بين اعتقال ابنها وحكمه ومرضه.. والدة الاسير ناجي عبيد : الاحتلال حكم على اعيادنا بالاعتقال مع ابنائنا
علي سمودي
" العيد لاصحابه ، اما عيدنا فيبقع اسيرا خلف القضبان "، كلمات خاطبت بها الوالدة نعمة ابنائها الذين حاولوا اخراجها من دائرة الالم والحزن التي ترافقها عشية كل عيد لتاثرها لغياب نجلها الاسير ناجي احمد توفيق ابو عبيد( 27 عاما )، لكن الجميع بما فيهم والدهم عجزوا وهي تردد دون توقف " كيف نفرح ونعيد وناجي يستقبل العيد الجديد في سجن "مجدو " وسط الامراض والمضاعفات وهم يرفضون علاجه ، لن يكون معنى لاي مناسبة حتى يعود الى احضاني ونوفر العلاج له " ، وتضيف " العيد اصبح كالحلم نتمنى ان يصبح حقيقة ، لكن لا طعم له سوى الالم لان الاحتلال يحرمني ايضا اخي المحكوم 24 عاما فتصبح حياتنا سجون وقهر لا حدود له ما دام الاحتلال يتحكم حتى في اعيادنا ".
الم العيد
وبينما ترافق الامهات ابنائهن الى الاسواق لشراء الملابس وتحضيرات العيد ، قضت الوالدة عبيد ايام شهر رمضان الاخيرة ووقفة العيد ، في التنقل بين مؤسسات حقوق الانسان والتي تعنى بالاسرى لاثارة قضية ابنها الذي تدهورت حالته الصحية بسبب المرض ، وتقول " بالتاكيد احب ابنائي وافديهم بحياتي واتمنى ان نسعدهم انا ووالدهم وخاصة في هذه المناسبة العظيمة ، ولكن هذا العيد يكبر المنا وقلقنا بسبب الحالة الصحية السيئة لابني بسبب ظروف السجن واهمال علاجه "، وتضيف " الامهات يجهزن الحلوى والكعك ويشترين ملابس وكل احتياجات ابنائهن للعيد ولكن الاحتلال حكم على اعيادنا بالاعتقال مع ابنائنا ، كيف لقلبي ان يفرح والجميع عاجز عن مساعدة ناجي وعلاجه ، ليس السجن ما يؤلمني لان ابني بطل ومناضل وانما مرضه الذي سببه التحقيق وظروف الاعتقال ".
وتكمل " حاولت ان اتجاوز المي وتخفيف معاناة ابنائي ومرافقتهم لتسوق اغراض العيد ولكن عندما شاهدت اصدقاءه والشباب بجيل ناجي شعرت بالاختناق والحسرة ، فلماذا يعتقل ابني ويحرم من حياة الحرية والاعياد ، امضينا رمضان بالبكاء والالم رغم ان روحه وصورته لا تفارقني لحظة ، فقد كان حنونا ومحبا لنا "، وتضيف " كلما تذكرت الطعام الذي يحبه واللحظات التي كان يوقظنا فيها على السحور كل ليلة ومشاركته لي في تجهيز السحور، العن السجون واتمنى ان يهبني الله قوة لهدمها ليعود ابني وكل الاسرى لعائلاتهم وتتحرر اعيادنا ".
لحظات مؤثرة
ولن يختلف الحال في العيد ، فرفضت الوالدة نعمة تجهيز الحلوى وكعك العيد لابنائها ، وقالت " ما يشغل عقلي وقلبي هو ناجي وعلاجه ، امضيت الايام الماضية في مراجعة كافة المؤسسات وشرح اوضاعه الماساوية ، فقبل اعتقاله لم يعاني من أي مرض ، كان يتمتع بصحة جيدة ولكن اليوم يعاني من مرض في صدره والم في راسه ورغم اثارهما ومضاعفتهما يرفضون فحصه واجراء تصوير لتحديد الاسباب ، واضافة لذلك لم يعد قادر على النوم من شدة الالم في راسه واسنانه ، وعلاجه الوحيد الاكمول "، وتضيف " حتى اللحظة لم يتحرك احد رغم خطورة وضعه ، لذلك لا املك سوى الصبر والدعاء ، وليلة القدر لم ننام انا وزوجي وامضيناها في الدعاء لله لحمايته وكف شرهم واذاهم عنه وان يفرحنا ليكون بيننا في العيد القادم ".
