في عيدها الاول .....المحررة قاهرة السعدي تشتري ملابس ابنائها وتجهز لهم حلوى العيد وترزق بمولودها الجديد يوسف
جنين –تقرير علي سمودي
عندما اعلنت مكبرات الصوت في مساجد جنين عن عيد الفطر السعيد ، سارعت للوقوف على سجادة الصلاة في منزلها في مخيم جنين ، شكرا وامتنانا لله العلي العزيز الذي استجاب لدعواتها وكرمها لتعيش اجمل لحظات العمر وهي تستقبل عيد الفطر السعيد مع زوجها وابنائها بلا قضبان او قيود ،ثم تعانق كل فرد فيهم وهي تضمهم لصدرها وتقبلهم بحب وحنان رغم انه في تفاصيل اللحظة اغرورقت عينيها بالدموع التي وصفتها بدموع الحزن والفرح دون ان تتوقف عن الدعاء لكي تدوم وتستمر لحظات الفرح وتكتمل بتحرر باقي الاسرى والاسيرات وفي مقدمتهم رفيق سجنها وعمرها وتوامها في رحلة الاعتقال والصبر لينا الجربوني التي حرصت على ان تزين صورها جدران منزلها خاصة وانه لا يغيب اسمها وذكرها عن لسانها .
20 عيدا في الاسر
لفترة طويلة ، لزمت المحررة قاهرة السعدي الصمت ولم تتمكن عن الحديث ووصف مشاعرها لمراسلنا ، فتارة تعانق ابنائها والفرحة ترتسم على وجهها واخرى تتفقد ما جهزته لهم من ملابس وبينهما تبكي وتعانق صورة الاسيرة لينا وتقول " انه اول عيد
فطر امضيه مع اسرتي وبين ابنائي الذين تركتهم اطفالا في عمر الورود وعاشوا حياتهم الم ومعاناة وحرمان على بوابات السجون محرومة منهم ل20 عيدا كنت اموت في كل يوم منها مليون مرة لخوفي وقلقي وحزني عليهم "، واضافت " اقسى لحظات العمر ومراحل الاسر صعوبة في رحلة الاعتقال هي شهر رمضان والاعياد ، ورغم محاولتنا الدائمة لرسم حياتنا وممارسة طقوسنا الدينية والاحتفاء وتبادل التهاني وصنع الحلويات ولكن منذ اليوم الاول لشهر رمضان وحتى اسبوع من بعيد العيد نبكي ونتحسر ونتالم لاننا نفتقد نكهة وطعم وفرحة العيد ، وكيف لام مثلي ان تفرح بعيد وابنائها الاربعة بعيدين عنها ومحرومين منها ".
اجمل لحظة
ورغم اجواء الفرح التي عمت منزل المحررة السعدي ، والتفاف زوجها وابنائها واسرتها حولها لمشاركتها فرحة العيد الاول بعد تحررها في شهر تشرين اول الماضي ضمن المرحلة الاولى من صفقة وفاء الاحرار ، تقول " احيانا لا اصدق انني اعيش حياة الحرية التي حرموني منها على مدار 10 سنوات ، ورغم ان الله كرمني بالتحرر من جحيم السجون وعذاباته وحققت امنياتي وجهزت الحلوى لابنائي واكملت استعدادات العيد معهم ،لا تفارقني صور الالم والعذاب في رحلة اعتقالي لادعوا الله ان لا يذيق احد طعم السجن وان نفرح بحرية كل الاسيرات والاسرى "، واضافت
" هناك فرق بين حياة الاعتقال والحرية خاصة في العيد لذلك فان قضائي العيد الاول بين احبتي وتخلصيهم من معاناتهم التي حرمتني منها وزيارتهم حتى في بعض الاعياد تعتبر اجمل هدية ولحظة ، لاول مرة اشعر بطعم العيد واصلي لله ان تكون حياة كل ابناء شعبنا اعياد وان يتم الله علينا الفرحة بتحرر ارضنا وتحرير اسرانا واقامة الدولة الفلسطينية واستعادة كامل حقوقنا وفي مقدمتها الوحدة وانهاء الانقسام "
