أسامه وغدير .. الحلم بممر اسمنتي يعبران به الى احلامهما بالحياة
القدس دوت كوم - مهند حامد - عندما تعيش في جبل الخليل على حافة وعرة، ولا تستطيع الوصول إلى منزلك إلا مشيا على الأقدام أو متسلقا الصخور والأدراج الوعرة فهذاهو الكابوس اليومي الذي يطاردك، وهو الهاجس المضاعف لعائلة جميل جابر مع وجود طفلين على كرسي متحرك حبيسي جدران المنزل لعدم قدرت والدتهم على إنزالهم "درجات" منزلهم، وعدم قدرة والدهم تأهيل ممر خاص لطفلته غدير 12 عاما وأسامة 14 عاما، لينعما بهواء جبل الخليل،وأن يذهبا إلى المدرسة، فكثير من المرات تتوقف رحلة الذهاب إلى المدرسة أو الخروج من برودة جدران غرفتيهما الصغيرة على عتبة المنزل.
منزل الطفلين يجاور عش الدبابير "كريات أربعة" في مدينة الخليل، ولا يبعد عن الشارع العام أكثر من 50 مترا، الذي أغلقه الاحتلال بوجه أهالي حي خلة الرأس أو "حارة الجعبري" قبل 11 عاما، ومنع الأهالي من الوصول إلى منازلهم بمركباتهم، وهذا ما فاقم من مشكلة الحي وزاد من صعوبة نقل الطفلين لتلقي العلاج وحتى التنزه خارج أسوار المنزل كما تقول أم أسامة، لـلقدس دوت كوم .
أسامة وغدير يعانيان من ضمور في العضلات وهما بعمر الزهورحيث جعلهما المرض اسيرين للكرسي المتحرك، مثلما جعلتهما قلة الامكانيات حبيسي منزلهما المتداعي.
ويضيف :المنزل بحاجة لإعادة التأهيل وبناء مرافق خاصة من مرافق صحية ، وممر خاص للكرسي المتحرك بدلا من الإدراج الذي يكلف ما يقارب 32 ألف شيكل حسب إحدى الجمعيات التي وعدتنا ببناء الممر منذ عامين ولم تف بوعدها".
حواجز إسرائيلية تخنق الحي
الوالد الذي يعمل سائقا مقابل 1500 شيكل لا تكفي لإطعام أسرته المكونة من 9 أفراد كما يوضح لـ"لقدس"، مبينا أن أبناءه بحاجة لجلسات العلاج الطبيعي بشكل دوري، وهو لا يستطيع تأمين كل هذه النفقات.
مدخل الحي مغلق بحاجز عسكري "حاجز جابر" وتحيط به مستوطنة كريات أربعة التي لا ينفك مستوطنوها من الاعتداء على أهالي الحي، واستولوا على شارع الحي الذي اقتصر على مركباتهم وعلى الدوريات العسكرية المنتظمة التي تجوب منطقة الحي، بينما يضطر السكان لحمل أمتعتهم والسير بها مسافات طويلة متحملين حرارة الصيف وبرودة الشتاء، فلا خيار لديهم سوى المشي على الأقدام.
والدتهماالتي أنهكها حمل أطفالها ما تسبب لها بألم حاد في كتفها ومفاصلها جعلها لا تستطيع حمل أبنائها كما اعتادت، ووالدهم يخرج في ساعات الصباح الباكر وأحيانا لا تجد من يساعدها لإرسال طفليها إلى المدرسة لصعوبة إنزالهم عن الدرج ، كما تقول أم أسامة ـ.
وعود خيرية ينتظرها أصحاب المنزل
وتضيف أم أسامة، هناك جمعية تعنى بالمعاقين تكفلت في توصيل غدير إلى المدرسة، لكن لم يلتزموا إلا بدفع مقابل شهرين للسائق الذي يوصلها إلى المدرسة ونحن لم نستطع حتى هذه اللحظة سداد الديون التي ترتبت على ذلك .
الوالد استطاع تأمين كرسي كهربائي حصل عليه عن طريق المحافظة، إلا انه لا يستطيع استخدامه لصعوبة المنطقة وعدم وجود الممرات الخاصة".كما يوضح جابر ذلك.
الطفلان ذهبا إلى جمعية الإحسان الخيرية في الخليل إلاأن والدهما أعاداهما للمنزل لعدم الفصل بين الحالات المرضية في الجمعية وخصوصا الحالات العقلية التي أثرت على نفسية الأطفال، كما تشير والدتهم.
صعوبة مالية قد تطيح بأحلام الطفلي
صعوبة الوضع المالي للأسرة وعدم قدرتهم على تأمين احتياجات الطفلين قد يجبرهما مجددا على عدم إرسالهما إلى المدرسة، فأسامة من المفترض أن يكون بالصف التاسع إلا أنه الآن سيدخل الصف الرابع، وأخته من المفترض أن تكون بالصف السابع إلا أنها الآن مرفعة على الصف الثالث، ويوضح والدهم السبب في ذلك هو عدم وجود مدرسة مؤهلة لاستقبالهم قبل سنوات، إلا أن جمعية أجنبية تقدمنا لها وقامت بتأهيل المدرسة وبناء ممر خاص لكرسي أسامة، ساعده على الالتحاق بالمدرسة".
أسامة تحدث لـ عن أمنياته البسيطة بأن يتمكن من الدخول والخروج إلى منزله مع أخته دون مساعدة أحد، وأن يتمكن من الذهاب إلى المدرسة كل يوم دون أن ينتظر من يخرجه ويدخله إلى منزله البسيط. حالماً بأن يكون مهندسا، وأخته طبيبة، ولكن أحلامهم ستبقى رهينة درج المنزل، والشارع المغلق، واعتداءات المستوطنين، ما لم تلتفت إليهم الجمعيات والمؤسسات وتقدم لهم العون والمساعدة.
أسامة وغدير طلبا من إيصال رغبتهما بالتجول خارج المنزل ومغادرة جدران غرفتهم دون انتظار مساعدة احد، فلعل حلمهما يبدأ ببناء ممر أسمنتي يعبرون به إلى أحلامهم وإلى الحياة .