هشام والذاكرة...- عصري فياض- مخيم جنين
هنا مساء المخيم، أصيلهُ اصفرارٌ بلون الزغفران، يتماوج كمداً على الروح البيضاء الرقيقة التي سمت، صدحت الأبواق ، وتراكض الجميع ، نعش تحمله الأكف وتصرخ من حوله الصدور الحانقة بالهتاف، هذا الوداع الباكي بكل حرقته وألمه ووجعه،ليست العيون وحدها، ولا القلوب وحدها ، ولا الأفئدة وحدها، بل شقاوة الطفولة البريئة، وشطائر الزيت والزعتر، وأكواب الشاي الباقية، وصرير الباب،والخطوات العالية، والقسمات الخجولة،والضحكات المدوية ، والعفوية الواثقة،والوفاء والحب والحضور...... كلها بكت ، وكلها رثت ، وكلها انزوت بالسواد، تستقبل الليلة المرة القادمة، بعد أن تجرعت حنظل الليلة الماضية..
صعد به المقهورون درجات المسجد ليدخلوه، رأته الشمس التي آن مقيآت رحيلها، لثمته على جبينه بقبلة رضا، وقالت كم سأخجل من نظرات من كانت "تغزل الصوف" ، ومن روح من كان يضمد الجراح، ويبلسم الألم بالكلمة الهادئة والمعروف...
أقيمت الصلاة، فتلا الشيخ بصوته الخاشع المرتل الجميل،آية القتل الأول(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) ) آيات اختصرت الحدث،وأرخت على النفس السكينة برغم حزنها،وقام الجميع يلاقون ليلتهم الثانية في روضة الشهداء،كان المسير إلى هناك بطئيا وحذرا من كثيرة الزحام، همس احدهم، لو لم يؤخروه إلى كل هذا الوقت، قلت له هو قدر الله ليخفي بظلامه دموع الرجال، حدق حولك، إلا ترى بريقا يلمع من المآقي... وصلنا إلى الثرى المزين بأجساد المسك، هنا قبور أمر بحفرها هو، لم يكن يعلم أن احدها سيكون ملاذه الأخير، وهنا روضة اعتاد على زيارتها هو،أصبح ألان مستقبلا للوافدين...
لقد عادوا.... تركوه وعادوا، وعادت معهم الذاكرة،....... في بيت العزاء جموع وجموع، تصمت كثيرا، وإذا تحدثت تقول الله يستر من القادم، من فعل هذا؟؟؟؟ استفهام على من الأرض حتى لامس السماء، ولماذا؟؟؟
بقيت وحدي في تلك الزاوية، لا يقطع تفكري غير رشفات القهوة المرة،التي تتداخل مع صور جميله ، ومواقف كبيرة ، ومحطات تنم عن أصالة ورجولة وطيبة تختصر سمات وصفات معظم هذه الرقعة التي اعزها الله من فوق سبع سموات،وجعل لها ذكرا دوى في الوطن والمحيط وكل مكان تصله عيون الكمرات، هشام هو واحد منهم،بل ليس واحد فقط، بل هو مجموع من المواقف والخصال التي صاغت تاريخا دمثا باسما إنسانيا رجوليا.... باطنه كظاهرة يتواضع لمن اكبر منه بكبرياء، مناضل ومضحي ومقدام، قدم الكثير، لكنه وبالرغم من كل ذلك،اغتيل!!! واغتالوا معه سعي المخلصين لترميم الصورة التي انخدشت بعد رحيل" الوالي"...
لقد نالت مني الأيام والأحداث وتقلبات الطقس السياسي، وقربت وبعدت عني الكثير، وتنلقت من خيمة إلى أخرى، ولكن عقلي ووجداني بقيا يمسكان بالكثير من الذكريات والمفاهيم والأشخاص ممسك الحب والاحترام والثقة، ذكريات وأشخاص ومفاهيم أخفيها بعمق ، وأصرعليها بقوة، وأجددها بالاجترار عندما يفتر الأمل ، ...لقد صارت عندي هذه الذكريات كرات من نفائس مكنونة ، مهما ابتعدت عنها أحن إليها، واحترمها، واحترم من كان له دور في صياغة أحداثها...
لقد كان هشام.. احد هذه الصور الرائعة التي تدرخها نفسي، هشام الذي يفرض حضوره مثلما تفرضه قيمه وأخلاقه، هشام ذو المنبت الحسن، والوجه الحسن ،والسيرة الحسنة... يغيب.. والذي غيبة رصاص ، رصاص غادر،.... تضاعف حدقات العيون اتساعا من فرط السؤال من يكونون؟؟ وتتعمق الشهية الجامحة بالسؤال لرب الأرباب أن يكشفون، ويعرفون، ويعاقبون...
