أسرة فلسطينية تنتظر موت ولي امرها على فراش الفقر..!
رفح – وكالة قدس نت للأنباء
تنتظر أسرة فلسطينية أن تفقدها الحياة ولي أمرها ومعيلها بعد أن حال الوضع الاقتصادي السيئ من تلقيه العلاج اللازم من الأمراض التي أصيب بها واقتصاره على مسكنات ومهدآت ومحاليل طبية توفرها له المستشفى.
المواطن،علي الرياطي، من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة هو أب لثلاثة أطفال ورابعهم يأتي بعد شهر من الآن, فقد القدرة القيام بأي عمل يحتاج إلى مجهود عضلي منذ ثلاث سنوات, وذلك بعد تردي وضعه الصحي وإصابته بالعديد من الأمراض " كالضغط والروماتزم وآلام المفاصل والعظام, إضافة إلى القلب وأزمة صدرية"، تؤرق حياته ليلاً ونهاراً.
أشد المشاهد قسوة..
على عتبة المنزل وقف الطفل محمد ابن الخامسة حائراً, ينظر بحسرة لأقرانه وهم يلعبون الكرة في الشارع,راسماً في أحلامه الصغيرة مشهداً من أشد المشاهد قسوة, لحياة يتيم يتوقع أن يفقد والده في أي لحظة بسبب تردي وضعه الصحي.
وبصبر وإيمان ثابتين تحدث علي (29 ربيعاً) لمراسل"وكالة قدس نت للأنباء" أحمد جلال, وهو يشعر باقتراب لحظة وفاته بسبب الأمراض التي تعيش معه في السنوات الأخيرة, مبدياً خوفه الشديد على حياة أطفاله من بعده.
ويضيف:"لا يوجد في مستشفى النجار – شرق رفح – من لا يعرفني, فأنا زائر لا أنقطع أبداً عنهم, لا يكاد يغلق الأطباء ملفي حتى يعاد فتحه مرة أخرى", مشيراً إلى أنه يتردد على المستشفى من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعياً.
ويكتفي علي بالمسكنات والمحاليل الطبية والرعاية الأولية التي تقدم له من أطباء المستشفى, مستبدلاً إياها بالدواء الذي لايملك من ثمنه إلا حفنة من (الشواقل) لا تكاد تكفي ثمن حبة من الدواء, أو حتى لملئ بطون أطفاله.
وعن الوضع الاقتصادي أشار علي إلى أنه لا يعتمد في حياته على دخل ثابت, بل يقوم – بتلقيط رزقه- عبر بعض الأعمال الخفيفة التي لا تحتاج إلى جهد عضلي لكي لا يرهق نفسه بالعمل وتكون النهاية الذهاب للمستشفى وتلقي العلاج.
مصاريف...
ويروي حادثة وقعت معه قبل عشرة أيام, حيث اتفق مع زميلين له على العمل برفع حجارة البناء فوق سطح منزل مقابل مبلغ من المال, إلا أنه (علي) وبعد خمس دقائق من بداية العمل أغمى عليه ونقله رفاقه للمستشفى لتلقي العلاج.
ويستكمل حديثه:"شدد الأطباء بضرورة بقائي في المستشفى لصعوبة وضعي الصحي, الأمر الذي رفضته وبشدة, حيث أنني لا أمتلك المال اللازم لتنقلات زوجتي ولا مصاريف للمأكل والمشرب داخل المستشفى", موضحاً أن ذلك يشكل عبئا اقتصادياً عليه.
قرر علي بعد هذه الحادثة أن لا يخاطر بحياته مرة أخرى خوفاً منه على أبناءه لا على نفسه, إضافة إلى أن الأطباء منعوه من بذل أي جهد شاق سيؤدي حتماً لتراجع ملحوظ في حالته الصحية, فقام بشراء بعض المسليات للأطفال من أحد التجار لبيعها لأطفال المنطقة على أن يسدد ثمنها بعد البيع.
