هشام الرخ.. وقبضة شعاع من تاريخ المخيم والمدينة- سبا جرار- جنين
تجول عيناه السوداوان بين أزقة المخيم... وصنارة "أم هشام" تتراقص بين يديها بثمالة رائحة الاصاله والخبز المنبعث منهما .....تغزل ( الجرازي الصوفية ) لفهود انطلقوا يشقون غضب الليل وسواد الاحتلال، فينعموا بأم راقبتهم بقلب، فحمت ظهورهم، وغزلت لهم لباس الدفء والحب ....يبتسم هشام فرحا ويقول : لعل هذه لي ، ولكن" أم هشام "أم المخيم غزلت للجميع إلا هو، فيكفيه حبها ورضاها وخوفها كلما خرج وقد لا يعود...
يركض كالفهد يغرر بفريسته فيتبعه كلاب الليل من جبال واد برقين إلى أزقة المخيم إلى سهول جنين ......يتعالى على خوفهم، ويتحدى أسلحتهم، فيتهافتون عليه من كل الرتب العسكرية ضربا وشتما، ولكن أسطورتهم تتهاوى أمام الرخ فهو يضربهم ويلعنهم ويرد لهم السباب، ...يتعالى على الدم والجراحات والألم الذي يرطب أرضك يا جنين ، تحمله (العزيزة ) إلى الخيمة القابعة على شارع حيفا، إلى ما كان يسمى آن ذلك بمقر الحاكم العسكري، وتستكمل هناك سيمفونية الضرب والركل ويستدعى الضباط والرتب ليروا من هذا الرخ .... فيسجل نقطة مدوية في لكم الضابط ويمرغ شرفه العسكري... فينتصر رغم الدم والقيد والألم..
إنها حكاية معتادة يمارسها باحتراف، كغيره ممن باغتوه واستشهدوا قبله ، فذرف دمعة على محمود أبو الراشد و يوسف العرعراوي في عام 1988 تركت ندبة من الم وقسم بالاستمرار على العهد.
في سجن النقب ،جعل من نيسان 1989 أزهارا تفتحت تحت قدميه، وهو يغادر قسم ج في سجن القهر ليقسم لكل من لوحت له يداه انه عائد ليحطم القيد عنهم ، جاعلا من موقف الإفراج موقفا باسما كعادته ،يحمل في عمقه كل الإنسانية ...ويحمل في ظاهره كل الاستخفاف بالسجان .....فيحفر على جدران الممر الطويل ضحكات النصر والتحدي ،تتهاوى من الأصدقاء المودعين فتغادر نحو السماء تنتظر الحرية أو الشهادة .......لا عجب فهو الرخ الذي لا يعرف سوى أن يصنع الضحك لينهى أي حكاية.
مهد لأغنية التغيير التي أحدثها أيلول 2001 ، فكان الحانق على الموت عندما وقف يتحداه و يحمي ظهر رفاق السلاح والحلم في ليلة غردت لها طيور السماء، ورتلت لها أرواح الشهداء في سباق محموم نحو الشهادة ، ولكن لم يكن قد حان الوقت لهشام سوى أن يودع إبراهيم الفايد وإياد المصري بعد معركة حفرت رعبها وأغنيتها على أسوار مدرسة الوكالة....
تتراكض الأحداث والذكريات في اللحظات التي نرقب بها صعود الروح نحو السماء ، متنقلة بين وقع ذلك الطفل الأسمر المعتلي المصادق لإحياء جنين وأبنائها، فقد ترك لكل بيت حكاية ، عندما لجئ فجأة إلى بيت زاد من حرمته وتزود من زاده ، فتحفر قدماه و خجله عهدا بالوفاء، ومواضع أقدام خيل أصيلة، أقسمت أن تصون كل بيت وطئت أرضه، وكل حارة أسعفته ولو بشربة ماء ...
