"رمضان" يعيد نبض الحياة الى اسواق البلدة العتيقة في الخليل
القدس دوت كوم" - يحمل شهر البركة في البلدة العتيقة من الخليل معان خاصة تتجاوز مشاعر العبادة ومظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل ، حيث تكتظ شوارع البلدة القديمة بالمتسوقين، ويتعالى أصوات باعتها، فيعيدها رمضان في كل سنة الى ما قبل 30 عاما عندما كانت البلدة قبلة أهالي المدينة، كما يقول الشيخ المسن أبو احمد الجعبري لـ "القدس دوت كوم".
عينا الشيخ الجعبري لا تتوقف عن مراقبة المتجولين في شوارع البلدة بعد أن اعتاد النوم عند باب متجره الذي يسكنه الهدوء في الأيام العادية، غير ان رمضان أعاد بعث الحياة في الشوارع العتيقة وسمح للفرحة ان تعتلي وجوه تجارها وقاطنيها، لاسيما في ظل اجراءات الاحتلال التعسفية واعتداءات المستوطنين المتكررة التي حولت البلدة القديمة من الخليل الى منطقة مسكونة بالوحشة والخوف والترقب.
مع بداية الشهر الفضيل ، فتحت المحال المغلقة أبوابها ونفضت عنها ذلك الغبار الذي تراكم بفعل المنع والاغلاق القسري على مدار ايام السنة ، فيما يقول الشيخ الجعبري في حديث لـ "القدس دوت كوم" انه اشترى بضاعة جديدة لمحله المغلق منذ سنوات ، مؤكدا أن رمضان يعيد الروح الى شوارع البلدة القديمة التي ازدانت محالها التجارية بأضواء الزينة وعجت بالمشتريين والمارة .
المستوطنون وجنود الاحتلال الذين يعتلون منازل البلدة وأسواقها يراقبون كل شيء بتوجس، فأمالهم بإخلاء البلدة من ساكينها يبددها شهر رمضان وما يحمله هذا الشهر الفضيل كما يقول الجعبري.
الحاج احمد أبو سنينه يصطحب "القدس دوت كوم " في رحلة عبر الذاكرة مستذكرا ايامه الحلوة في البلدة القديمة عندما كان شابا ، فيما بدت على وجه المزدحم بالتجاعيد ابتسامة حنين للتك الأيام التي كانت اسواق البلدة ومحالها تعج بالبشر.
ويقول ابو اسنينه عن تلك الايام : كان السوق يكتظ بالناس في رمضان والمحال جميعها كانت تفتح أبوابها منذ ساعات الصباح الباكر .. الجميع كان يشتري مستلزماته من السوق العتيق وكان الناس يحسدوننا على موقع محالنا والآن صاروا يقولون"الله يعينكم" .
ويضيف أبو سنينه: "الاحتلال واجراءاته أجهزت على السوق العتيق من خلال سياسة الاغلاق واستمرار الاعتداء على المواطنين الذي باتوا يخشون التجول في السوق وفي الأيام العادية تكون الحركة ضعيفة والمارة أحيانا نعدهم على أصابع اليد الواحدة".
في رمضان يقصد مئات المواطنين البلدة القديمة ليتمتعوا بظلال أسواقها وبرودة أجوائها، وربما لستذكار تلك الايام الخوالي.
مع بداية الشهر الفضيل ، امتلأت أسواق البلدة القديمة بالحلويات الرمضانية، وبالعصائر على اختلاف انواعها ، فيما كان للقطايف ويقول بائع القطايف زكريا أبو بدر لـ "القدس دوت كوم " ان القطايف في رمضان تستقطب مئات الزوار ، خصوصا بعد قرار أصحاب محال بيع القطايف تخفيض سعر الكيلو لـ 5 شواكل في خطوة تستهدف دعم سكان البلدة القديمة، وتشجيع الناس على زيارتها والتسوق منها فهي (البلدة القديمة) أحوج ما تكون للدعم من اجل تعزيز صمود سكانها ولقطع الطريق امام كل المحاولات الاسرائيلية الرامية الى تفريغها من سكانها تمهيدا لاحكام السيطرة عليها.
ويبقى الحرم الإبراهيمي الشريف محط انظار المتعبدين الذين يشدون رحالهم اليه خلال الشهر الفضيل رغم الحواجز التي وجدت فقط من اجل تأدية مهمة واحدة فقط وهي التنكيل بالمصلين ودفعهم لهجر الحرم وتركه وحيدا في مواجهة مشاريع التهويد والسيطرة والتقسيم.
ورغم كل هذا الحنين الذي يسكن قلوب اهالي الخليل لتلك البقعة من مدينتهم ، الا ان وجود عشرات المستوطنين المتأهبين دائما للقتل وانتشار حواجز الذل وكاميرات المراقبة التي تحصي الانفاس والخطوات، تبقى الهاجس الذي يؤرق اهالي المدينة ، ذلك لان ذاكرتهم لم ولن تنسى تلك الدماء التي سفكت خصوصا في أيام الشهر الفضيل، فشبح الارهابي باروخ غولدشتاين الذي اراق دماء عشرات المصلين داخل الحرم الابراهيمي يبقى حاضرا على الدوام ، فعقلية الاحتلال وتربيته العنصرية قادرة على انتاج باروخ غولدشتاين جديد كل يوم.
يقول المواطن احمد السلايمة لـ "القدس دوت كوم" ان الاحتلال يسرق منهم كل اسباب الفرح والحياة فهو يمنع مثلا أطفال البلدة القديمة من تعليق وأنارة هلال رمضان على شرفات منازلهم التي تطل على "عش الدبابير" في اشارة الى العديد من البؤر الاستيطانية التي تسمم بوجودها حياتهم وتحيلها في اعلب الايام الى جحيم.