"تل الرميدة": "درب الآلام" في الطريق إلى بيت العزة !
الخليل- ألف – غسان الهادي : حتى أمس الأحد ، لم تتلق عائلة المواطن هاني العزة المقيمة على مسافة 4 أمتار من مساكن المستوطنين في تل الرميدة وسط الخليل، أية ردود على الاعتراض القانوني الذي تقدمت به لمنع تمديد إقامة موقع عسكري إسرائيلي على سطح منزلها ، وهي برغم مرور الوقت منذ تسلمت إخطارا بذلك في 26 حزيران الماضي ، لا تتعشم نزول الجنود عن المنزل هذه المرة ، كما في مرات سابقة خلال السنوات ال14 الماضية .
بعد سنة واحدة فقط من إقامة عائلة المواطن العزة في المنزل ( عام 1995 ) تحولت إلى "هدف" للحجارة والزجاجات الفارغة التي يرجمها المستوطنون، ثم أقام جنود الاحتلال المتمركزون في موقع عسكري بالحي سلما حديديا للصعود على سطح المنزل بين حين وآخر ؛ بذريعة حماية تنقلات المستوطنين وزوار الحي من عناصر اليمين الإسرائيلي المتطرف خلال الأعياد اليهودية ! ثم – كما قالت العائلة – " اكتشفنا أن إقامة السلم لم تكن سوى مقدمة لتحويل السطح إلى موقع عسكري دائم .
حينما أقام الشاب هاني يونس العزة وعروسه منال زلوم في المنزل المحاذي لمساكن " رمات يشاي " في تل الرميدة ، لم يتخيلا أن الأحلام الجميلة بالعيش معا ستغدو " أرتالا من الكوابيس " ! لإعتقادهما أن إقامة 7 عائلات يهودية فقط ، لا تحتاج " حراستها " إلى كل تلك التدابير العسكرية ؛ من أضواء كاشفة وحواجز عسكرية للتفتيش ومنع العائلات الفلسطينية المقيمة في الجوار من دخول منازلها عبر البوابات المؤدية إليها ، وأيضا منع الأخيرة المقيمة في الحي قبل أن تنشأ المستوطنة من استقبال الزائرين أو استدعاء سيارات الإسعاف لنقل مرضاها إلى المستشفيات !
حالة التنكيل المديدة التي تعيشها عائلة المواطن العزة ، ليست إستثنائية في تل الرميدة الذي تحوله قوات الاحتلال إلى ثكنة عسكرية ، ذلك أن 6 عائلات أخرى تقيم بمنازل محاذية لمساكن المستوطنين المدججة بالجنود والأسيجة ، تعيش الجحيم ذاته ، بغارق أنها لم " تحظ " كما هاني ومنال وأطفالهم الثلاثة بجنود يقيمون على سطح المنزل 24 ساعة في اليوم .
مواطنو تل الرميدة ، وبينهم هاني العزة ومنال زلوم ، يخضعون للتفتيش الإلكتروني مرتين في اليوم الواحد إذا ما فكر أحدهم في مغادرة المنزل إلى مركز المدينة التجاري الذي يبعد أكثر قليلا من مئة متر ، لأن الجنود المكلفين بتعليمات أمنية " صارمة " يواظبون باستمرار على تفتيش كل شيء ، وعلى إخضاع الخارجين من الحي والعائدين إليه لفحص إلكتروني لا يستثني شيئا.. حتى مشابك الشعر المعدنية على رؤوس تلميذات المدارس !
" هنا " ، في تل الرميدة حيث تقيم عائلة المواطن العزة وعائلات أخرى منكوبة ب " رامات يشاي " منذ العام 1984 ، لا طرق توصل إلى فناءات المنازل ، حيث البوابات التي تفضي إليها ، هي الأخرى كأنما صنعت لتبقى موصدة …
قالت عائلة المواطن العزة أنها ، مثل عائلة المواطن جميل أبو هيكل وعائلتي هاشم وهشام العزة المصابات ب " الجوار باهظ الثمن " مع نزلاء "رمات يشاي " ، ابتدعت طريقا إلى المنزل عبر الجدران الاستنادية واستخدام سلم بارتفاع 4 أمتار .. وفي أحيان كثيرة تصبح تلك " الطريق " محفوفة بالمخاطر ، لا سيما حينما يتحول رجم الفلسطينيين بالحجارة والزجاجات الفارغة أو الممتلئة بالمياه القذرة إلى نوع من طقوس العبادة !
على الطريق إلى المنزل ، يتسلق المواطن العزة " درب الآلام " كل يوم ، ولأنه مسؤول عن إطعام خمسة أفواه مقيمة بالمنزل / الثكنة فهو مضطر لتسلق الجدران والسلم الحديدي حاملا على كتفيه اسطوانة الغاز والخضار وكل اللوازم التي تبقي عائلة على " قيد الصمود " .
قبل شهرين ، قال العزة أن عددا من المستوطنين دفع زوجته من على الجدار الأستنادي الذي يرتفع نحو 5 أمتار ، وقبل أربعين يوما أقدم ثلاثة جنود من التمركزين على سطح منزله على التنكيل به ، لا لشيء ، إلا لأنه حاول فتح البوابة الموصدة لكي يتمكن من إصلاح خط المياه .
" يومها أصبت برضوض وكدمات في أنحاء من جسمي و .. بقي خط المياه معطلا " ! قال هاني العزة بصوت مشروخ قبل أن يضيف في سياق سرديته الموجعة واحدة من القصص التي لن ينساها .. إذ ، قبل عام من وفاة والده يونس العزة الذي اقتلعته حرب 1948 من بيت جبرين وهو بعمر 14 عاما ، أضطر هاني وشقيقيه إلى تسلق الجدران والسلم وهم يحملونه على محفة إلى سيارة الإسعاف التي منعت من الوصول إلى بوابة المنزل . قال : أن ذلك المشهد سيظل عالقا في ذاكرته إلى أن يموت .
عائلة العزة الباقية في مواجهة المستوطنة لا تسهر في فناء المنزل ليلا ، ممنوعة من الفرح بصخب وممنوعة من إطلاق الأغنيات على هواها إذا ما رغبت في الاحتفال بعيد ميلاد توائمها الثلاث وممنوعة من استقبال الزائرين في الأعياد و … ممنوعة أيضا من الدفاع عن نفسها إذا ما هاجمها يهودي متطرف جاء إلى المستوطنة ليطلق نوبة من " السعار " ضد العرب .
" لا يمر أسبوع دون أن يهاجمنا المستوطنون بالحجارة و الزجاجات، ولو لمرة واحدة" قال المواطن العزة الذي أخطر قبل ثلاثة أسابيع بأن الموقع العسكري الذي تقيمه قوات الاحتلال سوف يتم تزويده بأضواء كاشفة إضافية ، وكل ذلك ، كما جاء في الإخطار ، " لأسباب تتعلق بمقاومة الإرهاب " !!