لتلك الروح الخفيفة الدمثة الباقية بطيفها، سؤال بالرحمة لا ينقطع، ورجاء لله العلي القدير لا ينتهي، وقبول بالجنة والرضوان، ولمن خلفه من أهله وذوية وعائلته بالصبر والسلوان...
صعد به المقهورون درجات المسجد ليدخلوه، رأته الشمس التي آن مقيآت رحيلها، لثمته على جبينه بقبلة رضا، وقالت كم سأخجل من نظرات من كانت "تغزل الصوف" ، ومن روح من كان يضمد الجراح، ويبلسم الألم بالكلمة الهادئة والمعروف...
أقيمت الصلاة، فتلا الشيخ بصوته الخاشع المرتل الجميل،آية القتل الأول(لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) ) آيات اختصرت الحدث،وأرخت على النفس السكينة برغم حزنها،وقام الجميع يلاقون ليلتهم الثانية في روضة الشهداء،كان المسير إلى هناك بطئيا وحذرا من كثيرة الزحام، همس احدهم، لو لم يؤخروه إلى كل هذا الوقت، قلت له هو قدر الله ليخفي بظلامه دموع الرجال، حدق حولك، إلا ترى بريقا يلمع من المآقي... وصلنا إلى الثرى المزين بأجساد المسك، هنا قبور أمر بحفرها هو، لم يكن يعلم أن احدها سيكون ملاذه الأخير، وهنا روضة اعتاد على زيارتها هو،أصبح ألان مستقبلا للوافدين...
لقد عادوا.... تركوه وعادوا، وعادت معهم الذاكرة،....... في بيت العزاء جموع وجموع، تصمت كثيرا، وإذا تحدثت تقول الله يستر من القادم، من فعل هذا؟؟؟؟ استفهام على من الأرض حتى لامس السماء، ولماذا؟؟؟
بقيت وحدي في تلك الزاوية، لا يقطع تفكري غير رشفات القهوة المرة،التي تتداخل مع صور جميله ، ومواقف كبيرة ، ومحطات تنم عن أصالة ورجولة وطيبة تختصر سمات وصفات معظم هذه الرقعة التي اعزها الله من فوق سبع سموات،وجعل لها ذكرا دوى في الوطن والمحيط وكل مكان تصله عيون الكمرات، هشام هو واحد منهم،بل ليس واحد فقط، بل هو مجموع من المواقف والخصال التي صاغت تاريخا دمثا باسما إنسانيا رجوليا.... باطنه كظاهرة يتواضع لمن اكبر منه بكبرياء، مناضل ومضحي ومقدام، قدم الكثير، لكنه وبالرغم من كل ذلك،اغتيل!!! واغتالوا معه سعي المخلصين لترميم الصورة التي انخدشت بعد رحيل" الوالي"...
لقد نالت مني الأيام والأحداث وتقلبات الطقس السياسي، وقربت وبعدت عني الكثير، وتنلقت من خيمة إلى أخرى، ولكن عقلي ووجداني بقيا يمسكان بالكثير من الذكريات والمفاهيم والأشخاص ممسك الحب والاحترام والثقة، ذكريات وأشخاص ومفاهيم أخفيها بعمق ، وأصرعليها بقوة، وأجددها بالاجترار عندما يفتر الأمل ، ...لقد صارت عندي هذه الذكريات كرات من نفائس مكنونة ، مهما ابتعدت عنها أحن إليها، واحترمها، واحترم من كان له دور في صياغة أحداثها...
لقد كان هشام.. احد هذه الصور الرائعة التي تدرخها نفسي، هشام الذي يفرض حضوره مثلما تفرضه قيمه وأخلاقه، هشام ذو المنبت الحسن، والوجه الحسن ،والسيرة الحسنة... يغيب.. والذي غيبة رصاص ، رصاص غادر،.... تضاعف حدقات العيون اتساعا من فرط السؤال من يكونون؟؟ وتتعمق الشهية الجامحة بالسؤال لرب الأرباب أن يكشفون، ويعرفون، ويعاقبون...
لتلك الروح الخفيفة الدمثة الباقية بطيفها، سؤال بالرحمة لا ينقطع، ورجاء لله العلي القدير لا ينتهي، وقبول بالجنة والرضوان، ولمن خلفه من أهله وذوية وعائلته بالصبر والسلوان...