الاسيرة هنداوي.. فقدت القدرة على الحركة والنطق وعائلتها تناشد الرئيس تبني علاجها وانقاذ حياتها
تقرير على سمودي - تعجز مفردات اللغة عن وصف الصورة الاشد تاثيرا من الالم الذي اقتحم حياتها فجاة فنال من صحتها وعافيتها وجعلها طريحة الفراش دون مقدمات او استئذان ، فويلات السجن وعذاباته لا تطلب بالعادة اذنا من الفلسطيني فتغزو جسده وتقتحم حياته ليبقى يدفع الفاتورة حتى بعد الحرية .
ورغم صمودها في مواجهة المحطات المعاناة والعذاب التي رافقتها في رحلة اعتقالها وبعد تحررها جراء عدم حصولها على وظيفة او تفريغ رغم حاجتها الماسة لذلك ، لم تتوقع وعائلتها حتى في اسوا الكوابيس التي يمكن ان يتخيلها انسان ان تصبح عاجزة بعدما فقدت القدرة على الحركة والنطق وحتى تناول لقمة طعام فقد غزت الالام جسدها وما زال البحث مستمرا عن مرضها المجهول .
المرض المفاجيء
منذ اسبوعين ، بدات النكسة الكبيرة في حياة الاسيرة المحررة لينا رافت محمد هنداوي (35 عاما ) من جنين رغم انها تمتعت دوما بصحة جيدة ولم تعاني من اية امراض ، وتقول والدتها المقعدة ام ايهاب " حتى عندما اعتقلت خلال انتفاضة الاقصى ورغم تعرضها للتحقيق والتعذيب في مسلخ الجلمة وممارسة العزل والعقاب بحقها لفترة طويلة عاشت ابنتي بصحة جيدة ولم تشكو من اية امراض رغم انها كانت تصاب احيانا بالتهابات ومشاكل صحية خلال تنقلها بين سجني الرملة وهشارون "، وتضيف " كباقي الاسيرات صمدت وصبرت ابنتي رغم الاهمال الطبي حتى قضت محكوميتها البالغة 30 شهرا وبحمد الله نالت حريتها وعادت الينا لتبدا حياتها من جديد وكنا سعيدين وحمدنا الله كثيرا لانها لم تظهر عليها اية امراض ".
صور مؤلمة
تداهم الدموع الوالدة حتى تعجز عن الحديث وهي تحدق بكريمتها التي اصبحت فجاة طريحة الفراش لا حول ولا قوة لها حتى اصبحت تتقيا كل طعام وشراب ،ثم تعانقها وتستجمع قواها لتنطق بما اصبحت عاجزه عن قوله وتضيف " يا حسرتي ولوعة قلبي احيانا لا اصدق ان هذه الفتاة التي يرتعش جسدها طوال الوقت ولم تعد قادرة على القيام باي حركة هي ابنتي المناضلة والبطلة التي وهبت حياتها لشعبها وقضيتها ولكنها تدفع فجاة ثمن واثر ما تعرضت له من تعذيب وظروف اعتقال قاسية " .
تتحرك لينا ، لتطلب شربة ماء تسارع شقيقتها لتقديمها لها ، وبعد هنيهات محدودة تصرخ الما لان معدتها ترفض حتى الماء ، ورغم قساوة المشهد تكمل والدتها " لينا كانت ذات شخصية قوية حتى في احلك ظروف اعتقالها ،ودوما تتمتع بمعنويات عالية وتمتلك روح التحدي والعطاء ، السجن لم ينال من عزيمتها رغم انها تجرعت والاسيرات كل صنوف الالم بسبب ظروف الاعتقال والسجن التي تورث الامراض ورغم انها لم تظهر عليها طوال الفترة الماضية فانها تدفع اليوم الثمن بصورة لا يتوقعها انسان ".