الاسير في الذاكرة
في جنين ولد ناجي ليكون الثالث في اسرته المكونة من 7 انفار ، وامام ظروف الحياة الصعبة لم يكمل دراسته واختار العمل لمساعدة والده المريض بالسكري على رعاية اسرته ثم انتسب للقوة البحرية في السلطة الوطنية ، وتقول " اختار طريقه وحدد حياته وشعرت باجمل لحظات السعادة عندما رايته شابا في الزي العسكري يخدم وطنه وشعبه فهو مخلص ومعطاء ولديه حب كبير لشعبه "، وتضيف " ادى واجبه ضمن جهاز البحرية في اريحا ثم بيت لحم حتى بدات الهجمات الاسرائيلية عقب اندلاع انتفاضة الاقصى فاصبح مطلوبا ".
وتكمل " ايام عصيبة عشناها خلال اجتياح بيت لحم وحصاره في كنيسة المهد في 2-4-2002 ، فقد دافع عن المدينة وشارك في مقاومة الاحتلال وبعد انقطاع اخباره صدمنا عندما علمنا بتهديد الاحتلال بقصف الكنيسة حيث كان ناجي اصيب بشظايا في انفه من صاروخ اطلقته الطائرات الاسرائيلية ".
تتذكر الوالدة ، انها فور سماعها نبا اصابته سارعت للسفر لبيت لحم رغم المخاطر والحواجز ، وتقول " بينما كان يشتد الحصار على الكنيسة وانقطاع اخبار ابني لم اخشى منع تجول او حواجز ووصلت لبيت لحم لاكون على مقربة من الكنيسة ومتابعة ابني الذي استمر يعاني ويتالم مع باقي المحاصرين 40 يوما ".
اثر تدهور وضعه ، سمحت سلطات الاحتلال للصيب الاحمر باخراج ناجي من الكنيسة و تقول " نقل الى مستشفى بيت لحم وقرر الاطباء هناك اجراء عملية في انفه وذهبت الى المستشفى لرؤية ابني ولكن صدمتي كبيرة لانني في البداية لم اعرفه بسبب تغير وضعه الصحي وتدهوره جراء اصابته"، وتضيف " فور تاكدي من شخصيته احتضنه وبكيت وصليت لله الذي منحه حياة جديدة وتابعنا علاجه ".
الاعتقال والحكم
تعافى ناجي من ار الاصابة بعد الرعاية الصحية ، وودع عائلته وعاد لاستئناف عمله في بيت لحم دون ان يعلم ان قوات الاحتلال ادرجت اسمه ضمن قوائم المطلوبين ، وتقول والدته " استمرت مطاردة ناجي لمدة عامين وكلما عجز الاحتلال عن اعتقاله كان يداهم منزلنا بشكل مستمر وسط العقوبات وتخريب كافة محتويات المنزل ، وتهديدنا بتصفيته"، تضيف " في مدينة بيت لحم اعتقل ناجي في 24/3/2004 ، وبعد التعذيب حوكوم بالسجن الفعلي لمدة 12 عا ما وعوقبنا في السنوات الاولى بمنع زيارته ".
متى تاتي الحرية
وبين العقوبات وخاصة العزل والنقل من سجن لاخر، طال المنع الامني شقيقيه شادي وتوفيق ، بينما تاثر الوضع الصحي لوالدته وبسبب الحزن والبكاء تعاني من ازمة واعصاب في الاثنى عشر، ورغم ذلك تقول " كل يوم اتسال متى تاتي حرية ابني ، وصبيحة العيد لن اغادر منزلي ساقضي وقتي مع صوره بانتظار زيارته واتمنى ان يكون في العيد القادم معنا ".