تجارة الخردة.. دون رقيب
مجمع للخرداوات في أحدى قرى غرب مدينة الخليل
جويد التميمي
صغار وكبار، مركبات وشاحنات، بواجر وجرافات، هذا هو المشهد اليومي في بلدات وقرى غرب الخليل خاصة (إذنا ودير سامت وبيت عوا والكوم وحمصا وسوبا وواد ريشة) التي تبدو جميعها للناظرين وكأنها منطقة صناعية هائلة في تجميع الخرده لكثرة الورش ومحلات الفرز المنتشرة فيها والتي يفوق عددها على 200 ورشة ومتجر.
تنقل الخردة بالإضافة إلى ما يتم جمعه من محافظة الخليل، من إسرائيل إلى البلدات والقرى المذكورة عبر المعابر والمستوطنات دون أي عائق يذكر، فعشرات الشاحنات المحملة بمئات أطنان الخردة تجدها في القرى الغربية لمحافظة الخليل وخاصة بلدة إذنا.
وبتسهيلات غير محدودة من قبل الإسرائيليين تدخل الخردة لتعالج في محافظة الخليل، وذلك لأن الاحتلال يمنع حرقها في مستوطناته ومدننا وقرانا التي احتلها عام 1948، مع تيقنه أنها ستعود إليه بعد معالجتها وتنظيفها بأيادٍ فلسطينية تجهد وتكد وتتعب لتجعلها خالية من الشوائب والبلاستيك، ولتفرزها حسب الأصول كل معدن على حدة دون أن تتسبب بأي ضرر بيئي يذكر للمستوطنين والإسرائيليين بشكل عام وهذا ما يهدف إليه الاحتلال.
تجار الخردة الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم والذين هم من عائلات أبو جحيشة وطميزي والغزالي وعقل والحروب وسويطي ومسالمة قالوا لـ"وفا": نحن نجمع من الأراضي الفلسطينية كل ما يمكن أن نستخرج منه معدن سواء "ثلاجات وغسالات وتلفزيونات وكمبيوترات ومكيفات" وغيرها من الأدوات التي تدخل المعادن في تصنيعها، خاصة الكهربائية منها، كما نشتري من تجار إسرائيليين غالبا ما يكون في المستوطنات مئات الأطنان شهريا من الخردة، تدخل بشاحنات إسرائيلية وتفرغ في مكباتنا لنقوم بعدها باستخراج المعدن منها عن طريق حرقها الذي يحتاج منا بذل الجهد فقط دون تكاليف مادية تذكر مع علمنا أنها تلحق الضرر الكبير ببيئتنا ومزروعاتنا وصحتنا.
وأردفوا: نحن نعلم أنه يوجد في قرية الكوم الصغيرة وحدها أكثر من 40 مواطنا أصيبوا بالسرطان، وقد أكد الأطباء أن الدخان والإشعاعات الكيماوية الناجمة من حرق الخردة لها تأثير كبير على صحة الإنسان والبيئة بشكل عام.
وتابعوا، "بعد عملية الحرق تتم عملية "التفريك" فيفرز كل معدن على حدة (الألمنيوم، والنحاس، والحديد، والستانلس، والطوج) بطريقة منظمة صالحة للتصدير ليتم بيعها بأسعار زهيدة بعد ذلك إلى تجار إسرائيليين، يقومون بتصديرها عبر موانئهم إلى الخارج ويبيعونها بأموال طائلة يربحون فيها أضعاف ما يربحه التاجر الفلسطيني دون تعب أو جهد أو ضرر بيئي يذكر.
ونوهوا قائلين، "بالإضافة إلى مئات الأطنان التي تدخل إلى قرى وبلدات محافظة الخليل الغربية من إسرائيل، يتم جمع مئات أطنان الخردة من أنحاء مختلفة بمحافظة الخليل والضفة الغربية، وتباع جميعها أيضا إلى تجار إسرائيليين بعد فرزها وتجميعها في بالات".
وذكر الشاب محمد السويطي (33 عاما) أنهم يشترون الخردة من "مقاريش إسرائيلية"، وهو المكان الذي يتم تجميع الخردة فيه داخل إسرائيل، وقال إن السلطات الإسرائيلية تمنع حرق الخردة في مناطقها ومستوطناتها، وكل من يحرق يغرم بمئات آلاف الشواقل، "لذلك يبيعونها لنا ونقوم نحن بحرقها وتفريكها في مناطق (C) الخارجة عن السيطرة الأمنية الفلسطينية".