وبابتسامة ممزوجة بالحسرة قال :" إنه لو باع كل البسطة في يوم واحد سيحصل على ربح 40 شيقل, فكيف سيكون الحال وهو يبيعها على مدار أيام طوال"، إلا أن علي مصر على أن يكمل مشواره في هذا الطريق في ظل انعدام البدائل وعدم توفر مصدر دخل للعائلة.
ستة أشهر متأخرة..
ويسكن علي الرياطي بالإيجار في منزل متهالك مكون من غرفتين ومنافعهما,تأكل الرطوبة والتشققات جميع أطرافه مقابل 400 (شيقل) شهريا, لم يدفع منها ولو (شيقل) واحد لصاحبة المنزل التي تطالبه يومياً بدفع مستحقات ستة أشهر متأخرة.
اضطر علي أن يستعطف المرأة بالصبر لحين انتهاء الشهر السادس,على أن يدفع لها جميع المستحقات في آخر الشهر.
ويقول:"أنا في حيرة من أمري كيف يمكن لي تدبير النقود اللازمة لبقائي في المنزل, حتى لا أجد نفسي وأبنائي في الشارع, فقد وافقت صاحبة المنزل أن نستأجره بعد أن علمت أن وكالة الغوث (الاونروا) ستصرف لنا ألف شيكل على اعتبار أننا أسرة فقيرة وبحاجة للمساعدة".
أثاث المنزل..
ويلفت إلى أن أثاث المنزل الذي يتكون من حصيرة وثلاث فرشات, كانت هدية من أخوات الزوجة, يستخدمونها لاستقبال الضيوف نهاراً وللنوم ليلاً, في حين يفتقر المنزل إلى الثلاجة والغسالة والتلفزيون...إلخ, والتي لا يخلو منها أي منزل.
وينفي علي الرياطي تلقيه أي مساعدة حكومية أو غير حكومية, وحتى وكالة الغوث التي تقدم لها بطلب وأوراق تثبت صعوبة وضعه الصحي لم يتلقى منها رداً حتى اللحظة, مستنكراً على الحكومات الفلسطينية تجاهل الوضع الاقتصادي الصعب لأهالي قطاع غزة, وترك العائلات تواجه مصريها المؤلم.
زوجة علي أصرت أن تقدم واجب الضيافة لمراسل وكالة قدس نت قبل المغادرة وأرسلت ابن الجيران بأخر (شواقل) مع العائلة لشراء القهوة التي طلبها وهو لا يدرى أن العائلة تتعفف عن شرائها بسبب وضعها المعيشي.
"حمدنا الله أن القهوة لم تكن في البقالة لكي لا نزيد من عبئ الأسرة, إلا أن الزوجة ازدادت إصراراً على تقديم الضيافة قائلة:"ولو هادا واجبنا أنتو أول مرة تفوتوا البيت", معبرة عن سعادتها بهذه الزيارة.
الابتسامة لبؤس..
ولكن الحال لم يدم فقد انقلبت الابتسامة لبؤس, وامتلأت العيون بالدموع عندما تحدثت الزوجة عن حياة اسرتها اليومية, لينطق لسانها مثل غالبية الأسر الفلسطينية:"شو بدي أقول غير الحمد لله, أنا صابرة وأكيد الفرج من عند ربنا قريب".
وتضيف بلهجتها العامية :"زى منتا شايف علي وضعه الصحي صعب كتير وكل يومين بنروح فيه على المستشفى , ولولا الله ثم الجيران ما بنقدر نطلعو على المستشفي, وغالبا نعتمد على الإسعاف لأنو ما بياخد أجرة".
وتحلم عائلة علي الرياطي أن تمكنهم الأيام القادمة من بناء منزل, وتأمين حياتهم بمشروع صغير يدر عليهم دخلاً معقولاً, يمكنهم من شراء العلاج لمعيلها ويلبي متطلبات الأسرة اليومية, ويغير حياتها من البؤس والشقاء إلى الأمن والسلام.