هو شاب تغنى بالحب فعشق الضحك والمزاح والقتال ، هو قائد ترفع عن الانقسام والمسميات فاحتضن بكل شرف لحظات التناقضات فاعتقل ورافق وحمى أهازيج الوطن المختلفة الأطياف، قد كان لرحلة الشهيد المعتقل آن ذلك إياد الحردان عبرة ،بأننا لن نكون إلا إخوة ، عندما رافقه إلى أريحا ناقلا ولم يكن إلا حاميا منحه الشعور بالأمان، واستجاب لطلبه بوداع ذلك المتربع بأصالة في كراج جنين التاريخ ، فيمنحه لحظات من وداع صديق كان في وسط وضوئه، فأصبح في وسط عفويته و إنسانية الموقف الذي ألغى في لحظة كل متطلبات الأمن والخلافات ....
تؤلم نسائم المساء المرهق في جنين، وهي تتناقل عبر أثيره أغاني العاشقين وسميح شقير لترثي شهيدا استبسل ليحظى بشرف الشهادة في الانتفاضتين ، فيحظى بها ولكن من ممن ؟!! ومتى ؟!!
لعل من التناقض أو من الحقيقة المطلقة ،أن يستشهد الرخ في لحظات توجه القضاة الفرنسيون ليشفوا حرقة ابنة ألياسر، ويستخرجوا جثمان الذي أبى أن ينال منه الأعداء في حياته فاستبيحت المحرمات بعد مماته ، وليحكى عن حقيقة يدركها الجميع ولكن يخفيها الفاسقون !!!
لقد رحل آخاك يا جنين اليتيمة، وليس لديك من شعر الخنساء ما يكفي لرثاء حالك بعده ، فقد بت منذ القدورة يتيمة وأمسيت اليوم مفجوعة بالأخ، وليس أقسى ولا اظلم أن تفقد الحرة حماية الأخ .......فكل شيء يصبح مباح للاعتداء ، أنهك الموت هذه المدينة ، التي ظلمت أبنائها، بان علمتهم الحب والعشق وهاهي تتراكض في كل لحظة خلف جثامين أبنائها وضحكاتهم وأحلامهم ، وهل أقسى من أن تتراكض الأم خلف جثامين رحمها ..... ولكن تبقى الحكاية في ذهون المارقين بل سيبقى الفجر في قلوب المؤمنين ونحن منهم إن شاء الله ... فيا شقيق المدينة...رحلت إلى حيث الشهداء ، فقد انتظروك طويلا...رحلت إلى حيث لن يكون للمارقين مكان ...
وعذرا عذرا ....أبناء أبو سامي .....
يركض كالفهد يغرر بفريسته فيتبعه كلاب الليل من جبال واد برقين إلى أزقة المخيم إلى سهول جنين ......يتعالى على خوفهم، ويتحدى أسلحتهم، فيتهافتون عليه من كل الرتب العسكرية ضربا وشتما، ولكن أسطورتهم تتهاوى أمام الرخ فهو يضربهم ويلعنهم ويرد لهم السباب، ...يتعالى على الدم والجراحات والألم الذي يرطب أرضك يا جنين ، تحمله (العزيزة ) إلى الخيمة القابعة على شارع حيفا، إلى ما كان يسمى آن ذلك بمقر الحاكم العسكري، وتستكمل هناك سيمفونية الضرب والركل ويستدعى الضباط والرتب ليروا من هذا الرخ .... فيسجل نقطة مدوية في لكم الضابط ويمرغ شرفه العسكري... فينتصر رغم الدم والقيد والألم..
إنها حكاية معتادة يمارسها باحتراف، كغيره ممن باغتوه واستشهدوا قبله ، فذرف دمعة على محمود أبو الراشد و يوسف العرعراوي في عام 1988 تركت ندبة من الم وقسم بالاستمرار على العهد.
في سجن النقب ،جعل من نيسان 1989 أزهارا تفتحت تحت قدميه، وهو يغادر قسم ج في سجن القهر ليقسم لكل من لوحت له يداه انه عائد ليحطم القيد عنهم ، جاعلا من موقف الإفراج موقفا باسما كعادته ،يحمل في عمقه كل الإنسانية ...ويحمل في ظاهره كل الاستخفاف بالسجان .....فيحفر على جدران الممر الطويل ضحكات النصر والتحدي ،تتهاوى من الأصدقاء المودعين فتغادر نحو السماء تنتظر الحرية أو الشهادة .......لا عجب فهو الرخ الذي لا يعرف سوى أن يصنع الضحك لينهى أي حكاية.