وأشار المواطن محمد الرجوب (40 عاما) الذي يقطن قرية الكوم إلى أن العديد من المواطنين قتلوا نتيجة حرق الخردة وما تسببته من انفجارات نجمت عن قنابل وقذائف وصواريخ وأعيرة نارية دخلت مع خردة مخلفات الاحتلال.
ويصل عدد المركبات التي تعمل في جمع الخردة بمدينة الخليل حسب ما ذكره التجار لـ"وفا" إلى (50) مركبة، وفي بلدات يطا ودورا والظاهرية يصل العدد إلى (30) مركبة تنتشر في الأزقة والحواري والشوارع الرئيسية مع ساعات الصباح الأولى، بينما لا تحتاج إذنا وبيت عوا ودير سامت والكوم وحمصا وسوبا إلى من يجمع لهم الخردة لأنهم هم تجارها الحقيقيون فأطفالهم هم الذين يجمعونها مقابل عدة شواقل.
وطالب تجار الخردة بإنشاء شركات ومصانع لصهر المعادن، لما يدره العمل في هذا القطاع من أرباح مادية تساهم في اقتصادنا الوطني بشكل عام.
رئيس غرفة تجارة وصناعة جنوب الخليل جلال مخارزة قال لـ"وفا" إن آخر إحصاء صناعي تم في محافظة الخليل أظهر أن قطاع الخردة يساهم بأكثر من 17 % من مجمل التصدير الصناعي لمحافظة الخليل، مع العلم أن صناعة الأحذية التي تشتهر فيها المحافظة لا يزيد نسبة التصدير الصناعي فيها عن 11 %.
وقال، "إن تجار الخردة منتشرون في كافة بلدات محافظة الخليل الغربية والجنوبية، ويظهر هذا جليا في بلدة إذنا التي تعتبر المحطة الأولى التي تدخل إليها الخردة من الأسواق الإسرائيلية، كما أنها المحطة الأخيرة التي تجمع فيها مئات أطنان الخردة بعد فرزها لتباع نظيفة ونقية من الشوائب في الأسواق الإسرائيلية".
وشبه مخارزة الساحات التي يتم جمع الخردة فيها في بلدة إذنا ببيادر الحصاد لكثرتها، منوها إلى أن هذا العمل يشكل دخلا حقيقيا للذين يعملون فيه رغم أنه عمل شاق ويحتاج إلى جهد جسمي عالٍ خلال عمليات الجمع والفرز والترتيب والتنظيف، وأن المستفيدين من العمل في هذا القطاع يتراوح عددهم بين 600 إلى 700 عائلة، أي أن آلاف المواطنين من الذين يقطنون القرى الغربية والجنوبية لمحافظة الخليل يعتاشون من هذه المهنة.
وذكر أن أكبر كميات الخردة على مستوى الوطن تخرج من محافظة الخليل وهي تشكل ما نسبته 40%، أي أن مئات آلاف الأطنان تباع إلى الأسواق الإسرائيلية شهريا بأسعار يتحكم فيها التجار الإسرائيليون الذين يقومون بتصديرها إلى الخارج ويجنون منها مرابح جمة.
وقال مخارزة، "لدينا فكرة مشروع فرنسي عمم على جميع الغرف التجارية في فلسطين من اتحاد الغرف يندرج ضمن مفهوم التجمعات العنقودية، لذلك نحن نتعامل مع هذه الورش باعتبارها تجمعا عنقوديا يجب إدخال التعديلات عليه لتطويره إداريا وفنيا من أجل الحفاظ على بيئتنا وصحة من يعملون بها لأن معايير السلامة والوقاية المهنية معدومة فيها"، وطالب بعمل خطوط إنتاجية لصهر هذه المعادن والاستفادة منها محليا.
تاجر يقطن مدينة الخليل ذكر لـ"وفا" إن تجارا إسرائيليين طلبوا منه أن يوفر لهم قطعة أرض يستأجرونها في أي مكان بالمحافظة لتكون مكبا لنفاياتهم ومخلفات الاحتلال، مقابل عشرات ملايين الشواقل سنويا، إلا أنه رفض حسب قوله ذلك، متيقنا أن النفايات والمخلفات التي سيدخلها الاحتلال إلى الأرض الفلسطينية ستجلب معها الأمراض للمواطنين.
وقال، "قد تتسبب هذه النفايات والمخلفات في موت أحد الأطفال الأبرياء الذين يبحثون عن الخردة دون إلمامهم بخطورة هذه النفايات كما حدث خلال الأعوام الماضية في بلدتي سعير ويطا".
في المحصلة، مئات الأطنان من النفايات ومخلفات الاحتلال والخردة تدخل إلى البلدات والقرى والمدن الفلسطينية من معابر الاحتلال ومستوطناته، وهناك آمال كبيرة في إيجاد آليات صحيحة وآمنة لاستخدامها أو منع دخولها.