العيد عيدين
المحررة السعدي التي اعتقلت في 8-5-2002 وحوكمت بالسجن المؤبد 3 مرات ، تشعر بان للعيد معاني عظيمة ومميزة في حياتها ، فاضافة لحياتها مع اسرتها واستعادة ترتيب امور حياتها وتنظيم اوضاع ابنائها ورعايتهم ، فقد رزقت بمولودها الاول بعد الحرية يوسف وحصلت على رخصة سواقة وانهت كريمتها ساندي السنة الاولى الدراسية في جامعة القدس المفتوحة بتفوق ، وقالت " العيد في حياتي اليوم عيدين ولا ابالغ ان قلت اعياد ، فقد رزقت بطفلي الذي اسميته تيمنا بسيدنا يوسف عليه السلام الذي نجاه الله من غياهب السجن ، ولانه اول مولود بعد حريتي فاننا فرحين جدا ونعتبره بشرى لحريتي ونجاتي من السجون الظالمة "، واضافت " منذ الافراج عني كلل الله خطواتي بالنجاح والسعادة والانجازات الكبيرة ، فعادت الفرحة لزوجي وابنائي ونعيش حياة جميله احاول فيها ان اعوضهم عن سنوات العذاب والمعاناة ، تابعت دراسة ابنائي وكان فضل الله كبيرا بتفوق ابنتي ساندي في الجامعة ، واتمنى ان اكون رفيقة لها على مقاعد الدراسة ، واحقق كل احلامي واعيش مع زوجي المحرر ناصر وكل عائلتنا ايام الفرح التي كانت احيانا مستحيلة ".
ايام العيد
وفي اسبوع رمضان الاخير ، انهمكت قاهرة في تجهيز ابنائها ، ورافقتهم للاسواق لشراء ملابسهم ، وتقول " دوما كنت اتالم عندما ياتي العيد لانني لن استطيع تجهيز ابنائي ، ولكن طوال الاسبوع عشت اجمل لحظاتي وانا اشتري لهم اجمل الملابس واجهز لهم حلويات العيد ، وطوال ليلة العيد لم ننام من الفرحة وامضيناها نتحدث ونتذكر ونحلم ونخطط لايامنا الجميلة القادمة وكنت اتمنى ان تتوقف عقارب الساعة لتطول اللحظات والزمن "، ولكن رغم اجواء الفرح وانهماك قاهرة في حياة العيد ، تتذكر تفاصيل هذا اليوم في العام الماضي في الاسر حيث كانت تعيش مع رفيقة دربها لينا الجربوني في غرفة واحدة في سجن "هشارون" وتقول " في مثل هذا اليوم وعلى مدار عشر سنوات ، عشت مع لينا في غرفة واحدة ، وتقاسمنا مع كل الاسيرات مرارة السجن وقساوة السجان التي جعلت كل الاعياد والمناسبات والايام واحدة "،وتضيف " فيها كنا نبكي الما وحنينا لشوقنا لاهلنا والحرية ، ودوما كنا نتساءل لماذا نعيش في السجن ونحرم من ابسط حقوقنا واحلامنا ، احلامنا لم تكن معقدة بل كانت ككل انسان على وجه الارض ،ان نمارس طقوس حياتا بامان، نعيش ونتحرك ونحلم بامان ، ونعانق الحرية ونلتقي باحبتنا ونعيش معهم ونضحك ونفرح ونحتقل بالاعياد"، وتضيف " لم نكن نعرف طعم النوم او الراحة والاف الاسئلة تخنقنا و دوما نتساءل هل من يتذكرنا في هذه المناسبات لان حياتنا وارواحنا كانت تعيش دوما معهم وكان شغلنا الشاغل هم، ويرافق ذلك منغصات الاحتلال لانه كان يحاول ان يحرمنا احلامنا وينغص علينا حتى لحظة الفرح ولو تمكنوا ان يقطعوا عنا الهوى لقطعوه ".
