفوفه كلاعب كرة قدم، على الرغم من حصوله على تصريح مرور من قوات الاحتلال لدخول الضفة الغربية المحتلة.
فور اعتقال السرسك نقل إلى مركز تحقيق عسقلان المعروف بقسوة أساليبه ووحشية محققيه. استمر التحقيق معه لمدة 30 يوما متتالية، خضع خلالها لجولات تحقيق تركزت حول انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي دون أن تقرن هذه الاتهامات بأية دلائل ولم يقر المعتقل بتلك التهم، حسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.
وعلى إثر ذلك لجأ جهاز المخابرات الإسرائيلي بتاريخ 23/8/2009، إلى إصدار أمر اعتقال بموجب قانون "المقاتل غير الشرعي" الذي يعد شكلا من أشكال الاعتقالات الإدارية التي تجيز اعتقال الشخص دون تهمة أو محاكمة ودون تحديد مدة الاعتقال بأمر صادر عن جهة تنفيذية لا تتمتع بأي صفة قضائية.
وخاض السرسك إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 19/3/2012، احتجاجا على استمرار احتجازه دون تهمة أو محاكمة. وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية عمدت إلى معاقبته بنقله من سجن النقب الصحراوي بتاريخ 8/4/2012، إلى العزل الانفرادي في سجن "ايشيل" في سجن بئر السبع، حسب مؤسسة الضمير.
يذكر أنّ أسطورة كرة القدم الفرنسية إيريك كانتونا وشخصيات دولية أخرى وقّعوا خطابا للفت الانتباه لمحنة السرسك كما كتب سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خطابا إلى اتحاد كرة القدم الإسرائيلية طلبا للإفراج عن الأسير الفلسطيني.
وكانت العديد من مؤسسات حقوق الإنسان والقانون طالبت بالإفراج عنه أو نقله إلى مشفى مدني خلال إضرابه عن الطعام، بعد نقله إلى عيادة سجن الرملة بتاريخ 16/4/2012، جراء تردي وضعه الصحي. إلا أن إدارة السجن كانت ترفض الاستجابة لمطالبات الجهات القانونية والحقوقية بنقله إلى مستشفى مدني لضمان سلامته.
يشار إلى أن عددا من الأسرى يخوضون إضربا مفتوحا عن الطعام منهم: أكرم الريخاوي 92 يوما (فقد القدرة على تحريك أطرافه)، وسامر البرق 52 يوما، وحسن الصفدي 20 يوما، وأيمن شروانة 11 يوما، والأسير "نبيل الراعي" 6 أيام.