مهد لأغنية التغيير التي أحدثها أيلول 2001 ، فكان الحانق على الموت عندما وقف يتحداه و يحمي ظهر رفاق السلاح والحلم في ليلة غردت لها طيور السماء، ورتلت لها أرواح الشهداء في سباق محموم نحو الشهادة ، ولكن لم يكن قد حان الوقت لهشام سوى أن يودع إبراهيم الفايد وإياد المصري بعد معركة حفرت رعبها وأغنيتها على أسوار مدرسة الوكالة....
تتراكض الأحداث والذكريات في اللحظات التي نرقب بها صعود الروح نحو السماء ، متنقلة بين وقع ذلك الطفل الأسمر المعتلي المصادق لإحياء جنين وأبنائها، فقد ترك لكل بيت حكاية ، عندما لجئ فجأة إلى بيت زاد من حرمته وتزود من زاده ، فتحفر قدماه و خجله عهدا بالوفاء، ومواضع أقدام خيل أصيلة، أقسمت أن تصون كل بيت وطئت أرضه، وكل حارة أسعفته ولو بشربة ماء ...
هو شاب تغنى بالحب فعشق الضحك والمزاح والقتال ، هو قائد ترفع عن الانقسام والمسميات فاحتضن بكل شرف لحظات التناقضات فاعتقل ورافق وحمى أهازيج الوطن المختلفة الأطياف، قد كان لرحلة الشهيد المعتقل آن ذلك إياد الحردان عبرة ،بأننا لن نكون إلا إخوة ، عندما رافقه إلى أريحا ناقلا ولم يكن إلا حاميا منحه الشعور بالأمان، واستجاب لطلبه بوداع ذلك المتربع بأصالة في كراج جنين التاريخ ، فيمنحه لحظات من وداع صديق كان في وسط وضوئه، فأصبح في وسط عفويته و إنسانية الموقف الذي ألغى في لحظة كل متطلبات الأمن والخلافات ....
تؤلم نسائم المساء المرهق في جنين، وهي تتناقل عبر أثيره أغاني العاشقين وسميح شقير لترثي شهيدا استبسل ليحظى بشرف الشهادة في الانتفاضتين ، فيحظى بها ولكن من ممن ؟!! ومتى ؟!!
لعل من التناقض أو من الحقيقة المطلقة ،أن يستشهد الرخ في لحظات توجه القضاة الفرنسيون ليشفوا حرقة ابنة ألياسر، ويستخرجوا جثمان الذي أبى أن ينال منه الأعداء في حياته فاستبيحت المحرمات بعد مماته ، وليحكى عن حقيقة يدركها الجميع ولكن يخفيها الفاسقون !!!
لقد رحل آخاك يا جنين اليتيمة، وليس لديك من شعر الخنساء ما يكفي لرثاء حالك بعده ، فقد بت منذ القدورة يتيمة وأمسيت اليوم مفجوعة بالأخ، وليس أقسى ولا اظلم أن تفقد الحرة حماية الأخ .......فكل شيء يصبح مباح للاعتداء ، أنهك الموت هذه المدينة ، التي ظلمت أبنائها، بان علمتهم الحب والعشق وهاهي تتراكض في كل لحظة خلف جثامين أبنائها وضحكاتهم وأحلامهم ، وهل أقسى من أن تتراكض الأم خلف جثامين رحمها ..... ولكن تبقى الحكاية في ذهون المارقين بل سيبقى الفجر في قلوب المؤمنين ونحن منهم إن شاء الله ... فيا شقيق المدينة...رحلت إلى حيث الشهداء ، فقد انتظروك طويلا...رحلت إلى حيث لن يكون للمارقين مكان ...
وعذرا عذرا ....أبناء أبو سامي .....