والداه يبكيان بحرقة لفراقه ..شاب غزي يحرق نفسه لأجل حياة كريمة
تقرير: خضر الزعنون
ببكاء وحزن شديد ودعت أم في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة نجلها، بعد أن أشعل النار في نفسه، من أجل حياة كرمة لأفراد أسرته، واحتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية الصعبة في غزة.
"سامحني يا أمي سامحني يابا أنا رايح للآخرة أنا مش قادر أعيش" بهذه الكلمات ودع الشاب إيهاب سفيان أبو ندى والديه، وسكب على نفسه مادة البنزين وأشعل النار في نفسه من أجل حياة كريمة تحياها أسرته الفقيرة التي تسكن في مخيم الشاطئ المكتظ بالسكان وأبنيته معظمها آيلة للسقوط.
الشاب أيهاب سبعة عشر عاماً ونصف فارق الحياة، في مجمع الشفاء الطبي أمس الأحد، بعد أن سكب على نفسه لترين من البنزين وأشعل النار في نفسه الأربعاء الماضي أمام مرأى من الناس الموجودين في ساحة مستشفى الشفاء، حيث أصيب بحروق بنسة 85%، توفي متأثراً بها، احتجاجاً عل الظروف المأساوية التي يعيشها أفراد أسرته، في مخيم الشاطئ.
الوالد سفيان عبد أبو ندى (40عاماً) يعمل موظفاً في الإطفائية بمدينة غزة، ويتقاضى راتباً لا يكفي لسد حاجياته في البيت من مأكل ومشرب، يقول لـ"وفا":"ابني إيهاب سكب على حاله البنزين وحرق نفسه ليعبر عما يدور في نفسه عن ظروفنا الصعبة، (مش ملاقيين نأكل) مخصصي 900 شيقل يذهب منها 700 ايجار بيت وكهرباء ومياه ويبقى 200 شيقل، ماذا افعل بها؟".
ويضف بصوت هافت وحزين "ابني الكبير محمد ترك المدرسة قبل ثلاث سنين وحاول أن يعمل ليساعدني لكنه لم يجد عملا، أما إيهاب ترك المدرسة السنة الفائتة من صف ثاني ثانوي وبحث عن عمل ولم يجد هو الآخر، حاول يرجع للمدرسة التعليم (وزارة التربية والتعليم في غزة) رفضوا يرجعوه (...) الظروف صعبة البيت معاناة في الصيف والشتاء (بدو يقع علينا) المنزل يدلف في الشتاء وفي الصيف شوب جو حار جداً عندما تقطع الكهرباء بنموت هنا، ما في ماتور كهرباء ولا عندنا ثلاجة والغسالة خربانة، أريد أن تنظر إلينا الناس بعين الرحمة يساعدونا الأسر فقيرة في غزة".
أبو ندى يعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد خمسة أبناء وبنت وزوجته إضافة إلى أوضاعه الاقتصادية الصعبة للغاية، يقول:"ابني ضحى بروحه عشان يوصل رسالة أن أبوه وأمه وأخوته غير قادرين على العيش".
وأضاف قائلاً لي ولامه:"الوداع أنا رايح للآخرة لأني ما لقيت شغل"،"سامحني يابا سامحيني ياما، الساعة عشرة في الليل سكب على حاله لترين بنزين وولع النار في نفسه، إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله على هذا الحال وكل حال".
ولفت أبو ندى وبعيونه حسرة وألم: "أخوه ترك المدرسة الآن وهو في الصف الثاني الثانوي ومنذ يومين لم يذهب إلى المدرسة ترك ليعيل الأسرة بجانبي يساعدني، أنا لا أدري شو حيكون مصيره".
وحول ما إذا توجه للجهات المعنية طلباً للمساعدة، قال أبو ندى:"توجهت للكل ولوكالة الغوث الأونروا أعطتني كابون مضعفة، أنا ما بدي كابون بدي أعيش في بيت زي الناس أنا مديون للناس الدكان والخضرة واللحمة ظروفي صعبة جداً، حكيت قصتي كلها للناس ولحقوق الإنسان من ألفها ليائها".
أما والدة الشاب أيهاب أم محمد تقول: "الله يرحمك يا إيهاب ربي اجعل مثواه الجنة، ابني ما عمل بنفسه هيك إلا من الفقر، هو لما كبر وجد حاله صار راجل بدو يساعد أبوه ويشتغل لكن بدون نتيجة، إن شاء الله احتسبه شهيد اللهم اجعل مأواه الجنة".
رسالتي لكل الشباب العاطلين عن العمل"أقول لأمهات الشباب أن يقفوا بجانب الأبناء الشباب ما يتركوهم، وعلى الشباب أن يتحملوا ويصبروا وربنا بفرج عنهم الغم".
وأضافت أم محمد "احمل المسؤولية للمسؤولين عن الشباب في غزة ما بدوروا على الشباب لازم يشوفوا طلباتهم ويوفرولهم عمل".
وتشير أرقام الإحصائيات من قبل المؤسسات المحلية والدولية إلى أن البطالة في صفوف المواطنين في غزة تفوق الـ75%، خصوصاً للفئات العمرية الشابة وخريجي الكليات والجامعات.