صغار وكبار، مركبات وشاحنات، بواجر وجرافات، هذا هو المشهد اليومي في بلدات وقرى غرب الخليل خاصة (إذنا ودير سامت وبيت عوا والكوم وحمصا وسوبا وواد ريشة) التي تبدو جميعها للناظرين وكأنها منطقة صناعية هائلة في تجميع الخرده لكثرة الورش ومحلات الفرز المنتشرة فيها والتي يفوق عددها على 200 ورشة ومتجر.
تنقل الخردة بالإضافة إلى ما يتم جمعه من محافظة الخليل، من إسرائيل إلى البلدات والقرى المذكورة عبر المعابر والمستوطنات دون أي عائق يذكر، فعشرات الشاحنات المحملة بمئات أطنان الخردة تجدها في القرى الغربية لمحافظة الخليل وخاصة بلدة إذنا.
وبتسهيلات غير محدودة من قبل الإسرائيليين تدخل الخردة لتعالج في محافظة الخليل، وذلك لأن الاحتلال يمنع حرقها في مستوطناته ومدننا وقرانا التي احتلها عام 1948، مع تيقنه أنها ستعود إليه بعد معالجتها وتنظيفها بأيادٍ فلسطينية تجهد وتكد وتتعب لتجعلها خالية من الشوائب والبلاستيك، ولتفرزها حسب الأصول كل معدن على حدة دون أن تتسبب بأي ضرر بيئي يذكر للمستوطنين والإسرائيليين بشكل عام وهذا ما يهدف إليه الاحتلال.
تجار الخردة الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم والذين هم من عائلات أبو جحيشة وطميزي والغزالي وعقل والحروب وسويطي ومسالمة قالوا لـ"وفا": نحن نجمع من الأراضي الفلسطينية كل ما يمكن أن نستخرج منه معدن سواء "ثلاجات وغسالات وتلفزيونات وكمبيوترات ومكيفات" وغيرها من الأدوات التي تدخل المعادن في تصنيعها، خاصة الكهربائية منها، كما نشتري من تجار إسرائيليين غالبا ما يكون في المستوطنات مئات الأطنان شهريا من الخردة، تدخل بشاحنات إسرائيلية وتفرغ في مكباتنا لنقوم بعدها باستخراج المعدن منها عن طريق حرقها الذي يحتاج منا بذل الجهد فقط دون تكاليف مادية تذكر مع علمنا أنها تلحق الضرر الكبير ببيئتنا ومزروعاتنا وصحتنا.
وأردفوا: نحن نعلم أنه يوجد في قرية الكوم الصغيرة وحدها أكثر من 40 مواطنا أصيبوا بالسرطان، وقد أكد الأطباء أن الدخان والإشعاعات الكيماوية الناجمة من حرق الخردة لها تأثير كبير على صحة الإنسان والبيئة بشكل عام.
وتابعوا، "بعد عملية الحرق تتم عملية "التفريك" فيفرز كل معدن على حدة (الألمنيوم، والنحاس، والحديد، والستانلس، والطوج) بطريقة منظمة صالحة للتصدير ليتم بيعها بأسعار زهيدة بعد ذلك إلى تجار إسرائيليين، يقومون بتصديرها عبر موانئهم إلى الخارج ويبيعونها بأموال طائلة يربحون فيها أضعاف ما يربحه التاجر الفلسطيني دون تعب أو جهد أو ضرر بيئي يذكر.
ونوهوا قائلين، "بالإضافة إلى مئات الأطنان التي تدخل إلى قرى وبلدات محافظة الخليل الغربية من إسرائيل، يتم جمع مئات أطنان الخردة من أنحاء مختلفة بمحافظة الخليل والضفة الغربية، وتباع جميعها أيضا إلى تجار إسرائيليين بعد فرزها وتجميعها في بالات".
وذكر الشاب محمد السويطي (33 عاما) أنهم يشترون الخردة من "مقاريش إسرائيلية"، وهو المكان الذي يتم تجميع الخردة فيه داخل إسرائيل، وقال إن السلطات الإسرائيلية تمنع حرق الخردة في مناطقها ومستوطناتها، وكل من يحرق يغرم بمئات آلاف الشواقل، "لذلك يبيعونها لنا ونقوم نحن بحرقها وتفريكها في مناطق (C) الخارجة عن السيطرة الأمنية الفلسطينية".
وأشار المواطن محمد الرجوب (40 عاما) الذي يقطن قرية الكوم إلى أن العديد من المواطنين قتلوا نتيجة حرق الخردة وما تسببته من انفجارات نجمت عن قنابل وقذائف وصواريخ وأعيرة نارية دخلت مع خردة مخلفات الاحتلال.
