مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

الغور يلتهب!

جميل ضبابات
يبرد أطفال بدو أجسادهم بالماء؛ لكن تحت أشعة الشمس العمودية الحارقة، حتى أقوى مكيفات التبريد لن تكون مفيدة.
في فضاء مغبر مفتوح على جحيم الصيف القائظ، يمكن فقط لأبناء محمد عوض الستة، أن يلقوا بالا لأي غرفة صغيرة مبنية من الخيش والبلاستيك ليستظلوا بها. فلا كهرباء تشغل أجهزة تكييف ومراوح، ولا مبردات ماء، ولا خطوط ماء أصلا موجودة.
في منطقة وادي المالح، وهي واحدة من المناطق التي تتجمع فيها عائلات البدو، يظهر الصيف على حقيقته: حارا وقاسيا وأبوابه مفتوحة على الجحيم في أيام القيظ التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط.
"لا كهرباء. لا ماء متوفر بسهولة. أترى هذه الصهاريج؟ هذه مصادر الماء الوحيدة المتوفرة لدينا" قال عوض، فيما كانت نسوة ينقلن الماء في عبوات حديدية من الصهريج إلى النزل المغطى بالبلاستيك والذي يجعل أيضا الحياة داخلها مستحيلة.
يتفصد العرق من الأطفال. وتتجمع حول النسوة أيضا بعض شياه عطشى تحاول الوصول إلى نصف برميل تم شقه نصفين لتشرب، يشرب جميعهم من الصهاريج. ويعاني سكان المضارب على امتداد منطقة الغور من شح المياه، فلا الصيف يرحم، ولا الجيش الإسرائيلي يرحم.
خلال الأسابيع الفائتة بدأ الجيش الإسرائيلي بتطبيق أسلوب جديد ضد السكان، فمع مطلع الصيف بدأ بمصادرة صهاريج المياه. عوض ذاته خسر صهريجين، جاء الجيش وصادرهما ونقلهما إلى أحد معسكراته. لكن الحكومة الفلسطينية التي كانت زودت الرعاة من قبل بهذه الصهاريج سارعت إلى تزويد السكان مرة أخرى بصهاريج جديدة.
وسط جبال صفراء وبيئة صحراوية جافة ومحاصرة حركتهم من قبل الجيش الإسرائيلي، يرى السكان أن الصهاريج بلا ماء ليست حلا.
ذاته عوض الذي يملك قطيعا جرارا من الضأن بحاجة يوميا لأربعة أكواب مكعبة من الماء. عليه أن يشتريها من سائقين متخصصين بنقل الماء من مناطق بعيدة حتى المضارب البائسة. وهذه عملية مكلفة وتنطوي على مخاطر كثيرة.
لا يدرك أبناء عوض الستة حجم هذه المخاطر، ولا يمكن قياسها مع شدة حرارة الشمس التي تشوي الأجساد. علي بن عوض أحضر قبل أسابيع قليلة من المستشفى بعد أن أجريت له عملية جراحية لإزالة تشمع أصاب كبده، لا يفكر كثيرا بالحرارة. كان الولد منهمكا في صب الماء على وجه شقيقته الصغيرة.
قال عوض إن أكبر مشكلة تواجه السكان في الصيف الماء. ومع ارتفاع درجات الحرارة تصبح الحاجة إلى صهريج ماء مثل الحاجة للهواء.
على طول الطريق المؤدية إلى المضارب المتناثرة فوق الهضاب، تظهر الصهاريج التي تجرها جرارات زراعية، وفي أي لحظة تتعرض هذه الصهاريج للمصادرة.
وقال رئيس مجلس قروي المضارب عارف دراغمة "إنها الطريقة السهلة لدفع السكان للخروج بهدوء. لا حاجة الآن لهدم مساكنهم. الأمر بسيط (...) بمنع المياه عنهم سيهربون".
وغالبا ما تنتقل بعض العائلات التي تعمل في الزراعة ورعي المواشي صيفا إلى المناطق القريبة من مصادر المياه. تظهر مضارب فارغة من سكانها بعد أن انتقلوا إلى أطراف القرى الزراعية، حيث المياه هناك متوفرة بشكل أكبر.
وقال دراغمة، "نحو مائة عائلة ترحل سنويا من مناطق المالح المختلفة في فصل الصيف؛ بسبب عدم وجود الماء والكهرباء"."إنهم يهربون من أشعة الشمس والجفاف"، لكن في نزل عوض لا مكان للهروب، فالسكن في المنطقة يمتد على مدار السنة.
تظهر أوتاد النزل الخيشي المغطى بالبلاستيك وقد أصبحت جزءا من الأرض الترابية القاسية التي يرشها الأطفال بالماء في عملية تبريد مستحيلة، وعلى بعد عشرات الأمتار تظهر الرفاهية على أصولها.
إنها مستوطنة "مسكيوت": المنازل الخرسانية المكيفة صيفا وشتاء. بركة السباحة التي تظهر أطرافها لأطفال عوض. والهواء الطلق الذي يضرب قمة الجبل المبنية عليه بيوت المستوطنة.
ومن بين المضارب تظهر الأنابيب الضخمة التي تجر المياه للمستوطنات ومعسكرات الجيش. ليس بعيدا عن أطفال عوض توجد مضخات المياه التي تغذي المستوطنة المجاورة.
وتشير إحصاءات مختلفة إلى أن استهلاك المياه للفلسطينيين في الأرض الفلسطينية نحو 70 لترا للفرد في اليوم أو أقل، ويقل كثيرا عن المستوى التي توصي به منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر للفرد يوميا، بينما يبلغ معدل استهلاك الفرد في إسرائيل نحو 300 لتر يوميا أو أكثر.
لكن أكثر ما يمكن أن يستهلكه أبناء عوض في هذا اليوم الذي ترتفع فيه درجات الحرارة فوق معدلها الطبيعي بنحو تسع درجات، ليس أكثر من لترات محدودة من المياه. "رش.رش.رش" قال أحد الأطفال في ساحة نزل عوض لشقيقه الذي كان يسكب الماء على رأسه "رش".

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024