ضحية السجون
ويقول والدها الذي لم يتوقف عن كبح دموعه طوال حديثه " انها مصيبة لم نتوقعها ابدا رغم انها لينا كانت تعيش في كثير من الاحيان القلق والخوف كلما سمعت عن الاوضاع التي كانت تصيب الاسيرات والاسرى بعد تحررهم وعذاباتهم بسبب الامراض "، ويضيف " ابنتي ضحية الاحتلال وسجونه التي جهزت خصيصا لقتل الاسير ببطء حتى بعد تحرره فغالبية الاسرى ظهرت الامراض عليهم بعد تحررهم ".
يمسك ابا ايهاب بيد كريمته المحررة لينا وهو يتلو ما تيسر من القران الكريم فوق راسها دون ان يتوقف لسانه عن الدعاء لله ان ينجيها من الحالة التي اثرت عليه وعلى اسرته فتحولت حياتها لجحيم ، ويقول " السجن وعذاباته اخف وطاة من الصورة التي تعيشها ابنتي التي كانت تشكر الله دوما لانه نجاها من ويلات السجن ، ولكن لم تجري الرياح بما تشتهي السفن ، وكأن المرض نصب لها كمينا رغم ايماننا بالله وقضاءه وقدره ولكن ابنتي لم تنجو من عذابات السجون التي برزت باقسى صوره واصعب حالة فلا نملك سوى الدعاء لله لينجيها ".
منظر تقشعر له الابدان
في ظلال ذلك ، فان المحررة لينا وصلت لصورة الم تقعشر لها الابدان ، تتكرر يوميا امام عائلتها في منزلها المتواضع والمستاجر في مدينة جنين ، فالوالدة الصابرة ام ايهاب تكاثرت عليها الامراض حتى اصبحت مقعدة، والوالد ابو ايهاب الذي افنى حياته لبناء اسرته وتوفير حياة كريمة يعاني من عجز مفاجيء جراء توالي الصدمات وظروف المعاناة المتعددة التي اضيف اليها حالة المحررة لينا التي تلازم الفراش بعدما كانت تتحمل المسؤولية عن والدتها في تدبير امور المنزل والعائلة ، ولكنها تحولت الى جسد يرتعش من اعلى الراس حتى اخمص القدمين دون توقف، وعيون تروي وقع نوبات الالم التي لم يعد جسدها قادر على احتمالها واصبح لسانها عاجزا عن اطلاق صرخات الاستغاثة ، وتقول والدتها " اثناء قيام لينا بتحضير طعام الافطار قبل حوالي اسبوعين اصيبت بنوبة الم حادة في اذنها والحنك حتى وقعت ارضا فسارعنا لعرضها على الاطباء فابلغونا في المرحلة الاولى ان السبب التهابات حادة ومزمنة تعود لسنوات وقد تسللت لانحاء جسدها تدريجيا وضربت العصب السابع وحصلت على بعض الادوية ".
الانتكاسة الكبرى
لم تتحسن الحالة الصحية للمحررة لينا رغم التزامها بالعلاج ، وفجاة تقول والدتها " فقدت القدرة على الحركة والنطق وبدات تعاني من رعشة دون توقف بيديها وكل يوم اصبح وضعها الصحي يزداد سؤا حتى فقدت كامل القدرة على الحركة واصبح جسدها يرتعش دون توقف " ، وتضيف " تنقلنا بين المستشفيات والاطباء دون ان يتمكن احد من تشخيص مرضها او توفير علاج سوى المسكنات التي لم تؤثر فيها بل تدهورت حالتها الصحية وقرر الاطباء ضرورة عرضها على طبيب اعصاب ".
صدمة العائلة كانت كبيرة عندما اكتشفت عدم توفر طبيب متخصص في جنين ، واصبح عليها ان تنتظر قدوم طبيب متخصص يدوام مرة في الاسبوع في احدى المراكز الصحية في المدينة ، فاوضاع العائلة الاقتصادية لم تمكنها من نقلها الى طبيب في باقي المحافظات اضف الى ان الصدمة جعلتها تصاب بحيرة وقلق ولم يكن امامها خيار سوى الصبر وانتظار موعد الطبيب .
