محكوم بالسجن المؤبد مرتين وقضى28 رمضان خلف القضبان ...الاسير عثمان بني حسن : اتمنى من كل صائم ان يشارك اخواتي الدعاء وان يهبنا صلاته لتتحطم تلك الجدران والحواجز والقيود
جنين –علي سمودي
في سجن "شطة " يستقبل الاسير القيادي في حركة "فتح " وابرز عمداء الاسرى عثمان عبد الله محمود بني حسن( 43 عاما) من بلدة عربونة قضاء جنين عامه ال28 خلف القضبان ، في قلبه يسكن الوطن رغم توالي الماسي برحيل الاحبة بين الوالد والوالدة والاخوة وما زال يتمسك بحلم الحرية ، فهو يؤمن دوما " ان ارادة الحرية لا تكبلها سجون ولا توقفها حواجز بل هي روح الثائر التي ترسم الفجر الذي سيولد رغم القيد والظلمة مهما طال الزمن ".
ورغم ان دورة الزمن في حياته تحكم بمسارتها الاحتلال وسجونه التي غيبته على مدار السنوات الماضية عن اسرته وقريته لكنه يقول " نحن شعب الجبارين ومن رحم المعاناة وعتمة الزنازين سنتجاوز النفق كما بشرنا الشهيد الرئيس ابو عمار ، اسرائيل قادرة على على اعتقالنا وفرض كل اشكال القهر علينا ولكن لم ولن نتخلى عن رسالتنا ومبادئنا لاجلها ضحينا وفي سبيلها مشينا الدرب وخضنا الحرب وعدينا ، ولاجل شعبنا تجرعنا مرارة الكاس ولم ولن نندم صمدنا وسنبقى صابرين والحرية لنا شاء من شاء وابى من ابى ".
حكاية الصبر
وحكاية الصبر والصمود في حياة عثمان بدات كما يروي " على مقاعد الدراسة في مدارس عربونة ثم جنين،فمع اشتداد القمع الاسرائيلي بحق شعبنا وارتكاب المجازر ومصادرة الاراضي التحقت بحركة فتح وشاركت في المسيرات والمواجهات حتى المرحلة الثانوية لكني لم استطيع اكمال دراسته نتيجة اعتقالي "، ويضيف " في تلك الفترة شكلت مع صديقي هزاع السعدي خلية فدائية ونفذنا عدة عمليات ضد الاحتلال بشكل سري لكن تم اكتشافنا واعتقالنا ".
تاريخ 27-7-1985 ، محفور في ذاكرة عثمان ففيه بدات رحلته المستمرة نحو السجون ، ويقول " اعتقلوني واخي رياض ، وتعرضنا لكل صنوف التعذيب والتحقيق وحوكم اخي عامين وبعدها اصدرت محكمة الناصرة حكمها بحقي بالسجن المؤبد مرتين "، ويضيف " بعد اعتقالي باسبوعين عوقبت عائلتي بهدم منزلنا وتشريدها واستمرت الاجراءات التعسفية بحقي عزل ونقل فقضيت سنوات عمري متنقلا بين السجون ولا يوجد مركز اعتقالي الا واحتجزت فيه ولكني صمدت وصبرت ".
الصمود والتحدي
توالت الصدمات خلال رحلة اعتقال عثمان بعدما شطب اسمه من الافراجات وخاصة اوسلو ولكنه رفض الاستسلام والتقاعس عن واجبه الوطني ، ويقول " مهما كانت الصورة نحن بشر وتاثرت كثيرا بعدما صنفت ضمن قائمة المطلخة ايديهم بالدماء ودموع وحزن والدتي التي لم يتحقق املها بالافراج عني "، ويتابع " لكني انخرطت في حياة الاسر وشاركت في تادية مهامي التنظيمية والنضالية لكسر سياسة الاعتقال واهدافها وحولنا السجون لمراكز نضال وجامعات وشخصيا اكملت دراسة الثانوية العامة بنجاح وانتسبت للجامعة العبرية تخصص علوم سياسية وعلاقات دولية وحصلت على درجة البكالوريوس والماجستير و بدات بالتحضير للدراسات عليا ".
لحظات مؤلمة
وفق تلك الروح التي جسدت معنوياته العالية واصل عثمان صموده مع مضي الاعوام في الاسر ، لكن الصدمة القاسية في حياته كانت لحظة رحيل والدته الحاجة
عريفة "ام نواف" في العقد السادس من عمرها ، ويقول " في رمضان خاصة ابكي لاني اشتاق لطعام امي اللذيذ ودعواتها ، كانت مثالا للام الحنونة والمناضلة والصابرة ولكنها بعد رفض الافراج عني اصيبت بعدد من الامراض من الضغط والسكري المفاصل"، ويضيف " لم تنقطع عن زيارتي ورفع معنوياتي ولكنها كانت دائمة البكاء حتى اصبحت لاتقوى على زيارتي بعدما نالت الامراض منها ولازمت الفراش ، لم اراها لمدة عامين وتوفيت عام 1999 وحرمت من وداعها ".
