أبو السعيد يخطف قوت أولاده من فم الزوارق الحربية
بين نسمات الهواء الرائعة وموجات البحر الهادئة وإعداد المصطافين القليلة يمر الصياد أبو السعيد بقاربه المتواضع ليضع قدمه الأولى مع ساعات الفجر المشرقة على الماء الدافئة كي يبدأ يومه بشي من التفاؤل الجيد مع العلم أن الزوارق الحربية الإسرائيلية تنتظره على أحر من الجمر إذا تجرئ وتقدم لمنطقة ممنوعة أو زاد سرعه قاربه الذي يعاني أصلا من نقص السرعة.
أبو السعيد من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة حاله حال المئات ونيف من الصيادين الفلسطينيين الذين يخرجون في عتمة الليل وبداية اليوم الجديد بألم يحذوه أمل في الحصول على لقمة العيش المخطوفة من فم القطع الحربية الإسرائيلية التي ترابط على سواحل قطاع غزة تنتظر فريستها من الصيادين بكل شغف.
صمود في وجه الزوارق..
ويقول أبو السعيد لمراسل قدس نت " يوسف حماد" "في هذه الأيام تقل التحرشات الإسرائيلية بالصيادين ومراكبهم لان الأسماك تكون قريبة من الشواطئ لأننا في فصل الصيف ،ولكن تأبى الزوارق أن تدع الصيادين في حالهم لتنغص عليهم يومهم ومأكلهم."
تبدأ الزوارق الحربية بإطلاق قنابل الإضاءة أو كشافات الليزر شديدة الإضاءة ومن ثمَ تباشر بإطلاق وابل من نيران رشاشاتها الثقيلة تجاه الصيادين, وهنا يكون قد دخل أحد القوارب الفلسطينية المنطقة التي تحضرها إسرائيل ، "مما يروع الصيادين ويعرض حياتهم للخطر، ولكن هذا لا يثنيهم للرجوع إلى الشط بخفي حنين" يقول أبوالسعيد " لان الحياة أصعب وعدم وجود عمل آخر اكبر من أن يعود...أدراج الرياح.."
صيد وفير..
ويتابع أبو السعيد الحديث " الصيد هذه الأيام والحمد لله وفير فالأسماك تكون قريبة، مما يعود علينا بالخير الذي يمكننا من تلبية أغراض الحياة الكثيرة والمختلفة للأسرة".
ولكن هذا الوضع لا يستمر كثيرا وإنما في فترات معينة من العام، ثم يعود الحال إلى ما كان عليه بندرة الصيد, مما يتطلب الإبحار إلى مسافة أكثر من التي تسمح بها بحرية الاحتلال .
ويلفت أبو السعيد إلى تزايد أعداد الصيادين في السنوات الأخيرة بفعل انعدام فرص العمل في قطاع غزة، ولعل الحصار والتضييق التجاري الإسرائيلي هو السبب الرئيسي في ذلك ، "وقد نجد في أيام الخميس والجمعة أعداد مهولة من الصيادين منتشرين على طول الساحل لوفرة الأسماك ".
تحدي الاحتلال..
وفي تحدى للحصار البحري المفروض على ساحل قطاع غزة منذ أكثر من خمسة أعوام قرر الصيادون مؤخرا الدخول لمسافة ( 5 إلى 7 )أميال بحرية على الرغم من ملاحقة الاحتلال لهم وإطلاق النار عليهم بشكل مستمر، وفي هذا الشأن يقول أبو السعيد " الدخول إلى هذه المسافة خطر للغاية، ولا أخفي عليك أن الذي يتجرأ على هذا ذلك يعرض نفسه للاستهداف المباشر من الزوارق الإسرائيلية".
ويوضح أبو السعيد أن بعض الصيادين عكف قبل أيام ليست بالبعيدة بالدخول إلى ما تسمى بمناطق "3" المعروفة عند الصيادين بـ"الجنة " لوفرة السمك فيها بشكل خيالي ، وقد عادوا بكميات كبيرة من السمك مؤكدا "بأن عناية الله لهم أرجعتهم سالمين غانمين من بطش قوات البحرية الإسرائيلية".
مواصلة الطريق..
أبو السعيد في أواخر عقده الرابع يعتاش هو و7 من أفراد أسرته على هذه المهنة البسيطة، يشدد على انه " سيواصل الطريق لأنها المهنة الوحيدة بالنسبة له في ظل عدم وجود عمل يلبي احتياجاته الأسرية المتزايدة مع أن دخل الصيد لا يفي بالغرض ولكن ما باليد حيلة"، ويستشهد بالمثل الشهير قائلا "عصفور في ايدك ولاعشرة على الشجرة"
قارب أوليفيا..
وعن قارب أوليفا الذي أطلق في يونيو/حزيران الماضي لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق صيادي قطاع غزة في عرض البحر يقول أبو السعيد " ليس لدى معلومات كافية عن هذا القارب ولكن نحن نسمع به وهو معروف أنه يساهم في حماية الصيادين وتوثيق الانتهاكات على ما يبدو وأحياناً يمر عنا وهو يحمل بعض المتضامنين الأجانب ويلقون علينا التحية وهو أناس طيبون على مما يبدو لنا."
وأوليفا هو قارب بطول8 أمتاريستقله نشطاء دوليين ، يهدف بالأساس لتعميم الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الصيادين الذين لا يسمح لهم بالصيد إلا داخل نطاق( 2- 3) أميال بحرية من أصل (20) ميل متفق عليها في أوسلو.
وتتعرض قوارب الصيادين على ساحل قطاع غزة لاعتداءات متواصلة من الزوارق الحربية الإسرائيلية مما يشكل تهديد واضح لحياة الصيادين.ويبلغ عدد الصيادين في القطاع قرابة 3500 صيادا يملكون قرابة 700 مركبا، ويعتاش من هذه المهنة قرابة 70 ألف مواطن فلسطيني.