في الذكرى الحادية عشرة لاعتقاله...... الاسير اسلام جرار صفحات نضال وبطولة مستمرة خلف القضبان
جنين –علي سمودي
عاش حياته يؤدي واجبه الوطني على اكمل وجه مربيا للاجيال على مقاعد الدراسة ومناضلا في ميادين الوطن وخاصة خلال انتفاضة الاقصى ومعطاءا ومتفانيا خلف قضبان السجون،وفي صفحات المجد والبطولة التي سطرتها جنين ومخيمها عبر ملاحم الانتفاضة سطر صور تحدي وعطاء في كل المواجهات والمسيرات والمعارك ، فكان من كوكبة الابطال الذين تميزوا بالصمت والابتعاد عن اضواء الشهرة والاعلام لانه كان من الفئة التي امنت بشعار التضحية والبذل والعمل وطريقهم النضال والحرية ووطن يسكن قلوبهم يتفانون في سبيله حد التضحية بحياتهم حتى في تجربة الاسر الطويلة والمريرة فرغم الاحكام والاستهداف والعقوبات يسجل بين سجن واخر نموذج للفلسطيني الذي يرفض الخنوع والاستسلام و يتحدى بصموده السجن والسجان.
انه الاسير اسلام صالح محمد محمود جرار( 39 عاما ) من جنين الذي يستقبل عامه الحادي عشر في سجن "ايشيل "، صامدا وصابرا ومتمسكا بامل الحرية وارادة الانتصار التي يعتقد جازما كما يقول " انها قادمة وقريبة مهما طالت رحلة العذاب والاعتقال ، فالاحتلال قادر على اعتقال اجسادنا ولكن ارواحنا حرة مع اهلنا وشعبنا تواصل المشوار حتى نحقق الحلم والامنيات التي لا تراجع عنها رغم كل المؤامرات ، فالاسرى اقوى من السجون دوما وابدا ".
الصمود والنصر
جرار الذي يعتبر من ابرز قادة حركة "حماس " خارج وداخل الاسر ، ويقضي حكما بالسجن المؤبد 9 مرات اضافة لسبعة سنوات بتهمة الضلوع في عملية فدائية لكتائب القسام ، يستقبل عامه الجديد بمعنويات عالية ويقول " رغم كل الالم الذي يشكله السجن والنفي عن اسرنا واغتصاب حريتنا فنحن متمسكون برسالتنا ومبادئنا ولن نحيد عنها لاننا اخترنا طريقنا للخلاص من الاحتلال وظلمه لذلك معركتنا مستمرة ومهما اشتد القمع والمجازر نزداد صمودا وارادة وتحدي "، واضاف " ان عقيدة النصر راسخة في اعماقنا لذلك قدمنا ونقدم كل التضحيات وكلنا ثقة ان الله معنا سيكرمنا يوما بالحرية وتضحياتنا ونضالات شعبنا لن تذهب هدرا ، وسياتي اليوم الذي نحطم فيه هذه القيود ونهدم الجدران ونحتفي بالنصر المبين الذي وعد الله به عباده المخلصين والصابرين والمؤمنين ".
طريق فلسطين
تلك القيم امن بها الاسير اسلام في كل محطات حياته لذلك لم يتردد وهو على مقاعد الدراسة في الالتحاق بحركة حماس وتاسيس نواة اطرها الطلابية ثم الجماهيرية والثقافية والتوعوية ، وبين حرصه على الدراسة والتعليم شارك بنشاط وبطولة في كل المناسبات والمواجهات والمسيرات ، وبعد تخرجه من الجامعة ورغم عمله مربيا في التربية والتعليم لبى نداء الانتفاضة واصبح من قادتها الميدانيين .
معركة جنين
ويتذكر رفاق اسلام دوره وعطاءه الكبير خلال معارك جنين ومخيمها ، فكان مع رفيق دربه الاسير حاليا الشيخ جمال ابو الهيجاء في كل الساحات والميادين ، صمود وثبات وتحدي ومواجهة كل على طريقته رغم ملاحقة الاحتلال واستهدافه وتهديداته حتى تمكن من اعتقالهما بعدما نجحا في تضليل والنجاة من قبضته منذ اندلاع انتفاضة الاقصى ، ويقول الاسير اسلام "فجر 26-8-2002 ، شنت قوات الاحتلال هجوما واسعا على مخيم جنين ، دبابات ومئات الجنود وضباط المخابرات اضافة لطائرات لم تغادر المخيم طوال العملية التي استمرت اكثر من 20 ساعة وسط فرض حظر تجول على المخيم "، ويضيف " فتش الجنود المنازل واقتحموها واحتجزوا العشرات من الاهالي واخضعوهم للتحقيق الميداني وهم يبحثون عنا في كل ركن وزاوية بينما تحول المخيم لساحات مواجهة عنيفة ".
ويكمل " استمر الاحتلال في حملته لان عيونهم التي كانت ترصدنا تؤكد لهم اننا في دائرة الحصار وتمكنوا من اكتشاف المخبا واعتقالنا ، كانت فرحتهم كبيرة ، لقد رقص وتبادل الجنود مع ضباط المخابرات التهاني بعدما تاكدوا من هويتنا لانهم اعتبروا اعتقالنا صيد ثمين ".