في العام التالي ،كان عثمان على موعد مع لحظات حزن جديدة برحيل والده ، ويقول " الاصعب من السجن وعذاباته الحرمان من الاهل ، فابي الذي كان لا يتوقف عن البكاء طوال زيارتي لحبه الكبيرلي اصيب بالسرطان وبسبب تدهور حالته انقطع عني لعام ورحل عام 2000 وهو يردد اسمي ويدعوا لي بالفرج ، كانت امنيته ان يراني حرا ويحقق حلم ابي بزفافي ولكنهما رحلا وما زلت ابكي على فراقهما
ويكمل عثمان " واتسعت دائرة الالم مع وفاة اخي الاكبر نواف عام 2005 نتيجة مرض سرطان ، ثم اخي راجح في سن 22 عاما توفي نتيجة حادث، في كثير من الاحيان اتمنى ان ازور قبورهم واقرا الفاتحة على ارواحهم ولكن كل شيء في حياتي مؤجل وممنوع ما دام هناك احتلال وسجون وظالم يسلبنا حياتنا ويزيد المنا حتى في اشد لحظات الوجع ".
صنوف الوجع في الاسر
في رحلة اعتقاله ، تجرع عثمان كل صنوف القهر واشكال الوجع وفي مقدمتها المنع الامني ،ويقول " المنع الامني اخطر عقاب يمارس بحقنا للانتقام منا وتحويل حياتنا لسجن مغلق وكان الاعتقال غير كافي ، فمنذ 20 عاما لم يسمح الاحتلال لاشقائي شوقية وامنة واحمد ومحمود بزيارتي حتى في المناسبات وشهر رمضان والاعياد "، ويضيف " خلال اعتقالي تزوج كل اشقائي وشقيقاتي ورزقوا بالابناء ولكن جميعهم ممنوعين امنيا من زيارتي ورغم المحاولات العديد فهم يرفضون السماح لهم رغم كونهم اطفال ولا اعرفهم الا من خلال الصور والرسائل وكلما شاهدت صورة احدهم اشعر اننا عائدون والفجر قريب ".
رمضان والجراح
وبحزن والم ، يقول شقيقه رياض " كل لحظة تمر وعثمان معتقل تشكل عذاب كبير لمل فرد فينا وخاصة في شهر رمضان والاعياد فهذه المناسبات ايام عادية ليس لها أي معنى للفرح بل تفتح جراحنا وعندما نجتمع على مائدة الافطار نفتقد عثمان فنبكي ولا نتوقف عن الدعاء ان يكون في العيد القادم بيننا لنفرح به اولا وبالعيد ثانيا "، واضاف " اخي قضى 28 رمضان في الاسر و54 عيد خلف القضبان ونصلي ليل نهار وننتظر بفارغ الصبر لحظة الافراج عنه لانه لا معنى لفرح او عيد واخي خلف قضبان الحديد يضيع عمره وقضى في سجونهم اكثر مما عاش في منزلنا ".
في الذكرى
في ذكرى اعتقال عثمان يقول شقيقه رياض " لا زلنا متاملين من الله ان يفرج عنهم ونناشد الرئيس محمود عباس وكافة المؤسسات المختصة والمعنية بالاسرى الاهتمام بقضيتهم كالوية،فهم عماد الدولة والحرية وادراج اسم عثمان وهزاع كافة الاسرى القدامى ضمن أي عملية افراج قادمة "، اما الاسير عثمان فقال من سجنه " في سجني عشت اكثر من حياة الحرية ورمضان لهذا العام الاصعب والاقسى فاملنا ان تنجح جهود الرئيس محمود عباس في اغلاق ملفنا وتحريرنا ، لدينا امل كبير ان نقضي ما تبقى من رمضان او نعيش العيد مع اهلنا "، واضاف " اتمنى من كل صائم ان يشارك اخواتي الدعاء وان يهبنا صلاته لتتحطم تلك الجدران والحواجز والقيود فابواب السماء مفتوحة واملنا بالله كبير الذي اخرج يوسف عليه السلام من غياهب الجب ان يخرجنا للنور ، وان يكرمنا بالانعتاق من قبور الموت لجنة الدنيا فلسطين ".