"أبو عبد الكرد".. عِشرة عُمر مع الصوف والقطن تجاوزت الخمسة عقود
القدس – يدخل الحاج "أبو العبد الكرد" مشغله المتخصص بتنجيد الوسائد والألحفة في بلدة العيزرية شرقي القدس، كل يوم، دون أن يعتري همته الملل، كما لو أن القوس والمطرقة أداته للعزف على ندف الريش والقطن.. لكي تتحول إلى وسائد مملوءة بالأحلام السعيدة!
المواطن "الكرد" الذي يعيش صيفه الـ 54 في مهنة التنجيد التي تطاردها الصناعات المتقدمة، قال لـدوت كوم وهو يواصل العزف على أكوام الصوف والقطن، أن عمره المديد ( 72 عاما ) لن يمنعه من المواظبة على مهنة بينه وبينها عشرة طويلة من العشق، مشيراً إلى أنه المنجّد الوحيد الذي أبقى على مشغله شرقي القدس ولا يزال يستقطب العديد من الزبائن، بمن فيهم أبناء و بنات لزبائن "الزمن الجميل" حينما كان منجدا بالأجرة في مشغل بالقدس العتيقة يعود لمواطن من عائلة سلهب التي لا يزال العديد من أبنائها يواظبون على حرفة آبائهم
الطريق إلى باب المشغل العائد للمواطن "الكرد" بالعيزرية، يواظب عليه العشرات من المواطنين من محافظات مختلفة بالضفة، سواء لتجديد فرشات وألحفة ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم، أو لتصنيع جديدة يعرفون ما تحتويه، فيما لم يغفل المنجّد الحريص على على مراعاة أذواق زبائنه عن تطوير جماليات صنعته، بتوفير أقمشة ملائمة و "كلف" تواكب الحداثة .
قال "أبو العبد" أن مواصلته العمل وفتح أبواب مشغله، لم تعد فقط لكسب الرزق، بل وأيضا نوعا من الوفاء لمهنة لازمته ولازمها 54 عاما دون انقطاع، بالرغم من تراجعها بفعل الأتمتة، لافتا إلى أن المدن و حتى القرى لم تكن تخلو ، "أيام زمان"، من مشاغل التنجيد أو من المحترفين و المحترفات بصنعة التنجيد.
ويضيف "أبو العبد الكرد" وهو يشرح لـلقدس دوت كوم بعض أسرار صنعته ، أن تواصله معها أكسبه خبرة كافية لتمييز أنواع الصوف والقطن ومعرفة ما إذا كانت جيدة ، بمجرد النظر اليها، مشيرا إلى أن الكثير من الوسائد والألحفة الجاهزة التي تملأ الأسواق هذه الأيام، متدنية الجودة قياسا إلى نظيرتها التي يتم تصنيعها يدويا وأمام الزبائن، موضحا في السياق أن بعض أنواع الصوف الصناعي يطالها الإهتراء بعد وقت قصير من استخدامها، فيما تكلف من يشترونها – إذا ما رغبوا في إطالة أعمارها - بدل إعادة التنجيد بتكلفة و بتكلفة تقارب أسعارها !
بحنين وفخر يتحدث المنجّد أبو العبد عن "المجد" الذي كانت تحظى به خلال العقود الماضية وقال: قديما، كانت الوسائد والأغطية هدايا عزيزة وثمينة وجزءا من بهجة الأعراس، بينما كانت فرشات الصوف والوسائد المصنعة بعناية تستخدمان للنوم وتقومان، في الوقت ذاته، بدور الكنبة.. قال ذلك دون أن ينسى التذكير بأن مهنتة التي يعشقها جزء من التراث الفلسطيني الجميل والعزيز، كما الأثواب المطرزة بخيوط الحرير