التحقيق والحكم
رهن العذاب في اقبية التحقيق العسكرية احتجز اسلام والشيخ جمال لفترات طويلة عزلوا عن العالم ومنعوا من زيارة المحامين ومورست بحقهم كل اشكال التعذيب حتى حوكم اسلام بالسجن المؤبد 9 مرات اضافة ل7 اعوام والشيخ جمال بالسجن المؤبد 9 مرات اضافة ل80 عاما بنفس التهمة العضوية في القسام والضلوع في احد عملياته ، لذلك استمر العقاب والاستهداف بحقهما وتنقلا بين زنازين العزل والسجون .
عائلة الاسير
صمد اسلام في اسره ، ولكن اعتقاله شكل صدمه كبيرة لعائلته التي لم تكن تعرف شيئا كما تقول والدته ام محمد عن نشاطه ، فهو كتوم وصامت ولم يكن يتحدث عن أي شيء وفي منزلنا يمارس حياته بشكل طبيعي لذلك حزنا كثيرا لانهم اعتقلوه وصدمتنا الاكبر بعد الحكم الذي لم نتوقعه وكان بمثابة عقاب وانتقام ومؤامرة بحق ابني الذي انكر كافة التهم المنسوبة اليه .
ولا تتوقف الوالدة ام محمد عن الحديث عن نجلها الثالث في عائلتها المكونة 5 افراد والذي ولد ونشا وتربى ودرس في مدارس جنين ، وتقول " انه شاب رائع خلوق وطيب ، منذ صغره كان ملتزم بصلاته ودينه لم ينقطع عن فريضة وتميز بحبه لعائلته وللناس لم يتردد عن مساعدة احد اضافة لتفوقه في دراسته "، وتضيف " بعد نجاحه في الثانوية العامة التحق في جامعة ابو ديس في القدس تخصص كمبيوتر فرع رياضيات وبعد تخرجه عمل كمدرس لمدة عامين في بلدة برقين ومدرسة السلام في جنين
21 عيد في الاسر
تاريخ اعتقال اسلام محفور في ذكراة الوالدة السبعينية التي تقول " بعد حصوله على الوظيفة كنت اتمنى ان نفرح بزفافه وكلما نتحدث له عن ذلك يبتسم ويؤجل فلم نكن نعلمه انه اختار طريقا اخر ووهب حياته لوطنه وقضيته وشعبه حتى كان يوم الحصار والاعتقال ، لكن الصدمة التي لن انساها حكمه الذي لم نتوقعه "، وتضيف " في كل زيارة يرفع اسلام معنوياتنا ويزودنا بالصبر والايمان ولكنني والده نتالم لغيابه خاصة كلما تاتي مناسبتي رمضان ثم العيد ، فقد امضى 21 رمضان خلف القضبان وما زال المشوار امامنا طويلا ولكن املنا بالله كبير ".
وتشير الوالدة ام محمد الى الاهمال الذي تعرض له اسلام اثر مرضه ، وتقول " دوما كان يتمتع بصحة جيدة ولكن بين التحقيق وظروف الاعتقال اصيب بالتهابات حادة وتدهورت صحته وعالجوه بالمسكنات وحرموه حتى العلاج ".
ام محمد التي تعاني من الضغط والمفاصل تقول " في سجن ايشيل يستقبل ابني عامه الجديد ورغم اعتزازنا بصموده وثباته فانني خلال العام الحالي عانيت كثيرا خاصة في رمضان والعيد لانني للعام الثالث على التوالي لم استطيع زيارته ومعايدته بسبب مرضي رغم كل محاولاتي لكن مشاق الطريق الطويل نحو السجن لا تحتمل "، وتضيف " حتى ان اعتقاله في سجن بعيد عن جنين يعتبر جزء من حلقة العقاب والانتقام التي لم تتوقف بحق اسلام ".
انتظار والم
تحدق ام محمد بصور اسيرها ، وتقول " اصلي ليل نهار لاجتماع شملنا والخلاص من هذا الظلم والعذاب ، امضيت رمضان والعيد وسط الحزن والالم والدعاء لله ان يفرج كربه فغيابه ترك فراغا كبيرا بيننا" ،وتضيف " اسلام الابن المثالي والخلوق الذي يستحق الحرية والحياة الجميلة لذلك لا تفارقني صوره وانا افكر فيه كيف ينام و ياكل
الكل يتذكره بكل الخير ، وامنيتي ان تكون هذه السنه اخر اعوامه في السجن وان يعود لمنزلنا لنفرح به ونتزوج وارى واربي احفاده ".
ديوان شعر لاسلام
اما الوالد مربي الاجيال والكاتب والشاعر المبدع ، فانه اختار ان يعبر عن مشاعره واشواقه لابنه على طريقته الخاصة ، ويقول " منذ اعتقاله ونحن نتالم حريته وانتهاء رحلة الظلم والمعاناة لذلك ومع ذكرى اعتقال ابني انجزت ديوان شعر خاص عنه اهديه له ولكل الاسرى لانه يتحدث عن اوضاعهم ومعاناة ذويهم في زيارتهم وشوقهم اليهم وحنينهم واهمال المسؤولين عن تحريرهم "، ويضيف " كل كلمة في ديواني الذي يتالف من 30 قصيدة نسجتها لاسلام كما اراه في عيوني واحلامي ، وضمنتها امنياتي ودعواتي التي عبرت عنها قصيدة عد يا بني ، وباذن الله لن نفقد الامل وسيعود ابني وكل الاسرى ويتحقق الحلم بحريتهم قريبا .