العيد خلف القضبان
وبينما كان العالم يحتفل بالعيد بطرق مختلفة ، تقول المحررة قاهرة " في الاسر ،كنا نحتفل بقلوب تبكي لان كل شيء ممنوع حتى الحلويات ممنوعة ، كنا نجهزها بطريقتنا ونحاول ان نتجاوز لحظة الاسر بالاغنيات والاناشيد والصلوات ، وكنا نسعد عندما نتعاون معا لتصنيع حلوياتنا على طريقتنا لنسترجع لحظات الفرح ، ولكن السجانات والسجانين كانوا لنا بالمرصاد ، هدفهم التنغيص علينا حتى عندما يشاهدوا بسمة فرح على وجهي كانت تثير غضبهم واستفزازهم" ،وتضيف " عندما يرتفع صوت الدعاء او النشيد قليلا كانوا يقتحمون الاقسام ويعاقبوننا لان الفرح في قائمة الممنوعات ، ورغم ذلك كنا نصر على الحياة وكسر القيود ورسم الاحلام والامال، ولكن كثيرة هي الايام التي قضيناها معاقبين من اجل ذلك ".
وتكمل " كثيرة هي الاعياد التي قضيناها معاقبين وممنوعين حتى من زيارة ابنائنا ، ورغم كل الفرح لن انسى انني كنت دوما ابكي خلال منع ابنائي من الزيارة خاصة عندما كبروا علما انني لدى اعتقالي تركتهم صغارا ساندي 8 سنوات ومحمد 7 سنوات ورافت 5 سنوات ودنيا 3 سنوات ، ورغم تحرري لا يمكن ان انسى كل لحظة عذاب في السجن خاصة في العيد ".
لينا الجربوني
ومثلما جهزت كسوة العيد لابنائها ، لم تنسى المحررة قاهرة شراء هدية خاصة لرفيقة دربها عميدة الاسيرات لينا الجربوني المحكومة 17 عاما ، وقالت " ستبقى فرحتي منقوصة ومعنى العيد الجميل محرم من حياتي حتى اعانق لينا التي ظلموها في كل الافراجات والصفقات ، هي تلازمني في كل لحظة وروحي اسيرة معها واصلي في كل لحظة لحريتها وباقي الاسيرات والاسرى "، واضافت " الاحتلال لن يسمح لي زيارة لينا ومعايدتها ولكني ارسلت لها رسالة خاصة مع هدية العيد التي اخترتها مع ابنائي وتحدث اليها عبر الاذاعة لاؤكد لها ان اعيادنا ستبقى ممنوعة ما دام اسير خلف القضبان ، وابشرها ان حريتها قريبة ونصلي لله لتكون بيننا في العيد القادم ".
عيدنا يوم حريتهم
في منزلها ، عايدت وزوجها ناصر ابنائهم في العيد ورافقوهم لزيارة الاهل والاقارب ومعايدتهم ، وتقول المحررة قاهرة " دوما حلمت بقضاء عيد مع زوجي وابنائي ، وجاءت صفقة الوعد الصادق لتحقق الامل وتنتصر لاحلامنا ، ولكن كان عيد الفطر صعبا ومؤلما، فقلبي ما زال خلف الحديد مع كل الاسيرات والاسرى وخاصة رفيقة دربي وعمري لينا الجربوني ، كيف افرح في العام الجديد وصورتها لا تفارق مخيلتي وستكون صلواتي ودعواتي وامنياتي في كل يوم لحريتها وكل الاسيرات والاسرى فلن تكتمل لوحة الفرح دون حريتهم ، وعيدنا يوم حريتهم ".