التحرك السريع
وفي اقسى لحظات العمر التي واجهتها العائلة التي لم تملك سوى الجلوس حول سرير ابنتها والدعاء لها،توارد خبر ما حل بالمحررة لينا الى مدير مديرية وزارة الاسرى في جنين خضر تركمان والكادر الفتحاوي منصور السعدي ووائل جرادات واحمد ارشيد وعامر السعدي وعطا ابو ارميلة وعامر السعدي ومهند ابو علي الذي يسجل للينا دورها الوطني والنضالي وتضحياتها كما يقول تركمان " خلف القضبان وبعد تحررها ، فحريتها لم تنسيها واجباتها تجاه من تبقى خلف القضبان من الاسرى والاسيرات ، فكرست حياتها لاثارة وابراز قضية الاسرى والدفاع عن حقوقهم " ، " تشكل المحررة لينا نموذج للمراة الفلسطينية المناضلة والفتحاوية الشجاعة التي لم تتاخر عن مسيرة او فعالية لدعم الاسرى وكانت ناشطة حد التفاني ".
فور وصولهم لمنزلها،يضيف احمد ارشيد من قادة حركة "فتح ارتسمت معالم الصدمة والذهول على وجوهنا جميعاحتى لم يصدق احدنا ان المريضة هي لينا، فبدتا جميعا نتحرك ونجري اتصالاته لتامين العلاج لها وانقاذ حياتها،ويقول القيادي في حركة فتح عامر السعدي " رغم المشاهد المؤلمة التي مرت علينا لكن لم نرى في حياتنا حالة كالتي بدت عليها المناضلة لينا ". استنفر اقليم فتح وكادره في جنين لاثارة قضية لينا والمطالبة بعلاجها دون تاخير،وفورابلاغ وزير الاسرى عيسى قراقع ، اصدر تعليماته لمدير جنين بالتحرك ومتابعة وضعها متعهدا باستكمال الاجراءات اللازمة مع الرئيس محمود عباس شخصيا حتى تامين كل متطلبات علاجها . لم ينتهي المشهد ، فاصر تركمان والكادر الفتحاوي على نقلها للمستشفى واحضار الاطباء لتشخيص وضعها وتحويلها للمركز التخصصي في نابلس ، والتف الجميع حول المحررة لينا في غرفة الطواريء حتى حولت سريعا للمركز والجميع يدعوا لها بالشفاء والعودة سالمة لاسرتها .
مناشدة للرئيس
وبانتظار اجراء الفحوصات ونتائجها،وجهت حركة فتح ووالدة لينا نداءا مستعجلا للرئيس محمود عباس لتبني علاجها ونقلها الى مستشفى متخصص باقصى سرعةممكنه ،وقالت " املنا الوحيد بعد الله بالرئيس محمود عباس فخلال اسبوعين وصلت حالة ابنتي لدرجة ماساوية وكل دقيقة تمضي تهدد حياتها ، فنامل متابعتها من قبل مختصين قبل فوات الاوان "،وتضيف "انها ضحية سجون الظلم،ونريد ابنتي التي هي الراعية الوحيدة لاسرتها والتي وهبت حياتها للوطن في منزلنا سليمة متعافية،ونامل ان يحتضننها ويرعاها شعبها والرئيس كما ضحت بعمرها من اجلهم.
فتح ملف المحررين
من جانبها ، دعت حركة "فتح " على لسان عطا ابو ارميلة امين سر الاقليم الى فتح ملفات الاسرى المحررين الطبية وايلاءهم كل الاهتمام وضمان اجراء فحوصات طبية كاملة لهم بعد استشهاد عدد منهم مما يؤكد ان اثار السجون والتعذيب ترافقهم وتفتك بهم بشكل مفاجيء . ودعا الرئيس لاصدار تعليماته للجهات المعنية لاقرار قانون المحررين وتوفير حياة كريمة لهم بدءا من علاجهم وحتى وظائف دائمة .