محمد عواجنة: رحلة علاج قاسية أثمرت في غزة باستعادته النطق بعد 19 شهراً من الصمت
محمد الأسطل - بعد أكثر من عام وسبعة أشهر نجح محمد عواجنة ( 44 عاماً) من أريحا في استعادة قدرته على النطق في قطاع غزة، بعد رحلة علاج بدأت في الضفة الغربية وإسرائيل والأردن ولم تصل إلى النتائج المرجوة، بيد أن غزة كانت الملاذ الأخير للنواجعة الذي استعاد بعد أيام من مكوثه فيها جزءاً من قدرته على الكلام وما زال يواصل مشوار عودته إلى حياته الاعتيادية.
بداية القصة كانت عندما فتح عواجنة صندوقاً للهواتف أثناء عمله في شركة الاتصالات الفلسطينية، وإذ بغبار يخرج من الصندوق جعله يصاب بحالة إغماء، نقل على إثرها إلى المستشفى، فاستفاق وهو غير قادر على الحديث، وحاول مراراً النطق لكن من دون فائدة لتنقلب حياته رأساً على عقب، ويبدأ مع زوجته التي تركت أولادها الستة، في رحلة قاسية مع المستشفيات والأطباء.
وأوضحت الزوجة أنها لم تيأس ولو للحظة واحدة من عودة النطق لزوجها، لذلك ظلت مصرة على المتابعة والتواصل مع المستشفيات والأطباء في كل مكان من العالم، رغم أن زوجها وصل إلى مرحلة اليأس وعدم الرغبة في مواصلة العلاج، بعد فشل كافة الجهود التي بذلها في هذا الخصوص، مشيرة إلى أنه سمعت بالطبيب المعالج في غزة، وشعرت عندها أن الفرج سيأتي من هذه المدينة التي تعيش تحت الحصار.
وقالت: "بعدما جربنا الجميع، لم يعد أمامنا سوى خوض هذه التجربة الجديدة في غزة، سافرنا من الضفة إلى الأردن ثم القاهرة ومنها إلى غزة، بحثاُ عن الأمل الذي تحقق والحمد لله".
وأضافت: "تواصلنا مع الطبيب عبر الهاتف والسكايب، وشعرنا أننا أمام فرصة جديدة، رحب بنا الطبيب وقال نجحت في حالات مماثلة وإن شاء الله سيكون النجاح مصير محمد".
بدأ محمد رحلة العلاج في غزة منذ 10 أيام، إذ أجريت له الفحوصات الطبية مع المناظير الاستكشافية والعلاجية والأدوية اللازمة، وقرر الطبيب بدء جلسات علاج تستمر لنحو 7 ساعات يومياً، وبعد التقدم الكبير أضطر الطبيب المعالج إلى إلغاء رحلة علمية له إلى تركيا لاستكمال العلاج.
وأكد أخصائي مناظير الحنجرة والقصبة الهوائية الدكتور أحمد الجدبة أنه قرر استقبال الحالة من الضفة الغربية بعدما تابع حالته من كثب، واستشعر بإمكانية وجود نتائج، لافتاً إلى أن المريض واجه صعوبات كبيرة عند بداية النطق، ثم وصل إلى مستويات مناسبة من النطق وهو مهيأ لاستعادة وضعه الطبيعي قريباً.
وأوضح أن قطاع غزة يمتلك كفاءات طبية مؤهلة، لكنه يفتقر إلى الأجهزة والمستلزمات الطبية والتواصل مع الخبرات الخارجية، لافتاً إلى أنه نجح في علاج 7 حالات مشابهة لحالة محمد، بينها سيدة فقدت النطق لمدة 14 عاماً، واستعادته بعد رحلة علاج في غزة.
أما محمد ذاته، فلم يكد يصدق أنه عاد إلى النطق من جديد، وأول شيء فعله بعد حمد الله وشكره وقرأ القرآن الكريم، اتصل بأبنائه في أريحا الذين لم يصدقوا أن والدهم الذي خرج فاقداً للقدرة على الكلام، يتحدث معهم، خصوصاً الابن الأصغر الذي ظل يبكي وهو يستمع لأبيه يداعبه عبر الهاتف.
وتحدث محمد بصعوبة بالغة عن شعوره: "الحمد لله، الآن بدأت الحياة تعودي إلى من جديد، أتحدث لكم صحيح بكلام متقطع، لكن حديثي هذا كنت محروم منه منذ فترة طويلة".
وأضاف وهو يبكي: "كلما أتحدث لا أصدق نفسي، وأبكي من شدة الفرح، وأشكر غزة وأهلها على هذه الكرم، صحيح أنها محاصرة لكنها والله كلها خير".
كان محمد وزوجته جوبهوا بسيل من التساؤلات والاستغراب حول رغبتهم في العلاج في غزة، إذ أن المعتاد هو السفر من غزة إلى الضفة الغربية للعلاج وليس العكس.