ويصل عدد المركبات التي تعمل في جمع الخردة بمدينة الخليل حسب ما ذكره التجار لـ"وفا" إلى (50) مركبة، وفي بلدات يطا ودورا والظاهرية يصل العدد إلى (30) مركبة تنتشر في الأزقة والحواري والشوارع الرئيسية مع ساعات الصباح الأولى، بينما لا تحتاج إذنا وبيت عوا ودير سامت والكوم وحمصا وسوبا إلى من يجمع لهم الخردة لأنهم هم تجارها الحقيقيون فأطفالهم هم الذين يجمعونها مقابل عدة شواقل.
وطالب تجار الخردة بإنشاء شركات ومصانع لصهر المعادن، لما يدره العمل في هذا القطاع من أرباح مادية تساهم في اقتصادنا الوطني بشكل عام.
رئيس غرفة تجارة وصناعة جنوب الخليل جلال مخارزة قال لـ"وفا" إن آخر إحصاء صناعي تم في محافظة الخليل أظهر أن قطاع الخردة يساهم بأكثر من 17 % من مجمل التصدير الصناعي لمحافظة الخليل، مع العلم أن صناعة الأحذية التي تشتهر فيها المحافظة لا يزيد نسبة التصدير الصناعي فيها عن 11 %.
وقال، "إن تجار الخردة منتشرون في كافة بلدات محافظة الخليل الغربية والجنوبية، ويظهر هذا جليا في بلدة إذنا التي تعتبر المحطة الأولى التي تدخل إليها الخردة من الأسواق الإسرائيلية، كما أنها المحطة الأخيرة التي تجمع فيها مئات أطنان الخردة بعد فرزها لتباع نظيفة ونقية من الشوائب في الأسواق الإسرائيلية".
وشبه مخارزة الساحات التي يتم جمع الخردة فيها في بلدة إذنا ببيادر الحصاد لكثرتها، منوها إلى أن هذا العمل يشكل دخلا حقيقيا للذين يعملون فيه رغم أنه عمل شاق ويحتاج إلى جهد جسمي عالٍ خلال عمليات الجمع والفرز والترتيب والتنظيف، وأن المستفيدين من العمل في هذا القطاع يتراوح عددهم بين 600 إلى 700 عائلة، أي أن آلاف المواطنين من الذين يقطنون القرى الغربية والجنوبية لمحافظة الخليل يعتاشون من هذه المهنة.
وذكر أن أكبر كميات الخردة على مستوى الوطن تخرج من محافظة الخليل وهي تشكل ما نسبته 40%، أي أن مئات آلاف الأطنان تباع إلى الأسواق الإسرائيلية شهريا بأسعار يتحكم فيها التجار الإسرائيليون الذين يقومون بتصديرها إلى الخارج ويجنون منها مرابح جمة.
وقال مخارزة، "لدينا فكرة مشروع فرنسي عمم على جميع الغرف التجارية في فلسطين من اتحاد الغرف يندرج ضمن مفهوم التجمعات العنقودية، لذلك نحن نتعامل مع هذه الورش باعتبارها تجمعا عنقوديا يجب إدخال التعديلات عليه لتطويره إداريا وفنيا من أجل الحفاظ على بيئتنا وصحة من يعملون بها لأن معايير السلامة والوقاية المهنية معدومة فيها"، وطالب بعمل خطوط إنتاجية لصهر هذه المعادن والاستفادة منها محليا.
تاجر يقطن مدينة الخليل ذكر لـ"وفا" إن تجارا إسرائيليين طلبوا منه أن يوفر لهم قطعة أرض يستأجرونها في أي مكان بالمحافظة لتكون مكبا لنفاياتهم ومخلفات الاحتلال، مقابل عشرات ملايين الشواقل سنويا، إلا أنه رفض حسب قوله ذلك، متيقنا أن النفايات والمخلفات التي سيدخلها الاحتلال إلى الأرض الفلسطينية ستجلب معها الأمراض للمواطنين.
وقال، "قد تتسبب هذه النفايات والمخلفات في موت أحد الأطفال الأبرياء الذين يبحثون عن الخردة دون إلمامهم بخطورة هذه النفايات كما حدث خلال الأعوام الماضية في بلدتي سعير ويطا".
في المحصلة، مئات الأطنان من النفايات ومخلفات الاحتلال والخردة تدخل إلى البلدات والقرى والمدن الفلسطينية من معابر الاحتلال ومستوطناته، وهناك آمال كبيرة في إيجاد آليات صحيحة وآمنة لاستخدامها أو منع دخولها.